6 سبتمبر 2025 - 14:56
كونوا إعلام الأربعين

على كل فرد، بحسب طاقته، أن يتحمل المسؤولية: من النشر على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إنتاج المحتوى وترجمته ونشره خارج الحدود. لا ينبغي أن نملّ؛ بل علينا أن نظهر جماليات الأربعين للعالم، منتظرين تحولات مبشرة بالخير. «أليس الصبح بقريب؟»

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ـ مسيرة الأربعين هي واحدة من أعظم التجمعات البشرية وأكثرها تميزًا في التاريخ المعاصر، حيث يشارك فيها أحيانًا أكثر من عشرين مليونًا من الشيعة ومحبي الإمام الحسين (ع) من جنسيات مختلفة. هذه المسيرة رمز للحب والإيثار والتضامن والروحانية، تظل حية ومتوهجة في القرن الحادي والعشرين، في مواجهة عالم مادي وعَلماني. ومع ذلك، تتجاهل وسائل الإعلام العالمية الكبرى، وخاصة الغربية وبعض وسائل الإعلام العربية، هذا الحدث الضخم عمدًا، أو تتناوله بتغطية محدودة للغاية، بينما تسلط الضوء بزخم كبير على أحداث أصغر بكثير وأقل أهمية.
أسباب تجاهل وسائل الإعلام العالمية لمسيرة الأربعين
تسعى وسائل الإعلام الغربية، المتأثرة غالبًا بسياسات الإسلاموفوبيا ومصالح القوى الاستكبارية، إلى تصوير المسلمين بصورة عنيفة ومخيفة وغير متحضرة. وهي لا ترغب في إبراز مسيرة الأربعين لأنها تقدم صورة مغايرة وإيجابية تمامًا عن الإسلام: ملايين البشر يتحدون بحب وشوق، في تضامن أخوي وسلوك إنساني لا مثيل له، مدفوعين بدوافع روحية وعدالة، يصنعون هذه الملحمة العظيمة.
الأربعين هو إحياء للدين والروحانية، وخاصة دين يقاوم الظلم والاستكبار، ويسعى للتحول والعدالة – وهو أمر لا يطيقه العالم العَلماني المادي ويخشى انتشاره. في الأربعين، يتجلى السلوك الإنساني للشيعة بوضوح: كرم ضيافة لا نظير له، إيثار في الاستقبال، وموائد تمتد لأكثر من عشرين يومًا لملايين الزوار، دون دعم حكومي أو شركات كبرى، بل من قبل الناس العاديين، الفقراء والمتوسطين. هذا يعكس قيمًا إنسانية عليا مثل الحب والمودة والأخوة والتعاطف، وهي صورة لا تريد وسائل الإعلام الاستكبارية أن يراها العالم، لأنها تهدم دعايتها السلبية ضد المسلمين.
الأربعين رمز لقوة عظيمة: تضامن ملايين البشر من جنسيات مختلفة، رجالًا ونساءً، قادر على إحداث تغييرات كبرى في العالم. لا تريد وسائل الإعلام الغربية الاعتراف بهذه القوة أو إظهارها، لأنها قد تجذب قلوب الكثيرين نحو الإسلام والتشيع، مما يُفقد رواياتها الإسلاموفوبية مصداقيتها. 
من الأسباب الأخرى، أن هذا الحدث سلمي بطبيعته؛ فالإعلام غالبًا ما ينجذب إلى العنف والصراع، لأن "السلام لا يصنع عناوين جذابة"، بينما الأربعين هو أكبر تجمع سلمي في العالم.
أما بالنسبة لوسائل الإعلام في بعض الدول العربية والإسلامية، فإضافة إلى تبعيتها للقوى الغربية، تلعب التعصبات الطائفية والعرقية دورًا كبيرًا في صمتها الإعلامي عن الأربعين. هذه الوسائل تشارك في الحظر الإعلامي لمنع انتشار النفوذ الثقافي والروحي للتشيع. هذا التجاهل متعمد لمنع العالم من الاقتراب من الإسلام الحقيقي والحفاظ على الرواية السلبية.
ضرورة الجهاد الإعلامي للحقّيين في نشر هذا الحدث
في مواجهة هذا الصمت والحظر، يقع على عاتق أهل الحق، واجب أن يكونوا هم الإعلام. لا يمكننا انتظار وسائل الإعلام الكبرى؛ بل يجب علينا، بحسب طاقتنا، أن نبين فلسفة الأربعين: إنه تذكير بانتفاضة الإمام الحسين (ع) ضد الظلم، قائم على العدالة والحرية ومقاومة الاستكبار ونشر السلام، ونتائجه تعزيز التضامن الإسلامي، إحياء القيم الإنسانية، وإحداث تحولات روحية وعادلة في العالم. يجب إبراز خصائصه الفريدة مثل كرم الضيافة المجانية، الأمن التطوعي، والمشاركة المتنوعة من الجنسيات، وجمالياته مثل شغف العشق والإيثار، ليراها العالم.
هذا العمل الإعلامي ضروري للأسباب التالية:
مواجهة الإسلاموفوبيا: نشر الأربعين يكشف الوجه الحقيقي للإسلام ويبطل الدعاية السلبية.
جذب القلوب: قد ينجذب ملايين الناس حول العالم لهذا الحدث لينضموا إلى صفوف الحقّيين ودعاة العدالة، مما يُحدث تغييرات إيجابية في العالم.
الحفاظ على إرث الإمام الحسين (ع): الأربعين وسيلة قوية للتشيع، وعلينا واجب تعميمه عالميًا، خاصة في الفضاء الدولي وبلغات مختلفة.
خلق القوة الناعمة: من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، والفيديوهات، والصور، والمقالات، يمكننا إبراز هذه القوة العظيمة والاستفادة منها في سبيل العدالة العالمية.
على كل فرد، بحسب طاقته، أن يتحمل المسؤولية: من النشر على وسائل التواصل الاجتماعي إلى إنتاج المحتوى وترجمته ونشره خارج الحدود. لا ينبغي أن نملّ؛ بل علينا أن نظهر جماليات الأربعين للعالم، منتظرين تحولات مبشرة بالخير. «أليس الصبح بقريب؟»

بقلم: الفیلسوف المحقق الإيراني "محمد فنائی اشکوری"

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha