وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "خَيْرُ الْغِنى غِنى النَّفْسِ".
وإن لم تكن غنياً في نفسك فلن تكفيك ثروات الأرض كلها، ولن يشبعك طعامها، ولن يرويك ماؤها، ستظل تنظر إلى ما في يد سواك من الخلق تريد أن تحوزه، بل لو أُعطيتَ الأقاليم السَّبعة بما تحت أفلاكها ستظل تشعر أنك فقير مُعدَم، رغم أن الذي في يديك يكفيك ويكفي سواك من البشر.
والحَقُّ أن الغِنى والفقر ليسا أمرين ماديين، بل هما أمران نفسيان، والدليل على ذلك: أنك قد لا تملك حتى القليل ولكنك تشعر بالغِنى، بل تجد نفسك غنياً حقاً، فتستغني عن السؤال من الناس، فلا تهزَّك عواصف القِلَّة، ولا تسلبك كرامتك وعِزَّتك، ولا تتنازل عن مبادئك وقيمك، ولا تنال من حرِّيَّتك وإرادتك، ولا تأخذ منك موقفاً باطلاً لا ترضاه لنفسك، ولا تتطلَّع إلى ما في أيدي الآخرين تريده أن يكون لك، ولا تحسد من عليه وسَّع الله عليه في رزقه، ولا تسعى إلى الكسب الحرام.
وقد تملك ما تنوء بمفاتِحِه العُصْبَة من الرجال، وقد تمتلئ خزائنك بالذهب والفضة والعملات الصعبة، وقد تملك العقارات في بلدان عديدة، ولكنك تظل تشعر أنك فقير، وأن الذي في يديك لا يكفيك، وقد تبخل على نفسك خوفاً من ضياع مالك، وتطلع إلى ما في أيديهم من نِعَمٍ وخَيرات، تريدها أن تكون لك وحدك، وقد ترتكب الموبقات والفواحش ما ظهر منها وما بَطَن لتحوز على المزيد، وقد تتنازل عن مبادئك وقِيَمِكَ لتزيد من ثرواتك، وقد تقتل وتظلم وتُنكر الحقوق لتحصل على المزيد، وقد تتذلل لهذا أو ذاك ليعطيَك الفتات، وقد تنظر بعين الحسد إلى من يملك القليل. كل ذلك يدل على أنك فقير نفسياً، وإذا كنتَ كذلك فلن يُشبعك شيء.
إن الغِنى غِنى النفس، والفقر فقر النفس. وقد جاء عن رسول الله (ص) أنه قال: "الفَقرُ فَقرُ القَلبِ" فما دام قلبك غير ممتلئ بالغِنى والرِّضا والقَناعة فأنت فقير، وما دُمتَ ترى أن الذي تملكه لا يكفيك فأنت فقير، وما دُمتَ تقلق على رزقك في المستقبل فأنت فقير، وما دُمتَ تخشى النقص فأنت فقير، وما دُمتَ لا تتوكل على الله وتثق برازقيته فأنت فقير، وما دُمتَ تُسيء الظن برحمة الله وتكفّلِه برزقك فأنت فقير. وما دام الطَّمع مستبداً بك فأنت فقير، بل أفقر الناس.
وإذا كنت فقير النفس فهذا أعظم بلاء يمكن أن تُبتلى به، فقد جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "أكبَرُ البَلاءِ فَقرُ النَّفسِ".
وقد يُراد به هنا الفقر الروحي والأخلاقي، والأعظم من هذا البلاء أن تكون فقير الدين فقير الإيمان، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "الفَقرُ المَوتُ الأحـمَرُ"، قالَ الراوي: فـقلـتُ لأبي عبدِ اللّهِ (ع): الفَقرُ مِن الدِّينارِ والدِّرهَمِ؟ فقالَ: "لا، ولكن مِن الدِّينِ".
بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278
وإن لم تكن غنياً في نفسك فلن تكفيك ثروات الأرض كلها، ولن يشبعك طعامها، ولن يرويك ماؤها، ستظل تنظر إلى ما في يد سواك من الخلق تريد أن تحوزه، بل لو أُعطيتَ الأقاليم السَّبعة بما تحت أفلاكها ستظل تشعر أنك فقير مُعدَم، رغم أن الذي في يديك يكفيك ويكفي سواك من البشر.
والحَقُّ أن الغِنى والفقر ليسا أمرين ماديين، بل هما أمران نفسيان، والدليل على ذلك: أنك قد لا تملك حتى القليل ولكنك تشعر بالغِنى، بل تجد نفسك غنياً حقاً، فتستغني عن السؤال من الناس، فلا تهزَّك عواصف القِلَّة، ولا تسلبك كرامتك وعِزَّتك، ولا تتنازل عن مبادئك وقيمك، ولا تنال من حرِّيَّتك وإرادتك، ولا تأخذ منك موقفاً باطلاً لا ترضاه لنفسك، ولا تتطلَّع إلى ما في أيدي الآخرين تريده أن يكون لك، ولا تحسد من عليه وسَّع الله عليه في رزقه، ولا تسعى إلى الكسب الحرام.
وقد تملك ما تنوء بمفاتِحِه العُصْبَة من الرجال، وقد تمتلئ خزائنك بالذهب والفضة والعملات الصعبة، وقد تملك العقارات في بلدان عديدة، ولكنك تظل تشعر أنك فقير، وأن الذي في يديك لا يكفيك، وقد تبخل على نفسك خوفاً من ضياع مالك، وتطلع إلى ما في أيديهم من نِعَمٍ وخَيرات، تريدها أن تكون لك وحدك، وقد ترتكب الموبقات والفواحش ما ظهر منها وما بَطَن لتحوز على المزيد، وقد تتنازل عن مبادئك وقِيَمِكَ لتزيد من ثرواتك، وقد تقتل وتظلم وتُنكر الحقوق لتحصل على المزيد، وقد تتذلل لهذا أو ذاك ليعطيَك الفتات، وقد تنظر بعين الحسد إلى من يملك القليل. كل ذلك يدل على أنك فقير نفسياً، وإذا كنتَ كذلك فلن يُشبعك شيء.
إن الغِنى غِنى النفس، والفقر فقر النفس. وقد جاء عن رسول الله (ص) أنه قال: "الفَقرُ فَقرُ القَلبِ" فما دام قلبك غير ممتلئ بالغِنى والرِّضا والقَناعة فأنت فقير، وما دُمتَ ترى أن الذي تملكه لا يكفيك فأنت فقير، وما دُمتَ تقلق على رزقك في المستقبل فأنت فقير، وما دُمتَ تخشى النقص فأنت فقير، وما دُمتَ لا تتوكل على الله وتثق برازقيته فأنت فقير، وما دُمتَ تُسيء الظن برحمة الله وتكفّلِه برزقك فأنت فقير. وما دام الطَّمع مستبداً بك فأنت فقير، بل أفقر الناس.
وإذا كنت فقير النفس فهذا أعظم بلاء يمكن أن تُبتلى به، فقد جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) أنه قال: "أكبَرُ البَلاءِ فَقرُ النَّفسِ".
وقد يُراد به هنا الفقر الروحي والأخلاقي، والأعظم من هذا البلاء أن تكون فقير الدين فقير الإيمان، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنه قال: "الفَقرُ المَوتُ الأحـمَرُ"، قالَ الراوي: فـقلـتُ لأبي عبدِ اللّهِ (ع): الفَقرُ مِن الدِّينارِ والدِّرهَمِ؟ فقالَ: "لا، ولكن مِن الدِّينِ".
بقلم الکاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278