قيل عنه إذا رأيت زيد بن علي رأيت أسارير النور في وجهه .
عن أبو قرة قال : خرجت مع زيد بن علي ليلا إلى الجبان وهو مرخى اليدين لا شئ معه فقال لي يا ابا قرة اجائع أنت ؟ قلت نعم فناولني كمثراة ملء الكف ما ادري أريحها أطيب أم طعمها ثم قال لي : يا ابا قرة أتدري أين نحن ؟ نحن في روضة من رياض الجنة ، نحن عند قبر أمير المؤمنين علي " ع " ثم قال لي " يا أبا قرة والذي يعلم ما تحت وريد زيد بن علي إن زيد بن علي لم يهتك لله محرما منذ عرف يمينه من شماله ، يا أبا قرة من أطاع الله أطاعه ما خلق .
عن عاصم بن عبيدالله العمري قال ذكر عنده زيد بن علي فقال : أنا اكبر منه رأيته بالمدينة وهو شاب يذكر الله عنده فيغشى عليه حتى يقول القائل : ما يرجع إلى الدنيا .
عن جابر عن ابي جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله للحسين : " يخرج رجل من صلبك يقال له زيد يتخطى هو واصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرا محجلين يدخلون الجنة بغير حساب " .
عن رسول الله " ص " أنه قال : " يقتل رجل من أهل بيتي فيصلب لا ترى الجنة عين رأت عورته " . قال : كنا عند علي بن الحسين فدعا ابنا له يقال له زيد فكبا لوجهه وجعل يمسح الدم عن وجهه ويقول : أعيذك بالله أن تكون زيدا المصلوب بالكناسة ، من نظر إلى عورته متعمدا أصلى الله وجهه النار .
اصبح زيد بن علي وجميع من وافاه تلك الليلة مائتان وثمانية عشر من الرجالة فقال زيد بن علي - عليه السلام - سبحان الله فأين الناس ؟ قيل : هم محصورون في المسجد فقال : لا والله ما هذا لمن بايعنا بعذر.
قتل زيد بن علي - عليه السلام - يوم الجمعة في صفر سنة إحدى وعشرين ومائة وصلب بالكناسة .
عن جرير بن حازم قال رأيت النبي صلى الله عليه وآله في المنام وهو متساند إلى جذع زيد بن علي وهو مصلوب ، وهو يقول للناس " أهكذا تفعلون بولدي؟"
كان في خاتم زيد بن علي " اصبر تؤجر ، وتوق تنج “. زيد الشهيد بن علي عليهما السلام المجاهد العظيم في سبيل الله الذي ضرب أروع الأمثلة في الإباء والحمية ، والفداء والتضحية . وكان عين إخوته - بعد أبي جعفر عليه السلام - وأفضلهم ، وكان عابدا ورعا ، فقيها ، سخيا ، شجاعا ، وظهر بالسيف ، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويطلب بثارات الحسين عليه السلام.
إن ثورة زيد بن علي عليه السلام كانت عظيمة من حيث توقيتها ، وآثارها التي خلفتها ، لخدمة حق أهل البيت عليهم ، ونستعرض في ما يلي بعض ذلك :
1 - إن هذه الحركة الشجاعة دلت على أن البيت الذي يلد مثل زيد من الرجال ، في البطولة والشهامة ، والجرأة والإقدام ، فضلا عن العلم والعبادة والتقى ، لا يبنى على التخاذل والمهادنة مع الظالمين ، أو الابتعاد عن السياسة والتوجس من العذاب ، والهول من المصائب . ولو كان لأحد أثر في تربية زيد الشهيد على كل تلك الصفات ، فليس إلا لأبيه الإمام الطاهر زين العابدين ، وإلا لأخيه الإمام الباقر عليهما السلام ، اللذين علماه الإسلام بما فيه من تعاليم الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ودرساه التاريخ بما فيه بطولات جده علي أمير المؤمنين عليه السلام وذكراه بثارات جده الحسين عليه السلام ، وزقاه المجد والكرامة ، ولقناه الإباء والحرية . واستلهم - هو - من حياة أبيه وأخيه ، وسيرتهم الحميدة والأصيلة ، ونضالهم الصامت والناطق سنن التضحية والفداء ، حتى جعل في مقدمة أهداف ثورته العظيمة : الطلب بثارات الحسين عليه السلام في كربلاء.
2 - إن ثورة زيد بن علي عليه السلام هي الثمرة اليانعة للجهود السياسية التي بذلها الإمام زين العابدين ، طول فترة إمامته ، فهو الذي تمكن بتخطيطه الدقيق من استعادة القوى ، وتهيئة النفوس ، لمثل حركة ابنه الشهيد ، وإن صح التعبير فهو الذي جيش لابنه زيد ذلك الجيش المسلح ، الذي فاجأ الظالمين ، وزعزع ثقتهم بالحكم الظالم . فلم يكن الجيش الذي كان مع زيد وليد ساعته ، أو يومه ، أو شهره ، أو سنته ، مع تلك المقاومة الباسلة التي أبداها أصحابه وأنصاره .
3 - ويكفي زيد بن علي عليه السلام عظمة أنه ضحى بنفسه في سبيل تعزيز مواقع الأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهم السلام ، فقد كشف للأمويين الطغاة ، في فترة حساسة من تاريخ حكمهم ، أن أهل البيت : لا يزالون موجودين في الساحة ، ولديهم القدرة الكافية على التحرك في أي موقع زمني ، وأي موضع من البلاد ، وهذا ما جعل الأمويين يهابون الأئمة عليهم السلام ويعدونهم المعارضين الأقوياء ، المدافعين عن هذا الدين ، برغم جسامة التضحيات التي كانوا يقدمونها ، وأبان الشهيد زيد لكل الظالمين أن أهل البيت عليهم السلام لا يسكتون عمن يعتدي على كرامة الإسلام ، مهما كلف الثمن . وبهذا يفسر قوله لابن أخيه الصادق جعفر بن محمد - لما أراد الخروج إلى الكوفة - : أو ما علمت يا بن أخي أن قائمنا لقاعدنا ، وقاعدنا لقائمنا ، فإذا خرجت أنا وأنت ، فمن يخلفنا في حرمنا ؟
4 - إن قيام الشهيد زيد بن علي عليه السلام ، بحركته خارج حدود المدينة صرف أنظار الحكام عن قطب رحى الدين ، ومحور فلك الإمامة والقيادة ، وهم الأئمة القائمون في المدينة المنورة ، بحيث تمكن الإمام الصادق جعفر بن محمد عليه السلام من أداء دوره القيادي ، مستفيدا من كل الأجواء الإيجابية التي خلقتها ثورة عمه الشهيد زيد بن علي عليه السلام ، لينشر علوم آل محمد الحقة ، ويربي الجيل الإسلامي المؤمن . وكفى ذلك عظمة ومجدا وهدفا ساميا .
5 - وكان من ثمرات ثورة زيد بن علي عليه السلام أنه أثبت للأمة صدق
الدعوى التي يرفع رايتها أئمة أهل البيت ع ، في الدفاع عن هذا الدين
والنضال من أجله ، فهذه التضحيات الكبرى أوضح شاهد على ذلك . وكان ذلك
تعزيزا عمليا لمواقع أهل البيت عليهم السلام في أوساط الأمة الإسلامية.
الدروس التي يمكن ان يستفيد منها اليمنيون خاصة والمسلمون قاطبة من مسيرة
الإمام زيد عليه السلام في ظل التحديات التي تستهدف دينهم وهويتهم ؟ هي
الثورة ضد الاستكبار العالمي ولم الشمل بسفينة النجاة وباب الخلاص من براثن
طغاة الإنسانية والأمة الاسلامية.
تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
بقلم:
رجاء اليمني