وفيما يلي نص وصایا آية الله رمضاني:
بسم الله الرحمن الرحیم
بدایة أعزیکم بمناسبة وصول شهري المحرم وصفر، اتیحت الآن فرصة ذهبية لدعاة ثقافة عاشوراء و یجب علیهم الاستفادة من ذروتها باستخدام سعة الإعلام والفضاء الافتراضي. وفي هذا الصدد أود أن أشير إلى بعض الملاحظات بخصوص شهر المحرم والإمام الحسين (ع):
الملاحظة الأولى: إن الإمام الحسين (ع) شخصية عالمية تؤثر عالمياً بالتأكيد؛ لأن جمیع شعوب العالم یعتبرونه(ع) کشخصية مقبولة. وواجبنا في کل مکان تعریفه(ع) بشكل صحيح واختیاره(ع) كنموذج يحتذى به في الساحات المختلفة؛ و هو (ع) نموذج مثالي للشيعة والمسلمين وأتباع الديانات الإبراهيمية وحتى عامة الناس من المدارس البشرية الأخرى. وهذا بحسب قوله(ع): وَيلَكُم إنْ لمْ يَكنْ لَكُم دِينٌ فَكُونُوا أحراراً في الدُّنيا. وفي موضع آخر قال الإمام علي (ع): لا تَكُن عَبدَ غَيرِكَ وَ قَد جَعَلَكَ اللّه حُرّا.
الملاحظة الثانية: بالنسبة لعاشوراء يجب العمل على ثلاثة مستويات:
أ) يجب أن تكون روایاتنا من التاريخ الصحيح، ويجب أن نكون حريصين على استخدام مصادر موثوقة لبیان حادثة عاشوراء. ذكر الراحل المحدث النوري في كتبه الروائية أن بعض الناس كانوا ولا یزالون يحاولون تشويه ثقافة عاشوراء. كما ذكر الشهيد مطهري في كتابه حماسه حسيني (الملحمة الحسینیة ) ومؤرخون آخرون في الفترة الأخيرة تحريفات عاشوراء. ولذلك يجب أن تكون روایاتنا من ملحمة كربلاء صحيحة في المرحلة الأولى.
ب) على دعاة ثقافة أهل البيت (ع) بیان كيفية حدوث عاشوراء إضافة إلی سبب وقوعها وجذور نشأتها وما الذي حدث أن رأس القران الناطق عُلّق بالرمح بعد وقت قصير من بعد وضع القرآن الصامت (في معركة صفين) علی الرمح؟ ما الذي حدث أن الأعداء احتفلوا في الشام بعد هذه الفترة القصيرة؟ ولماذا انقلبت ظروف المسلمين والمجتمع الإسلامي وحدثت هذه الحادثة المؤلمة؟
ج) على دعاتنا القیام بالتبیین وبیان هذا الأمر بأن مقابل هذه الواقعة العظیمة من الذي ينشر اليوم فكر عاشوراء ومن يشوهه بل وحتى يقضي علیه؟ من هو الظالم ومن يقف ضد الظلم ویبحث عن تحقیق العدالة؟ من يهدي الناس ومن یعادي؟ واليوم من الذي يبحث عن الفكر اليزيدي والظلم والاستعمار ونهب الشعوب والأمم بطرق مختلفة في الاستعمار الحدیث؟ يجب أن یتم هذا التطابق باستخدام الكلمات الصحيحة والأدب الدولي وكلماته الرئيسية مثل الدفاع عن حقوق الإنسان.
و في الغرب الیوم يتم حفظ و مراعاة حقوق الحيوانات بشكل جيد ولكن من ناحية أخرى يتعرض البشر لظلم قاس وفلسطين أبرز مثال لهذا الظلم حيث يتم تهجير النساء والأطفال ويقتل المراهقون والشباب ویدمرون المنازل والأراضي الزراعية ولكن تحت الرقابة الكاملة لا يتحدثون عنه أبداً بل يتنمرون ويستخدمون كلمات مخادعة في وسائل الإعلام العالمية الخاصة بهم.
نتيجة لذلك يجب علی دعاتنا انه جنباً إلی جنب بیان الروایات الالتزام بتطابق صحیح. إن الدعاة هم كسفراء الإسلام الأوائل یخدمون ثقافة أهل البيت(ع) وبالتالي یلتزم علیهم تعريف المفاهيم الإسلامية إلی عامة الناس والمبادرة ببیان الدین الذي هو لعق علی ألسنة الناس في وقتنا الحاضر ولكنه في الحقيقة فرصة للبلاء كما قال الإمام الحسين (ع): إنَّ الناسَ عَبيدُ الدُّنيا و الدِّينُ لَعقٌ على ألسِنَتِهِم يَحوطُونَهُ ما دَرَّت مَعائشُهُم، فإذا مُحِّصُوا بالبلاءِ قَلَّ الدَّيّانُونَ .
يجب علينا اليوم ترویج الدين على أساس الحكمة والعقلانية والروحانية في العالم. و الذي یطلبونه منا هو تبیین الدین الشامل والکامل. وقد أسس الإمام الحسين (ع) نهضته على هذا الأساس وأظهر عملياً أن الزعيم الإسلامي يجب أن يلتزم بأسس الإسلام وقدّم للناس القادة المزورین فقال: أ لاَ تَرَونَ أنَّ الحَقَّ لا يُعمَلُ بهِ ، و أنَّ الباطِلَ لا يُتَناهى عَنهُ ، لِيَرغَبِ المُؤمنُ في لِقاءِ اللّه لّه ِ مُحِقّا ، فإنّي لا أرَى المَوتَ إلاّ سَعادَةً ، و لا الحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلاّ بَرَما.
وفي الوقت الحاضر یجب أن نشرح لجمهورنا أن الدين یجمع بين الدنيا والآخرة والظاهر والباطن و المسؤوليات الفردية والاجتماعية وعلى الإنسان أن يبذل الكثير من الجهود في هذا العالم. ومن سوء الحظ في الغرب إن المسؤوليات الاجتماعية ليست رائجة ولا يعتبرون مشاكل الآخرين على أنها مشاكلهم. بينما جاء في قول النبي (ص): "مَنْ سَمِعَ رَجُلاً يُنادى يا لَلْمُسْلِمينَ فَلَمْ يُجِبْهُ فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ" . سواء كان هذا الشخص مسلمًا أو غير مسلم. وفي معرض قوله(ص) قال: مَنْ اَصْبَحَ لا يَهْتَمُّ بِاُمورِ الْمُسْلِمينَ فَلَيْسَ مَنْهُمْ.
وقد أكد الإسلام على وحدة وتوحيد المسلمين والمؤمنين ونری في أحاديث الإمام جعفر الصادق(ع) الذي قال: "المؤمن أخو المؤمن" كجسم إذا ابتلي جزء منه بألم تتألم الأجراء الأخری بنفس الألم فتسارع بالمساعدة والتعاطف وبهذه الطريقة تحل المشاكل الصعبة وأرواح المؤمنين کذلك ویجب على المسلمين أن یکون حالهم هکذا لبعضهم البعض:«المؤمنُ أخو المؤمنِ كالجَسَدِ الواحدِ، إنِ اشتكَى شيئا مِنهُ وَجَدَ ألمَ ذلكَ في سائرِ جسدِهِ ، وأرواحُهُما مِن رُوحٍ واحدةٍ».
تحمل ثقافة عاشوراء رسائل واضحة أخرى أيضًا ؛حیث قتلة كربلاء في عذاب خالد بل إن الراضين بهذا النوع من القتل هم یعتبرون من قتلة كربلاء أیضاً. اليوم نواجه فرصة ذهبية أتیحت بسبب الأدوات الحدیثة والفضاء الافتراضي. بعض من الخطباء لديهم منابر والبعض الآخر یروجون للإسلام وجهًا لوجه وقسم آخر يعملمون في الفضاء الافتراضي لترويج مدرسة أهل البيت (ع). يجب أن نستخدم كل هذه المنصات لتوسيع وعي المجتمع البشري. والملاحظة الأخيرة هي أن جميع أنبياء الله جاؤوا لتعليم البشرية. وجاء في الحديث النبوي الشريف: اُغدُ عالِما، أو مُتَعَلِّما، أو مُستَمِعا، أو مُحِبّا لَهُم، و لا تَكُنِ الخامِسَ فَتَهلِكَ.
ونواجه في زیارة الأربعين بعد التحية على المظلوم والسلام على أمین الله والسلام على ولي الله هذه العبارة المنقولة عن الإمام الصادق (ع): اللّهُمَّ، إنّي أشهَد أنَّهُ ... بَذَلَ مُهجَتَهُ فيكَ لِيَستَنقِذَ عِبادَكَ مِنَ الجَهالَةِ وحَيرَةِ الضَّلالَةِ ، وقَد تَوازَرَ عَلَيهِ مَن غَرَّتهُ الدُّنيا وباعَ حَظَّهُ بِالأرذَلِ الأدنى.
و من هذا المنطلق ووفقًا لفهمنا من هذه العبارة المذکورة أعلاه يجب أن نجتهد لأجل تحقیق أهداف الانبیاء ومحو الجهل من المجتمع أمام من علّق رأس ولي الله علی الرمح في المجتمع الجاهلي کجهود أظهرها العلماء الشهداء عبر التاريخ مثل الشهیدین الأول والثاني والشيخ فضل الله النوري وآية الله كاشاني في إيران والقاضي نور الله الشوشتري وغيرهم من أجل توعية المجتمع وتبديد الجهل واخیرا تم ازدراءهم وإبعادهم عن المجتمع. وقد أظهر هؤلاء العلماء باستشهادهم أن المجتمع يجب أن يكون عالما ومبنیا علی الواجبات. و المجتمع البشري مسؤول تجاه الدين ومعتقدات الشعب.
يجب المزيد من الاهتمام لهذه الملاحظة من أجل تجنب استخدام الدين كأداة. إن داعش والتكفيريون والمتطرفون ،على الرغم من أن لهم مظهر ديني ويستخدمون كلمات إسلامية للغاية ومضللة ، لكنهم يذهبون باسم الله أكبر ولا الله الله. يجب أن نتجنب بشدة هؤلاء المتدينين الذين يستخدمون الدين كأداة ، ويجب علينا أيضًا تجنب الآخرين.
والأهم من ذلك ، أن ننتبه إلى أصول الدين ، التي تشمل المعرفة الصحيحة بالدين والإيمان الصحيح به ، في دعايتنا الدعائية. نتيجة لذلك ، إذا كنا متدينين صالحين ، سيصبح المجتمع أيضًا متدينًا ومنفتحًا ويبحث عن العدالة ، وسيشعر بالألم وسيحاول بجد أكبر لحل مشاكل المجتمع البشري. مرة أخرى ، أقدر لكم وأشكركم على خدماتكم القيمة ، أيها المبشرون الأعزاء ، وبينما أتمنى لكم التوفيق ، أدعو لكم جميعًا في هذه الأيام.