وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
السبت

١٠ يونيو ٢٠٢٣

١:٢٠:٣٠ م
1372037

انتهاكات “فظيعة” يتعرض لها لاجئو الروهينغا؛

كيف تحاول بنغلاديش إجبار لاجئي الروهينغا على العودة إلى ميانمار؟

أنصار، وهو أحد آلاف اللاجئين الذين تم نقلهم إلى جزيرة بهاسان شار البنغالية النائية، تحدث للأناضول عن التهديدات التي يواجهونها. وقال أنصار، الذي رفض الإفصاح عن اسمه كاملاً خوفاً من أن يصيبه أذى، إن مسؤولاً أمنياً بنغالياً جاء إلى مكان إقامته وقال له: “هذا ليس بلدك، لماذا تبقى هنا؟!”.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ تمضي بنغلاديش وميانمار قُدما في مشروع تجريبي مثير للجدل، لإعادة لاجئي الروهينغا إلى وطنهم، في ظل رفض مسؤولين في دكا، عاصمة بنغلاديش، مزاعم باستغلال معاناة اللاجئين.

ويهدف المشروع الذي تم التوصل إليه بين ميانمار وبنغلاديش، بوساطة ودعم من الصين، إلى البدء بإعادة نحو 1100 لاجئ من الروهينغا إلى موطنهم في ولاية راخين بميانمار.

وكان مسؤولون بنغال اصطحبوا، في مايو/أيار الماضي، 20 لاجئاً من الروهينغا في زيارة استطلاعية إلى ولاية راخين، لتقييم ظروف عودتهم، إلا أن الرحلة انتهت بإعراب اللاجئين عن مخاوف بشأن خطة العودة، كما يقول تقرير لوكالة الأناضول.

انتهاكات “فظيعة” يتعرض لها لاجئو الروهينغا

قالت صحيفة الغارديان  البريطانية، في تقرير لها نقلاً عن مسؤول بارز في الأمم المتحدة، إن الروهينغا في بنغلاديش باتوا عرضةً لخطر أن يصبحوا “فلسطينيين جدداً”، وقال إنهم عالقون في أزمة ممتدة لا تلقى اهتماماً.

حيث قال أوليفييه دي شوتر، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، إن من الضروري منح قرابة المليون شخص الذين يعيشون في مخيمات مكتظة في كوكس بازار الحق في العمل في الدولة المضيفة لهم، بنغلاديش، وإن إرغامهم على الاعتماد على المساعدات الدولية المتضائلة ليس مستداماً.

في الوقت نفسه، قال دي شوتر، الذي تحدث إلى صحيفة الغارديان بعد زيارة قريبة إلى كوكس بازار، إن الظروف “مروعة”، وإنه لم يسبق أن رأى أناساً في “مثل هذه الحالة من اليأس”.

هؤلاء اللاجئون- الذين فر معظمهم من القمع الوحشي الذي شنه جيش ميانمار عليهم عام 2017- معزولون عن المجتمع المحلي، ويعيشون في ملاجئ مزرية وخانقة.

وقال دي شوتر إن العنف بحق الروهينغا أثار غضباً دولياً منذ أكثر من خمس سنوات، وأدى إلى رفع قضية “إبادة جماعية” في المحكمة العليا للأمم المتحدة، لكن المانحين الدوليين أصبحوا الآن منشغلين بالأزمات في أماكن أخرى.

بنغلاديش تريد إعادة اللاجئين الروهينغا بأي ثمن

بالعودة إلى خطة إعادة اللاجئين برعاية صينية، انضمت مجموعات حقوقية دولية، بما في ذلك منظمة “هيومن رايتس ووتش” إلى الأصوات المعارضة لمقترح الخطة.

وحثت المجموعات الحقوقية الحكومات المانحة والولايات المتحدة على “الدعوة إلى وقف أي عودة للروهينغا إلى الوطن، حتى تتهيأ الظروف لعودة آمنة ومستدامة”.

ومع ذلك، يبدو أن السلطات في بنغلاديش مستعدة لفعل كل ما يلزم لإنجاز الخطة.

ووفقاً لشهود عيان وأفراد من الروهينغا المعنيين بالخطة، يبدو أن “سياسة العصا والجزرة” هي النهج الذي تعتمد عليه سلطات بنغلاديش في الوقت الحالي مع لاجئي الروهينغا، رغم نفي مسؤولين بنغال لتلك المزاعم.

ترغيب وترهيب يتعرض له لاجئو الروهينغا

أنصار، وهو أحد آلاف اللاجئين الذين تم نقلهم إلى جزيرة بهاسان شار البنغالية النائية، تحدث للأناضول عن التهديدات التي يواجهونها. وقال أنصار، الذي رفض الإفصاح عن اسمه كاملاً خوفاً من أن يصيبه أذى، إن مسؤولاً أمنياً بنغالياً جاء إلى مكان إقامته وقال له: “هذا ليس بلدك، لماذا تبقى هنا؟!”.

وأضاف أن المسؤول طلب منه “العودة إلى ميانمار أو مواجهة عواقب وخيمة”.

وأشار أنصار إلى وجود “وحدات شرطة خاصة في بنغلاديش متهمة بمضايقة لاجئي الروهينغا وترهيبهم، لاسيما في مخيمات بهاسان شار”.

وأردف: “يقولون إنه يتعين علينا زيارة مكتب مسؤول المخيم من أجل تسجيل أسمائنا للعودة إلى الوطن (ميانمار). لقد أعلنوا عن ذلك عدة مرات عبر مكبرات الصوت”.

ومن ناحية أخرى، أشار أنصار إلى وجود حافز مالي بمثابة “الجزرة” في هذا النهج من التعامل مع لاجئي الروهينغا. وأوضح أن “المسؤولين عرضوا حوافز مالية بقيمة ألفي دولار لكل عائلة تختار العودة إلى ميانمار”.

المال في مواجهة الخوف

ويعيش ما يقرب من 1.2 مليون من الروهينغا في بنغلاديش، فر معظمهم من حملة عسكرية وحشية في راخين، في أغسطس/آب 2017. وفي حين لا تزال غالبية الروهينغا تسكن في معسكرات مكتظة بمنطقة كوكس بازار جنوبي بنغلاديش، تم نقل نحو 30 ألفاً إلى جزيرة بهاسان شار منذ أواخر عام 2020.

بدوره، قال عبد الرحمن (22 عاماً)، لاجئ من الروهينغا مقيم في تلك الجزيرة، للأناضول، إن “ما لا يقل عن 1200 عائلة سجلت أسماءها من أجل العودة إلى ميانمار، بعد أن عُرض عليها المال”.

وأوضح لاجئ آخر للأناضول، لم يكشف عن هويته، أنه “أقنع جميع أفراد عائلته الستة بالعودة، بعد الإعلان عن الحوافز المالية”.

وبحسب شهود العيان، ستُراجع السلطات قائمة الراغبين في العودة طواعية إلى ميانمار، على أن تحصل العائلات على 1000 دولار قبل العودة الفعلية إلى الوطن، و1000 دولار أخرى بمجرد وصولها إلى راخين.

وبرّر اللاجئ رومان، الذي استخدم اسماً مستعاراً، لجوء الناس إلى العودة مقابل المال بسبب “الظروف السيئة في بهاسان شار”، قائلاً: “لا يمكننا التحرك بحرية، ليس لدينا عمل، وليست هناك إمكانية للحصول على التعليم أو الرعاية الصحية”.

وتابع: “يوجد مرفق صحي واحد فقط، كل هذا يدفع الناس للتسجيل من أجل العودة إلى الوطن”.

تدهور الأوضاع الأمنية في مخيمات الروهينغا

من جهته، أشار نور خان ليتون، ناشط حقوقي، إلى تدهور الأوضاع الأمنية في مخيمات الروهينغا ببنغلاديش، معتبراً ذلك “عاملاً آخر يدفع اللاجئين إلى العودة”.

وكشف ليتون للأناضول عن وقائع شهدت “مقتل العديد من قادة مجتمع الروهينغا”، مضيفاً أن “هناك شعوراً بالخوف بين اللاجئين، ما يجعلهم يقررون العودة إلى ميانمار”.

ورغم التدهور الأمني، حذّر قائد مجتمعي آخر من الروهينغا، طلب أيضاً عدم الكشف عن هويته، من مخاطر العودة إلى ميانمار “دون ضمان حقوق المواطنة”.

وقال إن “العودة في ظل هذه الظروف لن تفيد، وستكون بمثابة انتقال من سجن إلى سجن آخر”.

وأكد محمد رضوان خان، ناشط من الروهينغا في مخيمات كوكس بازار ببنغلاديش، على المخاوف نفسها.

وقال للأناضول: “نحن لا نثق في المجلس العسكري في ميانمار، خوفنا من أننا سنواجه المزيد من التمييز والقمع مرة أخرى في راخين”. وطالب رضوان خان أن تتضمن عملية الإعادة إلى الوطن “ضمان حقوق المواطنة، والتأكد من أنه يمكننا العودة إلى أرضنا في ميانمار، وليس إلى ما يشبه معسكرات اعتقال”.

ويذكر أن ميانمار رفضت تقديم أي ضمانات بمنح الجنسية للعائدين من الروهينغا، الذين حُرموا منها بموجب قانون الجنسية لعام 1982 في البلاد. وتعتبر حكومة ميانمار الروهينغا “مهاجرين غير نظاميين من بنغلاديش”، فيما تصنفهم الأمم المتحدة بأنهم “الأقلية الأكثر اضطهاداً في العالم”.

دكا ترفض مزاعم الترغيب

ترفض بنغلاديش “رفضاً قاطعاً” مزاعم عرْضِها أموالاً على لاجئي الروهينغا لإجبارهم على العودة إلى ميانمار. وقال محمد ميزان الرحمن، مفوض الإغاثة وإعادة اللاجئين في بنغلاديش، للأناضول: “نحن نعمل على إعادة اللاجئين في مشروع مشترك مع سلطات ميانمار، بينما تعمل الصين أيضاً كوسيط في هذه العملية”.

وشدد على “عدم وجود أي مسؤول بنغالي يعرض أموالاً على الروهينغا”، مشيراً إلى أن بنغلاديش تستضيف ملايين الروهينغا منذ أكثر من 6 سنوات.

وفي السياق، لفت ميزان الرحمن إلى أن “أعداد لاجئي الروهينغا ترتفع بوتيرة سريعة بسبب المواليد الجدد في المخيمات”. وأضاف: “لا يوجد بديل سوى العودة السلمية والكريمة للروهينغا إلى وطنهم، لكننا نريد أن نفعل ذلك طواعية، دون أي نوع من الضغط”.