وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الخميس

٣٠ يونيو ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
250714

کیف نرتبط بالمعصومین(ع) ؟ ـ 8

الثناء على الارتباط بذکر المعصومین(ع) ـ القسم الأول

من محاضرات: سماحة آیة الله الشیخ مجتبی الطهراني ترجمة: الأستاذ علي فاضل السعدي

إن أيّ ذكر حسن، سيكون سببا للتقارب والارتباط مع المعصومين (عليهم السلام) فقد يرتبط هذا الذكر بالحقوق التي تقع على عاتق الإنسان وقد ترتبط بفضائله وصفاته الرفيعة. وقد تذكّر بالآلام والمصائب التي لاقاها لتحصل عملية مواساة له وبهذا تتقرّب روح الإنسان من ذلك المظلوم.

إنّ التذكير بحقوق وفضائل ومصائب المعصومين من الأمور الممدوحة التي حثّ عليها الشارع بشكل كبير.

أ_ التذكير بالحقوق والفضائل

إن لأئمة الهدى حقوقا على الناس ينبغي عليهم السعي في أدائها. فالتذكير بهذه الحقوق يلعب دوراً كبيراً في تحقيق هذا الأمر المهم؛ لأنّ التذكير بها سيدفع المعتقد بها إلى أدائها ويساهم في تحريك غير المعتقد أيضاً إلى الاقتراب من مرحلة  أدائها. فالتذكير بالفضائل الفرديّة والاجتماعية للائمة المعصومين (عليهم السلام) يزيد من محبة الشخص لهم وإيمانه بهم (عليهم السلام)  كما ويساهم في تعرّف الجاهل بمنزلتهم والميل إلى محبتهم.

إنّ ذكر حقوق وفضائل الأئمة المعصومين (عليهم السلام) يمثّل نموذجا للارتباط الذي تم التأكيد عليه وامتدحته الروايات. فقد ورد في حديث للإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال لأصحابه: ... تزاوروا وتلاقوا وتذاكروا أمرنا وأحيوه( 1).

فولاية المعصومين (عليهم السلام) كما سيأتي تمثل من جانب حقّاً من حقوقهم على الأمة، لأنّ على الأمّة أن تنقاد لهم (عليهم السلام) بأمر الله تعالى، أضف إلى ذلك أنّ هناك روايات حثّت المؤمنين على أن يذكروهم في ملتقياتهم . وقد أثني على فضل ذكرهم والتذكير بفضائلهم ومكارم أخلاقهم (عليهم السلام) حتى وصل إلى درجة صار يطلق على ذلك عنوان العبادة. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

ذكر الله عزّ وجل عبادة وذكري عبادة وذكر علي عبادة وذكر الأئمة من ولده عبادة.( 2)

إنّ ذكر فضائل الأئمة (عليهم السلام) يمثل بحدّ ذاته فضيلة يهبها الله خاصّة عباده، هذا من جانب ومن جانب آخر فإنّ على هؤلاء الخاصة أن يشكروا الله تعالى على هذه النعمة التي أولاهم إياها.فعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:

 إنّ من الملائكة الذين في السماء ليطّلعون إلى الواحد والإثنين والثلاثة وهم يذكرون فضل آل محمد قال: فتقول: أما ترون إلى هؤلاء في قلتهم وكثرة عدوهم يصفون فضل آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ قال: فتقول الطائفة الأخرى من الملائكة: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ( 3).(4 )

إن المجالس التي تذكر فيها فضائل أهل البيت (عليهم السلام) تمثل مجالس الكمال والرفعة وتأخذ بيد الإنسان إلى السعادة واحتمال وقوع الضرر في المجالس الأخرى لا يأتي في المجالس التي يذكر فيها آل محمد. فعن عباد بن كثير قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إني مررت بقاص يقص وهو يقول: هذا المجلس [الذي] لا يشقى به جليس، قال: فقال أبو عبد الله (عليه السلام):

هيهات هيهات، أخطأت أستاههم الحفرة، إن لله ملائكة سياحين، سوى الكرام الكاتبين، فإذا مروا بقوم يذكرون محمدا وآل محمد قالوا: قفوا فقد أصبتم حاجتكم، فيجلسون، فيتفقهون معهم فإذا قاموا عادوا مرضاهم وشهدوا جنائزهم وتعاهدوا غائبهم، فذلك المجلس الذي لا يشقى به جليس.( 5)

تمتاز المجالس التي يذكر فيها آل البيت (عليهم السلام) بمستوى من الحب والود والقيمة ما يجعل الملائكة ولهين ومشتاقين لحضورها، إذ ينبعث عن مثل هذه المجالس عبق الجنة وأريجها، بحيث يعطّر الملائكة ذواتهم بهذه الرائحة العبقة، فقد روي عن أم المؤمنين أم سلمة (رضي الله عنها) أنّها قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:

ما قوم اجتمعوا يذكرون فضل علي بن أبي طالب إلّا هبطت عليهم ملائكة السماء حتى تحف بهم، فإذا تفرقوا عرجت الملائكة إلى السماء، فيقول لهم الملائكة: إنا نشم من رائحتكم ما لا نشمه من الملائكة، فلم نر رائحة أطيب منها، فيقولون: كنا عند قوم يذكرون محمدا وأهل بيته فعلق فينا من ريحهم فتعطرنا، فيقولون: اهبطوا بنا إليهم، فيقولون: تفرقوا ومضى كل واحد منهم إلى منزله، فيقولون: اهبطوا بنا حتى نتعطر بذلك المكان.( 6)

فالمجلس الذي يذكر فيه أهل البيت (عليهم السلام) مجلس قيّم للغاية. فهذا الإمام الصادق (عليه السلام) يحثّ على حضوره ويرى بأنّ خير الناس هو من ذكر أئمة الهدى (عليه السلام). فعن معتب مولى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول لداود بن سرحان:

 يا داود أبلغ مواليّ عنّي السلام، وأنّى أقول:... فان في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياءنا، وخير الناس بعدنا من ذاكر بأمرنا ودعا إلى ذكرنا.( 7)

 فقد ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) في بعض من حديثه هذا أنّ الله يباهي الملائكة حين يُذكر أهل البيت (عليهم السلام). وهذا يدل أيضا على القيمة الرفيعة لهذا السلوك؛ فالملائكة ورغم مقامهم الكبير عند الله تعالى إلّا أنه تعالى يباهيهم بسيرة أناس ما. إذاً لابّد وأن تكون هذه السيرة ذات قيمة رفيعة ومتعالية. ولهذا يخاطب الإمام داوود بن سرحان قائلاً:

"وما اجتمع اثنان إلّا باهى الله تعالى بهما الملائكة....( 8)

كما أن ذكر أهل البيت (عليهم السلام) فيما لهم من حقوق وفضائل باللسان أمر حسن ومطلوب فكذا الحال بالنسبة للكتابة والتدوين. ولهذا اهتم الكثير من العلماء المسلمين في تدوين فصل، أو باب أو كتاب مستقل في ذكر فضائل أهل البيت (عليهم السلام). فمن يروي في ما لأهل البيت (عليهم السلام) من حقوق وفضائل يمدّ في ثوابه ما دام هناك من يقرأ هذا الكتاب.

ب_ التذكير بمصائبهم

كما أنّ ذكر فضائل أهل البيت (عليهم السلام) سبيل إلى نيل قربهم والارتباط بهم، فإنّ ذكر مصائبهم والرزايا التي حلّت بهم يمكن أن تؤدي إلى الاتصال بهم إن ذكر المصائب والآلام والمحن ومواساة المصاب يعد تواصلاً وإشراكاً للذات مع أصحاب المصيبة ونوع ارتباط معهم. فمواساة أهل الإيمان في مصائبهم والآمهم، وأحزانهم يُعدّ حقّاً من حقوقهم والأئمة المعصومون (عليهم السلام) هم رواد أهل الإيمان؛ إذاً من اللائق أن نذكر مصائبهم. روي عن الإمام الرضا (عليه السلام):