إنّ لنتائج الارتباط ايجابا أو سلبا، الأثر السببي في ممدوحية أو مذمومية الارتباط. فإذا كان الارتباط لا يرجى منه إلّا الخير والكمال والفلاح والسعادة فسیکون ارتباطا ممدوحٌاً ومرغوباً دون أدنى شك. وبدیهی ان الارتباط بالمعصومين یعد من جملة الارتباطات ذات الأثر البالغ في حياة الإنسان. فالأئمة المعصومون (عليهم السلام) قادة البشر ومرشدوهم في مسير الكمال؛ إذاً فالارتباط بهم (عليهم السلام) ممدوح وهو مما يطلبه العقل البشري دون ترديد.
وقد وردت تأكيدات كثيرة في الآيات والروايات تحثّ على هذا الأمر إلى درجة عُدّ فيه الارتباط برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) ارتباطا بالله تعالى، والذي يعني القرب الإلهي، ومن يبلغ هذه المرحلة أي مرحلة القرب الإلهي فقد نال هدفاً غاية في الكمال.
فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام):
"من وصلنا وصل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن وصل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقد وصل الله تبارك وتعالى".( 1)
إن الأئمة المعصومين خلفاء الله في الأرض وهم أقرب إلى الإنسان من والديه النسبيين؟( 2) يقول الإمام السجاد (عليه السلام) في ذلك:
إن كان الابوان إنّما عظم حقهما على أولادهما لإحسانهما إليهم فإحسان محمد وعلي إلى هذه الأمّة أجلّ وأعظم، فهما بأن يكونا أبويهم أحق.( 3)
إنّ عظمة حق النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) على المسلمين تصل إلى مستوى يُؤوّل فيه الأئمة (عليهم السلام) ما ورد من ثناء على الوالدين في بعض آيات القرآن الكريم بأنّه ثناء على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمير المؤمنين (عليه السلام) فقد ورد عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
أنا أحد الوالدين وعلي الآخر، قال (أبو بصير): قلت: وأيّ موضع ذلك من كتاب الله؟ قال: قوله " وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا (4 )". ( 5).
وكذلك فقد ورد في تفسير الآيتين:
" أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ"(6 )
و " وَوَصَّيْنَا الْإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا"(7 )
وقد ورد عن بعض الأئمة (عليهم السلام) روايات مشابهة لما ذكر(8 )
فمرافقة المعصومين (عليهم السلام) من جملة الأمور التي يوصي بها الله تعالى المؤمنين في القرآن الكريم فقد ورد في قوله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ "( 9)
وقد سئل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عن مصداق الصادقين في هذه الآية فأجاب (صلى الله عليه وآله وسلم):
وأمّا الصادقون فخاصّة عليُّ بن أبي طالب وأوصيائي من بعده إلى يوم القيامة(10 )
وقد روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) أنّه قال في حضور جمع من المهاجرين والأنصار وذلك أثناء فترة خلافة عثمان:
أُنشدكم بالله، أتعلمون أن الله أنزل: "يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"؟. فقال سلمان: يا رسول الله ! عامة هذه الآية أم خاصة؟. فقال: أما المأمورون فعامة المؤمنين أمروا بذلك، وأما الصّادقون فخاصة لأخي علي (عليه السلام) وأوصيائي بعده إلى يوم القيامة؟. فقالوا: اللهم نعم.(11 )
فالارتباط بالمعصومين (عليهم السلام) يعدّ من مصاديق الارتباط والعُلقة التي أمر الله تعالى بها وذلك في قوله تعالى:
والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل.(12 )
وقد سئل الإمام الصادق (عليه السلام) عمّا أمر الله من الارتباط فقال (عليه السلام):
وغاية تأويلها صلتك إيّانا(13 )
والملاحظة الأخرى هي أنّ الله تعالى قد أورد هذه الآية في وصف أولو الألباب، أي انه وصفهم بصفة إيجاد الارتباط وهذه بالذات دليل على عظمة شأن المرتبطين بالمعصومين (عليهم السلام)