ولد العلامة العسكري في جمادي الثاني عام (1332هـ /1911م) في مدینة سامراء في العراق، من عائلة علمیة هاجرة من المدینة المنورة إلی مدینة ساوة في إیران.
توفي والده و هو ما یزال طفلاً صغیراً و تعلم القراءة و الكتابة في البیت، و حین بلغ العاشرة دخل الحوزة العلمیة في سامراء في عهد المیرزا الشیرازي(رض) و طوی في هذه الحوزة دروس المقدمات و السطوح.
شغف و منذ صغره بقراءة الكتب، و خصوصاً كتب السیرة النبویة و سیرة أهل بیته (ع) وسیرة الأصحاب، وكتب التاریخ و كتب الرحلات كرحلة ابن جبیر و ابن بطوطة و رحلات الأوروبیین إلی المشرق، و الكتب التي كانت تروي قضة استعمار البلاد الإسلامیة و تبین ما یجري من حوادث مهمة علی الأمة الإسلامیة آنذاك.
و في هذه الفترة انتقلت المرجعیة في إیران الی آیة الله السید البروجردي (رض) و في عهده عاشت الحوزة في قم أوضاعاً جیدة قیاساً إلی الحوزة في العراق، و من هنا قرر العلامة العسكري الهجرة إلی قم مرة أخری لطرح مشروعه الخاص بمدرسة للعلوم الدینیة علی الطریقة التي یراها هو، و قد وافق السید البروجردي (رض) علی مشروعه، غیر أن قیام قضیة تأمیم النفط في زمن(مصدّق) و ما صاحبها من مشاكل مع آیة الله الكاشاني أدت إلی أن یتعثر إنجاز ذلك المشروع و لذا قرر الرجوع إلی العراق مرة أخری.
عاد العلامة العسكري بعد عام (1363هـ /1942) إلی العراق، و في هذه المرة ذهب إلی بغداد و سكن منطقة الكرادة الشرقیة في عام 1361م و فیها توسعت مشاریعه العلمیة و تعمقت علاقته بمرجعیة الإمام الحكیم بشكل خاص.
و في عام (1389هـ /1968م) اضطر و بسبب ممارسات حكومة حزب البعث في العراق إلی الهجرة من العراق إلی لبنان و منه إلی إیران حیث مارس نشاطه في الدرس و التألیف مع الاضطلاع بمهمة عمادة كلیة أصول الدین في طهران و قم.
و انتقل السید مرتضی العسكري في الثالث من شهر رمضان المبارك سنة 1428 الی رحمة الله تعالی عن عمر ناهز90 سنة قد عاش فیها هموم المسلمین، و تألم لما ر أه من تفرقة بینهم، و لما یتراشقون به من اتهامات تنطلق غالباً من أوهام و لا یسندها دلیل علمي
تأسیس المدارس و المعاهد العلمیة:
كان العلامة العسكري من أوائل العلماء الصالحین في العراق الذین اكتشفوا حقیقة المناهج التربویة و التعلیمیة التي قررها المستشارون الأجانب في دوائر التعلیم الحكومیة للناشئة في البلاد الإسلامیة، و اكتشف بعد دراسة مقارنة التفاوت و البون الشاسع بین المناهج التي تدرس في ألمانیا و فرنسا و الیابان و مثیلاتها المقررة في بلادنا الخاضعة لنفوذهم، حیث تبین له أن مدارسهم و مناهجهم تأخذ الشباب و الطلبة لتهیئتهم و تعدهم كوادر متخصصة و طاقات عاملة في مختلف جوانب العلوم و المعرفة، بینما تأخذ مدارسنا و كلیاتنا الناشئة و الشباب لتخرجهم موظفین في دوائر الدولة. و من هنا كان العلامة العسكري یسمي مدارس ذاك الوقت بـ(معامل تحضیر الموظفین) و هكذا توصل إلی تحدید و تعیین أحد و أهم الأسباب الحقیقیة لتخلّف مجتمعاتنا الإسلامیة آنذاك.
أدرك العلامة العسكري هذه الحقیقة بشأن المدارس الحكومیة و الحوزات العلمیة، فحاول أن یعمل شیئاً لإصلاح الوضع.
نجح العلامة العسكري في تأسیس العدید من المدارس و المعاهد التربویة وفق المنهج و الخطة التي رسمها و هي كما یلي:
1ـ مدرسة الإمام الجواد في الكرادة الشرقیة ـ بغداد. 2ـ مدارس بغداد الجدیدة ـ بغداد. 3ـ مركز تعلیم البنات ـ بغداد. 4ـ مدارس الزهراء للبنات ـ بغداد بإشراف الشهیدة بنت الهدی. 5ـ مدارس الإمام الصادق (ع) ـ البصرة.
6ـ ثانویة الإمام الباقر(ع) ـ الحلة.
7ـ ثانویة الإمام الحسن ـ الدیوانیة ـ و قد كانت تحت إشراف الشیخ محمد مهدي شمس الدین قبل أن تصبح بعهدة جمعیة الصندوق الخیري. 8ـ و كانت هناك روضة الزهراء (ع) للأطفال ـ بغداد.
كلیة أصول الدین في بغداد :
و كانت كلیة أصول الدین الإنجاز الأهم للعلامة العسكري، حیث أسسها في بغداد (1963) لتكون نواة لجامعة إسلامیة متكاملة و قد خرّجت عدة دورات قبل أن یقرر نظام البعث المتفرعن إلغاءها.
و في عام (1397هـ /1979م) قام العلامة العسكري بتأسیس المجمع العلمي الإسلامي في طهران لیمارس من خلاله دروسه و تطویر الكتب الدراسیة الحوزویة علی مستوی المقدمات و قد قام هذا المجمع خدمات جمة للعالم الإسلامي علی مستوی إرسال المبلغین و تأسیس المدارس و تهیئة المناهج و طبع الكتب.
لئن استطاع النظام البعثي غلق كلیة أصول الدین في بغداد لیحرم أبناء الأمة الإسلامیة من فرصة الاستفادة منها و من العلوم التي كانت تدرس فیها فإن الله سبحانه و تعالی قد عوض العلامة بعد عمر تجاوز الثمانین، بأن وفر له فرصة إعادة تأسیس كلیة أصول الدین مرة أخری بفروع و إمكانات أفضل حیث تم افتتاح هذه الكلیة في عام (1417هـ /1996م) في قم، و بعدها بعام فتح لها فرعاً في طهران و بعدها بعام آخر فتح لها فرع في دزفول. كما أن مراحل الدراسیة فیها شملت البكلوریوس و الماجستر و الدكتوراه.
نشاطاته الاجتماعي:
لم یكن العلامة العسكري بمعزل عن ساحة العمل الاجتماعي و هو الذي أحس مبكراً بما یعانیه مجتمعة و ما یقاسیه من المآسي و الآلام، و من هنا فقد اتسع عمله لیشمل كل زاویة من زوایا العمل یستطیع من خلالها أن یقدم العون و المساعدة لمجتمعه و یعینه علی أن یتجاوز محنته و مشاكله، وكانت نظریته ـ رحمه الله ـ تنطلق من أساس أن العمل المثمر لابد و أن یقوم علی أساس المؤسسات لا العمل الفردي و إن كان للعمل الفردي فوائده أیضاً، و من هنا قام و بمعونة العلماء الآخرین بتأسیس:
1.جمعیة التربیة الإسلامیة.
2.جمعیة الصندوق الخیري الإسلامي: و قد أسس هذه الجمعیة السید هبة الدین الشهرستاني و كان أول رئیس لها ثم تولی العلامة العسكري رئاسة هذه الجمعیة بعده. وقد تولت جمعیة الصندوق الخیري.
أ .فتح مستوصف الرعایة الإسلامیة في الكرادة الشرقیة.
ب . فتح مستوصف الرعایة الإسلامیة في الكاظمیة.
و قد كانت علی وشك الشروع ببناء مستشفی الإمام الحسین(ع) و لكن المشروع لم یتم.
ج. كما تبنت العدید من المدارس التي أسست آنذاك.
حركته و نشاطه السیاسي:
تحدث العلامة عن بدایة تحركه السیاسي قائلا: " كانت بدایة تحركي السیاسي منذ رأیت ع