وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "قَلِيْلٌ يَدُومُ خَيْرٌ مِنْ كَثِيْرٍ مُنْقَطِعٌ، وقَليلٌ تَدُومُ عَلَيْهِ خَيرٌ مِنْ كَثيرٍ مَلُولٍ".
أمران ضروريان لنجاحك قارئي الكريم يوصي بهما الإمام أمير المؤمنين (ع)، فاتخذهما أساساً لكل ما تريد أن تعمله وترغب في تحقُّقه:
الأمر الأول: إذا دار الأمر بين أن تختار وظيفة أو تجارة مردودهما قليل ولكنهما دائمين، أو تختار صفقة تجارية تأتيك بربح كبير ولكنها لا تدوم ولا تتكرر، فأيهما تختار؟، الإمام (ع) ينصحك أن تختار ما يدوم وإن كان قليلاً مردوده على ذي المردود الكبير الذي ينقطع ولا يتكرر، إذ لا شك أن ما يدوم خير مِما ينقطع، والقليل الذي يدوم أثبتُ من الكثير الذي سريعاً ما يزول، ألا ترى أن المطر إذا هطل غزيراً أحدث سيلاً يجرف كل شيء أمامه، ولكنه رغم كثرته لا يفيد الأرض كثيراًن أما إذا هطل خفيفا كما لو كان رذاذاً ولكنه استمر على ذلك شربته الأرض، وامتلأت به الآبار الجوفية.
ومن المعلوم بالتجربة أن المال الذي يأتي كثيراً مرة واحدة قلَّما يستفيد منه المَرء الاستفادة الأمثل، إلا أولئك الذين يُتقِنون استغلال الفُرَص وهم قليل، أما الأعَمُّ الأغلب فإن الكثرة المفاجئة في أيديهم قد تخرجهم عن طورهم، وقد تدعوهم إلى تبذيره والإسراف فيه، وبعضهم قد يحمله ذلك على الطغيان وسلوك مسارات منحرفة، بخلاف الحصول على القليل الدائم ففضلا عن كون دوامه يمنح المَرء الطمأنينة إلى حصوله على حاجاته، وفي ذلك من الاستقرار النفسي ما فيه، فإن القليل الدائم يحمل المَرء على تطوير مهاراته، ويدعوه إلى الإفادة الأمثل من المال القليل المستمر، لذلك تراه ينتقل من طور إلى طور، في أعماله أو تجاراته، ويتوسَّع فيها يوماً بعد آخر، بل يصل إلى حال من الثراء لم يكن يخطر على باله، وعلى فرض أنه لم يصل إلى كل ذلك يكفيه الاستقرار المالي والطمأنينة النفسية، وطمأنينة النفس تتقدم على كل شيء.
الأمر الثاني: ينصح الإمام (ع) بإدامة العمل وألا تسمح للمَلَل أن يُسرِع إليك، لأن الثمار التي تروم قطفها لن تنالها من حين شروعك في العمل، بل لا بد من المداومة عليه وإعطائها الوقت الكافي.
لا يمكنك أن تكون عالِماً من حين تدخل المدرسة ولو كنت تتمتع بالعبقرية، ولا يمكنك أن تصبح ثرياً من حين أن تباشر التجارة، ولا يمكن أن تحصد الثمار من حين زرع الشجرة، كل ذلك يحتاج إلى الوقت الكافي، وتحقق الظروف المناسبة، فكما لم تولد شاباً يافعاً ولا رجلاً راشداً.
إن كثيراً مِنّا يسارع إليهم المَلَلَ والسَّأم والضَّجَر من حين شروعهم بالعمل فيتركونه إلى غيره، ثم لا يمنحون العمل التالي الوقت الكافي فيسأمون منه لينتقلوا إلى عمل آخر، وتكون النتيجة الفشل في جميع الأعمال، ولَيت الأمر يقتصر على ذلك بل إن الانتقال من عمل إلى آخر والفشل في هذا وذاك يؤدي إلى اليأس والإحباط، ولذلك من التداعيات النفسية ما فيه.
وهكذا الحال في الجانب الروحي والمَعنوي نريد أن نعرج بأرواحنا إلى سدرة المنتهى وأن نكون قابَ قوسين أو أدني من أول عمل عبادي، فإذا لم نحصل عليه تركنا العمل وانتقلنا إلى غيره من الأعمال، وقد نترك كل الأعمال، بعضنا يريد أن يعد في الذاكرين من أول ذكر، وآخر يريد أن يستشعر حلاوة الإيمان من أول عمل، وبعضنا يريد أن يعيش روعة القرب من أول دعاء وتهجد، فإذا لم يحصل على ما يريد ولم يصل إلى ما يرغب من بدايات الطريق مَلَّ ويأسَ وقَنطَ.
فما الطريق الأسلم؟
الطريق الأسلم لنحصل على النتائج المرجُوَّة يتمثل في المداومة على العمل، وهذا ما جاء التأكيد عليه في الروايات الشريفة، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "إِنَّ النَّفْسَ مَلُولَةٌ، وإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْري مَا قَدْرُ المُدَّةٍ، فَلْيَنْظُرْ مِنَ العِبَادَةِ مَا يُطِيْقُ، ثُمَّ لِيُداوِمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ مَا دِيْمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ".
وعن الإمام الباقر (ع) أنه قال: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَدُوْمَ عَلَى العَمَلِ إِذا عَوَّدَتْني نَفْسِي، وَإِنْ فَاتَني مِنَ اللَّيْلِ قَضَيْتُهُ مِنَ النَّهارِ، وَإِنْ فَاتَني مِنَ النَّهَارِ قَضَيْتُهُ بِاللَّيْلِ، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمالِ إِلى اللهِ مَا دِيْمَ عَلَيْهِ" .
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
.......
انتهى/ 278
أمران ضروريان لنجاحك قارئي الكريم يوصي بهما الإمام أمير المؤمنين (ع)، فاتخذهما أساساً لكل ما تريد أن تعمله وترغب في تحقُّقه:
الأمر الأول: إذا دار الأمر بين أن تختار وظيفة أو تجارة مردودهما قليل ولكنهما دائمين، أو تختار صفقة تجارية تأتيك بربح كبير ولكنها لا تدوم ولا تتكرر، فأيهما تختار؟، الإمام (ع) ينصحك أن تختار ما يدوم وإن كان قليلاً مردوده على ذي المردود الكبير الذي ينقطع ولا يتكرر، إذ لا شك أن ما يدوم خير مِما ينقطع، والقليل الذي يدوم أثبتُ من الكثير الذي سريعاً ما يزول، ألا ترى أن المطر إذا هطل غزيراً أحدث سيلاً يجرف كل شيء أمامه، ولكنه رغم كثرته لا يفيد الأرض كثيراًن أما إذا هطل خفيفا كما لو كان رذاذاً ولكنه استمر على ذلك شربته الأرض، وامتلأت به الآبار الجوفية.
ومن المعلوم بالتجربة أن المال الذي يأتي كثيراً مرة واحدة قلَّما يستفيد منه المَرء الاستفادة الأمثل، إلا أولئك الذين يُتقِنون استغلال الفُرَص وهم قليل، أما الأعَمُّ الأغلب فإن الكثرة المفاجئة في أيديهم قد تخرجهم عن طورهم، وقد تدعوهم إلى تبذيره والإسراف فيه، وبعضهم قد يحمله ذلك على الطغيان وسلوك مسارات منحرفة، بخلاف الحصول على القليل الدائم ففضلا عن كون دوامه يمنح المَرء الطمأنينة إلى حصوله على حاجاته، وفي ذلك من الاستقرار النفسي ما فيه، فإن القليل الدائم يحمل المَرء على تطوير مهاراته، ويدعوه إلى الإفادة الأمثل من المال القليل المستمر، لذلك تراه ينتقل من طور إلى طور، في أعماله أو تجاراته، ويتوسَّع فيها يوماً بعد آخر، بل يصل إلى حال من الثراء لم يكن يخطر على باله، وعلى فرض أنه لم يصل إلى كل ذلك يكفيه الاستقرار المالي والطمأنينة النفسية، وطمأنينة النفس تتقدم على كل شيء.
الأمر الثاني: ينصح الإمام (ع) بإدامة العمل وألا تسمح للمَلَل أن يُسرِع إليك، لأن الثمار التي تروم قطفها لن تنالها من حين شروعك في العمل، بل لا بد من المداومة عليه وإعطائها الوقت الكافي.
لا يمكنك أن تكون عالِماً من حين تدخل المدرسة ولو كنت تتمتع بالعبقرية، ولا يمكنك أن تصبح ثرياً من حين أن تباشر التجارة، ولا يمكن أن تحصد الثمار من حين زرع الشجرة، كل ذلك يحتاج إلى الوقت الكافي، وتحقق الظروف المناسبة، فكما لم تولد شاباً يافعاً ولا رجلاً راشداً.
إن كثيراً مِنّا يسارع إليهم المَلَلَ والسَّأم والضَّجَر من حين شروعهم بالعمل فيتركونه إلى غيره، ثم لا يمنحون العمل التالي الوقت الكافي فيسأمون منه لينتقلوا إلى عمل آخر، وتكون النتيجة الفشل في جميع الأعمال، ولَيت الأمر يقتصر على ذلك بل إن الانتقال من عمل إلى آخر والفشل في هذا وذاك يؤدي إلى اليأس والإحباط، ولذلك من التداعيات النفسية ما فيه.
وهكذا الحال في الجانب الروحي والمَعنوي نريد أن نعرج بأرواحنا إلى سدرة المنتهى وأن نكون قابَ قوسين أو أدني من أول عمل عبادي، فإذا لم نحصل عليه تركنا العمل وانتقلنا إلى غيره من الأعمال، وقد نترك كل الأعمال، بعضنا يريد أن يعد في الذاكرين من أول ذكر، وآخر يريد أن يستشعر حلاوة الإيمان من أول عمل، وبعضنا يريد أن يعيش روعة القرب من أول دعاء وتهجد، فإذا لم يحصل على ما يريد ولم يصل إلى ما يرغب من بدايات الطريق مَلَّ ويأسَ وقَنطَ.
فما الطريق الأسلم؟
الطريق الأسلم لنحصل على النتائج المرجُوَّة يتمثل في المداومة على العمل، وهذا ما جاء التأكيد عليه في الروايات الشريفة، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "إِنَّ النَّفْسَ مَلُولَةٌ، وإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْري مَا قَدْرُ المُدَّةٍ، فَلْيَنْظُرْ مِنَ العِبَادَةِ مَا يُطِيْقُ، ثُمَّ لِيُداوِمْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلى اللهِ مَا دِيْمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ".
وعن الإمام الباقر (ع) أنه قال: "إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَدُوْمَ عَلَى العَمَلِ إِذا عَوَّدَتْني نَفْسِي، وَإِنْ فَاتَني مِنَ اللَّيْلِ قَضَيْتُهُ مِنَ النَّهارِ، وَإِنْ فَاتَني مِنَ النَّهَارِ قَضَيْتُهُ بِاللَّيْلِ، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمالِ إِلى اللهِ مَا دِيْمَ عَلَيْهِ" .
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
.......
انتهى/ 278