أجرت وكالة أبنا حوار مع أحد الزوار الذي كان لهم شرف المشاركة في هذه الزيارة وهو فضيلة الشيخ جهاد عزالدين السعدي من جنوب لبنان وتحديدا من بلدة شبعا التي مزارعها لازالت محتلة الى يومنا هذا.
شيخ جهاد السعدي حاصل على شهادة ماجستر في الفكر الاسلامي و تاريخه. معتقل لعدة مرات في معتقلات العدو الصهيوني داخل فلسطين و في معتقل الخيام في جنوب لبنان في زمن الاحتلال، ناشط و مفكر فلسطيني و رئيس جمعية نور اليقين الخيرية وفي ضمن صفوف المقاومة الفلسطينية منذ اكثر من أربعين عام والان في محور المقاومة الاسلامية وعضو في المجلس المركزي في تجمع علماء المسلمين ويعتبر ناشط فلسطيني على مستوى لبنان والساحة العربية.
في ما يلي نص المقابلة:
سماحة الشيخ ما هو رأيكم حول دور زيارة
الأربعين في خلق المحبة والوحدة بين الأمة الإسلامية؟
الحمدلله
رب العالمين وصلى و السلام على خاتم النبين سيدنا و نبينا وحبيبنا وعظيمنا محمد
صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين. يقول الله سبحانه وتعالى في
كتابه العزيز: (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا). إن لم
تجمعنا دماء الامام الحسين، دماء زكية سالت لإحياء الدين والقيم
الإنسانية ولإعلاء كلمة " واعتصموا بحبل الله جميعاً ولاتفرقوا "، محلحمة تاريخية تعيش معنا في كل يوم لتعلمنا المقاومة والمواجهة ضد
الظالمين، إستشهاد الإمام الحسين في أرض كربلاء
المقدسة لنصرة دين جده محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم لإنقاذ البشرية من الضياع، علّم الأمة الاسلامية وكل مجاهد روح التضحية في سبيل الأرض والمقدسات بوجه
كل معتدي. ملايين الزائرين يقصدون ضريح سيد الشهداء ليجتمعوا على محبة أهل البيت
سنة و شيعة ويسيروا على درب الجهاد والاخلاص للمقدسات وأولها بيتُ المقدس والاقصى المبارك الذي سيكون الهدف لتحريره من الصهاينة المجريمن وهم يمثلون
بإجماع الأمة يزيد الملعون الفاسق شارب الخمر وقاتل النفس البريئة.
ما حصل في كربلاء هو يحصل اليوم في فلسطين المحتلة وما يعانيه
المسلمون في العالم العربي والإسلامي هو بسبب التأمر على الدين الإسلامي الحنيف
منذ معركة كربلاء المؤلمة الحزينة. دماء الإمام الحسين جمعت المسلمين والمحبين
والعاشقين في يوم إسشهاده العظيم. لاخوف على الإسلام الأصيل طالما يوجد فكر مقاومة
، لاخوف على المقدسات ووحدة المسلمين تكمن في
وحدة القلوب أي لافرق بين عربي وأعجمي الا في التقوى ووحدة الصف تكمن في نبذ
الكراهية والفتن والأحقاد. عندما نرى الحشود المليونية تسير على الاقدام بتجاه
مرقد حفيد رسول الرحمة والمحبة والإسلام فطمئنوا بأن هناك ألفة إنسانية وإسلامية
جمعت بين قلوب العاشقين لنتعلم معنى الوحدة والتكاتف ضد الأعداء.
هناك أحاديث كثيرة عند أهل السنة تجمع ما بين السنة والشيعة في حب آل
بيت النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، أذكر حديث واحد وهو عن يعلي بن مروة قال، قال رسول الله محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينا، حسين سبط من
الأسباط»* وهذا
الحديث الذي تلقته ألأمة الإسلامية بالقبول ورواه علماء السنة وتبعهم علماء الشيعة
على ذلك جدير أن يجمع كلمتهم يوحد صفوفهم. أن يكون الإمام الحسين عامل وحدة بعد
شهادته كما كان عامل عزة وكرامة لهم في حياته . إن أكثر الروايات فضائل أهل البيت
قد رواه علماء السنة قبل علماء الشيعة فإن من يلقي نظرة على كتب فضائل يجد جلياً
وبالأخص فضائل الإمام الحسين على لسان جده محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. هذا
الحديث رواه الإمام أحمد بن حنبل والشافعي والمالكي وأبو حنيفة والإمامين البخاري
ومسلم و الترمذي وابن حبان والطبراني والحاكم
في المستدرك والذهبي والهيثمي حتى الألباني روا هذا الحديث «حسين مني وأنا من
حسين، أحب الله من أحب حسينا».
ونقل هذا الحديث من الشيعة ابوالقاسم بن جعفر بن
محمد بن كلاي القمي. هذا الحديث هو يجب أن يجمع الأمة الأسلامية لأنه صحيح و مروي
عند السنة والشيعة بالإجماع والنبي محمد صلى الله
عليه وعلى آله وصحبه وسلم كأن النبي علم بنور الوحي ما سيحدث بین الإمام الحسين
وبين القوم وخصه بالذكر وبين أنهم كلشي الواحد محمد والحسين. في وجوب المحبة وحرمة
التعرض للإمام الحسين ومحاربته وأكد ذلك بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : فمن
حب حسيناً فمحبته محبة رسول الله محمد ومحبة رسول الله محبة الله تعالى وهذا
المعنى وإن كان صحيحاً في نفسه الا أنه لايختص بالحسين فقط بل يشاركه في أبيه وأمه
وأخيه وأخته زينب عليهما السلام. نحن من على هذا المنبر منبر الحق وكالة أهل البيت
عليهم السلام نناشد أخوة علماء السنة والشيعة أن يكونوا موحدين وحدوين بمحبتهم لآل
البيت حسب الروايات المروية عندهم إن قضية الإمام الحسين فرصة طيبة ليتعرف
المسلمين على دينهم وقوته وعنفوانه وعدم خضوعه للظلم والقهر والإستبداد والإستعمار
مهما كان الظالم قوياً والمظلوم ضعيفاً إنها فرصة كبيرة لأن يعرف المسلمون على
قادته العظام الذين قدموا دماءهم وكل مايملكون لأجل الله لأجل الدين والقيم والمقدسات
والدفاع المحرومين والمضطهدين. أخيرا إن شهادة الإمام الحسين عليه السلام تجمع
الأمة على العمل في خندقا واحد ضد كل من يريد بالإسلام والمسلمين سوءً.
شيخنا العزيز نريد نعرف رأيكم حول جماليات
الظاهرية والروحانية التي شاهدتموها خلال زيارةالأربعين؟
ما أن
تدخل الى المقامات وخاصتاً مقام الإمام الحسين عليه السلام وإبنه وأصحابه وشهداء
كربلاء حتى تنسى كل شيء خارجه، تود لو أنه بإستطاعتك البقاء طوال فترة إقامتك وفيه
شعور العظمة والقرب من الأحباب والأئمة الأطهار، تجد راحة نفسية وقوة جسدية ماتعادلها أبداً راحة ولا قوة. تحس في
العنفوان بالشجاعة بالعزة بالكرامة بالوحدة ولكن يخالطك هناك دائماً شعور الحزن
والأسى والألم لما جرى للإمام الحسين وأبناءه وأحبابه وأولاده وخاصتاً السيدة زينب
، إنها جبل من الصبر. نشعر بالصبر الذي حملته
هذه السيدة العظيمة زينب ونشعر كيف أن جميعهم إستشهدوا وهم عطشاء ونهر الفرات
يتدفق إلى جانبهم ونقول يا ليتنا كنا معك يا أباعبدالله لنفوز بشرف الشهادة معك.
نتذكر المعاناة القائمة حتى يومنا هذا في فلسطين و مايجري مع المجاهدين في القدس
وغزة وجنين من قتل أطفال ونساء ورجال وهدم المنازل ومعتقلات والسجون منذ سبعين عام
ونحن نعيش كربلاء في فلسطين وكذلك في لبنان وسوريا واليمن والعراق ونقول كما قال
جدي الإمام الحسين عليه السلام هيهات من الذلة كما قال سيد الشهداء إمام الحسين
عليه السلام نقول دائما وأبدا السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا علي الكرار
السلام عليك يا فاطمة الزهراء السلام عليك يا سيد شباب أهل الجنة يا حسن سبط
الرسول السلام على الحسين شهيد كربلاء السلام على السيدة زينب وهناك رابط متين بين
بيت المقدس وإستشهاد الإمام الحسين وسيمر تحرير بيت المقدس إنشاء الله تعالى من
كربلاء بإذنه تعالى.
بالتأكيد من أهم الموضوعات التي تجلب الانتباه في هذه الزيارة هو موضوع الضيافة والكرم العراقي كيف تقيمون ذلك؟
لم نرى
مثل هذا الكرم والضيافة في كل الدول العربية والأجنبية بعد ان عرف العرب سخاء حاتم
الطائي الخالد صار مضرباً للأمثال فجاء الكرم العراقي عبر الموائد الحسينية
العامرة بالحب لكل قاصدٍ لأرض العراق ليسجل أرقاما قياسية عجزت عن سردها التواريخ
والوقوف على اسرار عظمتها وتجلياتها. تتوافد إلى كربلاء الملائينمن كل لوناً ولغة
ليتبرك بكرم بيت النبوة عبر بوابة سيد الشهداء وحبيب رسول الله محمد الإمام الحسين
أبا عبدالله رضي الله عنه وعليه السلام نرى الكرامات في مواكب الخدمة الحسينية
جنباً الى جنب لتقدم خدمات طعام والشراب والمبيت والخدمات الطبية حتة التدليك
والماساج وغسل الملابس كل ما تطلب نفسك من ما لذة وإشتهت النفس موجود بمواكب
الحسينية في العراق حتى المأكولات الفاخرة حتى العصائر وحتى البوظة والأيسي كريم والشاي والقهوة لم أرى ذلك إلى في العراق أبداً.
انا ذهبت إلى الحج والعمرة في السعودية وفي المدينة النبى محمد صلى الله
عليه وعلى آله وسلم و في مكة المكرمة ولم أجد هذا الكرم صراحتاً ولم أجده في أي
دولة في العالم، خرجت فی عدة
مؤتمرات إلى أنحاء العالم ولم أرى هذا الكرم إلى في العراق. مهما تكلمت عن ذلك لن
أعطي أهل العراق حقهم في ذلك الكرم وكل هذه الخدمات تقدم بلا كلل ولا ملل بل بكل
همة وعزيمة صدق ومحبة إنها من بركات الإمام الحسين عليه السلام. إنها مكرمة من
الله عندما اختار للإمام الحسين الإستشهاد في العراق حتى تكون الخدمة تليق به
وبشهادته ، هنيئاً لكم يا أهل العراق على هذه المكرمة العظيمة التي نلتموها بخدمة
زوار الحسين ، أهل العراق لم يقدموا فقط الأكل بل قدموا الشهداء هناك في فلسطين هناك
مقابر في جنين قدموا شهداء ودماء في معارك يوم إحتلال فلسطين فليست عليهم بغريب أن يقدموا الخدمات للشعوب
ووللزوار. فكان العراقيون بحق مصداقاً لما قيل بحقهم (وقع إختيار الباري جلت قدرته
على تربة العراق الطاهرة ليكون فيها مدفن سبط رسول الله وسيد شباب أهل الجنة) ولم
يأت ذلك صدفة أو من فراغ ، ولكن ليوفر لزوار الحسين خدمة لن تقدمها كل الشعوب لو أجتمعت وهنيئاً
لكم هذا الكرم العظيم على الإطلاق ليكون هذه خدماً لزوار الحسين فهنيئاً لكم يا أهل
العراق هذا الشرف الذي لايضاهيه شرف أبداً.
في الختام نحب ان نعرف أجمل ذكرة حصلت لكم خلال رحلة الأربعين التي كانت ممتعة لكم؟
كل
الزيارة ذكريات، أهم الذكريات بأن التقينا من كل دول العالم
سنة وشيعة ونحن اليوم نتبادل الإتصالات مابيننا وهذه نعمة ومن بركة الإمام الحسين
عليه السلام ولكن هناك شيء عظيم حصل معي عندما دخلت الى مقام جدي الإمام الحسين في
كربلاء أحسست بشعورٍ غريب وقلت صديقي سماحة الشيخ سعيد أنا لم أقدر على الدخول
لأنني أحسست بتوتر وبألم وبحزن كبير وما إن وصلت إلى منبر السيد القزويني في صحن
الإمام الحسين جلسنا هناك وبعدها وقفت من غير شعور
وهتفت بالبيك يا رسول الله لبيك يا حسين لبيك يا
أقصى كلا كلا إسرائيل كلا كلا أمريكا كلا كلا للتطبيع انتم علمتم ذلك ورأيتم ذلك
وبعدها قام كل من هو موجود في المقام قام بالتكبير والتهليل والسلام على ومقابلتي
وتقبيلي وإحتضاني وعندما خرجنا إلى الخارج المقام رأيت الإعلام والتلفيزيونات
وشاشات العرض في الطرقات والراديوهات والتواصل الإجتماعي من أنحاء العالم يتصلون
بي الغريب والقريب ورأيت كل تواصل الإجتماعي في الشوارع والتلفيزيونات والراديوهات
ينشرون صوتي مرتفع بالشوارع وكل العراق لبيك يا حسين لبيك يا أقصى فكان هذا له أثر
كبير في وحدة المسلمين وکل من اتصل بي قال لي
هذه الشجاعة لم يقم فيها أحد منذ مئة عام وعندما كنا نذهب إلى المقامات أو إلى
موكب ندى الأقصى (عمود883) هناك حواجز للإخوة العراقين والجيش العراقي العظيم
عندما ينظرون إلى الباص وينظرون إلي ويقولوني أنت الذي وقفت في المقام وقلت لبيك
يا حسين لبيك يا أقصى نحن نتشرف بكم. والله انا ساعات عظيمة جداً وهناك ذكريات
كثيرة لايسع الوقت لنذكرها فهذا الذكريات ستبقى الى الأبد إنشاء الله.