وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ الدكتورة "نسليشاه باشبو" استاذة في جامعة، وأحد ناشاطات شيعيات في تركيا، ولدت في أسرة غير دينية، عاش والدها فترة في ألمانيا، ثم هاجر الى مدينة إزمير في تركيا، وبعد انتصار الثورة الاسلامية جاء الى ايران. تعرّف والد باشبو في هذه الفترة على أشخاص درسوا في ايران علوما دينية، خلال صحبته لمجموعة يحبون أهل البيت (ع)، بدأ تدريجيا بتغيير مذهبه، أصبح في نهاية المطاف من محبي أهل البيت (ع) .
رغم ان والد باشبو استبصر؛ إلا أن أفراد الأسرة الآخرين في البداية لم يبدوا رغبة في تغيير مذهبهم الى التشيع، حتى بدأ تبادل أفكار ونقاشات حول التشيع أدى الى جعل عائلة باشبو أسرة شيعية .
الدكتورة "نسليشاه باشبو" هي أحد مشاركات في المؤتمر السابع للجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) الذي انعقد في سبتمر 2022 .
أجرت مراسلة وكالة "ابنا" للأنباء حوارا على هامش المؤتمر السابع مع السيدة التركية المثقفة، فيما يلي نص المقابلة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: هدی سادات باك نهاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكالة ابنا : ماالذي جعلكِ وأفراد الأسرة تتبعون ابيكم في المذهب الشيعي ؟
ليس الامر ان الوالد أصبح شيعيا ونحن تبعناه في التشيع، لأنه لم يكن لديه أي إصرار في هذه المسألة، في الواقع كنت صغيرة عندما استبصر والدي، وامي لم تكن شيعية، وكانت غير محجبة. الشيء الوحيد الذي فعله أبي، انه كان يترك الكتب الشيعية على الارض حتى تضطر امي لرفعها وقراءتها بصورة عفوية. وعندما كانت تقرأ أمي الكتب تعلق أحيانا وتناقش ابي أحيانا أخرى.
يوما في مناسبة اشترى أبي غطاء الرأس لأمي، وبعد فترة طويلة، عزمنا على الخروج من البيت تحجبت بغطاء الرأس، وبعد مرات عدة من وضع الغطاء ونزعه، قررت أخيرا ان نخرج معها محجبة، وفي استمرار على ذلك تشيعت. ومن جانب آخر بعد تداول قراءة الكتب الشيعية في الأسرة، أخذت تتبلور بحوث علمية ودينية، ولأنها كانت منطقية وعقلائية أدت الى تقارب الاتجاه الفكري لدينا .
وكالة ابنا : بعد ان تشيعتِ، ماذا واجهت في المجتمع ؟
تتمتع مدينة إزمير بحرية مطلقة، ولا يحق الاعتراض على ملابس أحد أي كانت، ويستحسون ارتداء أقل الثياب، وكان غطاء الرأس في المدارس آنذاك تمنعه السلطات في تركيا وعندما كنت اذهب الى المدرسة أضع الغطاء على رأسي بالقرب منها، ثم أضعه في حقيبتي داخل المدرسة، ذات مرة أخرجت المعلمة غطاء الرأس من حقيبتي، وبدأت تسخر مني ورقصت به !
لم يكن التعامل جيدا مع المحجبات في مدينة إزمير، وفي مرات عدة كانوا يقولون لنا انكم بهذا الطراز من اللبس تلوثون المدينة، أو ذات مرة كنت مع الغطاء بمعية أمي قال أحدهم جعلتِ هذه الطفلة تعيسة مثلك !
وكالة ابنا : نظرا الى الحد من غطاء الرأس، وطريقة تعامل المعلمات ماذا قررت ان تفعل في مستقبل ؟
لم تكن هذه الحالة مشكلتي فقط، هناك أخريات في هذه الفترة في تركيا كن في عمري ومحجبات لم يتمكن من مواصلة دراستهن لهذا السبب. حتى انه كانت عندي صديقات في سنة أخيرة في كلية الطب طُردن منها بسبب غطاء الرأس. ولأني كنت جادة في دراستي فكان من المؤسف أن اتوقف عن الدراسة، قررت أسرتي المهاجرة الى بلد آخر، ونظرا الى ان ابي كان قد سافر الى ايران للتجارة في السابق، فكانت ايران الدولة المفضلة لمواصلة الدراسة فيها، وواصلت في ايران دراستي وبعد تخرجي رجعت الى تركيا، وقمت بنشاطات مثل الخطابة والتدريس في الكلية وأنشطة البحث العلمي.
وكالة ابنا : هل تغير الوضع الحالي لشيعة تركيا مقارنة بما كان عليه قبل سنوات ؟
نعم، في الوقت الحاضر، على الأقل في الظاهر تحسّن وضع الشيعة وخاصة النساء، في تركيا مقارنة بالماضي.
وكالة ابنا: هل يعني ذلك رفع الحضر عن الحجاب ؟
نعم، رفع الحضر عن الحجاب وفي الجامعات ايضا مقارنة الى سنوات سابقة يمكن وضع غطاء الرأس، ولحسن الحظ اصبح ممكنا للشيعة كذلك .
وكالة ابنا: معظم نشاطاتك في تركيا على ماذا ترتكز ؟
اركز نشاطاتي في شؤون تبليغية وتحقيقات علمية في الغالب، هناك ما يكفي من المبلغين في تركيا، شيعة تركيا أقلية وفي حالات قليلة يمكن لهم الدخول في مجال الجامعة. نبحث عن أهداف أكبر من مدرسة أو جمعية أو نشاطات تبليغية .
وكالة ابنا : فيما يتعلق بالنشاطات والاهداف من أجل التبليغ يجب ان يكون أكبر من برنامج الخطابة و... وضحِ من فضلك ؟ ما هي الاعمال الأخرى يمكن فعلها ؟
ظروف الدول فيما يتعلق بالتبليغ مختلفة، اعتقد ان خطابات المنبر التبليغية والطرق القديمة ليست مؤثرة بدرجة كبيرة في الوقت الحاضر. نحن الآن في ظروف يسهل الوصول الى المعلومات؛ لذلك اعتقد ان التبليغ ينبغي أن يكون بطريقة مختلفة عن نشاطات تقليدية قديمة. يجب على المبلغين ان يكونوا على درجة علمية كبيرة ليكونوا حاضرين في مواقع تتطلب ذلك في كل دولة، فمثلا الشيعة في تركيا هم أقلية، لذلك فهم يتمركزون في منطقة بالبلاد، وان نكون في مجتمع نواجه عوائق، ثم نغادر البلد ونعود الى ذات المكان، ثم نقوم بالتبليغ، هذه عملية مفرغة؛ لذلك ينبغي الدخول في المجتمع التركي أكثر بصورة أكثر جدية، في مجتمع يبعد كثيرا عن مبادئ اسلامية .
وكالة ابنا : ما مدى أثر النشاطات العلمية والتحقيقية في تبليغ الإسلام ؟
جربت هذه القضية، ولذلك قلت ان من اجل نشاطات التبليغ ينبغي التوجه الى المقالات العلمية والتحقيقية والحضور في المؤتمرات الرسمية، لأن هذه المساحات العلمية عقلية ومنطقية، على الرغم انها بطيئة وطويلة في التقدم نسبة الى الطرق السابقة؛ ولكنها باعتقادي أعمق منها . في السابق كان الخطيب من على المنبر يلقي كلمة والحاضرون يتأثرون بها، وفي خلال أسبوع أو شهر يسعون لتطبيق بعض ما جاء في كلمة الخطيب، ولكن اليوم لا يمكن إرشاد الجيل الجديد بالمنابر والخطب . اعتقد ان الاساليب العلمية والمحادثات الفردية أثرها أكبر من الخطابات الجماعية؛ لأن أفكار الاشخاص مختلفة .
وكالة ابنا: ألا تعتقدين ان الحوارات الفردية تجعل الاشخاص يتخذون المواقف ؟
عندما يسعى شخص سني المذهب لعرض أفكاره ومعتقداته عليك، فانك بالتأكيد ستتخذ موقفا؛ لذلك يجب ان تكون المحادثات فردية وعلمية في سياق صحيح، لا نعتزم على تغيير افكار ومعتقدات ومذهب أحد، ليس هدفي تغيير المذهب .
وكالة ابنا: بصفتك ناشطة ثقافية ومبلغة، كيف تبلغين ؟
عوام الناس يتقبلون الكثير من عالم ومجتهد وكذلك اساتذتهم؛ لذلك لا يجب ان نذهب لهؤلاء، وانما نتجه نحو الاستاذ لتغير افكاره، وعليه يتغير المجتمع. حتى يمكن القول اننا استطعنا تغيير فكر شخص ما، وألا نبحث عن التبليغ، وينبغي ان يكون الهدف إظهار الحقيقة، فأضع الحقيقة على الطاولة يمكن لأي شخص ان يتناولها . اعتقد اننا غير صادقين بعض الشيء في تواصلنا بين الأفكار المختلفة، أقصد ان هدفنا هو جعل شخص يغير فكره ومعتقده حالا، ويقول لنا نعم ! انت محق، ان غيرت رأي؛ إذا تحركنا نحو إظهار الحقيقة بصدق سيتغير الطرف المقابل بصورة طبيعية، ويمكن ان لا تقول في تلك اللحظة شيئا أو لا تغير في الظاهر شيئا ولكن في الكلام والتفاصيل يمكن التغيير الكثير من الأشياء .
وكالة ابنا: في مجال التبليغ وإظهار الحقيقة التي أشرت إليها، في أي مجالات تعملين أكثر ؟
يميل الناس عاطفيا بدرجة أكبر الى مذهب ودين وفكر ما؛ وينبغي ان تكون الحجج يقينة؛ لأن الحجج الصورية يمكن أن تأثر في آن، ولكن تتلاشى إذا أثيرت شبهة ما. كانت صديقاتي يعشقن إيران وجئن إلى إيران وفي مناسبات مختلفة انفعلن، ورجعن الى تركيا بتوجه متشدد كبير، ولكن هذه الانفعلات انهارت بعد مواجهة قضايا مختلفة فيما بعد في تركيا، لأن انفعالهم لم تكن راسخة . وأرجح نتظيم المبادئ العقلية من الأساس، ولا أخوض النقاشات فيما يتعلق بالمذهب، لأنه قد نختلف انا وانت نحن جالسين هنا في طريقة الحياة أو في طبخ بسيط؛ لذلك بدلا من ان نتحدث حول الخلافات ينبغي ان نعمل على مبادئ أسياسية وعميقة، لنفرض ان لدينا شجرة فاسدة، وقطعنها بالفأس ونقول انها صلُحت ! قد تصلح في الظاهر ولكنها لها جذور ويمكن ان تنمو هذه الشجرة الفاسدة بعد عشر سنوات مقبلة؛ لذلك اعتقد لو أُصلحت الجذور وبأدلة دامغة وغُيرت الاساليب القصيرة الى الطويلة نحصل على نتيجة مطلوبة في التبليغ . والأهم ان يكون المضمون دينيا .
وكالة ابنا: ما تقييمك حول انعقاد المؤتمر السابع للجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) وما هو الأثر لهذا المؤتمر في تعزيز العلاقات بين شيعة دول مختلفة ؟
حصلنا على علاقات جيدة مع ضيوف بلدان مختلفة في هذا المؤتمر. مهما حاولنا لا نستطيع ان نعمل بصورة مستقلة عن شيعة بلدان أخرى، لأنه العمل بصورة متوازية يزداد كمية بينما تقلّ الكيفية والجودة في العمل؛ لذلك ينبغي ان يكون شيعة البلدان الناطقة بنفس اللغة على دراية بنشاطات بعضهم البعض، وهذه الخطوة تبعث الى تحسن وضع الشيعة، وكذلك تمنع من العمل الموازي بينهم . وان انعقاد مؤتمر الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) يسهم في التعرف على الشيعة في البلدان المختلفة ومشاكلهم، كما يمكن الاستفادة من تجارب بعضنا البعض، ولكن انعقاد المؤتمر في كل اربع سنوات ليس جيدا، واقترح ان ينعقد المؤتمر في كل ستة أشهر أو سنة، لأن هذا النوع من التواصل المباشر وتبادل الآراء والمعلومات بين الشيعة من مختلف بلدان العالم يجعلنا نشعر اننا لسنا وحدنا، وان هناك أخرون يسعون لتبليغ التشيعة مثلنا، وهذه الخطوة تجعلنا أكثر جدية وقوة وصبرا .
..................
انتهى / 232
رغم ان والد باشبو استبصر؛ إلا أن أفراد الأسرة الآخرين في البداية لم يبدوا رغبة في تغيير مذهبهم الى التشيع، حتى بدأ تبادل أفكار ونقاشات حول التشيع أدى الى جعل عائلة باشبو أسرة شيعية .
الدكتورة "نسليشاه باشبو" هي أحد مشاركات في المؤتمر السابع للجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) الذي انعقد في سبتمر 2022 .
أجرت مراسلة وكالة "ابنا" للأنباء حوارا على هامش المؤتمر السابع مع السيدة التركية المثقفة، فيما يلي نص المقابلة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إعداد: هدی سادات باك نهاد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وكالة ابنا : ماالذي جعلكِ وأفراد الأسرة تتبعون ابيكم في المذهب الشيعي ؟
ليس الامر ان الوالد أصبح شيعيا ونحن تبعناه في التشيع، لأنه لم يكن لديه أي إصرار في هذه المسألة، في الواقع كنت صغيرة عندما استبصر والدي، وامي لم تكن شيعية، وكانت غير محجبة. الشيء الوحيد الذي فعله أبي، انه كان يترك الكتب الشيعية على الارض حتى تضطر امي لرفعها وقراءتها بصورة عفوية. وعندما كانت تقرأ أمي الكتب تعلق أحيانا وتناقش ابي أحيانا أخرى.
يوما في مناسبة اشترى أبي غطاء الرأس لأمي، وبعد فترة طويلة، عزمنا على الخروج من البيت تحجبت بغطاء الرأس، وبعد مرات عدة من وضع الغطاء ونزعه، قررت أخيرا ان نخرج معها محجبة، وفي استمرار على ذلك تشيعت. ومن جانب آخر بعد تداول قراءة الكتب الشيعية في الأسرة، أخذت تتبلور بحوث علمية ودينية، ولأنها كانت منطقية وعقلائية أدت الى تقارب الاتجاه الفكري لدينا .
وكالة ابنا : بعد ان تشيعتِ، ماذا واجهت في المجتمع ؟
تتمتع مدينة إزمير بحرية مطلقة، ولا يحق الاعتراض على ملابس أحد أي كانت، ويستحسون ارتداء أقل الثياب، وكان غطاء الرأس في المدارس آنذاك تمنعه السلطات في تركيا وعندما كنت اذهب الى المدرسة أضع الغطاء على رأسي بالقرب منها، ثم أضعه في حقيبتي داخل المدرسة، ذات مرة أخرجت المعلمة غطاء الرأس من حقيبتي، وبدأت تسخر مني ورقصت به !
لم يكن التعامل جيدا مع المحجبات في مدينة إزمير، وفي مرات عدة كانوا يقولون لنا انكم بهذا الطراز من اللبس تلوثون المدينة، أو ذات مرة كنت مع الغطاء بمعية أمي قال أحدهم جعلتِ هذه الطفلة تعيسة مثلك !
وكالة ابنا : نظرا الى الحد من غطاء الرأس، وطريقة تعامل المعلمات ماذا قررت ان تفعل في مستقبل ؟
لم تكن هذه الحالة مشكلتي فقط، هناك أخريات في هذه الفترة في تركيا كن في عمري ومحجبات لم يتمكن من مواصلة دراستهن لهذا السبب. حتى انه كانت عندي صديقات في سنة أخيرة في كلية الطب طُردن منها بسبب غطاء الرأس. ولأني كنت جادة في دراستي فكان من المؤسف أن اتوقف عن الدراسة، قررت أسرتي المهاجرة الى بلد آخر، ونظرا الى ان ابي كان قد سافر الى ايران للتجارة في السابق، فكانت ايران الدولة المفضلة لمواصلة الدراسة فيها، وواصلت في ايران دراستي وبعد تخرجي رجعت الى تركيا، وقمت بنشاطات مثل الخطابة والتدريس في الكلية وأنشطة البحث العلمي.
وكالة ابنا : هل تغير الوضع الحالي لشيعة تركيا مقارنة بما كان عليه قبل سنوات ؟
نعم، في الوقت الحاضر، على الأقل في الظاهر تحسّن وضع الشيعة وخاصة النساء، في تركيا مقارنة بالماضي.
وكالة ابنا: هل يعني ذلك رفع الحضر عن الحجاب ؟
نعم، رفع الحضر عن الحجاب وفي الجامعات ايضا مقارنة الى سنوات سابقة يمكن وضع غطاء الرأس، ولحسن الحظ اصبح ممكنا للشيعة كذلك .
وكالة ابنا: معظم نشاطاتك في تركيا على ماذا ترتكز ؟
اركز نشاطاتي في شؤون تبليغية وتحقيقات علمية في الغالب، هناك ما يكفي من المبلغين في تركيا، شيعة تركيا أقلية وفي حالات قليلة يمكن لهم الدخول في مجال الجامعة. نبحث عن أهداف أكبر من مدرسة أو جمعية أو نشاطات تبليغية .
وكالة ابنا : فيما يتعلق بالنشاطات والاهداف من أجل التبليغ يجب ان يكون أكبر من برنامج الخطابة و... وضحِ من فضلك ؟ ما هي الاعمال الأخرى يمكن فعلها ؟
ظروف الدول فيما يتعلق بالتبليغ مختلفة، اعتقد ان خطابات المنبر التبليغية والطرق القديمة ليست مؤثرة بدرجة كبيرة في الوقت الحاضر. نحن الآن في ظروف يسهل الوصول الى المعلومات؛ لذلك اعتقد ان التبليغ ينبغي أن يكون بطريقة مختلفة عن نشاطات تقليدية قديمة. يجب على المبلغين ان يكونوا على درجة علمية كبيرة ليكونوا حاضرين في مواقع تتطلب ذلك في كل دولة، فمثلا الشيعة في تركيا هم أقلية، لذلك فهم يتمركزون في منطقة بالبلاد، وان نكون في مجتمع نواجه عوائق، ثم نغادر البلد ونعود الى ذات المكان، ثم نقوم بالتبليغ، هذه عملية مفرغة؛ لذلك ينبغي الدخول في المجتمع التركي أكثر بصورة أكثر جدية، في مجتمع يبعد كثيرا عن مبادئ اسلامية .
وكالة ابنا : ما مدى أثر النشاطات العلمية والتحقيقية في تبليغ الإسلام ؟
جربت هذه القضية، ولذلك قلت ان من اجل نشاطات التبليغ ينبغي التوجه الى المقالات العلمية والتحقيقية والحضور في المؤتمرات الرسمية، لأن هذه المساحات العلمية عقلية ومنطقية، على الرغم انها بطيئة وطويلة في التقدم نسبة الى الطرق السابقة؛ ولكنها باعتقادي أعمق منها . في السابق كان الخطيب من على المنبر يلقي كلمة والحاضرون يتأثرون بها، وفي خلال أسبوع أو شهر يسعون لتطبيق بعض ما جاء في كلمة الخطيب، ولكن اليوم لا يمكن إرشاد الجيل الجديد بالمنابر والخطب . اعتقد ان الاساليب العلمية والمحادثات الفردية أثرها أكبر من الخطابات الجماعية؛ لأن أفكار الاشخاص مختلفة .
وكالة ابنا: ألا تعتقدين ان الحوارات الفردية تجعل الاشخاص يتخذون المواقف ؟
عندما يسعى شخص سني المذهب لعرض أفكاره ومعتقداته عليك، فانك بالتأكيد ستتخذ موقفا؛ لذلك يجب ان تكون المحادثات فردية وعلمية في سياق صحيح، لا نعتزم على تغيير افكار ومعتقدات ومذهب أحد، ليس هدفي تغيير المذهب .
وكالة ابنا: بصفتك ناشطة ثقافية ومبلغة، كيف تبلغين ؟
عوام الناس يتقبلون الكثير من عالم ومجتهد وكذلك اساتذتهم؛ لذلك لا يجب ان نذهب لهؤلاء، وانما نتجه نحو الاستاذ لتغير افكاره، وعليه يتغير المجتمع. حتى يمكن القول اننا استطعنا تغيير فكر شخص ما، وألا نبحث عن التبليغ، وينبغي ان يكون الهدف إظهار الحقيقة، فأضع الحقيقة على الطاولة يمكن لأي شخص ان يتناولها . اعتقد اننا غير صادقين بعض الشيء في تواصلنا بين الأفكار المختلفة، أقصد ان هدفنا هو جعل شخص يغير فكره ومعتقده حالا، ويقول لنا نعم ! انت محق، ان غيرت رأي؛ إذا تحركنا نحو إظهار الحقيقة بصدق سيتغير الطرف المقابل بصورة طبيعية، ويمكن ان لا تقول في تلك اللحظة شيئا أو لا تغير في الظاهر شيئا ولكن في الكلام والتفاصيل يمكن التغيير الكثير من الأشياء .
وكالة ابنا: في مجال التبليغ وإظهار الحقيقة التي أشرت إليها، في أي مجالات تعملين أكثر ؟
يميل الناس عاطفيا بدرجة أكبر الى مذهب ودين وفكر ما؛ وينبغي ان تكون الحجج يقينة؛ لأن الحجج الصورية يمكن أن تأثر في آن، ولكن تتلاشى إذا أثيرت شبهة ما. كانت صديقاتي يعشقن إيران وجئن إلى إيران وفي مناسبات مختلفة انفعلن، ورجعن الى تركيا بتوجه متشدد كبير، ولكن هذه الانفعلات انهارت بعد مواجهة قضايا مختلفة فيما بعد في تركيا، لأن انفعالهم لم تكن راسخة . وأرجح نتظيم المبادئ العقلية من الأساس، ولا أخوض النقاشات فيما يتعلق بالمذهب، لأنه قد نختلف انا وانت نحن جالسين هنا في طريقة الحياة أو في طبخ بسيط؛ لذلك بدلا من ان نتحدث حول الخلافات ينبغي ان نعمل على مبادئ أسياسية وعميقة، لنفرض ان لدينا شجرة فاسدة، وقطعنها بالفأس ونقول انها صلُحت ! قد تصلح في الظاهر ولكنها لها جذور ويمكن ان تنمو هذه الشجرة الفاسدة بعد عشر سنوات مقبلة؛ لذلك اعتقد لو أُصلحت الجذور وبأدلة دامغة وغُيرت الاساليب القصيرة الى الطويلة نحصل على نتيجة مطلوبة في التبليغ . والأهم ان يكون المضمون دينيا .
وكالة ابنا: ما تقييمك حول انعقاد المؤتمر السابع للجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) وما هو الأثر لهذا المؤتمر في تعزيز العلاقات بين شيعة دول مختلفة ؟
حصلنا على علاقات جيدة مع ضيوف بلدان مختلفة في هذا المؤتمر. مهما حاولنا لا نستطيع ان نعمل بصورة مستقلة عن شيعة بلدان أخرى، لأنه العمل بصورة متوازية يزداد كمية بينما تقلّ الكيفية والجودة في العمل؛ لذلك ينبغي ان يكون شيعة البلدان الناطقة بنفس اللغة على دراية بنشاطات بعضهم البعض، وهذه الخطوة تبعث الى تحسن وضع الشيعة، وكذلك تمنع من العمل الموازي بينهم . وان انعقاد مؤتمر الجمعية العامة للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) يسهم في التعرف على الشيعة في البلدان المختلفة ومشاكلهم، كما يمكن الاستفادة من تجارب بعضنا البعض، ولكن انعقاد المؤتمر في كل اربع سنوات ليس جيدا، واقترح ان ينعقد المؤتمر في كل ستة أشهر أو سنة، لأن هذا النوع من التواصل المباشر وتبادل الآراء والمعلومات بين الشيعة من مختلف بلدان العالم يجعلنا نشعر اننا لسنا وحدنا، وان هناك أخرون يسعون لتبليغ التشيعة مثلنا، وهذه الخطوة تجعلنا أكثر جدية وقوة وصبرا .
..................
انتهى / 232