وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : وكالات
الأربعاء

٣١ مايو ٢٠٢٣

٩:٥١:٣٧ ص
1370024

تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا في ألمانيا وتنامي هجمات الكراهية ضد المسلمين

ليس ما وقع لمسجد غوتينغن سوى آخر فصل من فصول الكراهية ضد المسلمين في ألمانيا، البلد الذي يؤوي قرابة 6 ملايين مسلم. وهو ما يدفع لطرح السؤال حول مدى تفشي ظاهرة الإسلاموفوبيا هناك، ومختلف الأشكال التي تأخذها.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ أعلن مسجد مدينة غوتينغن التابع للاتحاد التركي الإسلامي للشؤون الدينية تلقيه رسالة تهديد تدعو إلى قتل المسلمين، ووصلت الرسالة إلى المسجد في 18 مايو/أيار الحالي، وعليها رمز الصليب المعقوف وتوقيع تنظيم "الاشتراكيون الوطنيون تحت الأرض" الإرهابي، وعبارة: "اقتلوا كل الإسلام. لن يستمر طويلاً، الألمان سيرونكم".
على حين خلقت هذه الحادثة هلعاً واسعاً في أوساط المسلمين بالمدينة الواقعة في ولاية سكسونيا السفلى، شمالي ألمانيا.
وقال رئيس جمعية المسجد محمد إبراهيمباش في بيان، يوم الثلاثاء، إن المسلمين في غوتينغن يشعرون بالقلق، مؤكداً أنهم دعوا عبر حساباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي المسلمين إلى التعقل.
وأضاف إبراهيمباش، أن جمعية المسجد قد أبلغت الشرطة وتقدمت بشكوى، وأنها ستوفر الإمكانات كافة من أجل تمكين المصلين من أداء عباداتهم بشكل آمن ومريح.
ومع هذا، ليس ما وقع لمسجد غوتينغن سوى آخر فصل من فصول الكراهية ضد المسلمين في ألمانيا، البلد الذي يؤوي قرابة 6 ملايين مسلم. وهو ما يدفع لطرح السؤال حول مدى تفشي هذه الظاهرة هناك، ومختلف الأشكال التي تأخذها.  

ما مدى تفشي الإسلاموفوبيا في ألمانيا؟
تؤوي ألمانيا نحو 6 ملايين مسلم أغلبيتهم من خلفيات مهاجرة، غير أن الكراهية ضد هذه الفئة متفشية لحد كبير بالبلاد. هذا ما يكشفه تقرير صاغه البرلمان الألماني خريف عام 2022، مستنداً إلى دراسة أجريت على ساكني العاصمة برلين، مقراً بأن التمييز العنصري على أساس الدين يستهدف الجالية المسلمة هناك على وجه أخص.  
وتضيف الدراسة بأن الموقف العنصري الشائع في خيال المجتمع المهيمن، هو "الربط بين الإسلام والفقر بصلة وثيقة"، كما "يواجه المسلمون، مثل جميع المهاجرين حواجز أمام ولوجهم لمناصب الشغل وممارسات إقصائية والتمييز الهيكلي". وبلغة الأرقام، يكشف التقرير، أنه ما بين ثلث ونصف الألمان المستجوبين عبّروا عن مواقف معادية للمسلمين.
ويؤكد هذه الأرقام تقرير آخر لـ "الشبكة الأوروبية لمكافحة العنصرية" (ENAR)، والتي أقرت أن 53% من المسلمين في ألمانيا يشعرون بأن مشغليهم لا يحترمون التعددية الدينية وخصوصية الدين الإسلامي. وفي دراسة نشرت عام 2019، فإن 57% من الألمان يرون أن الإسلام يمثل تهديداً للبلاد.
وفي دراسة أجريت عام 2021 حول التمييز في مدارس برلين، قال 78% من الطلاب المسلمين إنهم تعرضوا لمعاملة غير متكافئة مقارنة بأقرانهم من الديانات الأخرى، بينما أبلغت الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب بشكل خاص عن ردود فعل سلبية وتصريحات مهينة حتى من أعضاء هيئة التدريس.
وفي كثير من الأحيان تأخذ هذه الكراهية ضد المسلمين في ألمانيا أشكالاً عنيفة، سُجلت 610 جرائم إسلاموفوبيا خلال عام 2022، نحو 338 منها في الشهور الثلاثة الأخيرة من السنة، حسب أرقام الداخلية الألمانية. بينما خلّفت هذه الجرائم إصابة 39 شخصاً، وهوجم خلالها 62 مسجداً.
وليست هذه الكراهية مقتصرة على المواطنين، بل تتخلله إلى المؤسسات السياسية. وهو ما كشفه الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا عبد الصمد اليزيدي، في تصريحاته لـDW، قائلاً إن الإسلاموفوبيا أصبحت "شائعة في البوندستاغ، وكذلك في برلمانات الولايات، يردد خطاباتها الفاشيون، ولكن أيضاً ممثلو ما يسمى الأحزاب الديمقراطية الراسخة الذين يصطادون في المياه العكرة بهدف الحصول على أصوات من الهامش اليميني".

ألمانيا تتغاضى عن الإسلاموفوبيا
حذرت وزيرة الداخلية نانسي فيزر في أثناء إعلانها أرقام جرائم الكراهية لعام 2022، من أن تنامي هجمات الكراهية ضد المسلمين أصبح "يثير القلق"، وبالأخص الهجمات ضد اللاجئين الذين هم في معظمهم مسلمون، إذ إنه "لأمر غير إنساني للغاية مهاجمة الأشخاص الذين فروا من الحرب والإرهاب، ووجدوا الحماية في بلدنا".
وعلى الرغم من هذه التحذيرات يرى مراقبون أن المجتمع الألماني غالباً ما يتغاضى عن جرائم الكراهية ضد المسلمين. وحسب تقرير لـ"المركز الألماني لأبحاث الاندماج والهجرة"، فإن أغلبية المجتمع الألماني تجد صعوبة في وصف التمييز ضد المسلمين على أنها عنصرية، وبالتالي لا يدينونها بقدر ما يدينون التمييز ضد السود أو اليهود.
ويضيف تقرير المركز الألماني بأن "هذا قد يكون بسبب الإدانة العلنية القوية لمعاداة السامية والعنصرية ضد السود، ولكن أولاً وقبل كل شيء بسبب الوعي التاريخي بشأن الهولوكوست والاستعمار والعبودية".
 ويخلص التقرير إلى أن السلطات الألمانية تتحمل جانباً من مسؤولية التغاضي المجتمعي للكراهية والتمييز ضد المسلمين، إذ لا توفر جهوداً كافية للتوعية في هذا الصدد، وهو ما يؤكده أيضاً الأمين العام للمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا، موضحاً أن المجلس طلب في عدة مرات من الحكومة الفيدرالية تعيين مفوض لحياة المسلمين، تماماً كما يوجد مفوض للحياة اليهودية ومفوض ضد مناهضة التعصب، لكن طلبهم قوبل بالإهمال.
وقال اليزيدي: "إن الألمان لا يريدون الاعتراف بوجود مشكلة عنصرية ضد المسلمين، والمسلمون يشعرون بعمق بذلك".
..................
انتهى / 232