وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
السبت

١ أبريل ٢٠٢٣

٩:٠٨:٥٤ م
1355449

القيم الدينية والأخلاقية وضرورة زرعها في قلب الأبناء

يجب أن يسارع الوالدان إلى زرع القيم الدينية والأخلاقية في قلب الولد، وأن يعوداه على الحب والرحمة، والعِفَّة والحياء، والعزة والكرامة، والصدق والأمانة، والتقوى، ومحبة الله وإجلاله وتعظيمه، والالتزام بالأحكام الشرعية من حلال وحرام.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "إِنَّما قَلْبُ الْحَدَثِ كَالْأَرْضِ الْخالِيَةِ مَهْما أُلْقِيَ فيها مِنْ شَيْءٍ قَبِلَتْهُ".

وفي هذه الجوهرة العلوية الكريمة يكشف لنا أمير المؤمنين (ع) عن أهم المراحل التي يمرُّ بها الإنسان في حياته، إنها المرحلة التأسيسية التي يتأسس فيها مَعرفياً وعقائدياً وقيمياً وسلوكياً، والتي يجب على الوالدين كما على المؤسسات التربوية والدولة التي ترعى كل ذلك، أن تستغلَّها الاستغلال الأمثل لتنشئة الطفل تنشئة سليمة قويمة.

ونقلا عن وكالة اكنا، إن الإنسان في حَداثة عمره يكون خالياً من كل شيء إلا من الاستعدادات التي أوجدها الله في كيانه، إن قلبه يكون صفحة بيضاء لا يوجد فيها فكرة صحيحة أو خاطئة، يكون فارغاً يحتاج أن يملأه فيبادر إلى ملئه بما يجده في متناوله، هنا يفوز بقلبه من يسارع إلى مَلء ذلك الفراغ، فإن كان من الأخيار ملأه بالعلم النافع، والعقائد الحقة، والقيم السامية، وإن كان من الأشرار ملأه بالشرَّ والعلم الضارِّ، والعقائد الباطلة، والأفكار الخاطئة، والقيم الخبيثة.

فكما أن الأرض البائرة الخالية ينبت كل ما يُلقى فيها من بذور، كذلك قلب الحَدِثِ، وكلما كانت الأرض خالية من الحشائش المضرة كان أسلم لنبات الزرع وصفائه، كذلك قلب الحَدِثِ في السِّنِّ كلما سارعنا إلى بَذرِ الخير والحق والعقائد والقيم الحقة فيه كان ذلك أدعى لنشوئه صحيح الفكر، مستقيم السلوك، حَسَنَ الخلق، وكلما سارعنا إلى تغذية عواطفه ومشاعره تغذية سليمة كان ذلك أجدى لنشوئه مُشبعاً بالعواطف النبيلة، سوياً في مشاعره، واثقاً من نفسه.

إن ذلك يُلزِمُ الوالدين أن يبادرا إلى تأسيس أبنائهم فكرياً ومعرفياً وعقائدياً وقيمياً، وأن يؤدباه بالآداب الحقة، فإما أن يبادرا إلى ذلك بنفسيهما، أو يختارا له المدرسة والبيئة السليمتين، وسيكون خطؤهما فادحاً أن تركاه لقَدَرِه، أو سلَّماه لمؤسسات تربوية غير مأمونة تُرَبِّيه على أفكار ضالة، وعقائد خاطئة، وقيم باطلة.

يجب أن يسارع الوالدان إلى زرع القيم الدينية والأخلاقية في قلب الولد، وأن يعوداه على الحب والرحمة، والعِفَّة والحياء، والعزة والكرامة، والصدق والأمانة، والتقوى، ومحبة الله وإجلاله وتعظيمه، والالتزام بالأحكام الشرعية من حلال وحرام، وإنه لخطأ عظيم أن يُترَك الوالد اليوم على هواه يتلقّى معارفه وقِيَمِه من اليوتيوب من خلال ما يشاهده فيه من أفلام كرتونية أو غير كرتونية أو من المواقع الإلكترونية الخبيثة التي تُروِّج لقيم الشيطان، فإنه سيكون من الصعب جدا إعادة تقويم أفكاره أو سلوكه بعد أن يكبر.

وكما يهتمان بصحته البدنية منذ صغره يجب أن يهتما بصحته العقلية والنفسية، وكما يهتمان بسلامة غذائه المادي يجب أن يهتمّا بسلامة غذائه الفكري والمَعنوي والروحي، وأن يزرعا فيه حُبَّ العبادة ويعوِّداه على اللجوء إلى الله في حياته، ويعمقا صلته بالنبي وآله، والصالحين والأبرار.

إنني أجد الكثير من الآباء يغفلون عن هذه المرحلة الحَرِجَة من عمر أبنائهم، فتراهم يختارون لأبنائهم مدارس تهتم باللغات والمواد العلمية ولكنها من جانب آخر تضع أبنائهم على طريق الانحراف القيمي والعقائدي، إذ تأخذ على عاتقها تنشئتهم على عقائد وقيم وافدة لا تنسجم مع عقيدة وقيم الوالدين، فينشأ أبناؤهم وبينهم وبين والديهم فجوة واسعة لا يمكن ردمها، وقد ينشأ بينهم شقاق أسري وخلاف قد يصعب حله، وهذا ما يحدث بالفعل حيث نجد الأبناء الذين أودعوا في مدارس ومؤسسات تربوية لا تتبنى عقيدة الوالدين وقيمهم على خلاف فكري وعقائدي مع والديهم ومحيطهم الاجتماعي.

ويجب أن يعلم الوالدان أنه كما يحتاج ولدهم إلى تَعَلُّم العلوم واللغات والمهارات المختلفة التي يحتاجها في حياته، فإنه كذلك يحتاج إلى تَعَلُّم دينه وأن يُؤَدَّب بالآداب الإيمانية الحَقَّة، يحتاج ذلك لدنياه وآخرته، فإنَّ خَير ما وَرَّثَ الآباءُ أبناءَهم العِلم والأدَب.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
.......
انتهى/ 278