وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
الجمعة

١٠ مارس ٢٠٢٣

١٢:٢٣:١٤ م
1351503

إذا عاصرت حاكماً فرأيته يبطش ويظلم ويتعدّى حدود الله في العباد والبلاد، فاعلم أن حكمه زائل ولو امتدَّ وطال، لأن المقدمات التي اعتمدها في حكمه ستؤول حتما إلى زواله، فإن ما يُبنى على الباطل فهو باطل والباطل زائل ولو بعد حين.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "إِنَّ الأُمُورَ إِذا تَشابَهَتْ اعْتُبِرَ آخِرُها بِأَوَّلِها".

على حسب البدايات تكون النهايات، إمسك بهذه المعادلة قارئي الكريم فأنت تحتاجها في كل أمر يشتبه عليك لا تدري كيف سيكون حاله مستقبلاً فما عليك حينئذٍ إلا أن ترجع إلى مقدماته، لأن المقدمات تدلُّ على النهايات، والأسباب تدلُّ على المسببات، فإذا عرفت السبب عرفت النتائج التي ستترتب عليه، وبالتالي يمكنك أن تقرأ ما سيؤول إليه أمر ذلك الشيء الذي اشتبه عليك.

وخذ أمثلة على ذلك: إذا رأيت ميَلاناً في قاعدة البناء فستعرف أنه كلما ارتفع ازداد ميلانه، وأنه سيؤول إلى السقوط في النهاية، فأنت عرفت عاقبة البناء قبل أن يرتفع على أعمدته لأنك رأيت بدايته.

ونقلا عن اكنا، قد ترى شخصاً لا يُحسِن تدبير شؤونه، إن حصل على مال أساء التصرف فيه، يبذره تارة، ويسرف في الإنفاق منه تارة أخرى، ستعلم حتماً أن حاله آيل إلى الفقر والحاجة والمسكنة، فالمقدمات دلَّتك على العواقب.

وقد ترى ولداً من أولادك يتصرف بذكاء منذ طفولته، ويتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقه، ويهتم بتحصيل المعرفة التي يحتاجها في كل أمر من أموره، إذا باشر أمراً أتقنه، وإذا أراد التحدث في شيء فكر فيه قبل أن ينطق به، فإن توقعت له النجاح في مستقبله فسيكون توقعك صائباً، لأن المقدمات التي اعتمدت عليها تفضي إلى ذلك، فأنت عرفت مستقبله من حاضره.

وإذا رأيت موَظَّفاً يعتمد أساليب ملتوية في أدائه لوظيفته، كالكذب، وقبول الرشوة، والمحاباة، وتجاوز الضوابط القانونية والأخلاقية، فاعلم أن مؤسستك التي تعتمد عليه آيلة إلى الفشل والخسران.

وإذا عاصرت حاكماً فرأيته يبطش ويظلم ويتعدّى حدود الله في العباد والبلاد، فاعلم أن حكمه زائل ولو امتدَّ وطال، لأن المقدمات التي اعتمدها في حكمه ستؤول حتما إلى زواله، فإن ما يُبنى على الباطل فهو باطل والباطل زائل ولو بعد حين.

وإذاً: فالإمام أمير المؤمنين (ع) يقدم لنا وسيلة ناجحة ودقيقة لقراءة العواقب وتحليلها وذلك بالاستناد إلى فهم الأسباب المؤدية إلى ذلك، فإن لكل نتيجة أسبابها، إذ يستحيل أن تحدث دون سبب أحدثها، فمعرفة السبب من جهة، وفهمه من جهة أخرى يُمَكِّن الإنسان من معرفة النتائج، وهذا أمر لا يختلف عليه عاقلان.

وكما يمكن الاستفادة من هذه الوسيلة في معرفة ما تؤول إليه الأمور والأحداث، كذلك يستفاد منها في الأمور المُشتَبهة التي تحتمل معانٍ عديدة، ويقف المَرءُ حائراً في فهمها على حقيقتها وفهم ما ستؤول إليه، فيمكنه حينئذ أن يرجع إلى بداياتها ليعرف مآلاتها، وإذا كانت المآلات مجهولة فإن البدايات معلومة لأنها قد حدثت بالفعل.

بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278