رأى عالم الدين البحريني «آية الله الشيخ عيسى قاسم» في خطبة صلاة الجمعة أن "لهذا الإصرار (إصرار النظام البحريني) على ترحيل سماحته لغة تريد أن تقول: لا مكان على هذه الأرض للدين، لأن سماحته وجهٌ ديني بارز. ولا لعلمٍ لأنه رجلُ علمٍ كبير. ولا لدورٍ علمي وثقافي واجتماعي لأنه من أهل هذا الدور. ولا لمؤسسة علمية حرّة لأنه صاحب لمؤسسة من هذا النوع. ولا لصوت مخلص للوطن في مطالبته بالعدل والإنصاف واحترام حقوق الإنسان لأنه من أهل هذا الصوت".

١٨ أبريل ٢٠١٤ - ١٥:١٨
النظام البحريني بإصراره على ترحيل «آية الله النجاتي» يريد أن يقول "لا مكان على هذه الأرض للدين" !

وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال عالم الدين البحريني «آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم» في خطبة صلاة الجمعة اليوم (2014/04/18) بجامع "الإمام الصادق (ع)" في منطقة "الدراز" متسائلاً "لماذا إكراه «سماحة آية الله الشيخ حسين النجاتي» على مغادرة وطنه وتهديده بالمغادرة قسراً إن لم يُجدي الإكراه؟ هذه قضية كانت وسُكت عليها مدة شهرين تقريباً ثم أستجدّت وبقوة وإندفاعة ومن غير مناسبة خاصة ولا ترّقب، ولا ظروف طارئة مقتضية».

ورأى آية الله قاسم أن "لهذا الإصرار(إصرار النظام البحريني) على ترحيل سماحته لغة تريد أن تقول: لا مكان على هذه الأرض للدين، لأن سماحته وجهٌ ديني بارز. ولا لعلمٍ لأنه رجلُ علمٍ كبير. ولا لدورٍ علمي وثقافي واجتماعي لأنه من أهل هذا الدور. ولا لمؤسسة علمية حرّة لأنه صاحب لمؤسسة من هذا النوع. ولا لصوت مخلص للوطن في مطالبته بالعدل والإنصاف واحترام حقوق الإنسان لأنه من أهل هذا الصوت. ولا لنداءٍ بلّم الصف وتوحيد المواطنين ووحدة أبناء الدين الواحد لأنه من أهل هذا النداء. ولا لشخصية يحق للوطن بأن يفخر بها لأنه من هذا النوع من الشخصيات. ثم إنّ هذا القرار وهذا التصعيد يقولان للشعب كلّه: بقاء أي منكم معترفاً بمواطنته مرهون بالإرادة السياسية وما تذهب إليه بشأنكم في تقديراتها الخاصة، فأنتم غرباء في وطنكم أو على حدّ المقيم فيه من مؤقت الإقامة".

وفيما يلي نص الخطبة الثانية لسماحته:

لماذا هذا الإكراه؟

لماذا إكراه سماحة آية الله الشيخ حسين النجاتي على مغادرة وطنه وتهديده بالمغادرة قسراً إن لم يُجدي الإكراه؟ هذه قضية كانت وسُكت عليها مدة شهرين تقريباً ثم أستجدّت وبقوة وإندفاعة ومن غير مناسبة خاصة ولا ترّقب، ولا ظروف طارئة مقتضية.

لكن هل يأتي هذا إعتباطاً وبلا هدفٍ خاصٍ عند السلطة؟ هذا الاحتمال لا يملك قيمة عملية تعطي قناعة لعاقل، والمطلوب من سماحته مغادرةٌ تأخذ صورة الإختيار وإن كانت في حقيقتها تحت الإكراه الشديد المتكرّر وإن لم تفد هذه المحاولات فقد يأتي دور القسر المكشوف الذي يتكفل عملية التنفيذ بصورة فاضحة.

يأتي كل هذا من دون إشارة خضراء من دستور ولا قانون محلي، ومخالفاً لدساتير العالم حيث لا جريمة ولا ما يشبه الجريمة، وحيث الاقتصار على الدور العلمي والتثقيفي الاجتماعي النافع والصوت الإصلاحي المعتدل من دون الدخول في الممارسة السياسية المضادة والحادّة.

ولهذا الإصرار على ترحيل سماحته لغة تريد أن تقول: لا مكان على هذه الأرض للدين، لأن سماحته وجهٌ ديني بارز. ولا لعلمٍ لأنه رجلُ علمٍ كبير. ولا لدورٍ علمي وثقافي واجتماعي لأنه من أهل هذا الدور. ولا لمؤسسة علمية حرّة لأنه صاحب لمؤسسة من هذا النوع. ولا لصوت مخلص للوطن في مطالبته بالعدل والإنصاف واحترام حقوق الإنسان لأنه من أهل هذا الصوت. ولا لنداءٍ بلّم الصف وتوحيد المواطنين ووحدة أبناء الدين الواحد لأنه من أهل هذا النداء. ولا لشخصية يحق للوطن بأن يفخر بها لأنه من هذا النوع من الشخصيات. ثم إنّ هذا القرار وهذا التصعيد يقولان للشعب كلّه: بقاء أي منكم معترفاً بمواطنته مرهون بالإرادة السياسية وما تذهب إليه بشأنكم في تقديراتها الخاصة، فأنتم غرباء في وطنكم أو على حدّ المقيم فيه من مؤقت الإقامة. (*) هتاف جموع المصلين: هيهات منا الذلة.

ونرجع إلى هدف هذا القرار وهذا الإصرار الذي لا نراه بلا هدف في نفس السياسة، وإن كان فاقداً لأي سند شرعي أو وضعي وغريباً على لغة الدستور والقانون وكرامة الإنسان وحق المواطنة وما عليه كل العالم المتحضر.

ولا يُرى من هدفٍ لهذا الإصرار التعسفي وحملة التصعيد الأمني الذي يخضع لها الوطن إلا سد كل الأبواب والنوافذ والممرات أمام أي محاولة حوار جاد وإصلاح صادق ينقذ وضع الوطن ويخرج به من أزماته المتراكمة ويخلّصه من النفق الأسود الذي يُخاف عليه منه انطلاقا من روح الأنا والأثرة وحبّ السيطرة الظالمة.

وهنا خطابٌ على مستوى الداخل لكل ذي دين، وكل ذي ضمير حي، وكل من يحترم إنسانية الإنسان، ويحرص على رعاية الحقوق، ويرى كرامةً للإنسان وحقاً للأخوّة الإسلامية وتهمّه مصلحة أن يرفع عقيرته بالاستنكار لهذا الإجراء الظالم المستخف بكل القيم والأعراف القويمة وأن يدعو إلى عملية الإصلاح الشامل ليعطي من دوره الإيجابي الوطن والمواطنين ويحقق له الإستقرار.

وخطابٌ آخر لكل ذي ضمير في العالم، وكل ذي صوتٍ حرّ وتقديرٍ لكرامة الإنسان، ولقيم الحرية والعدالة وحقوق المواطنة من أفرادٍ ومنظماتٍ حقوقيةٍ وإنسانية ودول وتجمعات دولية ومؤسسات أممية إلى الوقوف أمام هذا الإجراء وهذا التدهور المخيف في مسألة الحقوق في هذا البلد وفي أي بلد من بلدان العالم، وأن يقفوا من هذه القضية وأي قضية أخرى من قضايا الشعوب الموقف الصريح الذي ينصر المظلوم ويدين الظالم، وأن تأخذ أي جهة قادرة على التأثير النافع في وضع هذا الوطن المأزوم بالدفع الجاد الصادق في اتجاه الإصلاح الشامل المنقذ.

وقضية ترحيل سماحة الشيخ، واستمرار الإصرار على عدم الامتناع والتأجيل -وهو إصرارٌ متكرر- يعني مضايقته وتهديده من أجل أن يتم هذا الأمر إزعاجاً لحياته وحياة أسرته، ويمثل ازدراءً غير لائقٍ بهذا الشعب كلّه، وهو تعامل ظالم مع حق العلم والدين والمواطنة، ولا ينبغي في لغة العدل أن يبقى هذا الإيذاء وهذه المضايقة.

ولا يمكن لهذا الشعب الكريم أن يفرّط في حق سماحة الشيخ، ويسلّم بقضية ترحيله كرهاً أو قسراً عن وطنه، ويرجع ذلك إلى أمور: قيمة المواطنة لأي مواطن لا يضرّ بمصالح الوطن الكبرى ولم يخنه فضلاً عن أن يكون دورٌ إيجابي في خدمته وصوتٌ يطالب بالإصلاح فيه وهي القيمة التي تتجلّى بشكل كبير في أمثال سماحة الشيخ الكريم.

ثانياً: القيمة الذاتية الخاصة لسماحة الشيخ، حيث المكانة العلمية والدينية والإجتماعية والدور الاجتماعي المثمر والكلمة المصلحة والنداء الوحدوي الحريص على الوحدة الإسلامية والوحدة الوطنية.

ثالثاً: ما يشعر به المواطن من تهديد لحق المواطنة المتعلق به، وعدم اطمئنانه من سحب الجنسية والترحيل عن إكراه أو بالقسر لو تم هذا الإجراء الظالم على مثل سماحة الشيخ وعلى كل مواطن من المواطنين.

 هذا كله يدعو لأن لا يسكت هذا الشعب على هذا العمل الظالم.

كيف تصدق هذه الأمور؟

كيف يصدق أنه لا تعذيب في توقيفٍ ولا محبسٍ أو معتقل وتمتنع السلطة المرة تلو المرة عن استقبال المحقق الخاص بالتعذيب مع المطالبة به دولياً؟.. مع البراءة من التعذيب يكون الإصرار على الامتناع والتأجيل المتكرر معاكساً لغرض السلطة.

وكيف يصدق ما تكرر مراراً من قول السلطة بأنه تمت الاستجابة لكل التوصيات المتعلقة بحقوق الإنسان من لجنة تقصي الحقائق ومن جنيف أو المهم منها على الأقل ولا زلنا نسمع حديثاً عن ملف العمل وأن مشكلته وصلت إلى نهايتها هذه الأيام؟ وأعظم من ذلك أن المساجد المهدمة لازالت مشكلتها قائمة، وأن تغيير موقع مسجد أو آخر والقطع من أرض مسجد والاستيلاء على أرض من المساجد ذات التاريخ البعيد والمنع من إقامة الصلاة في هذا المسجد أو ذاك، لا زال كل ذلك مستمراً.

وكيف يصدق أن البلد يتمتع بالاستقرار الأمني الكافي كما تدّعي السلطة بينما يستمر قمع المسيرات والمنع منها أساساً وتستمر التوقيفات والمطاردات والمداهمات –كل هذا يحدث مع وجود أمنٍ؟ مع وجود استقرار أمني؟ إذن كل هذا ظلم، الدولة هنا تسجل على نفسها، تقول بأن الشارع هادئ ولا شيء على الأرض وثم تفعل كل هذا؟ وهذا مشهود لكل العالم، كيف ينسجم؟-… وتستمر التوقيفات والمطاردات والمداهمات ومسيلات الدموع واستخدام السلاح الانشطاري والمحاكمات والأحكام القضائية المشددة.. كيف يحصل هذا؟ كيف ينسجم؟..

وكيف يصدق نيل ثقة الشعب كما تعلنه السلطة وأنه إذا كانت معارضة فهي لا تمثل رقماً ذا قيمة، وإذا كانت مسيرات ومظاهرات فالمشاركة فيها ضئيلة، والحال أن إستيراد المحاربين للشعب لا زال مستمراً، وأن الجيوش الخارجية لا تزال مرابطة في أرض هذا الوطن وتنكشف مشاركتها الفعلية في قمع الشعب بما صار لا يمكن للسلطة أن تنكره. شعب كله ثقة في الدولة، والدولة مطمئنة لهذا الشعب تحتاج إلى المزيد من الجيوش وإلى هذه المرابطة؟ كيف ينسجم؟

لقد صرنا من هذا كله أمام واقع ضخم من الأقوال والدعاوى من جانب السلطة التي تناقضها مواقفها العملية ممّا من شأنه أن يجعل الوطن في وضعٍ إنساني غير لائق، ولا يؤسس لأي ثقة ولا كرامة ولا نجاح.. ونحن نأمل أن تكون هناك ثقة، وأن تكون للمواطن كرامة، وأن يكون نجاح، وهذا يحتاج إلى ما يحتاج إليه من تغيير شامل في الاتجاه السياسي، في توجه السياسة، في تعاملها مع هذا الشعب.

نريد لهذا الوطن أن يأمل الأمن كلّه، وأن يحقق قفزات عالية في التقدّم في مختلف المسارات الإيجابية والأبعاد الصالحة الكريمة، وأن يعيش أبنائه الأخوّة الإسلامية الصادقة، والأخوّة الوطنية المستقرة، وواقع الإستقلال والعزة والكرامة، وأن يكون بمأمن من الفتن الطاحنة والمواجهات المدمّرة، ولا نرى أي فرصة لهذا كلّه ولا طريقاً غير طريق الإصلاح الشامل والجدي بالسقف الذي يحقق آمال الشعب، ولذلك نجد أنه لابد من الإصرار عليه والتمسك به.

.................

انتهى/212

سمات