وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ـ ولد الإمام الحجة (عج) في دار أبيه الحسن العسكري (عليه السلام) بمدينة سامراء أواخر ليلة الجمعة الخامس عشر من شعبان وهي من الليالي المباركة التي يُستحب إحياؤها بالعبادة وصوم نهارها طبقاً لروايات شريفة مروية في الصحاح مثل سنن ابن ماجة وسنن الترمذي وغيرهما من كتب أهل السنة [1] إضافة الى ما روي عن ائمة أهل البيت (عليهم السلام)[2].
وكانت سنة ولادته (255 هـ ) على أشهر الروايات، وثمة روايات أُخرى تذكر أن سنة الولادة هي (256 هـ ) أو (254 هـ ) مع الاتفاق على يومها وروي غير ذلك، إلا أن الأرجح هو التأريخ الأول لعدة شواهد، منها وروده في أقدم المصادر التي سجلت خبر الولادة وهو كتاب الغيبة للشيخ الثقة الفضل بن شاذان الذي عاصر ولادة المهدي (عليه السلام) وتوفي قبل وفاة أبيه الحسن العسكري(عليهما السلام) بفترة وجيزة[3]، ومنها أن معظم الروايات الأخرى تذكر أن يوم الولادة كان يوم جمعة منتصف شهر شعبان وإن اختلفت في تحديد سنة الولادة، ومن خلال مراجعتنا للتقويم التطبيقي[4] وجدنا أن النصف من شعبان صادف يوم جمعة في سنة (255 هـ ) وحدها دون السنين الاُخرى المذكورة في تلك الروايات.
ومثل هذا الاختلاف أمر طبيعي جار مع تواريخ ولادات ووفيات آبائه وحتى مع جده الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، دون أن يؤثر ذلك على ثبوت ولادتهم (عليهم السلام)، كما أنه طبيعي للغاية بملاحظة سرّيّة الولادة عند وقوعها حفظاً للوليد المبارك.
تواتر خبر ولادته الميمونة (عليه السلام):روى قصة الولادة أو خبرها الكثير من العلماء بأسانيد صحيحة أمثال أبي جعفر الطبري والفضل بن شاذان والحسين بن حمدان وعلي بن الحسين المسعودي والشيخ الصدوق والشيخ الطوسي والشيخ المفيد وغيرهم، ونقلها بصورة كاملة أو مختصرة أو نقل خبرها عدد من علماء أهل السنة من مختلف المذاهب الإسلامية أمثال نورالدين عبدالرحمن الجامي الحنفي في شواهد النبوة والعلاّمة محمد مبين المولوي الهندي في وسيلة النجاة والعلامة محمد خواجه بارسا البخاري في فصل الخطاب والحافظ سليمان القندوزي الحنفي في ينابيع المودة، كما نقل خبر الولادة ما يناهز المائة وثلاثين من علماء مختلف الفرق الإسلامية بينهم عشرات المؤرخين ستة منهم عاصروا فترة الغيبة الصغرى أو ولادة الإمام المهدي (عليه السلام)، والبقية من مختلف القرون الى يومنا هذا في سلسلة متصلة وهذا الاحصاء يشمل جانباً من المصادر الإسلامية وليس كلها. وبين هؤلاء عدد كبير من العلماء والمؤرخين المشهورين أمثال ابن خلكان وابن الأثير وأبي الفداء والذهبي وابن طولون الدمشقي وسبط ابن الجوزي ومحي الدين بن عربي والخوارزمي والبيهقي والصفدي واليافعي والقرماني وابن حجر الهيثمي وغيرهم كثير. ومثل هذا الإثبات مما لم يتوفر لولادات الكثير من أعلام التأريخ الإسلامي[5].
كيفية ظروف الولادة:يُستفاد من الروايات الواردة بشأن كيفية ولادته (عليه السلام)، أن والده الإمام الحسن العسكري ـ سلام الله عليه ـ أحاط الولادة بالكثير من السرية والخفاء، فهي تذكر أن الإمام الحسن العسكري قد طلب من عمته السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد أن تبقى في داره ليلة الخامس عشر من شهر شعبان واخبرها بأنه سيُولد فيها إبنه وحجة الله في أرضه، فسألته عن أمه فأخبرها أنها نرجس فذهبت إليها وفحصتها فلم تجد فيها أثراً للحمل، فعادت للإمام واخبرته بذلك، فابتسم (عليه السلام) وبيّن لها أن مثلها مثل أم موسى (عليه السلام) التي لم يظهر حملها ولم يعلم به أحد الى وقت ولادتها لأن فرعون كان يتعقب أولاد بني إسرائيل خشية من ظهور موسى المبشر به فيذبح ابناءهم ويستحي نساءهم، وهذا الأمر جرى مع الإمام المهدي(عليه السلام) أيضاً لأن السلطات العباسية كانت ترصد ولادته إذ قد تنبأت بذلك طائفة من الأحاديث الشريفةً.
الامام المهدي (عجل الله فرجه) في القرآن الكريم
ذكر في القرآن الكريم الكثير من الآيات القرآنية الشريفة التي تدل على ظهور الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) و التي تم النص عليها في الروايات الصحيحة ،هذا لما تملكه قضية ظهور الامام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) من الأهمية الكبيرة في تقويم أساس الدين الإسلامي ،و لما كان لها ذكر في الديانات السماوية التي سبقت الدين الاسلامي أصبح لها الأهمية البالغة في كون وجودها بآيات القرآن الكريم ، وهنا نذكر بعض الآيات التي دلت على تبشير الناس بعصر يفنى فيه الظلم و الجور و يحيى به العدل الإلهي و من هذه الآيات:
أولا:- قوله تعالى: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}(6).
قال الشيخ الطبرسي رحمه الله تعالى في تفسير الآية: {أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} قال أبو جعفر عليه السلام: هم أصحاب المهدي عليه السلام في آخر الزمان.
ويدل على ذلك ما رواه الخاص والعام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد، لطوّل الله ذلك اليوم حتى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما قد ملئت ظلماً وجوراً(7).
ثانيا :- قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}(8).
وروى الشيخ الصدوق: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}، فقال: والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام، فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر بالله العظيم، ولا مشرك بالإمام إلا كره خروجه حتى لو كان هناك كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله(9).
ثالثا:-قوله تعالى:{وَعَدَ الله الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}(10).
روى فرات الكوفي: عن السدي، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى: {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ} إلى آخر الآية، قال: نزلت في آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم(11).
هذه بعض الأمثلة و هناك الكثير من الآيات لا يسعها هذا المختصر(12) . ولكن يشكل البعض لماذا لم يذكر اسم الامام المنتظر او قضية غيبة الامام و عصر الظهور نصاًَ في القرآن الكريم ؟ فالجواب يكون : أن القرآن الكريم لم يذكر كثير من الامور بمنتهى التفاصيل بل وكل تفاصيل هذه الأمور الى الرجوع للروايات المنقولة عن أهل البيت(عليهم السلام) ، كما أن الله تعالى ذكر في القرآن ان الصلاة واجبة و لكن لم يذكر عدد الركعات فيها بل أوكلها الى الروايات التي فسرت لنا هذه الاحكام و المسائل الشرعية.
حِكم وأقوال الإمام المهدي (ع)
قال المهدي(ع): لا ظُهورَ إلاّ بعد إذن الله تعالى ذِكرُهُ وذلك بعد طول الأمد وقسوةِ القلوب وامتلاء الأرضِ جَوْراَ. المصدر : الاحتجاج للطبرسي
قال المهدي(ع): اتّقوا الله، وسلّموا لنا، ورُدّوا الأمر إلينا، فعلينا الإصدار، كما كان مِنّا الإيراد، ولا تحاولوا كشف ما غُطِّيِ عنكم المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):أمّا ظهور الفَرَج ،فإنّه إلى الله وكَذِب الوقّاتون. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):إذا أَذِنَ الله لنا في القول ، ظَهرَ الحقُّ واضمَحَلَّ الباطلُ وانحسَرَ عنكم. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):الدّينُ لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم والهدايةُ لعَلِيٍّ أمير المؤمنين ع، لأنها لهُ وفي عَقِبِه باقيةً إلى يومِ القيامة المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):إنّا يُحيطُ عِلمُنا بأنبائِكُم، ولا يعزُبُ عنّا شيئٌ من أخبارِكُم. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):علامة ظهور أمري كَثرَةُ الهَرَجِ والمَرجِ والفِتن. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):زَعَمَتِ الظلمة أن حُجّة الله داحضةٌ، ولو أُذن لنا في الكلام لزال الشّك. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع): لولا ما عِندَنا من محبّةِ صلاحِكُم ورحمتِكم ، والإشفاق عليكم ، لكنّا عن مخاطبتكم في شُغُلٍ. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):قُلُوبُنا أوعيةٌ لمشيئة الله، فإذا شاء شئنا. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):فليعمل كل امرئ منكم بما يقرب به من محبتنا ، ويتجنب ما يُدنيه من كراهيتنا وسخطنا. المصدر : الاحتجاج للطبرسي
قال المهدي(ع):إن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثا ، ولا أهملهم سُدىَ. المصدر : الغيبة للطوسي
قال المهدي(ع):إذا استغفرت الله (عز وجل) فالله يغفر لك. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):وأمّا الحوادث الواقعة : فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حُجّتي عليكم ، وأنا حُجّة الله عليهم. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):إنّا غيرُ مهملين لمراعاتكم، ولا ناسين لذكركم .. ولولا ذلك لنزل بكم اللاّواء ، واصطلمكم الأعداء، فاتقوا الله جلّ جلاله وظاهرونا. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):ليس بين الله عز وجل وبين أحدٍ قرابةٌ، ومن أنكرني فليس مني. المصدر : الغيبة للطوسي
قال المهدي(ع):لا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه. المصدر : وسائل الشيعة
قال المهدي(ع):إن اُستَرشدت أُرشِدتَ، وإن طَلبت وجدت. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):أكثروا الدعاء بتعجيل الفرج، فإن ذلك فرَجُكم. المصدر : كمال الدين للصدوق
قال الحجة(ع):أما وجه الانتفاع بي في غيبتي فكالانتفاع بالشمس إذا غيبها عن الأبصار السحاب وإني لأمان لأهل الأرض كما أن النجوم أمان لأهل السماء. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):أبى الله عز وجل للحق إلا إتماما وللباطل إلا زهوقاً وهو شاهد عليّ بما أذكره. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):من كان في حاجة الله ، كان الله في حاجته. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):أنا خاتم الأوصياء وبي يدفع الله البلاء عن أهلي وشيعتي. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):ملعونٌ ملعونٌ من أخّر الغداة (صلاة الفجر) إلى أن تنقضي النجوم. المصدر : بحار الأنوار
قال المهدي(ع):كلمّا غاب عَلَمٌ بدا عَلَمٌ، وإذا أَفَل نجمٌ طلع نجم. المصدر : بحار الأنوار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] راجع مثلاً مسند أحمد بن حنبل: 2/ 176، سنن ابن ماجة: 1/ 444 ـ 445، فيض القدير: 4/ 459، سنن الترمذي: 3/ 116، كنز العمال: 3/ 466 وغيرها كثير.
[2] ثواب الأعمال للشيخ الصدوق : 101، مصباح المتهجد للشيخ الطوسي : 762، إقبال الأعمال للسيد ابن طاووس : 718.
[3] راجع هذه الروايات في كتاب النجم الثاقب للميرزا النوري: 2/ 146 ومابعدها من الترجمة العربية، وراجع الكافي: 1/ 329، كمال الدين : 430.
[4] نقصد بالتقويم التطبيقي التقويم الذي يطبق بين أيام تقويم السنة الشمسية مع ما يصادفها من أيام تقويم السنة القمرية، وقد أعدت عدة تقاويم من هذا النوع على شكل كتب أو برامج كومبيوترية حددت ما يصادف كل يوم من أيام السنة الهجرية القمرية مع تقويم السنة الهجرية الشمسية والسنة الميلادية الشمسية، وقد راجعنا في البحث التقويم التطبيقي الذي أصدرته جامعة طهران والذي يبدأ بالتطبيق من اليوم الأوّل من السنة الاُولى لهجرة النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) الى نهاية القرن الهجري الخامس عشر.
[5] راجع تفصيلات أقوالهم في الاحصائية التي أوردها السيد ثامر العميدي في كتابه دفاع عن الكافي: 1/535 ـ 592 .
[6]_ سورة الأنبياء، الآية: ٥.
[7]_ تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي: ٧/ ١٢٠.
[8]_ سورة التوبة، الآية: ٣٣.
[9]_ 5- كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق: ٦٧٠ ح١٦، تفسير فرات الكوفي: ٤٨١ – ٤٨٢ ح٣.
[10]_ سورة النور، الآية: ٥٥.
[11]_ تفسير فرات الكوفي: ٢٨٨ – ٢٨٩ ح٣ وح٦.
[12] راجع كتاب /مهدي الامم (عجل الله تعالى فرجه) (لـ عبد الله الحسن) الصفحة 332
..................
انتهى / 232
تعليقك