11 أكتوبر 2025 - 10:30
مصدر: أبنا
رئيس جمعیة القبس لحفظ الآثار الدينية في لبنان: هدف عملنا الأساس هو تشجيع السياحة الدينية وتعريف الناس بهذه المقامات

الحاج زريق: هدف عملنا الأساس هو تشجيع السياحة الدينية، وتعريف الناس بهذه المقامات. إلى جانب ذلك، أقمنا 15 دورة تدريبية للمرشدين السياحيين الدينيين، ودرّبنا حوالي 300 شخص على مبادئ السياحة الدينية، وتاريخ المقامات، وكيفية العمل كمرشد ديني يرافق الزوار في جولاتهم. وقد حصلوا على شهادات مصدّقة من وزارة العمل، وشاركوا في العديد من الحملات السياحية إلى بعلبك والجنوب. الزوّار العراقيون يأتون بكثرة.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ في لقاء أجراه مراسل وكالة "أبنا" للأنباء مع الحاج علي زريق، رئيس جمعیة القبس لحفظ الآثار الدينية في لبنان، الذي سبق أن عمل في جمعية الإمداد الخيرية الإسلامية، وكانت له زيارات للمقامات الدينية. حيث أكد أهمية مقامات دينية في لبنان وانها لا تحظى باهتمام كاف من أي جهة رسمية أثناء مراسلته الشهيد السيد حسن نصرالله والشيخ عبدالأمیر قبلان، رحمهما الله.

وتابع الحاج زريق بالقول انه بعد أن غادر جمعیة الإمداد كمدير عام في عام 2010، أخبره الشهید السيد هاشم صفي الدین بمشروع يتعلق بالمقامات الدينية، وتحديدًا مقامات أهل البيت، والأنبياء، والأوصياء، والعلماء، وطلب الشهيد إعداد تقرير شامل حول هذا الموضوع. 

وأضاف قائلا: كتبت تقريرا وقدّمته إليه، ووعده خيرا أن هذا المشروع سيُطرح في أول جلسة شورى حزب الله مع الشهيد السيد حسن نصرالله.

وقال الحاج زريق انه تمّ تكليفه رسميًا بالإشراف على هذا الملف، والذي يشمل كافة الآثار الدينية المتعلقة بالطائفة الشيعية. بدأنا بفتح ملفات خاصة بهذه المواقع، وأجرينا تحقيقات تاريخية، وأرشفة، وأعمال ترميم للمواقع التي كانت بحاجة لذلك. وقد كان المشروع متكاملًا من حيث الدراسة والتوثيق.

وأضاف انه تم تكليفه عام 2011، بالإشراف على هذا الملف، والذي يشمل كافة الآثار الدينية المتعلقة بالطائفة الشيعية. بدأنا بفتح ملفات خاصة بهذه المواقع، وأجرينا تحقيقات تاريخية، وأرشفة، وأعمال ترميم للمواقع التي كانت بحاجة لذلك. وقد كان المشروع متكاملًا من حيث الدراسة والتوثيق.

وقال الحاج زريق ان الشهيد السيد هاشم قد أوصاه : «يا حاج علي، عليك أن تزور بنفسك جميع هذه المقامات، ولا توكل أحدًا غيرك». 

وأضاف الحاج زريق قائلا: بالفعل انطلقتُ وفريق العمل بسيارتنا، وجُلنا على كافة المقامات، سواء كانت صحيحة النسبة أو موضع شك، موثقة تاريخيًا أو لا، كلها على حد سواء. استعنا بمحققين متخصصين للتأكد من تواريخ المقامات، وتاريخ القرى والمدن، وكل التفاصيل المتعلقة بها.

وذكر الحاج زريق انه خلال فترة عمله، أنجز إحصاءً وتقريرًا شاملين، وأجرى مقابلات مع الأهالي، والاهتمام أيضًا بموضوع خطّ سبايا كربلاء في لبنان.

وقال الحاج زريق ان الأخوة المحققين قد انضموا لاحقًا إليه، وبدأوا العمل على توثيق كل مقام من مقامات أهل البيت، والأنبياء، والأوصياء، والعلماء، بالإضافة إلى الحوزات العلمية، والمساجد، والحسينيات. أصبح لدينا ملف متكامل وواسع.

وعند سؤال مراسل وكالة "أبنا" للأنباء حول مستجدات حصلوا عليها أثناء التحقيق قال الحاج زريق: اكتشفنا معلومات جديدة، على سبيل المثال، على طريق السبايا يوجد مقام يُعرف بـ«البطحاء» في منطقة سرعين. فمن هي البطحاء؟ هي فتاة تُنسب إلى إحدى العشائر الكبيرة في منطقة أسعار بجبل الشيخ في سوريا. وكانت تُعرف بأنها «عتیقة أمير المؤمنين». مع مرور الوقت بدأت تظهر عليها علامات الحمل، فثار الجدل بين الناس، فالبعض اتهمها بالزنا، وآخرون دافعوا عنها وقالوا إنها بريئة. ذهب والدها برفقة ألف فارس إلى الكوفة للقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) في مقام الطست أو دكة القضاء داخل مسجد الكوفة وباقي الحکایة معروفة ومذکورة في کتب الأحادیث. أحد المؤرخين يذكر أن هذه الفتاة وإخوانها بقوا في الكوفة، فيما عاد قومها، وقد والوا أمير المؤمنين، وكذلك الإمام الحسن، والإمام الحسين (عليهم السلام)، ثم استشهدت أخوانها في كربلاء. هذه المعلومة كانت جديدة بالنسبة إلينا. لا نعرف اسمها الحقيقي، ولكن يُشار إليها بـ"فتاة أسعار"، أي من منطقة أسعار. وكانوا مسيحيين في الأصل، فما الذي دفعهم إلى الكوفة؟ اكتشفنا أن في أسعار مقامًا لأبي ذر الغفاري، ما يعني أنهم تشيعوا قبل الذهاب إلى الكوفة. نعلم أن أخوانها استشهدوا في كربلاء، ولأنه لم يبقَ لها أحد، فقد لحقت بالسبايا وتوفيت ودُفنت في سرعين الفوقا.

وكالة أبنا: هل توجد مقامات أخرى ترتبط بمسير سبايا كربلاء ؟ 
الحاج زريق: نعم، توجد توجد مقامات أخرى في لبنان ترتبط بمسير سبايا كربلاء، منها كنيسة الرأس، حيث وُضع رأس الإمام الحسين (عليه السلام)، وتُعرف الآن بـ"كنيسة رأس بعلبك". كما يوجد مقام في بلدة اللبوة، ومقامات للسيدة خولة، والسيدة صفية، والبطحاء.

وأضاف الحاج زريق انهم اكتشفوا العديد من المقامات لأصحاب الأئمة، منها نحو 80 مقامًا تُنسب للأنبياء، لكن بعضها مكرر. كما وثقنا 33 حوزة علمية تعود إلى ما قبل 200 عام. في مدينة صور هناك حوزات تعود إلى القرن الأول والثاني الهجري، وكذلك في كرك نوح. في طرابلس هناك حوزة من القرن الخامس، وفي جزين من القرن السابع. وفي البقاع يوجد مقام يُعرف بـ"الرمثاني" وهو من أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، كما هناك مقام ليعقوبي   المؤرخ المشهور.

وكالة أبنا: هل وثّقتم هذه الاكتشافات في عملكم هذا ؟
الحاج زريق: نعم، وثقنا مقامات لعدة علماء في جنوب لبنان، منها مقام يُعرف بـ"الساري" أو "النبي ساري"، لكنه في الحقيقة ليس نبيًا، بل هو شيخ إيراني من منطقة "ساري" في إيران، مرّ بلبنان قبل أكثر من 500 عام، وزار مناطق مثل شمسطار، وعيتيت، وغيرها. راسلنا بعض الجهات في إيران لسؤالهم عمّا إذا كان هناك قبر له أو معلومات إضافية، لكننا لم نتلقَ أي ردّ.

وأضاف الحاج زريق: كذلك، هناك مجموعة من مقامات الأنبياء في لبنان مثل مقام النبي شيث، النبي هارون، النبي حزقيل، النبي يونس، مقام عمران في صور، مقام للسيد المسيح، ومقام شمعون الصفا. 

وكالة "أبنا" ما هي جغرافية عملكم في لبنان ؟ 
الحاج زريق: نركّز في عملنا على المقامات الواقعة ضمن المناطق الشيعية، إذ أن أغلب هذه المقامات موجودة في تلك المناطق. المسيحيون لا يملكون مقامات بالمفهوم ذاته، والسنة لا يهتمون كثيرًا بالمقامات، أما نحن فنعمل على توثيقها والحفاظ عليها.

وكالة "أبنا": هل جمعتم هذه الوثائق في كراس أو كتاب حتى تكون مصدرًا يمكن مراجعته عند الحاجة ؟
الحاج زريق: قد أعددنا كتابًا بالتعاون مع رئاسة الحكومة اللبنانية في عهد سعد الحريري، حول المقامات، وضمّ 30 مقامًا شيعيًا، وكان هذا بالتعاون مع مؤسسة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، ضمن إطار مشروع السياحة الدينية. تضمن الكتاب أبرز المقامات مثل: مقام السيدة خولة، السيدة صفية، مقام النبي هارون، مقام بنيامين، حزقيل، نبي شيث، النبي يعقوب، نبي أیلا، يوشع بن نون، مقام البطحاء، النبي يونس، مسجد رأس الإمام الحسين، مقام النبي نوح، النبي عمران، ومقام النبي يحيى في حارة صيدا، ومقام شمعون الصفا.

وكالة "أبنا": ما هي مشاريعكم المستقبلية ؟
الحاج زريق: نهدف من خلال مشاريعنا المستقبلية، إلى إعادة بناء المقامات التي تضررت أو تهدمت خلال الحرب الأخيرة، مثل مسجد النبي شعيب في بلدة بلیدا، والذي يعود تاريخه إلى أكثر من ألف عام، ومقام بنيامين، ومقام شمعون الصفا، وغيرها من المساجد والحسينيات التي دُمرت. كذلك بعض الكنائس تضررت. أعددنا إحصاءات بهذا الخصوص، وإذا توفرت الإمكانات، سنقوم بإعادة بنائها بما يحاكي الطراز الأثري القديم.

وكالة "أبنا": ما هو هدفكم من هذه المشاريع السياحية الدينية ؟ 
الحاج زريق: هدف عملنا الأساس هو تشجيع السياحة الدينية، وتعريف الناس بهذه المقامات. إلى جانب ذلك، أقمنا 15 دورة تدريبية للمرشدين السياحيين الدينيين، ودرّبنا حوالي 300 شخص على مبادئ السياحة الدينية، وتاريخ المقامات، وكيفية العمل كمرشد ديني يرافق الزوار في جولاتهم. وقد حصلوا على شهادات مصدّقة من وزارة العمل، وشاركوا في العديد من الحملات السياحية إلى بعلبك والجنوب. الزوّار العراقيون يأتون بكثرة.

وفي ختام الحوار قال الحاج زريق: أغتنم هذه الفرصة لأجدد الدعوة إلى ترجمة كتاب «شمعون الصفا بين المسيحية والإسلام»، من تأليف الأستاذ علي جابر، إلى اللغة الفارسية، لما يحتويه من معلومات مهمة وفائدة كبيرة في مجال الدراسات الدينية والتاريخية. كنا قد اقترحنا على عدد من المسؤولين الإيرانيين الذين التقينا بهم أن يتولوا ترجمة هذا الكتاب، لكن حتى الآن لم تُتخذ أي خطوات عملية بهذا الاتجاه، رغم أن الكتاب يُعد من المؤلفات القيّمة والجديرة بالترجمة والنشر.

...............

انتهاء / 232

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha