وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ انعقدت ندوة إلكترونية عبر الإنترنت تحت عنوان اهل بيت الرسول الأعظم عليهم السلام محور الحج الابراهيمي، وذلك برعاية المجمع العالمي لأهل البيت (ع) يوم الثلاثاء الموافق 7 ذي الحجة 1441 الساعة الثانیة مساء بتوقیت طهران .
ومن جانبه شارك رئيس المجلس الأعلى للشيعة في ساعل العاج الشيخ زكريا كوناته في هذه الندوة، وألقى كلمة قيمة فيه، تطرق خلالها إلى ملامح الحج الإبراهيمي في أربع نقاط.
وشارك في هذه الندوة أيضا مسؤول الشؤون الخارجية في حزب مجلس وحدة المسلمين باكستان الدكتور السيد شفقت حسين الشيرازي، وتحدث خلالها عن تحقيق الحج الإبراهيم وحل الأزمات العالم الإسلامي والبشرية.
وفيما يلي نص كلمته:
بسم الله الرحمن الرحيم
1- ما هو الحج الإبراهيمي؟
قال الله تعالى:
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ
الحج الإبراهيمي: هو الحج الذي شرعه الله تبارك وتعالى، وأمر بأن يؤذن به إبراهيم الخليل عليه السلام، وأذن في الناس بالحج وقد جدد رسول الله (ص)في عصره روح الحياة في هذا الحج، غير أنه لم تمر مدة قصيرة على وفاته (ص) حتى طواه النسيان.
عبر الإمام الخميني عن الحج الحقيقي بالحج الإبراهيمي تارة، وبالحج الإبراهيمي المحمدي تارة أخرى، في قبال الحج غير الإبراهيمي.
وأنسب ما يمكن أن نصف به هذا النوع الثاني من الحج في هذه البرهة من تاريخ الإسلام هو الحج الأمريكي، ذلك أن أنصار الإسلام الأمريكي هم الذين يحثون عليه؛ إذ لا يتضمن إلا شكلا ظاهريا للمناسك، دون أن ينطوي على محتوى مفيد، بل إنه يضر الإسلام والمجتمع الإسلامي؛ لأنه يوجه في خدمة أهداف أعداء الإسلام وأعداء الحج الإبراهيمي.
يعتقد الإمام الخميني (قدس سره) أن الحج الإبراهيمي يختلف جذريا عن الحج الامريكي، من الناحية الفلسفية ومن ناحية المحتوى، ومن ناحية الحجاج والقائمين على أمور الحج أيضا.
2- الحج رمز الأمة الإسلامية
الحج هو الذي يسير فيه المسلمون من التفرق إلى الاجتماع. فهم يطوفون حول الكعبة التي تعد صرحا لذكرى التوحيد ورمزا للبراءة والنفور من الشرك وعبادة الأوثان عارفين معناها الرمزي ومنتقلين من ظاهر المناسك إلى باطنها وروحها... والتزود فيها لحياتهم وحياة الأمة الإسلامية.
الحج الإبراهيم هو الحج المحمدي الذي تعد فيه الحركة نحو التوحيد والاتحاد روح جميع المراسم والشعائر وعنوانها.
حج يبعث علي البركة والهداية ويقوم مقام العمود الرئيسي في حياة الأمة الواحدة وقيامها.. حج زاخر بالمنافع وذكر الله.
حج تلمس فيه الشعوب المسلمة وجود الأمة المحمدية الشاملة وتواجدها في هذه الأمة، وتتحرر بفضل شعورها بالأخوة والتقارب بين الشعوب من شعورها بالضعف والعجز وانهزام الذات. (الإمام القائد)
3- وحدة المسلمين وخوف الاستكبار
من أكبر أهداف الحج إلى بيت الله هو تقريب المسلمين من بعضهم حين يقول الله: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ
ويجمع كل مسلمي العالم في أيام معلومات وفي أماكن محددة مثل عرفات والمشعر ومنى والمسجد الحرام، فلماذا يخاف أولئك من تعارف المسلمين هذه الدرجة؟!
القضية هي أن وحدة الإسلامية ووحدة النظرة ووحدة كلمة المسلمين أمرخطير على الاستكبار وعلى رأسه أمريكا الغدارة وأذنابها في مؤسسات الهيمنة في العالم. هذه حقيقة ذكرها الإمام الخميني (رض) مرارا.
4- رسالة التوحيد والوحدة
الحج من أجل التقريب بين المسلمين في العالم وإيصال أصواتهم إلى بعضهم. الرابطة التي تربط كل هذه القلوب ببعضها هي الرسالة التي ارتفع هتافها لأول مرة من هذه الأرض وجابت طول العالم والتاريخ وعرضهما.. رسالة التوحيد والوحدة. توحيد الله ووحدةالأمة.
التوحيد هو رفض ألوهية الطواغيت والمستكبرين وأرباب المال والقوة، والوحدة مظهر عزة المسلمين واقتدارهم. الحج يعيد صياغة هذه الرسالة الخالدة كل عام في اجتماعه الهائل وبأفضل من أية كتابة أو أقوال، ويبعثها إلى العالم بأسره. أي مسلم في أي صقع من العالم الإسلامي عليه أن يعيد معرفة هذه الحقيقة في موسم الحج وهي أن الازدهار والشموخ والظفر الشامل للبلدان الإسلامية إنما يتحقق في ظل هذين الأمرين: التوحيد بكل أبعاده الفردية والاجتماعية والسياسية، والوحدة بمفهومها الصحيح الممكن التحقيق في عالم اليوم.
5- الحج عامل وحدة، عظمة الشعور بالوحدة
الحج مظهر وحدة المسلمين واتحادهم. أن يدعو الله تعالى جميع المسلمين وكل من استطاع منهم للقدوم إلى منطقة معينة وفي زمن معين، ويجمعهم طوال أيام وليال إلى جانب بعضهم في أعمال وحركات ترمز للتعايش والنظام والانسجام، فإن أول الأثار الجلية لذلك هو بث الشعور بالوحدة والجماعة في كل واحد منهم وتعريفهم بعظمة اجتماع المسلمين وشوكته، وإرواء ذهن كل واحد منهم من الشعور بالعظمة.
بمثل هذا الشعور بالعظمة لو عاش المسلم وحيدا في صدع جبل لم يشعر بالوحدة. بفضل الشعور بهذه الحقيقة يكتسب المسلمون في كل البلدان الإسلامية شجاعة مواجهة معسكرمعاداة الإسلام أي الهيمنة السياسية والاقتصادية للعالم الرأسمالي وعملائه وأذنابه وأحابيلهم وفتنهم، ولن ينفع معهم سحر الإذلال وهوالسلاح الأول الذي يستخدمه المستعمرون الغربيون ضد الشعوب التي يهاجمونها.
بفضل هذا الشعور بالعظمة تعتمد الحكومات المسلمة على شعوبها وتشعرنفسها غنية عن الاعتماد على القوى الأجنبية، ولا تظهر هذه الفواصل الكارثية بين الشعوب المسلمة وأجهزتها الحاكمة.
بفعل هذا الشعور بالوحدة والجماعة سوف تتحول القوميات العربية والفارسية والتركية والأفريفية، والآسيوية من منافسة ومعارضة لهويتها الإسلامية الواحدة إلى جزء من هذه الهوية ودليلا على سعة هذه الهوية وعظمتها.
......
انتهى/ 278