6 سبتمبر 2025 - 11:35
مصدر: أبنا
تجزئة بيت لحم: فصل جديد من المشروع الاستعماري الصهيوني

في هذا المخطط، ستُفصل بيت جالا نهائيًا عن بيت لحم، وتُربط قسرًا بالمستعمرات الإسرائيلية مثل “حار جيلو” و”جيلو” و”غوش عتصيون”، بما يعني إدماجها قسريًا في مشروع “القدس الكبرى” الذي تروّج له إسرائيل باعتباره عاصمتها الأبدية.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ تواجه مدينة بيت لحم، مهد المسيحية وذاكرة الإنسانية، واحدة من أخطر الخطط الاستعمارية الإسرائيلية. فالمشروع المعلن يسعى إلى تقسيم القلب الروحي لفلسطين – بيت لحم، بيت جالا، بيت ساحور – وتحويلها إلى ثلاث كيانات منفصلة، تُدار بأشكال مختلفة من الاحتلال والسيطرة الخارجية: الاحتلال الإسرائيلي، التدخل الأمريكي، وهيمنة الفاتيكان على الأماكن المقدسة. 
 
هذه الخطة ليست جديدة. فمنذ اتفاقية أوسلو وحتى اليوم، عملت الصهيونية على تقطيع أوصال فلسطين إلى جيوب معزولة، محاطة بالمستوطنات والجدران والقواعد العسكرية. لكن ما يُخطَّط له في بيت لحم أخطر من ذلك: إنه يستهدف اقتلاع المجتمعات الفلسطينية من جذورها الروحية والتاريخية، وفصل الإنسان عن أرضه وإرثه. 
 
في هذا المخطط، ستُفصل بيت جالا نهائيًا عن بيت لحم، وتُربط قسرًا بالمستعمرات الإسرائيلية مثل “حار جيلو” و”جيلو” و”غوش عتصيون”، بما يعني إدماجها قسريًا في مشروع “القدس الكبرى” الذي تروّج له إسرائيل باعتباره عاصمتها الأبدية. أما بيت لحم فستُدار مدنيًا عبر “إدارة متخصصة بالشؤون الدينية”، يكون الفاتيكان بموجبها مسؤولًا عن كنيسة المهد وتنظيم وصول الحجاج، في محاولة لتحويل المدينة إلى “متحف ديني بلا شعب”، وتجريد سكانها الفلسطينيين من حقهم في السيادة والحياة السياسية. 
 
وفي بيت ساحور – مدينة الرعاة – ستبقى الإدارة خاضعة عمليًا لشروط الاحتلال واتفاقاته، ما يعني إخضاعها التام للمستعمرات المحيطة بها. الهدف واضح: تفكيك التجربة التاريخية للمقاومة الشعبية في بيت ساحور التي شكّلت نموذجًا في الصمود والتنظيم الجماعي. 
 
أخطر ما في الخطة أنها تستهدف مخيم الدهيشة، أيقونة النكبة المستمرة ورمز حق العودة. فالنية تتجه إلى تفكيك المخيم وتشتيت سكانه تحت ضغوط سياسية واجتماعية، في محاولة لمحو الذاكرة الحية للاجئين الفلسطينيين. 
 
هكذا، يُراد لسكان بيت لحم أن يعيشوا بلا حقوق سياسية أو وطنية، مجرد “مقيمين متسامَح معهم”، في نسخة جديدة من نظام الفصل العنصري. وما جرى في الخليل من تقسيمها إلى ثلاث مناطق تحت سيطرة العشائر و هيمنة إسرائيلية، مع تبعية البنوك الفلسطينية للبنوك الإسرائيلية، يوضح بجلاء ما يُراد تطبيقه في بيت لحم: نظام استعماري إقطاعي يُفرغ المدن من إمكاناتها السياسية ويحوّلها إلى جزر معزولة. 
 
ولا يمكن هنا تجاهل دور الفاتيكان والإدارة الأمريكية وصمت المجتمع الدولي، في شرعنة تحويل بيت لحم إلى جيب ديني يُدار من الخارج، كما جرى في عصور الاستعمار مع السيطرة على الأماكن المقدسة. 
 
إن تجزئة بيت لحم ليست قضية محلية فحسب، بل هي اعتداء مباشر على الهوية الفلسطينية وعلى ذاكرة الإنسانية جمعاء. فبيت جالا وبيت ساحور وبيت لحم ليست مجرد أراضٍ، بل رموز للتاريخ والثقافة والمقاومة. القبول بهذه الخطة هو القبول بنكبة جديدة، تتحوّل فيها الأرض والإيمان إلى سلع تحت سلطة الاحتلال. 
 
في مواجهة ذلك، لا بد أن يعلو الصوت الفلسطيني – مسلمًا ومسيحيًا، في الداخل وفي الشتات – عاليًا ليُدين هذا المشروع، ويقاومه، ويذكّر العالم أن بيت لحم لا تتجزأ. بيت لحم هي فلسطين. 
 
الافتتاحية – 1 أيلول/سبتمبر 2025 

...............

انتهاء / 232

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha