دستور على مقاس عباسفي خضمّ أعتى هجمة استعمارية على شعبنا، فيما تُلتهم الضفة الغربية بالمستوطنات التي تفصل شمالها عن جنوبها، فيما القدس والمقدسات تحت حصار متواصل، والاحتلال يسعى لفرض سيادته الكاملة على كل وادٍ وجبل وسهل من أرضنا، يخرج الرئيس محمود عباس ليعلن بكل ثقة وعظمة وتشدق عن تشكيل "لجنة صياغة الدستور المؤقت".
أي معنى لدستور "مؤقت" فيما الوجود الفلسطيني نفسه مهدد بالاقتلاع؟ هذا المرسوم لا يعكس رؤية تحررية ولا استراتيجية وطنية، بل يعكس حاجة شخصية لإطالة عمر نظام سياسي مترهل فقد شرعيته منذ زمن، نظام يعيش على أوهام البيروقراطية بينما ينزف الشعب تحت الاحتلال.
بدلًا من إعلان النفير العام، وإطلاق العنان للمقاومة، و قطع واضح لاتفاقيات أوسلو التي دفنها الاحتلال بيده، يصرّ عباس على الحديث عن انتخابات وهمية، ولجان شكلية، ودساتير تفصيلية على مقاسه. هذا المسرح السياسي لا يخدع أحدًا: إنه مجرد شراء للوقت ومنح غطاءً لسلطة بلا سلطة، فيما يسرّع العدو مشروعه الاستيطاني الأكبر لفصل المناطق وزرع البؤر الاستيطانية في كل تلة.
القضية الفلسطينية لا تحتاج إلى لجان تجميلية ولا إلى دساتير مؤقتة تخدم شخصًا واحدًا.
إنها بحاجة إلى وحدة وطنية حقيقية، مقاومة منظّمة، وقيادة لا تخشى أن تعلن بجرأة سقوط أوسلو، واستعادة الشرعية المأخوذة من الشعب نفسه، ورسم استراتيجية للتحرر.
إن الدستور الذي تحتاجه فلسطين لن يُكتب في مكاتب المقاطعة، بل ستخطّه المقاومة والوحدة الميدانية، بدماء الشهداء، وبصمود الأسرى، وبصوت شعب يرفض أن يُمحى.
تعليقك