25 ديسمبر 2025 - 09:41
مصدر: أبنا
صحيفة أمريكية: إسرائيل تعمل في سوريا لتحقيق أهداف إستراتيجية أعمق

أن الأنشطة السرية الإسرائيلية وسياستها تجاه دعم الدروز تظل موجهة نحو تحقيق أهداف إستراتيجية أعمق في سوريا، مثل صياغة توازن القوى في سوريا ومنع ظهور تهديدات جديدة على حدودها مع دولة الاحتلال.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا حصريا مطولا عن الكيفية التي تعمل بها دولة الاحتلال لتقويض حكومة شرع الجديدة.

وأورد التقرير، الذي أعده أربعة من مراسلي الصحيفة الأميركية من مدينة القدس أن إستراتيجية إسرائيل لتنفيذ أعمالها السرية ضد حكومة الشرع (الجولاني الارهابي) تشمل دعم المليشيات الدرزية لتعزيز دورها في المنطقة ومواجهة نفوذ دمشق، إضافة إلى احتلال مناطق إستراتيجية وتنفيذ ضربات جوية لمنع وصول الأسلحة إلى دمشق.

ويشير التقرير إلى أن العمليات الإسرائيلية في سوريا بدأت فور الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، إذ نظرت دولة الاحتلال الصهيونية إلى أحمد الشرع باعتباره تهديدا مستمرا لها، نظرا لتاريخه وارتباطاته السابقة بجماعات تكفيرية ارهابية معروفة كالقاعدة وداعش، مما دفعها إلى تطوير إستراتيجيات سرية للتعامل معه.

دعم شامل للدروز
وتمثلت أبرز الأنشطة الإسرائيلية، وفقا للتقرير، في تقديم دعم شامل للمليشيات الدرزية السورية منذ البداية. ففي 17 ديسمبر/كانون الأول 2024، بدأت المروحيات الإسرائيلية بنقل شحنات من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى جنوب سوريا.

وتضمنت هذه الشحنات 500 بندقية، وذخيرة، ودروعا واقية للجسم، وتم إسقاطها جوا لتسليح مليشيا درزية تُسمى "المجلس العسكري". يأتي هذا الدعم في إطار جهود لدعم الدروز، الأقلية الدينية ذات العلاقات التاريخية الطويلة مع دولة الاحتلال الصهيونية.

بالإضافة إلى شحنات الأسلحة، يضيف التقرير، قدمت دولة الاحتلال الصهيونية دفعات مالية شهرية تتراوح ما بين 100 إلى 200 دولار لنحو 3000 مقاتل درزي تقريبا، وذلك بهدف تعزيز قدراتهم في مواجهة قوات حكومة الشرع.

وعلاوة على ذلك، يلفت التقرير إلى أن مقاتلين دروز، بمن فيهم نساء، ظلوا يتلقون تدريبات قبل سقوط نظام الأسد بالمناطق الكردية في شمال البلاد بواسطة قوات سوريا الديمقراطية، وهي مليشيا يقودها الأكراد وتحافظ على علاقات وثيقة مع دولة الاحتلال الصهيونية.

تحرك إسرائيلي فوري
وعند سقوط الأسد، تحركت القوات البرية الإسرائيلية بسرعة لاحتلال 155 ميلا مربعا من الأراضي السورية، بما في ذلك مواقع إضافية على قمة جبل الشيخ، وهي قمة إستراتيجية تقع على الحدود السورية اللبنانية.

بالإضافة إلى ذلك، شن سلاح الجو الإسرائيلي مئات الغارات الجوية على المنشآت العسكرية السورية لمنع الحكومة الجديدة من الوصول إلى الأسلحة، لإضعاف قدرتها على توحيد البلاد.

الجانب الآخر من هذه الإستراتيجية تمثل في دعم الشخصيات الدرزية مثل الشيخ حكمت الهجري، الذي دعا إلى الانفصال وتأكيد الحكم الذاتي للدروز، وحصل على دعم دولة الاحتلال الصهيونية في هذا المسعى.

وذكر التقرير أن الهجري أعد خرائط لدولة درزية مقترحة تمتد إلى العراق وعرضها على حكومة غربية كبيرة واحدة على الأقل في أوائل 2025.

تشققات بالمجتمع الدرزي
ومع ذلك، ظهرت بعض الصراعات الداخلية بين قادة الدروز، مما أدى إلى شقوق داخل المجتمع الدرزي. على سبيل المثال، تم اتهام طارق الشوفي قائد "المجلس العسكري للسويداء" والضابط السابق في الجيش السوري السابق بالتعاون مع الشرع، مما أجبره على الاختباء خوفا من الاعتقال من قِبَل رجال الهجري.

وفي الوقت نفسه، واجه الهجري وابنه اتهامات بالتورط في عمليات اختطاف والتعامل مع شبكات تهريب المخدرات الإقليمية.

وقالت واشنطن بوست إن دولة الاحتلال الصهيونية فهمت منذ البداية أن "تحقيق توازن في السلطة" بسوريا يتطلب دقة في التنفيذ ومرونة تكتيكية؛ لذلك، استمرت في تقديم مساعدات إنسانية وإمدادات عسكرية غير قاتلة مثل الأدوية والدروع الواقية للمقاتلين الدروز، وفي أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، نقلت المروحيات الإسرائيلية هذه المساعدات إلى السويداء بشكل سري.

وفي الوقت نفسه، سعت دولة الاحتلال للاستفادة من المفاوضات مع الشرع، بهدف تأمين نوع من الحكم الذاتي للدروز في إطار أي اتفاق أمني مستقبلي.

وكان الشرع يرفض، في بعض الأحيان، مطالب إسرائيل، مثل نزع السلاح من المنطقة الجنوبية لدمشق، لكنه أعرب عن استعداده للتوصل إلى اتفاق خفض التصعيد عند الضرورة.

توتر مع واشنطن
وأوضح التقرير أن الأنشطة الإسرائيلية في سوريا أثارت توترا مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث تعتبر واشنطن دعم الشرع جزءا من إستراتيجيتها لتحقيق الاستقرار في سوريا. وكذلك أدت السياسات الإسرائيلية إلى انتقادات واسعة من عدة دول في المنطقة التي تعتبر أن هذه الخطوات تهدد استقرار الشرق الأوسط.

ويقول التقرير إن أهداف دولة الاحتلال الصهيونية في سوريا تتضمن تقديم الدعم للدروز كأقلية دينية تتعرض للتهديد وسط صراع مُعقد، وعدم السماح لنظام جديد معادٍ لإسرائيل بتوحيد سوريا والتحول إلى تهديد مستقبلي.

وقال إن هناك دعما قويا، داخل إسرائيل، للتدخل في سوريا من قِبل المؤسسة الأمنية والجيش كوسيلة لتعزيز الأمن الإقليمي وتحقيق الاستقرار. ويقود هذا الدعم شخصيات بارزة مثل الدرزي الإسرائيلي حسون حسون، العميد الإسرائيلي السابق والسكرتير العسكري الرئاسي، الذي دعم تدخلا شاملا لدعم الدروز وتحويلهم إلى حلفاء موثوقين لدولة الاحتلال.

وأكد التقرير أن دولة الاحتلال تواجه، على الرغم من الإستراتيجيات المدروسة والدعم المستمر، تحديات كبيرة في تحقيق أهدافها بسوريا، أبرزها التنسيق المتواصل مع القوى الدولية الأخرى، والحفاظ على توازن دقيق في العلاقات مع مختلف الفصائل بسوريا، والتعامل مع الانتقادات المتزايدة من المجتمع الدولي والدول الإقليمية.

مقاربة براغماتية
وقالت الصحيفة في تقريرها إن دولة الاحتلال الصهيونية تدرك أن الاتكاء الشديد على الفصائل الدرزية قد لا يكون مستداما على المدى الطويل، بسبب الصراعات الداخلية بين القادة الدروز وشظف أوضاعهم الداخلية، لذلك، تتبنى مقاربة براغماتية تعتمد على التكيف المستمر والاستجابة السريعة للظروف المتغيرة على الأرض.

وخلصت الصحيفة إلى أن الأنشطة السرية الإسرائيلية وسياستها تجاه دعم الدروز تظل موجهة نحو تحقيق أهداف إستراتيجية أعمق، مثل صياغة توازن القوى في سوريا ومنع ظهور تهديدات جديدة على حدودها مع دولة الاحتلال.

...............

انتهاء / 232

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha