وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ في خضمّ فوضى الإعلام في عالمنا اليوم، ثمة مكان هادئ وأقلّ لفتًا للانتباه، يتشكّل فيه مصير الأمة: الأسرة. أظهرت التطورات الإعلامية في العقود الأخيرة أن جميع الحروب الناعمة تخترق في نهاية المطاف النسيج النفسي للأسرة؛ فتطال الأطفال والآباء والأمهات المنهكين الذين وقعوا، دون قصد، في فخّ سيل من الصور والرسائل. فإذا كان العقل البشري هو ساحة المعركة الرئيسية في ساحة الحرب المعرفية، فإن الأسرة هي الخندق الأساسي للحفاظ على الإدراك السليم والسكينة.
اليوم، لا تكتفي المنصات العالمية بإدارة استهلاكنا، بل تُشكّل أيضًا المشاعر التي يُفترض أن نختبرها. فمن خلال الخوارزميات، يُصمّم الغضب والخوف والقلق كوقودٍ لتفاعل المستخدم. وهذا تحديدًا ما يصفه القرآن الكريم بالترهيب المستمر من الشيطان: «إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يَخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ». في بيئةٍ كهذه، لا يُعدّ الحفاظ على الأمن النفسي للأسرة مجرد واجبٍ شخصيٍّ أو تربويٍّ بسيط؛ بل هو شكلٌ من أشكال الجهاد المعرفي داخل المنزل، سعيًا للحفاظ على السكينة والثقة في مواجهة الإرهاب الفكري في العصر الرقمي.
لقد نقلت وسائل الإعلام المعاصرة، برسائلها العاطفية الغزيرة، ذهن المتلقي من حالة التأمل والعمق إلى حالة رد الفعل السريع. ونتيجة هذا الوضع هي نشوء مجتمعات تتخذ قراراتها بناءً على العاطفة اللحظية بدلاً من الحكمة الصادقة. ويمكن للأسرة الإسلامية، إذا ما سارت على نهج أهل البيت (عليهم السلام)، أن تكسر هذه الحلقة المفرغة؛ فبتحويل الحوارات العائلية إلى جلسات طمأنينة وفكر، وبتعليم الأطفال إدارة مشاعرهم وصورهم، يمكن أن يصبح المنزل مقراً لإعادة بناء الإدراك الإيماني. وقد ذُكرت السكينة (السكينة الإلهية) مراراً وتكراراً كعنصر أساسي لطمأنينة المؤمن؛ فالسكينة ليست مجرد هدوء عاطفي، بل هي زوال تأثير القلق الخارجي على قلب المؤمن. وفي الأسرة الإسلامية، يُعادل هذا المعنى بناء درع نفسي ضد القلق الناجم عن الإعلام. لا تعيش هذه الأسرة في عزلة، بل في تفاعل ثاقب مع العالم؛ تفهم ولا تنخدع.
تعليقك