وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : العتبة الحسينية المقدسة
الجمعة

١١ يونيو ٢٠٢١

١٠:٠٨:٤٢ ص
1149496

محمد حسين كاشف الغطاء نبذة عن حياته وشعره

عرف كاشف الغطاء بمواقفه الاصلاحية والدعوة إلى التقريب بين المذاهب وسافر من أجل ذلك إلى إيران ومصر وسورية ولبنان وفلسطين، وباكستان وغيرها من البلاد في سبيل وحدة الصف الإسلامي والتصدي لأعداء الإسلام.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (162) بيتاً:

ضربوا الخيامَ بـ (كربلا) وعليهمُ      قـد خـيَّـمـتْ بـبـلائِها كرباتُها

نـزلوا بها فانصاعَ من شوكِ القنا      ولظى الهواجرِ ماؤها ونباتُها

وتـقـحَّـموا ليلَ الخطوبِ فأشرقتْ      بـوجـوهِـهم وسيوفِهم ظلماتُها

ومنها:

يا هلْ ترى مضراً درتْ ماذا لقتْ      في (كربلا) أبـنـاؤها وبناتُها

خـفـرتْ لـهـا أبـنـاءُ حـــربٍ ذمَّـةً      هـتـكـتْ لهم ما بينها خفراتُها

جـارتْ عـلـى تـلك المنيعاتِ التي      تهوى النجومُ لو أنها جاراتُها

وقال في رثائه (عليه السلام) أيضاً من قصيدة تبلغ (82) بيتاً:

ضربوا بعرصةِ (كربلاء) خيامهمْ      فـأطـلَّ كـربٌ فـوقـهـا وبــلاءُ

لِلّهِ أيَّ رزيَّـــةٍ فـــــــــــي (كربلا)      عظمتْ فهانتْ دونَها الأرزاءُ

يــومٌ بــهِ سـلَّ ابـنُ أحـمـدَ مُـرهفاً      لـفـرنـدِهِ بـدجـى الـوغى لألاءُ

وقال من أخرى تبلغ (68) بيتاً:

ولا يـومَ أشــدَّ بـلا وكـربٍ      كـيـومِـهـم بـعـرصةِ (كربلاءِ)

غـداةَ أتـتْ تـحـفُّ أبـا عليٍّ      فوارسُ من بني عمرو العلاءِ

تسارعُ كالشهابِ إلى هياجٍ      وتـثـبـتُ كالهضابِ لدى اللقاءِ

وقال من أخرى تبلغ (42) بيتاً:

تـاللهِ مــا (كـربلا) لــولا سـقـيفتهمْ      ومـثـلُ ذا الفرعِ ذاكَ الأصلِ ينتجُه

ففي الطفوفِ سقوط السبطِ مُنجدلاً      من سقطِ محسنَ خلفَ البابِ منهجُه

وبـالـخـيامِ ضرامُ النارِ من حطبٍ      بـبـابِ دارِ ابـنـةِ الــهــادي تـأجــجُّه

وقال من أخرى:

إلى أن دبتْ تسري بسمِّ نفاقهمْ      إلى (كربلا) رقشُ الأفاعي النوافثُ

فـأخـنـتْ عـلى آلِ النبيِّ بوقعةٍ      بها عاثَ في شملِ الهدى كـلُّ عائثِ

غـداةَ اسـتـغاثَ الدينُ بابنِ نبيِّهِ      فـهـبَّ لـه مـن نـصـرهِ خـيـرُ غائثِ

وقال من قصيدة في رثاء أبي الفضل العباس (عليه السلام) تبلغ (75) بيتاً:

أصابَ بها من (كربلا) قلبَ أحمدٍ      وقـلـبَ عـلـيٍّ والـبــتــولــةِ أســهـمُ

غـداةَ بـنـوهُ الـغـرُّ فـي نصرِ دينِهِ      سـرتْ ونـهـارُ العدلِ بالحورِ مظلمُ

بفتيانِ صدقٍ في الـحـفيظةِ يمَّمتْ      ركابَ العُلى في ظعنِهم حيثُ يمَّموا

الشاعر

الشيخ محمد حسين بن علي كاشف الغطاء، ( 1293 ــ 1374 هـ / 1876 ــ 1954 م) علم من أعلام الحوزة العلمية في النجف الأشرف، ومن عظماء الدعاة إلى الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية تحت راية الإسلام، وفذ من أفذاذ العلم والأدب والفلسفة والسياسة، ولد في النجف الأشرف من أسرة علمية عريقة عرفت بـ (آل كاشف الغطاء) تعود إلى بني مالك وقد تصدر رجالها الحركة العلمية قرابة قرنين.  

وجاء لقب الأسرة نسبة إلى كتاب (كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغرَّاء)، وهو كتاب في الفقه والأحكام، ألّفه آية الله الشيخ جعفر كاشف الغطاء (1156 ــ 1228 هـ / 1743 ــ 1814 م) وهو جد الشيخ محمد حسين.

تنتمي هذه الأسرة إلى قبيلة النخع العربية القحطانية اليمانية الأصل وتحديدا إلى البطل مالك الأشتر (رضوان الله عليه) صاحب أمير المؤمنين (عليه السلام) والمستشهد على ولائه والتمسك به وشجرة نسبه هي:

الشيخ محمد حسين بن علي بن محمد رضا بن موسى بن جعفر بن خضر بن محمد بن يحيى بن مطر بن سيف الدين المالكي بن هديب بن حرحد بن علي بن صقر بن أبي ورّام بن أبي فراس بن عيسى بن أبي النجم بن ورَّام بن حمدان بن خولان بن إبراهيم بن مالك الأشتر.

وقد نزحت هذه الأسرة إلى النجف الأشرف قبل ثلاثة قرون وأول من سكن النجف جدها الأعلى الشيخ خضر بن يحيى المالكي قادما من الحلة وقد برز من أسرته أعلام الكثير منهم الشيخ علي والد الشيخ محمد حسين الذي قال عنه الشيخ جعفر آل محبوبة في (ماضي النجف وحاضرها): (هو زعيم الأُسرة الجعفرية في عصره وشيخها المقدّم، علا مجده وسعد جدّه، تربّع على منصّة الزعامة الطائفية في بيته، وكان مهاباً مبجّلاً محترماً) ومنهم أخوه المرجع الكبير الشيخ أحمد بن علي، الذي قال عنه السيد محمد مهدي الخوانساري الأصفهاني الكاظمي في (أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة): (كان عالماً فاضلاً، وفقيهاً كاملاً، ومجتهداً عاملاً، فهو كعبة العلوم التي تشدّ إليها الرحال، وبيت شرف المنطوق والمفهوم الذي يطوف به الرجال).

نشأ الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في ظل هذه الأجواء المفعمة بالعلم والأدب فدرس مقدمات العلوم ثم الفقه والأصول والحديث والكلام والحكمة على يد كبار علماء النجف منهم:

آية الله الشيخ محمد كاظم الخراساني المعروف بـ الآخوند الخراساني، والشيخ محمد رضا الهمداني، والشيخ حسين النوري والشيخ أحمد الشيرازي، ومحمد باقر الاصطهبانائي، ومحمد رضا النجف آبادي، ومصطفی التبريزي والشيخ محمد حسن المامقاني، والميرزا محمّد تقي الشيرازي، والسيد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي.

نال كاشف الغطاء درجة الإجتهاد وتصدر للتدريس قرابة أربعين عاماً تخرج على يديه كثير من الأعلام أبرزهم: آية الله السيد محسن الحكيم، والشيخ محمد جواد مغنية، وآية الله السيد محمد علي القاضي الطباطبائي (إمام جمعة تبريز)، والشيخ عبد الحسين الأميني (صاحب موسوعة الغدير)، والسيد إسماعيل المرعشي، والسيد مسلم الحلي، والسيد أمير محمد القزويني، والشيخ علي الخاقاني، والشيخ محسن شرارة، والشيخ عبد الله المشطوب، الشيخ محمد المهدوي السعيدي.

عرف كاشف الغطاء بمواقفه الاصلاحية والدعوة إلى التقريب بين المذاهب وسافر من أجل ذلك إلى إيران ومصر وسورية ولبنان وفلسطين، وباكستان وغيرها من البلاد في سبيل وحدة الصف الإسلامي والتصدي لأعداء الإسلام، كما كانت له مواقف كثيرة مشرفة ومناهضة للإحتلال البريطاني، وألف أغلب كتبه في الدفاع عن الإسلام وشريعته الحقة ومذهبه الحق.

وبقي يرفد الساحتين العلمية والجهادية بعطائه حتى وفاته في إيران ودفن في النجف

من أقوال العلماء فيه

قال عنه محمد الشيخ حرز الدين في (معارف الرجال): (كان عالماً أُصولياً فقيهاً، وكاتباً بارعاً، لا يُدانيه أحد في عصره بقلمه وخطابه ومجالسته، صرع الكتاب بقلمه، وأفحم المتكلّمين بمنطقه، أرجف ممثّلي الدول والساسة بحديثه وشخصيّته، إضافة إلى أنّه كان بحّاثة منقّباً مؤرّخاً أديباً شاعراً).

وقال عنه الشيخ جعفر آل محبوبة في (ماضي النجف وحاضرها): (هو عميد الطائفة الجعفرية وزعيمها، وعلم من أعلام الفرقة الناجية وناصرها، منبع العلوم والآداب، وكعبة الفضل التي إليها تحث الركاب سرّ الفصاحة وبحر البلاغة).

وقال عنه الشيخ أغا بزرك الطهراني في (طبقات أعلام الشيعة): (هو من كبار رجال الإسلام المعاصرين، ومن أشهر مشاهير علماء الشيعة… والحقيقة أنّه من مجتهدي الشيعة الذين غاصوا بحار علوم أهل البيت (عليهم السلام)، فاستخرجوا من تلك المكامن والمعادن جواهر المعاني ودراري الكلم فنشروها بين الجمهور).

وقال عنه السيّد الإصفهاني الكاظمي (أحسن الوديعة): (هو العلّامة الكبير، والمصلح الشهير، والعالم النحرير، لطيف التقرير، جيّد التحرير، وقلمه قلم عصري، ومؤلّفاته تُوافق ذوق العصر الحاضر… وهو اليوم من كبار رجال العلم والدين، وأحد مراجع المسلمين).

وقال عنه أيضاً: (كان الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء علاّمةً كبيراً، ومصلحاً شهيراً، وعالماً مقتدراً، له بيان ساحر، وكتابات جذّابة، كانت مؤلّفاته مكتوبة بلغة سلسة، تناسب لغة العصر، منسجمة مع التطوّر).

وقال عنه الأستاذ علي الخاقاني في (شعراء الغري): (أشهر مشاهير زعماء الدين في العالمينِ الشرقي والغربي… والإمام المترجم له شخصية فذّة يصعب على الزمن أن يأتي بمثلها، فقد جمعت كثيراً من النواحي التي عزّ أن تُجمع في فقيه أو في زعيم ديني).

وقال عنه الشيخ محمّد هادي الأميني في (معجم رجال الفكر والأدب في النجف): (من أعلام الطائفة، ومنابع العلم والأدب والفقه، وأئمّة القريض والفصاحة والبيان).

وقال عنه الأستاذ جعفر الخليلي: (لقد كان الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء نسيجاً وحده، علماً، وأدباً، وفنّاً، وكان زعيماً روحياً فذّاً، ومصلحاً كبيراً، سيظلّ التاريخ زمناً طويلاً يبحث عن نظيرٍ له بين جماعة الروحانيّين فلا يوفَّق. وقلَّما شوهد شخصٌ يجمع بين عددٍ غير قليل من زعاماتٍ انفرد بها في العالم الإسلامي والعالم العربي. فقد كان زعيماً روحياً، واسع الاطلاع، تخرج الكثير من العلماء على يده، وكان منهم: السيد محسن الحكيم، المرجع الروحاني الأكبر اليوم. وكان خطيباً قلَّ نظيره من حيث بلاغة الكلام، وفصاحة اللفظ، ونفوذ معانيه إلى قلوب مستمعيه. وكان زعيماً من أكبر الزعماء في عالم الأدب، شعراً ونثراً).

وقال عنه الشيخ جواد الشبيبي: (أما صاحب الترجمة فحدّثْ عن البحر ولا حرج، آية في العلم، والفضائل كبرى، ومعجزة يقصر الفكر أن يحيط بها خُبْرا، ركب جادة الجد... وخاض لجة الفضل قبل أن يشتد ساعده، فأدرك ما أمّلته فيه مدارك العقول، وأصبح والمعقول عنه منقول، والمنقول بحمى إفادته معقول)

وقال عنه السيد جواد شبر في (أدب الطف): (من كبار رجالات الاسلام ومن أشهر مشاهير علماء الشيعة ومن الشخصيات العالمية التي دوت في الخافقين .... كان في طليعة المجاهدين بالسيف والقلم ، ولم يزل اسمه يلمع وشهرته تتسع في الاوساط حتى اصبح المفزع للامة في كل مهمة).

مؤلفاته

فاقت مؤلفاته الثمانين مؤلفاً تنوعت بين الفقه والأصول والحكمة والسياسية والعقائد وغيرها وترجم بعضها إلى اللغة الفارسية والإنكليزية والهندية ومن مؤلفاته:

المثل العُليا في الإسلام لا في بحمدون

العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية

صحائف الأبرار في وظائف الأسحار

مبادئ الإيمان في الدروس الدينية

التوضيح في بيان ما هو الإنجيل التوضيح ومَن هو المسيح

مغني الغواني عن الأغاني

نبذة من السياسة الحسينية

الأرض والتربة الحسينية ترجم إلى: الإنكليزية والفارسية والهندية

الميثاق العربي الوطني

أصل الشيعة وأُصولها

المحاورة بين سفيرين

المراجعات الريحانية

نقض فتاوى الوهابية

الفردوس الأعلى طبع في الأرجنتين

وجيزة الأحكام (رسالته العملية)

الدين والإسلام أو الدعوة الإسلامية

الآيات البينات وهو يحتوي على خمس فصول هي: (المواكب الحسينية، نقض فتاوى الوهّابية، رد الملاحدة والطبيعية، مزخرفات البابية والبهائية، ردّ الأُموية الحديثة).

تحرير المجلة قال عنه السيد جواد شبر: (كتاب ممتع تحتاجه جميع الطبقات وانما ألفه حيث رأى (مجلة العدلية) أو (مجلة الأحكام) المقرر تدريسها في كلية الحقوق ببغداد من زمن الأتراك وهي بحاجة إلى التنقيح والتحرير، فألف تحرير المجلة بخمسة أجزاء)

جنة المأوى

مناسك الحج

مغني الغواني عن الأغاني

الفردوس الأعلى

زاد المقلّدين في الفقه (بالفارسية)

نقد كتاب ملوك العرب لأمين الريحاني

السؤال والجواب (في الفقه)

نبذة من السياسة الحسينية مترجم إلى الفارسية

ديوان شعر

إضافة إلى العديد من التحقيقات والحواشي منها:

ديوان السيد جعفر الحلي المسمى (سحر بابل وسجع البلابل)

ديوان السيد محمد سعيد الحبوبي (تحقيق)

المراجعات الريحانية وهو كتاب المطالعات والمراجعات والنقود والردود

الوساطة بين المتنيي وخصومه للقاضي الجرجاني (تحقيق)

حاشية على عين الحياة (بالفارسية).

حاشية على سفينة النجاة لأخيه الشيخ أحمد كاشف الغطاء (بالفارسية)

حاشية على كتاب التبصرة للعلامة الحلي

شعره

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (46) بيتاً:

رزايـاكـمُ يـا آلَ بـــيــتِ مـحـمـدٍ      أغـصُّ لـذكـراهـنَّ بـالـمـنـهلِ العذبِ

عـمـىً لـعيونٍ لا تفيضُ دموعُها      عليكمْ وقد فاضتْ دماكمْ على التُربِ

وتـعـسـاً لـقـلـبٍ لا يـمزِّقُه الأسى      لـحـربٍ بـهـا قـد مـزَّقتكمْ بنو حربِ

فـوا حـرَّتـا قـلـبي وتلكَ حشاشتي      تـطـيـرُ شـظـايـاهـا بـواحــرَّتا قلبي

أأنـسـى وهل ينسى رزاياكمُ التي      ألـبَّـتْ عـلـى ديـنِ الـهـدايــةِ ذو لبِّ

تـشـاطـرتـمُ فـيـهِ رجـالاً ونــسوةً      عـلـى قـلّـةِ الأنصارِ فادحةَ الخطبِ

فـأنـتـمْ بـه لـلـقـتـلِ والـنـبلِ والقنا      ونـسـوتـكـمْ للأسرِ والسبي والسلبِ

تثيرُ على وجهِ الثرى من حماتِها      لـيـوثَ وغـىً لـكـن مـوسَّـدةَ التربِ

نيامٌ على الأحقافِ لكن بلا كرى      ونـشـوانـة الأعطافِ لكن بلا شربِ

وقال من حسينية أخرى:

واحـرَّ قـلـبـي يا بنَ بـنـتِ مـحـمـدٍ      لكَ والعدى بكَ أنجحتْ طلـباتُها

منعتكَ من نَـيـلِ الـفـراتِ فلا هنى      لـلـنـاسِ بـعـدكَ نـيـلُـها وفـراتُها

وعـلـى الـثـنايا منكَ يلعبُ عودُها      وبـرأسِـكَ الـسـامـي تُـشالُ قناتُها

وبـهـمْ تروحُ العـاديـاتُ وتـغـتـدي      وجسومُكمْ فوق الـثـرى حـلباتُها

ونـسـاؤكـمْ أسـرى سرتْ بسراتِها      تدعو وعـنها اليومَ أينَ سُـراتُـهـا

هاتيكَ في حـرِّ الـهـجـيرِ جسومُها      صرعى وتلكَ على القنا هاماتُها

بأبي وبي منهمْ محاسنُ في الثرى      لـلـحـشـرِ تنشرُ فخرهمْ حسناتُها

أقـوتْ مـعـالـمَ أنسِهمْ والوحشُ كمْ      راحـتْ ومـن أسـيـافِـهم أقـواتُها

وقال من قصيدة طويلة:

ونـجـدةُ عـزمٍ مـن لويٍّ وجوهُهم      تعدّ لـكـشـفِ الـنـائـبـاتِ الـــكـوارثِ

رمى لهواتِ الخطبِ فيه فجرَّدوا      مـن الـعـزمِ أمـثـالِ الرقاقِ الـغوارثِ

وهاجوا اشـتياقاً لـلـهـيـاجِ كـأنّـما      لهم في الوغى خودُ الظباءِ الرواعثِ

وأطـربـهـم وقـعُ الـظـبـا فـكـأنَّـه      رنـيـنُ الـمـثـانـي عـنـدهــمْ والـمثالثِ

لقد ثبتوا في مـوقـفٍ هـانَ عـنده      زوالُ الـجـبـالِ الـراسـيـاتِ الـمواكثِ

أبا حـسـنٍ يـهـنـيـكَ مـجـدٌ مؤثلٌ      لا بـنـاكَ مـعـقـودُ الـقـديــمِ مــحــادثِ

لقد جدَّدوا ذكراً لـعـلـياكَ ما عفا     وغـرُّ مــســاعٍ مـنـكَ غــيــرُ رثــائـثِ

وقال:

فـي الـقـلـبِ حـرُّ جوىً ذاكٍ توهُّجُه      الـدمـعُ يـطـفـيهِ والذكرى تؤجِّجُه

أفدي الألى سحراً أسرى بـهمْ ظعنٌ      وراءَ حـادٍ مـن الأقـدارِ يـزعـجُـه

ركـبٌ عـلـى جـنّـةِ الـمأوى معرَّسُه      لـكـنْ عـلـى مـحنِ البلوى مُعرَّجُه

مثلَ الحسينِ تضيقُ الأرضُ فيه فلا      يـدري إلى أيـنَ مـأواهُ ومـولـجُـه

ويـطلبُ الأمنَ بالبطحا وخوفُ بني      سـفـيـانَ يقلقُه عـنـهـا ويـخـرجُــه

وهوَ الذي شُـرِّفَ الـبـيتُ الحرامُ به      ولاحَ بـعـد الـعـمـى للناسِ منهجُه

يـا حـائـراً لا وحاشا نـورَ عـزمـتِـه      بمنْ سواكَ الـهدى قد شعَّ مسرجُه

وواسـعَ الـحـلـمِ والـدنـيـا تـضيقُ بهِ      سواكَ إن ضاقَ خطبٌ مَن يفرِّجُه

فـأيـنَ جـدُّكَ والأنـصـارُ عـنــكَ ألا      هـبـتْ لـه أوسُـه مـنـهـمْ وخزرجُه

وأيـنَ فـرسـانَ عـدنــانٍ وكـلُّ فـتىً      شاكي السلاحِ لدى الهيجا مدجَّـجُه

وأيـنَ عـنـكَ أبـوكَ الـمرتضى أفلا      يـهـيـجُـه لـكَ إذ تــدعـو مـهـيَّــجُـه

حـاشـا لـوجـهِـكَ يـا نـورَ النبوَّةِ أن      يمسي عـلى الأرضِ مـغبرَّاً مُبلّجُه

وقال من قصيدة في علي الأكبر (عليه السلام) تبلغ (67) بيتاً:

وأشبههمْ خَلقاً وخُلقا ومنطقا      بأحمدَ في غرِّ الثنا والمدائحِ

وكانوا إذا اشتاقوا لوجهِ محمدٍ      عنوا لمحيا منه بالشبهِ واضحِ

فلهفي لبدرٍ مِن مُـحـيَّـاهُ سـاطعٌ      ولـكـنْ بـبـحـرٍ مـن دمِ الـنـحرِ سابحُ

يموجُ بماءِ الـحـسـنِ مـاءُ شبابِهِ      ويوري الظما جمراً وراءَ الـجوانحِ

وما بلغَ الـعشرينَ ريعانُ عمرِهِ      وألقى المئين البهمَ فوقَ الصحاصحِ

دعاهُ أبي هـلْ مـن سبيلٍ لشربةٍ      تـعـيـنُ على ضربِ العدى والتكافحِ

جـهـدتُ بـأثقالِ الحديدِ وكضَّني      ظـمـاي بـحـرِّ الـهـاجـراتِ البوارحِ

فلهفي لـه يـشـكـو ظـمـاهُ لـمثلِهِ      ويـرجـعُ مـن تـأمـيـلِــهِ غـيـرُ ناجحِ

فقالَ له ارجعْ يا بنيَّ إلى العدى      لـتـمـسـي قـريرَ العينِ ريَّ الجوانحِ

وتـشـربُها من كأسِ جدَّكِ شربةً      تـقـيـكَ الــظـمـا والـضيمَ بعدُ بفادحِ

فـعـرَّجَ لـلـهـيـجـاءِ لـيـسَ بناكلٍ      ولُـجِّـجَ فــي الأوسـاطِ لا مـتـحـانـحِ

فـلـلـهِ ذاكَ الـغصنُ غضاً شبابُه      ذوى فـهـوى فوق الصفا والصفائحِ

بُني على الـدنيا العفا مُذ تركتها      ورحـتَ إلـى دارِ الـمـنـى والـمنائحِ

فأمسيتَ ما بين الـنـبـيِّ وفـاطـمٍ      وأمـسـيـتُ ما بين العدى والكواشحِ

 وقال من أخرى تبلغ (٣٧) بيتاً:

على شاطي الفراتِ قضوا ولكن      لـغلّتهمْ ذكيُّ الـجـمـرِ نـاعـي

وظـلَّ عـمـيـدُهم في الجمعِ فرداً      يـفـرِّقُ كـلَّ مـلحدةِ اجـتـمـاعِ

يضيعُ حـشـاهُ فـي حدِّ المواضي      ويـحـفـظ ذمَّـةَ الدينِ المُضاعِ

إلى أن خـرَّ مُـنـعـفـراً جـديــــلاً      كرأسِ الطودِ حلَّ من الـيـفاعِ

فـوا لـهـفـي عـلـيـكَ أبــا عــلـيٍّ      عـشـيَّـةَ جـدَّ صـحـبُـكَ للوداعِ

ووا لـهـفـي عـلـيـكَ بــلا مـحامٍ      غدوتَ على العدا وبلا مراعي

بـحـالٍ لـو بـصـمِّ الـصخرِ أدنى      فـجـائـعُـهـا لآذنَ بــانــصـداعِ

عـزيـزُ يـا عـزيـزَ اللَهِ تــهــوى      جريحاً قد ضعفتَ عن الـدفاعِ

تـكـابـدُ مـن سـنــانٍ أو لــســانٍ      أذى جـرحـيـنِ طـعـنٍ أو قذاعِ

عـزيـزٌ يـا عـزيـزَ اللَهِ تـــبــقى      ثـلاثـاً بـالـعـرا شـــلــواً بــقـاعِ

ورأسُـكَ بـالـقـنـا لـلـشـامِ يُهدى      وجـسـمُـكَ رهـنُ هـاتيكَ البقاعِ

وقال:

بـأبـي أبـيَّ الــضــيــمِ سِـيــمَ هوانَه      فلواهُ من وردِ الـهـوانِ إبـــاءُ

وتـألّـبـوا زمــراً عـلـيـه تــقــودُهــا      لـقـتـالِـه الأحـــقادُ والـبغضاءُ

فـسـطـا عـلـيـهـم مـفـرداً فـثـنـتْ له      تلكَ الجموعَ النظرةُ الشزراءُ

يا واحـداً لـلـشـهـبِ مــن عـزمـاتِـه      تـسـري لـديـهِ كـتـيـبـةٌ شهباءُ

ضاقتْ به سعةُ الفضاءِ على العدى      فـتـيـقّـنـوا مـا بـالـنـجاةِ رجاءُ

فـغـدتْ رؤوسـهـمُ تـخـرُّ أمــامــهمْ      فـوقَ الثرى وجسومهنَّ وراءُ

تـسـعُ الـسيوفُ رقابَهم ضرباً وبالـ      أجـسـامِ مـنـهمْ ضاقتِ البيداءُ

مازالَ يـفـنـيـهـمْ إلـى أن كــــادَ أن      يـأتـي عـلـى الإيجادِ منه فناءُ

لـكـنَّـمـا طـلـبَ الإلــــهُ لــــقـــــاءَه      وجرى بما قد شاءَ فيه قضاءُ

فـهـوى على غبرائِها فتضعضعتْ      لـهـويِّــه الـغـبراءُ والخضراءُ

تـبـكـي الـسـمـاءُ دمـاً له أفلا بكتْ      مـاءً لــغــلّــةِ قـلـبِــه الأنــواءُ

وقال:

أبـوا إلّا إلـى الـعـزِّ انـتـسـابــــاً      فـلـيـسَ لهمْ أبٌ غيرَ الإبـاءِ

وإن وقـفـوا بـمـعـتركٍ وضاقتْ      بجيشِ عداهمُ سعةُ الـفضاءِ

تـهـبُّ ريـاحُ بـأسـهـمُ فــتــغـدوا      رؤوسَ الـقومِ فيها كالـهباءِ

بـحـربٍ لـم يـدعْ مـن آلِ حـربٍ      سوى ذكرٍ تجزّى أو شـقاءِ

بـه قـبـلَ الـمـنـى ذاقــوا الـمـنايا      وقبلَ النارِ صاعقةَ الـسماءِ

أمـامَ إمـامـهـمْ ثـبـتـوا ضــرابــاً      تـردُّ الـقـومَ عنه إلـى وراءِ

وحـيـنَ قـضـوا حـقـوقاً كانَ كلٌّ      بها عند الـبـلا حـسنَ البلاءِ

دعا بهمُ إلى الفردوسِ داعي الـ      ـكرامةِ فاسـتـجـابـوا للدعاءِ

وخـرُّوا بـيـن مُـنـعـفـرٍ جــديـلٍ      على الرمضا وآخرَ بالعراءِ

وقـامَ الـسـبـط بـيـنـهــمُ مـثـيـراً      لـهـمْ وهـمُ عـلى وجهِ الثراءِ

يـنـادي أيـنَ عـنـي يـا حـماةَ الـ      ـهدى ورعــاةَ حـقِّ الإهتداءِ

وأينَ فـوارسُ الـهـيجا وأهلُ الـ      ـوفـا ولـيوثُ اخوانِ الصفاءِ

وفـيـتـمْ يـا كـرامَ ومُـذ قـضـيتمْ      قـضـى أسـفاً لكمْ كرمُ الوفاءِ

وقال:

سـيقتْ ظعائنهمْ تخبُّ ومـا دَروا      أنَّ الـحـتوفَ تُساقُ إثرَ مساقِها

حـتـى إذا بـلـغـوا وما بـلغَ المُنى      عثرَ القضا فكبتْ على أعناقِها

واستُنزِل البدرُ الـمـشعشعُ مشرقاً      منه الـبـدورُ تغارُ في إشراقِها

واستخطفَ الأسـدُ الـمـلـبَّـدُ باسلاً      تعنوا له الآسـادُ مـن إشـفـاقِها

وانحطّ عن أوجِ الــفخارِ بنسرِها      مُردي نـسورَ الجوِ في آفـاقِـها

هذا الذي خطبته أبــكـارُ الـعُـلـى      عـن رغـبةٍ في مجدِهِ بصداقِها

ذا حائزٌ قصبَ المفاخرِ أن جرى      كـان الـمـجـلّـي فـائزاً بسباقِها

وقال:

أبو الفضلِ تأبى غيرَه الفضلُ والإبا      أباً فهوَ أمَّا عنه أو فـيـهِ يــرسـمُ

عـلـيـمٌ بـتـأويــلِ الــمـنــيّـــةِ ســيـفُه      نزولٌ عـلـى مـن بالكريهةِ معلمُ

ويمضي إلى الهيجاءِ مستقبلَ العدى      بماضٍ به أمـرُ الــمـنـيّــةِ مُـبرمُ

وإن عـادَ لـيـلُ الـحـربِ بـالنقعِ أليلاً      فـيـومُ عـداهُ مـنـهُ بـالـشـرِّ أيـومُ

وإن سـمـعَ الأطـفـالُ تـصرخُ للظما      تـصـارخُ مـنهُ الجحفلُ المتضمِّمُ

وصـالَ عـليهمْ صولةَ الليثِ مُغضباً      يحمحمُ من طولِ الطوى ويدمدمُ

وراحَ لـوردِ الـمـسـتقى حاملَ السقا      وأصدرَ عـنـه وهـوَ بـالماءِ مفهمُ

ومُذ خاضَ نهرَ الـعـلـقـميِّ تذكّرَ الـ      ـحـسيـنَ فولّى عنه والريقُ علقمُ

ولـمّـا أبـى مـنـكَ الإبـاءَ تــــأخّـــراً      وأنّ أبـا الـفـضـلِ الـذي يــتـقـدّمُ

وإنّ عـمـودَ الـفـضـلِ يخسفُ هامَه      عـمـودُ حـديـدٍ لـلـضـلالــةِ يدعمُ

وحـيـن هـوى أهوى إلـيـهِ شـقـيـقُـه      يـشـقّ صفوفَ المخلدي ويحطّمُ

فـألـفـاهُ مــقــطــوعَ الـيــدينِ معفّراً      يـفـوَّرُ مـن مـخسوفِ هامتِه الدمُ

فقال: أخـي قـد كـنـتَ كبشَ كتيبتي      وجـنّـة بـأسٍ حـيـن أدهـى وأدهمُ

وله قصيدة في أمير المؤمنين (عليه السلام) قال عنها السيد جواد شبر في أدب الطف: (وفي كتاب جنة المأوى من مؤلفات المترجم له قصيدة في يوم الغدير نظمها قبل أربعين سنة وتحتوي على ٢٥ بيتاً مثبتة في ديوانه الموجود في مكتبته العامة) ولم يذكر شبر من القصيدة سوى بيتين من مطلعها وهمت:

إمـامُ الـهـدى هـل أبـــدعَ اللهُ آيـــــةً      لمعناهُ أسمى منكَ شأناً وأشمخا

كمِ استصرخَ الإسلامُ يدعو فلم يجدْ      لـصـرختِه إلا حسامكَ مُصرخا

محمد طاهر الصفار
..........
انتهى/ 278