وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ شكل التطورات في غرب آسيا، وبالأخص فلسطين، محور الأخبار الدولية ووسائل الإعلام. بلغ عدد شهداء الهجمات الوحشية للكيان الصهيوني على غزة حتى بداية أغسطس 2025 أكثر من 59 ألف شهيد، ووضع الأطفال الذين يموتون من الجوع وسوء التغذية مأساوي، ما جذب اهتمامًا متزايدًا لهذه المنطقة. ومع ذلك، لا زال الصمت الدولي مستمرًا، إضافة إلى دعم الغرب والولايات المتحدة لهذا الكيان.
أصبح الحصار الكامل على غزة ومنع وصول المساعدات الإنسانية، مما تسبب بالمجاعة وسوء التغذية، أداة لإبادة جماعية. كما باءت محاولات التهدئة الدبلوماسية، مثل زيارة المبعوث الخاص لترامب للمنطقة، بالفشل. وفي ظل هذا الجمود، أعلنت بعض الدول نيتها الاعتراف بفلسطين خلال الأشهر القادمة، وهو إعلان أثار الشكوك ويُعتقد أنه غطاء لمزيد من الجرائم الصهيونية ومراحل لإتمام التطهير العرقي في غزة.
في هذا السياق، كان العدوان الصهيوني والأمريكي، الذي بدأ بقصف المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية واغتيال القادة والعلماء النوويين، وما تلاه من تهديدات وتحركات إسرائيلية متكررة، سببًا في تعقيد المعادلات الإقليمية.
عبد الباري عطوان، الكاتب والمحلل العربي المعروف ورئيس تحرير صحيفة "رأي اليوم" اللندنية، تحدث لوكالة "ابنا" موضحًا آخر تطورات المنطقة، خاصة في غزة، ومواقف الفاعلين الدوليين حيال هذه الأحداث، كما حلل العدوان الأخير للكيان الصهيوني على الأراضي الإيرانية.
س: نشهد هذه الأيام أبشع الجرائم ضد شعب غزة، بعضها غير مسبوق في التاريخ. ما الذي دفع الكيان الصهيوني لارتكاب هذه الجرائم؟ وما رسالتها؟
ج: الكيان الصهيوني فقد قدرته على تحقيق التفوق العسكري والسياسي في المنطقة، وهذه الجرائم في غزة دليل على الفشل لا على النصر. كان يعتقد أنه سينهي المعركة في غزة خلال أسابيع، لكنه فشل. صمود المقاومة، خصوصًا حماس والجهاد الإسلامي، وضع إسرائيل في حالة من القلق والارتباك. ولهذا لجأ الكيان إلى قتل المدنيين بالجوع والحصار.
العدو يخسر بالكامل داخليًا وخارجيًا. مشروع إسرائيل انهار بعد 7 أكتوبر. هذا المشروع كان يعتمد على ضعف العرب وقوة إسرائيل ودعم الغرب، لكن إسرائيل اليوم لم تعد قوية كالسابق لتنهي الحروب خلال أيام أو ساعات.
س: هل تستطيع إسرائيل تحقيق حلم بن غوريون بإنشاء "إسرائيل الكبرى"؟
ج: إسرائيل اليوم غير قادرة على تحقيق هذا الحلم ولم تعد تملك اليد العليا لتحقيق رؤيتها الكبرى.
س: أوروبا تتحدث مؤخرًا عن الاعتراف بفلسطين. هل ترى هذا جديًا أم مجرد ضغط على الإدارة الأمريكية؟
ج: الحديث الأوروبي عن حل الدولتين وتأسيس فلسطين هو مخدر لتخدير المنطقة العربية. أوروبا تدرك أن إسرائيل محاصرة في مأزق كبير، فتحدثت عن هذا الحل. لكن جميع القرارات الدولية السابقة والاتفاقات لم تؤدِ إلى دولة فلسطينية حقيقية لأن الغرب وإسرائيل لا يريدانها. حتى إدارة ترامب عارضت حل الدولتين.
حل الدولتين مجرد وسيلة لإنقاذ إسرائيل دبلوماسيًا وسياسيًا من العزلة والغضب العالمي والحرب على غزة، وهو خرق لكافة القوانين والقرارات الدولية.
س: ترامب يقول إنه يريد إيصال المساعدات لغزة ويعبر عن قلقه الإنساني، لكنه شريك في مقتل أطفال غزة. ما تعليقك؟
ج: تصريحات ترامب عن المساعدات أكاذيب واضحة. ترامب مرتبط بإسرائيل التي تسيطر على الولايات المتحدة. هو تحت ضغط سياسي وأخلاقي من إسرائيل، ويستخدم ملفاته الفاضحة كتهديد ضد قادة أمريكيين وعالميين.
ترامب لا يريد وصول المساعدات لغزة، فالحصار مستمر 22 شهرًا، ومراكز التوزيع هي فخاخ مميتة بتنسيق أمريكي. أمريكا ترحب بالمجازر والحصار، وتستخدم الجوع كسلاح لإرغام الفلسطينيين على الثورة ضد حماس والمقاومة، لكنها فشلت. المقاومة في غزة انتصرت، والعمليات العسكرية مستمرة. قتل 40 جنديًا إسرائيليًا في غزة، منهم جنرالات كبار، دليل على فشل إسرائيل.
إسرائيل عادت للحرب في مارس وخالفت اتفاق وقف إطلاق النار، لكنها لم تحقق أهدافها في نزع سلاح حماس وطردها. المقاومة أفشلت كل خطط إسرائيل، والهجوم الذي أرسلته إسرائيل لتحرير أسرى انتهى بمقتل 40 إسرائيليًا وإصابة العشرات.
س: كيف ترى مسار المفاوضات بين حماس وإسرائيل ومستقبلها؟
ج: المفاوضات تخدم مصالح إسرائيل وتعطيها غطاءً لتحقيق أهدافها، أهمها تهجير 2.5 مليون فلسطيني من غزة. لكن الفلسطينيين متمسكون بأرضهم ويرفضون النزوح. المقاومة أثبتت شجاعة بخروجها من المفاوضات، وأدت لضربة قوية لإسرائيل والوسطاء العرب المتعاونين معها.
س: كيف تقيم العدوان الإسرائيلي الأمريكي على المنشآت النووية الإيرانية والرد الإيراني؟
ج: العدوان الإسرائيلي الأمريكي على إيران كان فاشلاً ومكلفًا لإسرائيل. إيران ردت بسرعة وبقوة، مما أثبت قدرتها على الرد. الصواريخ الإيرانية بدقة وقوتها أذهلت إسرائيل. صاروخ "خيبر" كان فوق صوتي وأجبر ملايين الإسرائيليين على الاختباء. إيران أعطت درسًا قاسيًا لإسرائيل التي بالغت في حساباتها.
س: لماذا طلبت إسرائيل وقف النار رغم تقدمها؟
ج: إسرائيل وأمريكا طلبتا وقف النار لأنهما أدركتا أن استمرار الحرب يعني خسارة أكبر لهما. إيران كانت تملك صواريخ متطورة لم تستخدم بعد. وقف النار لم يوقف إطلاق الصواريخ الإيرانية. إيران أثبتت تفوقها واستعدادها لأي عدوان مستقبلي.
س: هل تتوقع تجدد الحرب بين إيران وإسرائيل؟
ج: أوروبا وأمريكا وإسرائيل يعلمون أن أي عدوان على إيران سيقابل برد مدمر. إيران لم تكشف عن كامل قدراتها. العدوان الأخير كان اختبارًا فقط. نتنياهو يعاني من أزمات داخلية وإسرائيل تعاني من هجرة كبيرة. احتمال تجدد الهجوم الإسرائيلي على إيران وارد.
ختامًا، الأيام القادمة ستكون صعبة على إسرائيل.
....................
نهاية الترجمة
تعليقك