صرّح سماحة آية الله نوري الهمداني قائلاً: إنّ من الشواهد التاريخية الواضحة على سيرة الإمام السجاد (عليه السلام) هو ثباته وعدم مساومته أمام الحكّام الظالمين، وخطبه الشهيرة في الكوفة والشام تعدّ دليلاً ساطعاً على ذلك.

٣ فبراير ٢٠٢٥ - ٢٣:٣٧
آية الله نوري الهمداني: رسالة الحقوق للإمام السجاد (ع) نموذج للعدالة

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ ورد في رسالة المرجع الديني آية الله حسين نوري الهمداني إلى المؤتمر الدولي للإمام السجاد (عليه السلام): رغم أنّ بعض الأصدقاء غير الواعين، إلى جانب الأعداء المتآمرين، سعوا إلى تحريف صورة الإمام السجاد (عليه السلام) وصوّره كشخص دائم المرض وبعيد عن القضايا السياسية، إلا أنّ التاريخ يشهد بوضوح على أنّ أحد أبرز ملامح حياته كان عدم المساومة أمام الحكّام الظالمين، وخطبه في الكوفة والشام تُعدّ برهاناً واضحاً على هذا الموقف الصلب.

وفيما يلي نص هذه الرسالة:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، لا سيما بقية الله في الأرضين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهنئكم بمناسبة الأعياد الشعبانية وأبارك انعقاد هذا المؤتمر المبارك.

إنّ من أهم الفترات التاريخية في حياة الإمام علي بن الحسين (عليه السلام) تلك التي واجه فيها التحديات العصيبة التي فرضها الحكام الظالمون.

و رغم أن بعض الأصدقاء غير الواعين والأعداء المدركين حاولوا تحريف شخصية الإمام السجاد (عليه السلام) وتصويره على أنه شخص مريض دائماً ومنعزل عن القضايا السياسية، إلا أنّ التاريخ يشهد بأنّ أحد أبرز مواقفه كان عدم المساومة مع الحكام الجائرين، وخطبه الشهيرة في الكوفة والشام دليل واضح على ذلك.

لقد سعى الإمام السجاد (عليه السلام) إلى فضح ظلم وجور الحكم الأموي، والأهم من ذلك أنه عرّف الناس بأهل بيت النبوة (عليهم السلام) بصفتهم القادة الحقيقيين للأمة، مما أدى إلى يقظة الناس في الكوفة والشام. وعلى الرغم من أنّه عاش في أصعب الظروف الزمنية وتحت أشد الضغوط من قبل الحكام الظالمين، إلا أنه كان نموذجاً فريداً في نشر الإيمان وإحياء الإسلام المحمدي الأصيل وسيرة جده العظيم، رغم الرقابة المشددة التي فرضتها السلطات الأموية على تحركاته ومنعها لأي إصلاح.

لقد وصف العديد من العلماء والمحققين المسلمين عصر الإمام السجاد (عليه السلام) بأنه من أحلك العصور سياسياً وثقافياً، حيث تراجعت القيم الإسلامية إلى أدنى مستوياتها، ولم يبق من الإسلام سوى اسمه، الذي استُخدم لتحقيق مكاسب سياسية ومادية، في وقت لم يكن الناس مهتمين بمعرفة تعاليم الإسلام الحقيقية.

و قد وصف الإمام السجاد (عليه السلام) وضعه قائلاً:

إنّ زماننا يشبه زمان بني إسرائيل في عهد فرعون، حيث كان يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم. واليوم، حالنا قد ضاق علينا إلى حدّ أن الناس يتقربون إلى أعدائنا بسبّنا على المنابر.

لقد سعى الإمام السجاد (عليه السلام) إلى فصل الإسلام عن الانحراف، واستخدم الدعاء - الذي كان يُنظر إليه آنذاك فقط كوسيلة للتقرب إلى الله - كأداة لمواجهة الانحرافات والبدع التي رسّخها الحكم الأموي، وأودع في أدعيته معارف عظيمة وصلت إلى محبي الحقيقة عبر "الصحيفة السجادية"، التي بقيت خالدة حتى يومنا هذا.

و رغم أنّ العدل والمساواة من الأركان الأساسية للإسلام، إلا أن العصر الأموي شهد ظلماً وتمييزاً شديداً فُرض على المجتمع الإسلامي. ومن هنا، تُعدّ "رسالة الحقوق" للإمام السجاد (عليه السلام) نموذجاً مهماً لإحياء القيم الإسلامية، وتجسيداً لمبدأ العدالة، وحرصاً على المساواة، وتحذيراً للناس من التعدي على حقوق الآخرين.

وفي هذه الرسالة، يُلزم الإمام السجاد (عليه السلام) الحاكم بالعدل، ويعتبره مسؤولاً عن التصرف كأب رحيم يسعى إلى تحقيق الخير العام لجميع الناس، بحيث يكون نظام الحكم قائماً على رعاية حقوق الجميع وليس محاباة لفئة معينة. ويجب أن يكون الحاكم نصيراً لكل المواطنين، لا وصياً عليهم، وأن يعمل بإنصاف لمنع الظلم والتفرقة وإهدار حقوق المحرومين.

وفي الختام، أود أن أشكر جميع القائمين على هذا المؤتمر، وخاصة ممثل الولي الفقيه في محافظة هرمزغان، الذي سعى بكل جهده خلال هذه السنوات لإحياء هذا الموضوع. وأسأل الله تعالى التوفيق للجميع.

و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حسين نوري الهمداني
........
انتهى/ 278

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha