9 ديسمبر 2025 - 09:08
مصدر: خاص أبنا
في حديثه مع "ابنا"..تصريح أستاذ جامعة مينيسوتا حو «استراتيجية أمريكا الحمقاء» تجاه إيران/ إنّ ادّعاء باراك بشأن تغيير سياسة إسقاط النظام هو محض كذب

قال ويليام بيمن، الباحث وأستاذ في جامعة مينيسوتا: ترامب لا يقبل التفاوض مع إيران إلا إذا تخلّت طهران عن كامل تطوير الطاقة النووية، وعن الحرس الثوري، وعن دعمها للمقاومة، وكذلك عن قدراتها الدفاعية؛ وهذا لا يُسمّى تفاوضاً !

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ صرّح «تام باراك»، المبعوث الخاص للولايات المتحدة الى سوريا، مؤخراً في مقابلة مع مجلة ناشونال، معترفاً بسياسة التدخل التي تنتهجها واشنطن، ومبدياً شعوره بالإحباط، بأنّ أمريكا حاولت في الماضي مرتين تغيير النظام في إيران، غير أنّ هذه المحاولات لم تُسفر عن أي نتائج ملموسة. وأكّد في هذه المقابلة أنّ مثل هذه السياسات قد باءت بالفشل ولا ينبغي تكرارها مجدداً.

ادّعى باراك أنّ تغيير النظام في إيران ليس من ضمن السياسة الحالية للولايات المتحدة، وأنّ أي خلاف مع طهران ينبغي أن يُعالج في إطارٍ إقليمي ومن خلال حوارٍ بين الدول المجاورة.

كما زعم مبعوث ترامب إلى سوريا أنّ الرئيس ترامب مستعد لخوض محادثاتٍ حقيقية مع إيران، لكن ذلك مشروط بأن يُظهر المسؤولون الإيرانيون «جدّية» والتزاماً بالمشاركة البنّاءة. وتأتي هذه التصريحات في وقتٍ كان فيه ترامب قد اعترف قبل فترة بدوره في التخطيط والتحكّم بالهجمات التي شنّها الكيان الصهيوني على الأراضي الإيرانية، وتباهى مراراً بالاعتداء على المنشآت النووية الإيرانية في خضمّ المفاوضات!

وفي هذا السياق، تناول «ويليام بيمن» (William O. Beeman)، الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط وأستاذ علم الإنسان في جامعة مينيسوتا، في حديثٍ مع وكالة أنباء "ابنا"، نقداً وتحليلاً لاستراتيجية الولايات المتحدة تجاه إيران، وكذلك ادّعاء المبعوث الأمريكي الخاص بشأن إبداء خيبة الأمل من مساعي تغيير النظام في إيران.

استمرار سياسة الضغط والعقوبات والأمل في اندلاع انتفاضة شعبية
وفي معرض حديثه عمّا إذا كانت هذه التصريحات تعني تغيّراً في نهج واشنطن الدبلوماسي والحوار مع طهران، أم أنّها مجرد تبدّلٍ سطحي في نبرة خطابات المسؤولين الأمريكيين، قال: في المناخ السياسي الراهن، لن تُغيّر حكومة الولايات المتحدة برئاسة ترامب سياستها القائمة على السعي لتغيير النظام في إيران. فالولايات المتحدة دأبت منذ زمن بعيد على انتهاج هذه السياسة، غير أنّ الأسلوب الذي اعتمدته كان غير مجدٍ، ومع ذلك ما زالت ماضية فيه.

منذ عهد رئاسة «جورج دبليو بوش»، كانت الولايات المتحدة تعتقد أنّه إذا أمكن اتخاذ خطوات ضد إيران، عبر فرض العقوبات الاقتصادية، وعزلها، وشنّ هجمات عدائية، فإنّ ذلك سيؤدي إلى جعل المواطنين الإيرانيين في خانة الفقر والضيق، ومن ثمّ قيامهم بالانتفاض لإسقاط دولتهم. هذه الاستراتيجية وُصفت بالحمقاء، غير أنّ الإيمان بها ما يزال راسخاً لدى المحافظين الجدد القدامى الذين يواصلون نفوذهم داخل الحكومة، سواء في المكاتب الرسمية أو في مراكز التفكير التابعة لهم مثل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ومعهد «أمريكان إنتربرايز»، ولجنة العمل السياسي الأمريكية–الإسرائيلية (آيباك). وفي بعض الأحيان، ورغم عجزها الراهن، عمدت الولايات المتحدة إلى دعم جماعات معارضة مثل منظمة مجاهدي خلق الارهابية.

في المناخ السياسي الراهن، لن تُغيّر حكومة الولايات المتحدة برئاسة ترامب سياستها القائمة على السعي لتغيير النظام في إيران.

ترامب وحلم السلام؛ تفاوض أم ابتزاز سياسي؟
وفي معرض الرد على السؤال عمّا إذا كانت تصريحات باراك بشأن استعداد ترامب لخوض مفاوضات حقيقية مع إيران يمكن أن تُعدّ مؤشراً إيجابياً لتحسين العلاقات بين البلدين، أم أنّها مجرد مراوغة سياسية بأهداف خاصة، قال: إنّ ترامب يسعى إلى ترسيخ صورته كـ«داع لسلام». فقد نال رئيسان ديمقراطيان، «جيمي كارتر» و«باراك أوباما»، جائزة نوبل للسلام، وترامب مفتون بهذا الأمر ويريد أن يجعلها من نصيبه، غير أنّه للأسف يفتقر إلى أي مهارة دبلوماسية.

إنّ مقاربة ترامب للسلام تقوم على الإكراه، وفرض القوة، وابتزاز الشعوب لحملها على الانصياع لأجندته المرسومة سلفاً. وفيما يخص إيران، فهو لا يقبل التفاوض معها إلا إذا تخلّت تماماً عن تطوير الطاقة النووية وقامت بتفكيك جميع منشآتها النووية. كما يطالب بحلّ الحرس الثوري، ووقف دعم إيران لحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن. وهذه ليست مفاوضات سلام، بل نزعة سلطوية، ولن تُقبل من قبل الحكومة الإيرانية، إذ إنّ نتائجها تعني سقوط الدولة، وفي الواقع تغيير النظام تحت ضغط الولايات المتحدة.

تسعى الولايات المتحدة، بقيادة ترامب، إلى تغيير القيادة السياسية القائمة في إيران، واستبدالها بمجموعة من القادة يكونون أكثر انسجاماً مع المصالح السياسية الأمريكية

لا أساس لادعاء «انتهاء سياسة إسقاط النظام» من وجهة نظر بيمن
قال أستاذ جامعة مينيسوتا تعليقاً على تصريح باراك بأنّ تغيير النظام في إيران ليس سياسة الولايات المتحدة الراهنة، وأنّ الخلافات ينبغي أن تُحل عبر الحوار مع الدول المجاورة: إنّ باراك مخطئ. فما زال هناك ميلٌ شديد نحو تغيير النظام في إيران، سواء أكان ذلك سياسة رسمية أم لا. ولا شك أنّ النقاشات الإقليمية حول الأمن والموارد المشتركة ــ مثل حقل الغاز الطبيعي في «بارس الجنوبي» ــ ستكون موضع ترحيب وتشكل تطوراً إيجابياً. غير أنّ الولايات المتحدة، تحت قيادة ترامب، تريد أن تتبدّل القيادة السياسية الحالية في إيران ليحلّ محلّها قادة أكثر انسجاماً مع المصالح السياسية الأمريكية!

دور الإيرانيين المعارضين للنظام في الانتخابات الأمريكية
دعوني أشير إلى أنّ عدداً من الإيرانيين المقيمين في الخارج، ممّن يؤيدون تغيير النظام، قد صوّتوا لترامب في انتخابات عام 2016 وكذلك في انتخابات عام 2024، لاعتقادهم أنّه سيعمل على إسقاط النظام الإيراني إمّا عبر الوسائل السياسية أو العسكرية.

الهزائم المتكرّرة لسياسة التدخل الأمريكية
وفي معرض الحديث عن الهزائم المماثلة التي مُنيت بها الولايات المتحدة في تدخلاتها العسكرية والسياسية في دول مختلفة، ولا سيما في الشرق الأوسط وآسيا مثل العراق وأفغانستان، وما يمكن استخلاصه من دروسٍ من هذه التجارب، قال: إنّ الفكرة القائلة بأنّ تغيير النظام قد يحدث إذا جعلت الولايات المتحدة حياة شعبٍ ما بائسة إلى حدّ يدفعهم إلى إسقاط قادتهم، هي استراتيجية جرى تطبيقها في أنحاء متفرقة من العالم.

غير أنّ هذه الاستراتيجية لم تكن ناجعة، بل هي مفهوم مفلس تماماً. إنّ فشلها الكامل والمطلق والمتكرر يبدو سبباً وجيهاً يدعو الولايات المتحدة إلى التخلي عنها، لكنها ما تزال تُعدّ نهجاً أساسياً في الأوساط السياسية هناك. لقد خسرت الولايات المتحدة جميع البلدان التي حاولت أن تمارس نفوذها فيها بغية تغيير أنظمتها.

..................

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha