وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ تحدّث الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) آية الله الشيخ "رضا رمضاني"، حول المؤتمر التبليغي المزعم انعقاده في العتبة الحسينية المقدسة في مدينة كربلاء .
نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
العراق قلب الحضارة الإسلامية
الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي لا یدركه بعد الهم، ولا يناله غوص الفطن، ثم الصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين الاطهرين ..
أتقدم بالشكر والتقدير لجميع الإخوة والأخوات الدعاة والمبلغين الحاضرين في هذا المؤتمر الدعوي الذي ينعقد قبل حلول شهر محرم، كما أقدر حضور كل واحد منكم أيها الإخوة والأخوات الدعاة والمبلغين الذين أضفتم إلى محتوى هذا اللقاء.
بالطبع، كنا نود ونرغب ان نكون بخدمة جميع الدعاة في مدنهم، ولكن لم يكن ذلك ممكنًا، نأمل أن تتيح لنا الفرصة في المستقبل لنقل التجارب الدعوية في المؤتمر الاقليمي القادم إن شاء الله.
1- تبليغ الدين في عصر أزمة المعنى: المهمة المزدوجة للمبلغ الشيعي
نعيش اليوم في عصر بلغت فيه حيرة الإنسان المعاصر ذروتها من جهة، وفي الوقت نفسه، تتمتع شمس حقيقة مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بالقدرة على الظهور والتأثير أكثر من أي وقت مضى إذا ما أوصلنا حقائق الدين والمعرفة الى مسمع النفوس بشكل صحيح وفي الوقت المناسب.
إن عالمًنا اليوم يعاني من النسبية الأخلاقية، وأزمة تفكك الأسرة، وانهيار الهوية، والعزلة الروحية، في الوقت الذي يحتاج الانسان أكثر من أي وقت مضى إلى رسالة التوحيد وتعاليم أهل البيت (عليهم السلام)؛ لكن هذا الجهاد التبين لم يتحقق من خلال المنبر والمكتبة فحسب؛ إذ يتطلب اليوم نشر تعاليم أهل البيت (عليهم السلام) فهمًا اضافيا لتعقيدات عديدة لا حصر لها منها فهم لغة العصر وفن نقل الرواية بصورة مؤثرة وفاعلة والذي يعد من أهم جوانب هذا التعقيد؛ لذا يجب علينا التفكير في نشر الاسلام و التبليغ الديني بصورة ٍاحترافية وتخصيصية ولابد ان نخطط لهذا الخطة بصورة جديرة ومؤثرة وكذا يجب على المبلغين فهم ظروف العصر ومستويات افكار جمهورهم المختلفة؛ ولكي يتم نشر تعاليم الدين بناءً على احتياجاتهم وقضاياهم لابد من العمل الدؤب لتحقيق هذة المهمة الرسالة. . إن تنوع أدوات التبلیغ في عالمنا اليوم يتطلب منا تحديد أساليب وأدوات جهاد التبین المتنوعة واسالیب متطورة في الاعلام السمعي والبصري، والفضاء الإلكتروني لنشر الدين، واستخدامها بفعالية وإبداع.
۲- دور التبليغ الوحدوي في مواجهة التفرقة و الاختلاف
الاخوة و الاخوات الكرام
كما تعلمون بأن مشروع إثارة التفرقة المستهدفة التي يتبناها المستعمرون الجدد وبدعم من أموال البترول والاعلام المضلل يتم عبر إثارة الخلافات في الدول الإسلامية وكل ذلك يصب في صالح اعداء الاسلام. قال الحكيم في كتابه العظيم «واطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وأصبروا ان الله مع الصابرين» هذة الاية فيها بصائر مهمة وتدل على موضوع الوحدة لانها من اولويات المسلمين والقاسم المشترك بينهم منها طاعة الله ورسوله وعدم التنازع، لان التنازع يجلب الضعف والفشل أمام الاعداء، طبعا التعايش السلمي والتاخي والتالف وأن كان صعبا ولكن القرآن يدعونها الى الصبر لان الله مع الصابرين.
يوجد في العراق التنوع القومي والمذهبي ولكن لا تزال تعاني من أزمة -الهوية الوطنية -والخلاف الشيعي-السني العربي – الاکراد، والاقلیم والمرکز مما تسبب في ضعف الحكومة، واجب المبلغ الشيعي الحفاظ على الهوية المذهبية دون الوقوع في فخ النزاعات المذهبية والقومية واضاعف الامة الإسلامية.
خطاب مدرسة أهل البيت يؤلف بين القلوب وتمنح الفرص لتوثيق الاتحاد وتعزز قدرات الامة الإسلامية، ومما لا ريب فيه بأن المرجعية العليا الرشيدة في العراق لها دور مهم في تطوير وتعزيز قدرات الامة الإسلامية.
٣- العراق، قلب الحضارة الإسلامية: فرصة تاريخية لنهضة حضارية
تعلمون أن العراق هي أرض الأنبياء، ومثوى الأئمة الاطهار عليهم السلام، وموطن الدول الأولى في تاريخ البشرية (السومرية، البابلية، الآشورية)، ومهد الحضارة الإسلامية في العصر العباسي، ومهد المدارس والحوزات العلمية في العصور الوسطى. ورغم ما يعانيه من جراح، يتمتع العراق اليوم بقدرة لا مثيل لها على إحياء الحضارة الإسلامية: النجف، كربلاء، الكاظمية، وحوزاتها العلمية التي تعد من أهم الركائز لهذه الحركة.
إن التعاون بين الحوزات العلمية الإيرانية والعراقية، والاستفادة من قدرات وخبرات كل منهما، من شأنه أن يؤدي إلى ازدهار هذه الحوزات والانطلاق نحو بناء حضارة إسلامية جديدة.
ومن مخاطر هذا الرأي افتراض مواجهة، بل وحتى انفصال، بين حوزتي قم والنجف (إيران والعراق). فحوزة قم هي امتداد لحوزة النجف، التي يمكن أن تُعزز اليوم مهدها.
يجب على الداعية و المبلغ الشيعي أن يصبح " معمارا ثقافيًا واجتماعيًا" ولن يكون مجردا مسؤلاعن الإجابة على الأسئلة الدينية فحسب بل يجب عليه أن يدخل في مجالات أخرى من الحياة الاجتماعية للناس، وأن يستجيب لاحتياجاتهم المختلفة من منظور ديني، وإلا سيكون معزولا عن الحياة.
إن الدعاة و المبلغين اليوم هم ورثة إرث الحضارة الإسلامية، وعليهم ربط هذا المفهوم باهتمامات عصرنا الحاضر، اذا مهمة المبلغ الاهم هو الحفاظ على صياغة الهوية الحضارية العراقية وإعادة بنائها .
٤- دور الداعية في مواجهة مشروع الغزو الثقافي.
هناك مشروع زاحف لعلمنة مجتمعنا، وإبعاد شبابنا عن المساجد، وعن الروح الدينية، وعن الوعي السياسي، وعن المقاومة، لقد تسللت موجات فكرية علمانية ذات مظهر عصري وجذاب إلى وسائل الإعلام والجامعات، وحتى المؤسسات الدينية؛ لذا يجب على الداعية ألا يواجهها بنفيها فحسب، بل بتقديم بديل ديني عقلاني وجذاب.
لقد استهدفت وسائل الإعلام والمسلسلات وشبكات التواصل الاجتماعي، وحتى ألعاب الفيديو، نمط حياة الشباب، يكمن الحل في مواصلة"جهاد التبين الثقافي"، لا عن طريق إثارة الخوف، بل عن طريق تقديم البديل المناسب: أسلوب حياة أهل البيت (ع).
٥- التواصل مع الجيل الجديد: إعادة صياغة الرسالة الدينية في إطار اهتمامات شباب اليوم.
يجب أن يستوعب الداعية والمبلغ اليوم مفهوم علم اجتماع، وأن يكون على دراية لمتطلبات فئات المجتمع وهمومها واحتياجاتها وقضاياها؛ فالشاب العاطل عن العمل والمتعب نفسيا يختلف عن الشاب الجامعي وربة المنزل التقليدية تختلف عن الفتاة التي تستخدم إنستغرام، لغتنا التقليدية بحاجة إلى إعادة بناءها مضمونا وتعبيرا.
إن تبليغ الدين لا يتحقق من دون فهم نفسية الجيل الجديد ومن غير تحقيق هذا الهدف المنشود سيؤدي العمل التبليغي إلى انحراف الناس وابتعادهم عن رجال الدين.
علينا أن نسأل أنفسنا: إلى أي مدى اقتربنا من لغة الجيل الجديد؟ وإلى أي مدى أصبح الدين قضيةً محورية في حياة الناس؟ هل لا يزال خطابنا الديني محصوراً في البيئة الفكرية للسنوات الماضية، أم أنه أُعيد بناؤه بما يتناسب مع قضايا و متطلبات عصرنا اليوم؟ لقد شهد شباب العراق اليوم أحداثًا كبيرة منها سقوط النظام، الحرب الطائفية، ووجود المحتل الأمريكي، وغيرها.
وقد طرحت تداعيات هذة ألاحداث العديد من التساؤلاتٍ العميقة من الشباب العراقي. و عليه يجب على المبلغين أن يلعبوا دورٌا مفصليا في تشكيل وتنظيم نمط الحياة، وبثّ روح الأمل لمستقبل البلاد الواعد.
إيها المبلغين الكرام
إظهروا للجميع بأننا لسنا مجرد مبلغين دينيين؛ بل نحن أيضًا متعاطفون وراعون للشباب.
لان الشباب العراقي اليوم تواقون إلى من يستمع إليهم، لا أن يحكم عليهم بالانحراف . أحيانًا، يكون "الصمت المُحترم" أفضل سبيلٍ للتأثير.
٦- واجب المبلغ الشيعي في مواجهة نظام الهيمنة العالمية والصهيونية
صمت المبلغ الديني في مواجهة الظلم يعنى انتزاع للشرعية عن الدين، وخلافًا للقاعدة نفيٌّ السبيل، مما سيؤدي إلى هيمنة الأعداء.
إن صمود فلسطين واليمن ولبنان والعراق اليوم تمثل تجسيداٌ عمليٌّا لتعاليم الأمام الحسين و المهدي المنتظر عليهم السلام، وقدوةٌ لكلّ من يسعى إلى العدالة في العالم.
ومن واجب الداعية و المبلغ تنظير هذه الحركة وترويجها والإجابة على الشبهات المحيطة بها.
ومن واجب الداعية الدفاع عن فلسطين واليمن وسائر المظلومين في العالم، وكشف مؤامرات الاستكبار ضدّ العالم الإسلامي.
واليوم، يُعدّ الشهداء العظماء كالحاج الشهيد قاسم سليماني والشهيد أبو مهدي المهندس نبراسًا لنا و دربَهم ضياءا وضاءا، وعلينا أن نكون حاملي لواءهم الى الأبد .
والسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
.....................
انتهى / 323
تعليقك