26 أكتوبر 2025 - 09:35
أمريكا تعد خطة لاستغلال الجيل الشاب العراقي من خلال الانتخابات البرلمانية

من المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية العراقية، التي تُعدّ الحدث السياسي الأهم في البلاد، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2025. وستحدد هذه الانتخابات مصير 329 مقعدًا في البرلمان العراقي.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ أدّى عجز الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003 حتى الآن، إلى زيادة السخط العام بين الشباب بسبب عدم توفير الخدمات الاجتماعية، وفي هذه الأثناء تسعى الولايات المتحدة، عبر دبلوماسية المنظمات غير الحكومية، إلى توجيه واستغلال هؤلاء الشباب الساخطين.

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات البرلمانية العراقية، التي تُعدّ الحدث السياسي الأهم في البلاد، في 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2025. وستحدد هذه الانتخابات مصير 329 مقعدًا في البرلمان العراقي.

ويجري هذا الحدث المصيري في وقت تواجه فيه الساحة السياسية العراقية تحديات متعددة؛ وهي تحديات تشغل بال النخب والمحللين العراقيين، ومن بين هذه الهواجس، أحد أبرز مصادر القلق هو احتمال انخفاض المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة، وهي قضية قد يكون لها تأثير عميق على شرعية النظام السياسي العراقي.

واستنادًا إلى إحصائيات مشاركة الشعب في الدورات الانتخابية السابقة، فقد اتسمت مشاركة الشعب في الانتخابات السابقة باتجاه تنازلي؛ يعكس هذا الانخفاض السخط والإحباط لديهم تجاه إحداث أي تغيير محتمل، ويعود هذا الأمر إلى عجز الحكومة عن السيطرة على الفساد، وتوفير الخدمات الاجتماعية المناسبة مثل الكهرباء والماء، ومشكلة البطالة وما شابه ذلك. ونتيجة لذلك، أصيب جزء كبير من شعب هذا البلاد كالشباب خلال هذه السنوات بالشك في التأثير الحقيقي لأصواتهم على تحسين وضع البلاد.

في غضون ذلك، سيُؤدي الشباب العراقي دورًا محوريًا في المعادلات السياسية المقبلة. ويُعترف بهذا الجيل، الذي عبر عن معظم الاحتجاجات تجاه عجز الحكومة في مجالات مثل الخدمات العامة، والعمالة، ومكافحة الفساد، كقوة مؤثرة في الانتخابات المقبلة.

يشكل الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و39 عامًا  35% من سكان البلاد وما يقرب من 72% من المؤهلين للتصويت؛ ومع ذلك، فإن جزءًا كبيرًا منهم، بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، لا يملكون أملًا في الإصلاح عبر طريق الانتخابات. لقد أدت تجربة العقدين الماضيين وعجز الطبقة السياسية عن الوفاء بوعودها الإصلاحية إلى أن يعتبر كثيرون منهم صندوق الاقتراع ليس رمزًا للتغيير، بل إشارة إلى استمرار الوضع غير الملائم الحالي، ويتجنبون المشاركة في هذه العملية.

في مثل هذه الظروف، وفّر الفراغ الناجم عن إحباط وشعور الشباب بالعجز أرضية مناسبة للتغلغل الخارجي، خاصة من قبل الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لاستغلالهم. ومن ثم، سعت الولايات المتحدة، من خلال إنشاء مراكز تعليمية عديدة مثل المدارس، والجامعات، والمنظمات التعليمية غير الحكومية، وكذلك مسرعات الأعمال، إلى تطوير نفوذها الناعم بين أوساط الجيل الشاب العراقي.

تحاول هذه المراكز التعليمية، من خلال تدريب الشباب على المهارات التقنية والناعمة، إعدادهم لدخول سوق العمل. ونظرًا لنموذج التعليم القائم على التجربة وليس الحفظ في هذه المراكز، وتخريجها لأفراد أكثر تخصصًا مقارنة بالمراكز العلمية العراقية الأخرى، وكذلك بسبب استراتيجيات بناء العلامة التجارية المناسبة، فإن خريجي هذه المراكز لديهم مستقبل أفضل في سوق العمل العراقي. وبهذا، يُحدث تشغيل الشباب الأمل بينهم.

على سبيل المثال، ووفقًا لنتائج بعض الأبحاث التي أُجريت، دخل 80% و87% على التوالي من خريجي كلية بغداد لإدارة الأعمال والجامعة الأمريكية في السليمانية سوق العمل، في حين أن المراكز التعليمية العراقية مثل الجامعات الحكومية لم تتمكن، لأسباب مختلفة مثل الحروب وانعدام الأمن المتواصل منذ عام 2003 حتى الآن، وعدم الإعداد المناسب للطلاب لسوق العمل، وعدم ملاءمة التخصصات الجامعية لسوق العمل، ووجود مشاكل بنية تحتية، من إنشاء حلقة وصل مع القطاع الصناعي والمؤسسات الحكومية. وقد أدى هذا إلى وصول معدل البطالة في مسار تصاعدي إلى 15.5% في عام 2024.

ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أن الأمل والنشاط اللذين تشكّلا بين الشباب العراقي عبر هذه البرامج، لم يكونا أبدًا الهدف النهائي للولايات المتحدة. فاستنادًا إلى وثيقة الاستراتيجية القطرية المتكاملة (ICS) – العراق الصادرة عن الحكومة الأمريكية في عام 2023، يتم تعريف الطبيعة الأساسية لهذه الإجراءات على مستويين: اقتصادي وسياسي.

على المستوى الاقتصادي، فإن واشنطن، من خلال توفير أسس التعليم واكتساب المهارات، تهيئ في الواقع الأرضية لتغلغل الشركات الأمريكية وتوسيع سوق استهلاك بضائعها في العراق. وعلى المستوى السياسي، يُتابع هدف أعمق؛ وهو تربية جيل جديد من القادة والنخب السياسية تتوافق قيمهم واتجاهاتهم ومصالحهم مع الأنماط الأمريكية. يشكل هذا النهج جزءًا من الاستراتيجية طويلة الأمد لواشنطن لتشكيل المستقبل السياسي للعراق؛ مستقبل يبتعد فيه صانعو القرار الشباب عن الخطاب الإسلامي ومحور المقاومة، ويُوجّهون نحو القيم والمصالح الأمريكية. وبعبارة أخرى، تسعى الولايات المتحدة إلى بناء غد العراق بقادة لا يعملون فقط بما يتوافق مع مصالحها، بل يتحركون أيضًا في طريق تأمين المصالح الاستراتيجية لواشنطن وحليفها الرئيسي في المنطقة، الكيان الصهيوني.

تهديد وجودي للمستقبل السياسي
يهدد هذا الفعل الأمريكي المستقبل السياسي للنظام الحالي في العراق تهديدًا وجوديًا؛ مستقبل لم يعد بوسع القادة السياسيين الداعمين لخطاب المقاومة، بسبب عجزهم عن حل الأزمات المعيشية للشعب، أن يحظوا بمكانة في النظام السياسي، وبدلاً منهم، سيحصل أفراد مؤمنون بالقيم والمصالح الأمريكية على أصوات الشعب في الانتخابات.

...............

انتهاء / 232

سمات

تعليقك

You are replying to: .
captcha