وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ يستعد أحرار العالم لإحياء يوم القدس العالمي هذا العام في الوقت الذي يواجه فيه أهالي غزة المظلومين جولة جديدة من العدوان الصهيوني بعد عام ونصف من الحرب المدمرة التي شنها الكيان المحتل، من جهة أخرى، سادت الاضطرابات في سوريا وتركيا بسبب تدخل الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، مما أدى إلى مقتل السوريين، في هذا الأثناء، نشطت جبهة المقاومة اليمنية في الدفاع عن أهالي غزة المظلومين في البحر الأحمر، كل هذه التطورات ضاعفت من أهمية يوم القدس العالمي بالنسبة لداعمي المقاومة.
وفي حوار مع وكالة أبنا للأنباء الدولية، أوضح حجة الاسلام والمسلمين السيد عباس شبر الموسوي، وعضو جمعية الوفاق الإسلامية في البحرين، أهمية يوم القدس العالمي هذا العام.
أبنا: على أعتاب يوم القدس العالمي تواجه المنطقة ظروفاً مختلفة، لقد استمرت الحرب في غزة لأكثر من عام ونصف، وغرقت سوريا وتركيا في حالة من الفوضى وانعدام الأمن، ما هو برأيكم موقع وأهمية يوم القدس العالمي لهذا العام؟
في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك، وكما جرت العادة منذ أكثر من أربعة عقود، تستعد عواصم الدول العربية والإسلامية للمشاركة في إحياء يوم القدس العالمي. لكن هذا العام يختلف عن الأعوام السابقة، إذ إن الصورة التي كانت واضحة لعقود من الزمن، بكل تناقضاتها، اهتزت الآن بفعل تغيرات جوهرية وتتابع سريع للأحداث، أحداث لا تقل أهمية عن كل اللحظات المهمة والحاسمة في تاريخ المنطقة منذ هزيمة الدول العربية في عام 1967.
نحن أمام مشاهد وأحداث مثل اغتيال الشهيد السيد حسن نصر الله رضي الله عنه، وسقوط دمشق، والفوضى والاضطرابات في تركيا ومستقبل غامض، والاحتلال الصهيوني لأجزاء جديدة من سوريا، وتوسع جبهة المقاومة باتجاه البحر الأحمر والخليج الفارسي، بحيث تتغير موازين القوى بوتيرة سريعة. ولكن السؤال الأساسي هو هذا؛ هل نحن أمام منطقة غرب آسيا جديدة؟ أم أن ما نشهده هو مجرد إعادة ترتيب لخرائط القوة والنفوذ؟
عندما تسقط دمشق عاصمة سوريا لكن الحرب لا تنتهي
وفيما يتعلق بسوريا، لا بد لي من القول إن الحكومة في دمشق صمدت لسنوات طويلة في وجه عواصف أعدائها؛ من الحرب الأهلية إلى الحصار الاقتصادي والمحاولات المستمرة لتقسيم البلاد. لكن هذه المرة، وتحت ضغوط عسكرية واقتصادية غير مسبوقة وصراعات مارستها قوى دولية وإقليمية، سقط النظام، وواجهت دمشق سيناريو مختلفاً تماماً.
وبفعل ضغوط عسكرية واقتصادية غير مسبوقة انهار النظام السوري، ووجدت إسرائيل فرصة للتغلغل بشكل غير قانوني في عمق سوريا، وعبرت مرتفعات الجولان ودخلت سوريا لأول مرة منذ حرب عام 1973.
لكن الحديث اليوم لم يعد يدور حول غارات جوية متقطعة على قواعد عسكرية كما في السنوات السابقة، بل حول احتلال مفتوح لمناطق في جنوب سوريا، دون وجود قوة مركزية فاعلة لمواجهة هذه الاعتداءات. ولكن هل يعني هذا أن النظام الصهيوني انتصر؟
في الواقع، التاريخ يقول عكس ذلك، ولم تظل دمشق تحت الاحتلال الفرنسي لسنوات في الأسر إلى الأبد، إن المقاومة التي نهضت من أنقاض لبنان وغزة ليست بعيدة عن سوريا، إذا نجحت تل أبيب في القضاء على نظام سياسي، فهل تستطيع إزالة قوى تتمتع بسنوات من الخبرة في حرب العصابات من المعادلة؟
ابنا: برأيكم، بعد اغتيال الشهيد السيد حسن نصرالله، هل تراجعت المقاومة أم دخلت مرحلة جديدة؟
من دون أي مقدمات، وفي لحظة انطلقت الأخبار بأن السيد حسن نصر الله قد تم اغتياله، لقد أصابت صدمة وضربة رهيبة قلب المقاومة، أشبه بالزلزال، ولكن هذا لم يكن نهاية القصة، رحل عن الساحة السيد الشهيد حسن نصر الله الذي كان الكابوس الاستراتيجي الأكبر للكيان الصهيوني لعقود، والشخصية التي غيرت معادلة الردع في الشرق الأوسط، لكن حزب الله الذي أسسه لا يزال موجوداً ولم يختفِ برحيله، وعلى العكس من ذلك، كان هناك رد سريع على هذا الفراغ، وتسلم الشيخ نعيم قاسم حفظه الله قيادة الحزب على الفور، رجل ليس أقل كفاءة من زعماء الحزب السابقين فحسب، بل ربما أكثر جرأة في قراراته العسكرية.
اعتقد الصهاينة أن حزب الله سينتهي بإغتيال الشهيد نصر الله، لكن الدلائل تشير إلى أنهم فتحوا الباب أمام حرب لم يتوقعوها.
أبنا: نشهد هذه الأيام استعراضا للقوة من قبل جبهة المقاومة اليمنية، ما برأيك فيما يفعله الكيان الصهيوني تجاه هذا التحدي الكبير في البحر الأحمر؟
ولأول مرة منذ العقود الأخيرة، يجد الكيان الصهيوني نفسه أمام جبهة غير متوقعة في البحر الأحمر، لقد أصبح اليمن اليوم، الذي كان في الماضي مكانًا للصراع الداخلي والعزلة، أحد مراكز القوة الجديدة في المنطقة، منذ أواخر عام 2024، استهدفت الهجمات اليمنية بالصواريخ الباليستية الأسرع من الصوت والطائرات بدون طيار والقوارب الانتحارية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، مما يهدد طريق التجارة الحيوي لتل أبيب مع آسيا وأوروبا.
أصبحت صنعاء لاعباً أساسياً ومحورياً في المعادلات الإقليمية
اعتقد الكيان الصهيوني أن هذا التهديد والمشكلة سيتم احتواؤه من خلال بضع غارات جوية أو عمليات تجسس، لكنهم الآن متورطون في حرب طويلة ومكلفة ومضنية، لم يكونوا مستعدين لها، وهنا يطرح السؤال؛ هل يستطيع الكيان الصهيوني القتال على عدة جبهات في آن واحد؟ إذا لم تنته الحروب في غزة ولبنان وسوريا بعد، فما هو وضع الكيان الصهيوني في مواجهة حرب بحرية طويلة الأمد لا يمكن السيطرة عليها بسهولة؟
أبنا: تعارض شعوب الدول العربية منذ سنوات مشروع التطبيع مع الكيان الصهيوني، إلا أن حكام الأنظمة العربية في الخليج الفارسي غير مبالين بمطالب الشعوب، برأيكم كيف سيتم الاحتفال بيوم القدس العالمي بهذه الدول في ظل هذه الظروف؟
بينما تشتعل الجبهات العسكرية بالسلاح، تدور معركة أخرى في دول الخليج الفارسي، لكن هذه المرة المعركة مختلفة من حيث الأدوات والنتائج. الخليج الفارسي بين ضغوط التطبيع مع الكيان الصهيوني والغضب الشعبي في الشوارع.
وفي البحرين، حيث فيها أكبر قاعدة تجسس إسرائيلية في الخليج الفارسي، تتزايد المعارضة الشعبية لمشاريع تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال يوما بعد يوم.
وفي هذا الأثناء، حظي آية الله الشيخ عيسى قاسم حفظ الله باهتمام أكبر من أي وقت مضى باعتباره أحد الشخصيات البارزة التي تقود الحركة الإسلامية المناهضة للصهيونية عبر الحدود في الكويت وعمان وحتى المملكة العربية السعودية، ورغم جهود الحكومات لخفض التوترات، إلا أن هناك حركات اجتماعية ترفض قبول دولة الاحتلال كأمر واقع، وتعتقد أن التطبيع لن يجلب سوى المزيد من التوتر وليس الأمن.
وفي ظل هذه التطورات، لم يعد يوم القدس مجرد مناسبة رمزية، بل أصبح مؤشراً واضحاً على مسارات المعارك في الأعوام المقبلة.
واليوم تغير الوضع تماما، ولم يعد النظام الصهيوني يواجه الفلسطينيين فحسب، بل أصبح منخرطا أيضا في محور واسع يمتد من لبنان إلى العراق ومن اليمن إلى الخليج الفارسي.
إن واشنطن، التي كانت الضامن لأمن دولة الاحتلال لعقود من الزمن، لم تعد تتمتع بالسلطة التي كانت تتمتع بها في السابق، وقد أدى انسحابها النسبي من المنطقة إلى خلق فراغ ملأته جهات فاعلة جديدة. وإن أوروبا، التي كانت دائماً داعماً سياسياً لتل أبيب، تواجه الآن أزمات داخلية، بدءاً من الاحتجاجات الشعبية ضد الحرب إلى ظهور الحركات اليسارية والضغوط السياسية لخفض الدعم العسكري لدولة الاحتلال.
أبنا: على الرغم من كل الظروف الحالية التي تعيشها المنطقة، السؤال المهم الذي يطرح نفسه اليوم هو أين ستنتهي هذه التطورات؟ فهل تشكل هذه الأحداث بداية لتحول استراتيجي في موازين القوى، أم أن دولة الاحتلال بدعم غربي ستنجح في احتواء هذه الأزمات؟
الحقيقة أن السياسيين لا يعلنون صراحة عن إجابات لهذه الأسئلة، بل يجب البحث عن الإجابات في ساحات القتال، حيث تكتب فصول التاريخ الحقيقية، من غزة إلى دمشق، ومن صنعاء إلى بيروت، ومن البحرين إلى بغداد. برأيي ما سيحدث بعد يوم القدس العالمي عام 2025 لن يكون كما كان قبله أبداً.
حوار السيدة وجيهه سيادات حسيني
..................
انتهى / 232
تعليقك