31 ديسمبر 2025 - 20:18
عالم نووي لبناني في حوار  مع 'أبنا':
 تدمير البرنامج النووي الإيراني وهم/ التهديد العسكري الأمريكي ضد إيران، يكلف أكثر من قدرة واشنطن

أكد رئيس مركز الاستشارات الاستراتيجية للأمن الطاقي النووي في لبنان أن الولايات المتحدة، خاصة في عهد ترامب، لا ترغب في الدخول في حرب خطيرة مع إيران، وأن إسرائيل تحاول تحميل واشنطن هذه التكلفة.

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ في ظل تفاقم التوترات السياسية والأمنية في الشرق الأوسط وتصاعد النزاعات حول البرامج النووية والصاروخية لإيران، تُتابع التحركات الدبلوماسية للكيان الصهيوني، وخاصة زيارة بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء هذا الكيان، إلى الولايات المتحدة، بدقة فائقة من قبل المراقبين الإقليميين والدوليين.

وأُجريت هذه الزيارة في وقت بدا فيه أن هناك اختلافات في بعض القضايا بين واشنطن وتل أبيب بشأن طبيعة ونطاق وتكاليف أي مواجهة محتملة مع إيران، ولكن بعد لقاء ترامب ونتنياهو، هدد الرئيس الأمريكي بأنه إذا سعت إيران لإحياء برنامجها النووي أو لتسريع وتطوير برنامجها الصاروخي، فسيتم استهدافها بهجوم عسكري.

في هذا الإطار، أجرت وكالة أنباء أبنا في مقابلة تحليلية مع البروفيسور خالد حسين، أستاذ الفيزياء النووية في جامعة لبنان ورئيس مركز الاستشارات الاستراتيجية في مجال أمن الطاقة النووية والمتجددة والشمسية في لبنان، تناولت خلالها هذا الموضوع.

وقد تناول نظرة علمية واستراتيجية للأهداف الحقيقية لهذه الزيارة، وادعاءات أمريكا وتطورات توازن الردع بعد «حرب الأيام الاثني عشر»:

الاهتمامات الاستراتيجية لإسرائيل وزيارة نتانياهو إلى أمريكا

قال البروفيسور خالد حسين: تتم زيارة بنيامين نتانياهو إلى الولايات المتحدة في وقت تواجه فيه إسرائيل نوعًا من القلق الاستراتيجي العميق؛ قلق تزايد بشكل غير مسبوق بعد تجربة الحرب التي دامت اثني عشر يومًا وعجز عن تحقيق نصر حاسم أو إقامة ردع دائم.

وأوضح أن الهدف الرئيسي من هذه الزيارة ليس مجرد إجراء دبلوماسي عادي، بل هو محاولة لربط أمن إسرائيل بالقرار المباشر للولايات المتحدة وجذب واشنطن لتأدية دور الضامن أو حتى الشريك غير المباشر في أي مواجهة محتملة مع إيران.

ادعاءات ترامب وواقعية البرنامج النووي الإيراني 

وأضاف أن الادعاءات التي يطرحها دونالد ترامب حول «إحياء» أو «شل» البرنامج النووي الإيراني لها طابع سياسي أكثر من كونها مدعومة بالجانب الفني والعلمي. وبحسب قوله، بنيت البنية التحتية النووية الإيرانية على منشآت متنوعة ومتناثرة ومحروسة بشدة تقع في أعماق جغرافية وهياكل جيولوجية معقدة، ومن ثم، فإن الحديث عن تدمير كامل أو إيقاف نهائي لهذه البرامج ليس واقعيًا

وتابع خالد حسين أن أقصى إنجاز عسكري في هذا المجال هو إلحاق أضرار سطحية ومؤقتة يمكن لإيران تعويضها خلال فترة قصيرة.

تحويل تركيز إسرائيل نحو البرنامج الصاروخي الإيراني

أوضح هذا الخبير الاستراتيجي أن تحويل تركيز إسرائيل من الملف النووي إلى البرنامج الصاروخي الإيراني هو خيار محسوب.

وبحسب قوله، فإن تل أبيب أدركت أنه من الصعب تبرير الهجوم على برنامج نووي يخضع إلى حد ما للرقابة الدولية؛ لذلك، فإن إبراز التهديد الصاروخي، خاصة مع التركيز على المدى الطويل، يتيح إمكانية جذب الحساسية والدعم السياسي والقانوني من الولايات المتحدة وأوروبا.

وأشار إلى أن هذا النهج مصمم بغرض إظهار "تهديد عابر للمنطقة"، على الرغم من أن القلق الإسرائيلي في الأصل ناتج عن تضافر القدرة الصاروخية والنووية الإيرانية في إطار معادلة ردع واحدة.

حدوديات العسكريّة لإسرائيل وقدرات إيران

أضاف خالد حسين: الولايات المتحدة، وخصوصاً في عهد ترامب، ليست ميالة كثيراً لتحمل تكاليف مواجهة مباشرة وذات مخاطرة عالية مع إيران، لأن مثل هذا الصدام على الأرجح لن يبقى محدوداً وقد يتوسع إلى مستوى إقليمي أو حتى عابرحدودي.

ووفقاً لما قاله، فإن واشنطن تدرك جيداً أن إيران تمتلك قدرة عالية على تحمل الضغوط وطول فترة الصراع وإدارة الحرب الاستنزافية، بينما إسرائيل بسبب محدوديتها الجغرافية وهشاشة الجبهة الداخلية وحساسيتها للعامل الزمني، ليست لديها مثل هذه القدرة.

تراجع دور القوة العسكرية وظهور فاعل جديد في المنطقة

وواصل هذا الأستاذ الجامعي حديثه: اعتراف بعض المحللين والخبراء الإسرائيليين بعدم كفاءة أنظمة الدفاع الصاروخية نسبيًا أمام الهجمات الواسعة والمتزامنة، يشكل مؤشراً هاماً على التغير التدريجي في توازن الردع.

وأوضح خالد حسين أن أي نظام دفاعي، حتى الأكثر تطورًا، ليس محصنًا أمام حجم مرتفع من الإطلاقات الصاروخية متعددة المسارات، وأن التطورات الأخيرة أظهرت أن العمق الإقليمي لإسرائيل معرض لمثل هذه السيناريوهات.

وأكد أن تجربة الحرب التي دامت اثني عشر يومًا وقدرة إيران على إعادة بناء قدراتها الصاروخية بسرعة، قد شككت بجدية في فعالية الخيار العسكري الإسرائيلي.

وفقاً لما ذكره، أي تحرك عسكري جديد سيكون له أثر قصير المدى وقد يؤدي حتى إلى توسيع نطاق الأزمة بدلاً من السيطرة عليها. هذه الحقيقة نفسها دفعت الولايات المتحدة إلى حث إسرائيل على تقييد أهدافها ضمن الإطار الجغرافي القريب وتجنب الدخول في مواجهة شاملة مع إيران.

وفي ختام حديثه، قال إن المرحلة القادمة ستشهد تراجع الدور المباشر للقوة العسكرية في المعادلات الإقليمية، وسيحل مكانه إدارة التوازنات والضغوط السياسية والأدوات الاقتصادية.

ويعتقد هذا المحلل الاستراتيجي أن إيران أصبحت الآن فاعلاً حاسماً في معادلة الردع الإقليمي وحتى الدولي، وأن أي خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى فتح أبواب أزمة واسعة يصعب جداً التحكم في تداعياتها.

تعليقك

You are replying to: .
captcha