17 مايو 2025 - 08:30
رسالة آية الله العظمى نوري همداني إلى المؤتمر الدولي «الأفكار المنطقية لملا عبد الله يزدي»

جاء في رسالة المرجع الديني آية الله العظمى نوري همداني: إن أفكار العلامة يزدي المنطقية لم تكن محصورة في إطار النقاشات النظرية فحسب، بل كانت أداة فعالة للتفكير النقدي، والاستدلال الصحيح، والدفاع عن الحقائق الدينية.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ إلى المؤتمر الدولي «الأفكار المنطقية لملا عبد الله يزدي: تحليل تطبيقي، التجديدات والتأثيرات في تراث المنطق الإسلامي».


بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِینَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى سَیِّدِنَا وَنَبِیِّنَا أَبِی الْقَاسِمِ الْمُصْطَفَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَهْلِ بَیْتِهِ الطَّاهِرِینَ الْمَعْصُومِینَ، سِیَّمَا بَقِیَّةَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ فِي الْأَرْضِینَ.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن انعقاد المؤتمر الدولي: «الأفكار المنطقية لملا عبد الله يزدي: تحليل تطبيقي، التجديدات والتأثيرات في تراث المنطق الإسلامي»، هو فرصة ثمينة لإعادة قراءة التراث القيم لشخصية عظيمة أثرت بأسلوبها الخاص، المتمثل في كتابة الحواشي والتعليقات، في إحداث تحول عميق في العلوم الدينية، والفلسفة، ومنطق الفكر الإسلامي.

كان العلامة ملا عبد الله يزدي، بالإضافة إلى كونه منطقيًا بارزًا، حكيمًا، فقيهًا، وسياسيًا واعيًا بزمانه. وقد لعب بحكمته وبصيرته دورًا فريدًا لا نظير له في إثراء الفكر والحضارة الشيعية خلال العصر الصفوي.

لقد تميزت حواشي العلامة يزدي، بدلاً من الاكتفاء بتكرار ما كُتب، بنهج النقد والتحليل مما أدى إلى توسعة المعرفة وتطويرها. ويبرهن هذا النهج على روح النقد البنَّاء والانفتاح الفكري في التراث الشيعي، فجعلت أعماله لا تكمل النصوص السابقة فقط، بل أصبحت نصوصًا مستقلة ومنهجية يمكن استخدامها بذاتها. وقد كُتبت حواشيه بأسلوب يمكن أن تتحول بنفسها إلى مؤلفات مستقلة وشاملة حظيت باهتمام العلماء والمتكلمين الشيعة وأهل السنة.

إن أفكار العلامة يزدي المنطقية لم تكن محصورة في إطار النقاشات النظرية فحسب، بل كانت أداة فعالة للتفكير النقدي، والاستدلال الصحيح، والدفاع عن الحقائق الدينية. ومن المواضيع المثيرة في فكره، هو إمكانية المقارنة بين المنطق الصوري الإسلامي والمنطق الرياضي الحديث، مما يسهم في تحقيق فهم أفضل لدور المنطق الإسلامي ضمن العلوم المعاصرة.

كما أن تحليل الأفكار المنطقية للعلامة يزدي مقارنةً بالفكر الفلسفي الغربي، وخاصة فلسفة ديكارت، يُظهر العديد من نقاط الشبه والاختلاف بين الفكر الإسلامي والغربي.

وبالنظر إلى الحكمة العملية والسياسية، فقد قدم العلامة يزدي نموذجًا يجمع بين العلم، الدين، والسياسة؛ نموذجًا يصلح لأن يكون مرجعًا للحكم الإسلامي وحل المشكلات الاجتماعية والسياسية المعقدة. ففي العصر الصفوي، ساهم العلامة يزدي في تقديم نموذج متكامل للحكمة العملية التي يمكن أن تستخدم لحل المشكلات المعاصرة في المجتمعات الإسلامية، خاصة ما يتعلق بمسائل الحكم الإسلامي والعلاقات الدولية.

لقد لعبت كتابات العلامة الملا عبد الله يزدي دورًا بارزًا في تعزيز الحوار بين المذاهب والتفاعل الثقافي بين المسلمين، مما ساهم في دعم الحضارة الإسلامية. وفي عالمنا المعاصر، حيث تزداد الحاجة إلى الوحدة الإسلامية وتعزيز الحوار بين الأديان، يمكن لأعماله أن تُعد نموذجًا عمليًا لتحقق هذه الأهداف.

إن تراث العلامة ملا عبد الله يزدي، خصوصًا أفكاره المنطقية وسيرته العملية، يمكن أن يرشدنا في مواجهة التحديات الفكرية والثقافية والاجتماعية التي تواجه عالمنا اليوم. ومن خلال إعادة قراءة وتوضيح هذا الإرث القيم، يمكننا تربية جيل واعٍ ومفكر ومسؤول، والمضي قدمًا نحو تحقيق الرفعة لحضارتنا الإسلامية.

وفي ختام هذه الرسالة، أدعو الله سبحانه وتعالى أن يُكلل جهود جميع القائمين على هذا المؤتمر بالتوفيق، وأن يبارك في مساعيهم الرامية إلى إحياء ونشر تراث هذه الشخصية العظيمة.

وفقكم الله لما فيه الخير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

حسين نوري همداني

.....................

انتهى  /  323

تعليقك

You are replying to: .
captcha