وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : خاص ابنا
الخميس

٣٠ يونيو ٢٠١١

٧:٣٠:٠٠ م
250721

کیف نرتبط بالمعصومین؟ ـ 9

الثناء على الارتباط بذکر المعصومین(ع) ـ القسم الثاني

من محاضرات: سماحة آیة الله الشیخ مجتبی الطهراني ترجمة: الأستاذ علي فاضل السعدي

قال ابن عباس: فوالله لقد كنت أحفظها أشد من حفظي لبعض ما افترض الله عزّ وجل علي وأنا لا أحلها من طرف كمي فبينما أنا نائم في البيت إذا انتبهت فإذا هي تسيل دما عبيطا، وكان كمي قد امتلأ دما عبيطا، فجلست وأنا باك وقلت قد قتل والله الحسين، والله ما كذبني علي قط في حديث حدثني ولا أخبرني بشئ قط أنه يكون إلّا كان كذلك لأن رسول الله كان يخبره بأشياء لا يخبر بها غيره. ففزعت وخرجت وذلك عند الفجر فرأيت والله المدينة كأنها ضباب لا يستبين منها أثر عين ثم طلعت الشمس ورأيت كأنها منكسفة، ورأيت كأن حيطان المدينة عليها دم عبيط، فجلست وأنا باك فقلت: قد قتل والله الحسين، وسمعت صوتا من ناحية البيت وهو يقول:

اصبروا آل الرسول

 قتل الفرخ النحول

نزل الروح الأمين

ببكاء وعويل

 ثم بكى بأعلى صوته وبكيت فأثبت عندي تلك الساعة وكان شهر المحرم يوم عاشورا لعشر مضين منه، فوجدته قتل يوم ورد علينا خبره وتاريخه كذلك فحدثت هذا الحديث أولئك الذين كانوا معه، فقالوا: والله لقد سمعنا ما سمعت ونحن في المعركة ولا ندري ما هو، فكنا نرى أنه الخضر (عليه السلام).(1 )

إن كلام الإمام (عليه السلام) يدل بصراحة على مدى حزن نبي الله عيسى (عليه السلام) على مقتل الإمام سيد الشهداء (عليه السلام) فبكاء أمير المؤمنين المتواصل على مصاب ولده دليلٌ على عظمة هذه المصيبة وأنّ هذه الأمور تظهر اختلاف درجة مصائبهم  (عليهم السلام) ويتبع ذلك تفاوت درجة قيميّة ذكراهم وإقامة العزاء عليهم.

مدح الارتباط بالبراءة من أعدائهم

لا يستقيم الارتباط بالمعصومين (عليهم السلام) إلّا بالبراءة من أعدائهم وبعبارة أخرى يمكن القول أنّ هذا الارتباط لا يتقوّم إلّا بتلك البراءة. فمن خلال الابتعاد عن أعداء الأئمة المعصومين (عليهم السلام) وغاصبي حقوقهم يمكن الاقتراب منهم (عليهم السلام) فكما أنّ ذكر مظلوميّتهم التي تسبب بها ظالموهم تجعل من الإنسان قريبا منهم مرتبطا بهم لحزنه وأساه على ما أصابهم فكذا هو الحال بالنسبة للامتعاض من غاصبيهم وظالميهم حيث يؤدّي إلى الاقتراب منهم (عليهم السلام).

فالإنسان بفطرته السليمة يمقت الظلم ويبغض فاعله خصوصاً إذا كان بحقّ من أحبهم باقتضاء تلك الفطرة. فظلم المعصومين (عليهم السلام) هو ظلم لأفضل عبيد الله.

فظلم الظالمين هو طمر لحق أحبّ من خلق الله تعالى وتجاوز لمقامهم الرفيع؛ إذاً فالظالمون يستحقون أشدّ البغض وهذا البغض هو من يقوّي ارتباط أهل الإيمان مع أولياء الله لأن نتيجة هذا البغض ستكون الابتعاد عن الظالمين، ونتيجة الابتعاد عن الظالمين هو الاقتراب من أولياء الله تعالى. لأنّ الحق والباطل يمثلان طرفي النقيض حيث لا يتصوّر وجود واسطة بينهما فإمّا أن تكون في خندق الحقّ أو في خندق الباطل. فبعض أحدهما يجعلك تلتحق في الجبهة المخالفة، فالبراءة من الباطل ستكون سببا للالتحاق بمعسكر الحقّ. وبعبارة أخرى فكما أنّ البراءة من الظالم تؤدي إلى ابتعاد الإنسان عن الظالم فإنّها في المقابل تقربه من المظلوم وتعدّ نوعا من أنواع المعونة له. فإعانة المظلوم بأي نوع كان ستؤدي إلى الارتباط به. روي عن الإمام الباقر (عليه السلام) أنّه علّم علقمة بن محمد الخضرمي كيفية الزيارة (زيارة عاشوراء) قائلاً:

يا أبا عبد الله إني أتقرب إلى الله وإلى رسوله وإلى أمير المؤمنين وإلى فاطمة وإلى الحسن وإليك بموالاتك، وبالبراءة ممن قاتلك ونصب لك الحرب وبالبراءة ممن أسس أساس الظلم والجور عليكم، وأبرء إلى الله وإلى رسوله ممن أسس ذلك وبنى عليه بنيانه، وجرى في ظلمه وجوره عليكم وعلى أشياعكم.( 2)

وقد أشار الإمام (عليه السلام) في هذه الزيارة إلى أنّ التقرب إلى الله والمعصومين (عليهم السلام) لا يتقوّم إلّا من خلال البراءة من أعوان من أسس أساس الظلم واتباعهم. يقول (عليه السلام) في تلك الزيارة:

وأتقرب إلى الله ثم إليكم بموالاتكم وموالاة وليكم وبالبراءة من أعدائكم والناصبين لكم الحرب، وبالبراءة من أشياعهم وأتباعهم.(3 )

ويلاحظ في مقطع آخر من الزيارة أنّ الإمام يقدم "البراءة" على "المولاة" ويعتبرها وساطة للقرب من الله في جميع أيّام حياته يقول (عليه السلام):

اللهم إني أتقرب إليك في هذا اليوم وفي موقفي هذا وأيام حياتي بالبراءة منهم واللعنة عليهم وبالموالاة لنبيك وآل نبيك عليهم السلام.( 4)

وبما أنّ الأئمة المعصومين (عليهم السلام) هم من تبرئوا ولعنوا أعدائهم، إذاً يمكن هنا التأسي بسلوكهم هذا، خصوصا حينما يعرّف الأئمة هذا على أنّه سلوك أنبياء الله (عليهم السلام) فقد روى عن الإمام الباقر (عليه السلام) نقلا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال:

خمسة لعنتهم ولعنهم كل نبي مجاب... والمستحلّ من عترتي ما حرّم الله( 5)

والأشد من لعن الأنبياء لأعداء أهل البيت (عليهم السلام) لعن الله تعالى لهم والذي يشمل أعداء المعصومين (عليهم السلام) فقد روي عن الإمام الصادق عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال:

 إني لعنت سبعا لعنهم الله وكل نبي مجاب قيل ومن هم يا رسول الله؟

قال... والمستحل من عترتي ما حرّم الله(6 )

وقد أشار الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في جوابه محمد بن عثمان العمري والذي كان نائبا من نوابه الخاصّين إلى ما جعله الله محترما لعترة نبيه بقوله:

وأما ما سألت عنه من أمر من يستحل ما في يده من أموالنا ويتصرف فيه تصرفه في ماله من غير أمرنا فمن فعل ذلك فهو ملعون ونحن خصماؤه، فقد قال النبي  (صلى الله عليه وآله وسلم): المستحل من عترتي ما حرم الله ملعون على لساني ولسان كل نبي مجاب، فمن ظلمنا كان من جملة الظالمين لنا، وكانت لعنة الله عليه لقوله عزّ وجل: "ألا لعنة الله على الظالمين( 7)"( 8)

فحينما يكون أعداء الأئمة المعصومين وغاصبي حقوقهم أهلا للعن الله وأنبياءه، فإنّ ملائكة الله سيكونوا ضمن لاعينهم. وهذه بأجمعها دليل على قيميّة هذا اللعن. وقد روي عن الإمام زين العابدين (عليه السلام) انه قال ضمن إرشاده إلى التمسك بحجج الحق الإلهيين والامتناع عن الإعراض عنهم:

وا