وعندما ننظر إلى الجانب الإنساني مع قومه ، نجد بأنهم كذبوه واتهموه بالسحر والجنون ومع كل ذلك يقول (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)
وتتجلى إنسانيته – صلى الله عليه وآله وسلم _ عندما جاء له ملك الجبال بأمر من الله يقول له لو شئت لأطبقنا عليهم الأخشبين-وهما جبلان عظيمان في مكة- فيقول له :(كلا لعل يخرج الله من أصلابهم من يقول لا إله إلا الله)
وتظهر إنسانيته - صلى الله عليه وآله وسلم – بوضوح كوضوح الشمس في نهارها في بيته ومع أهله، فكان هو الإنسان في بيته يقوم على خدمته أهله فيقم البيت بنفسه، ويعجن لهم ويخصف نعله ويحلب شاته، فهو القائل (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)
كان بسامًا ضحاكًا في بيته، كان يخرج مع زوجاته ويتسابق معهم وكان يسير مع السيدة عائشة في الليل يتسامر معها.
وتتجلى إنسانيته إلى أبعد الحدود عندما أعطاه الله وفتح عليه قريظة والنضير ، وجاءت له الدنيا رغم أنفها، فلم يصبه الغرور بتلك الدنيا الفانية، وإنما كان كل عطائه لهؤلاء الفقراء والمحتاجين يعطيهم ويظل هو وأهل بيته يبيت طاويًا ليس عنده من الطعام والشراب ويربط بالحجارين على بطنه من شدة الجوع.
تأتي إنسانيته مع اطفال المدينة فكان يداعبهم ويلاطفهم ويسلم عليهم ويقبل رؤوسهم، بل ذهب إلى طفل يواسيه في عصفوره ، فلم رأه رجل على تلك الطريقة تعجب وقال له: يا رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن لى عشرة من الأطفال ما قبلت أحدًا منهم فقال له : (من لا يَرحم لا يُرحم)
وتتمثل تلك الإنسانية في حسن معاملة بالأسرى فأمر أصحابه بحسن معاملتهم وقال لهم : (رفقًا بالأسرى) وكان يأمر أصحابه بألا يقتلوا طفلٌا ولا مسنٌا ولا يقطعوا شجرةٌ هكذا كانت إنسانيته ورحمته.
تتجلى تلك الإنسانية في فتح مكة فهم الذين أخرجوه وحاصروه في شعب أبي طالب لمدة ثلاث سنوات؛ حتى أكلوا من أوارق الشجر وسُمع عويل النساء وصراخ الأطفال من شدة الجوع، ومع ذلك عند الفتح وقفوا أمامه – صلى الله عليه وآله وسلم – صاغرين فقال لهم : ماذا تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم فقال لهم : (اذهبوا فأنتم الطلقاء) يا لها من رحمةوعفو عند المقدرة.
وتتمثل إنسانيته في مشاعره فكان – صلى الله عليه وآله وسلم – صاحب مشاعر رقيقة يتألم لحال أمته يفرح لفرحهم ويتأمل لٱلامهم فعندما جاء العفو الإلهي للذين تخلفوا في غزوة تبوك ظهر على وجه السعادة والإستبشار.
إنسانيته تخطت كل الحدود فكان رحيمًا بالطير والحيوان فلقد عاتب أصحابه عندما أخذوا فرخّا صغيرًا من أمه فقال لهم : ردوا عليها فرخها ولا تفجعوا قلبها على وليدها.
وعندما دخل بستان أنصاري يقضي حاجته ، رأى جملًا يذرف دمعًا؛ لأن صاحبه يحمله فوق طاقته فقال لصاحب الجمل : اتق الله في هذا الجمل إنك تجوعه وتحمله ما لا يطيق.
كان يحث أصحابه على الرفق بالحيوان ويخبرهم بأن الله غفر لرجل ؛ لأنه سقى كلبًا وفي المقابل دخلت إمرأة النار في هرة ؛ لأنها حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض.
إن إنسانيته تخطت كل الحدود وفاقت كل العقول
في شتى جوانب الحياة، فما أحوج الأمة الٱن وهى تعيش في تلك المحن والفتن التي تشبه
الليل المظلم أن تعود وتتمسك بإنسانية رسولها –
صلى الله عليه وآله وسلم
- وأن تعود إلى
سننه تأخذ منه الدروس والعبر فهل من أمل أن تعود الأمة إلى رشدها وصوابها ؟
ياله من أمل يشدوا من بعيد!
بقلم: سامح بسيوني