وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ انعقدت الجلسة السادسة من سلسلة جلسات دروس الأخلاق الإدارية بكلمة للأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) آية الله "رضا رمضاني" في قاعة الاجتماعات بالمجمع العالمي لأهل البيت (ع) وذلك بمشاركة مديري وموظفي هذه المنظمة الدولية يوم الخميس الماضي بمدينة قم المقدسة.
وصرح آية الله رمضاني: إن من القضايا المهمة في المباحث الأخلاقية هي "العلاقة بين تهذيب الإنسان وتهذيب المجتمع" والذي لم نرى لهذا المفهوم نموذجا في الأنظمة غير الدينية.
وأشار سماحته إلى أن الإمام الراحل (ره) تطرق في مختلف خطب وكلماته تطرق إلى "العلاقة بين تهذيب الإنسان وتهذيب المجتمع وإصلاحه"، وأضاف: يجب مأسسة أدب التهذيب والمعنوية والتنظيم في المجتمع، وما إذا بات لدينا نظرة آلية، ونستخدم العلاقات عوضا عن الأصول والقوانين، فحينها سيحدث أمرا خطيرا.
وأضاف الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): إن الإمام الخميني (ره) في كلمة له بيّن العلاقة بين تهذيب النفس وتهذيب المجتمع حيث قال: "أصلحوا أنفسكم تصلح بلادكم"، لكن لم نشاهد مثل هذا الأدب في كلمات قادة البلدان الأخرى، بل إنهم يهتمون بجانب القانون وتنفيذه، في حين القانون البشري يمنع الهمجية في المجتمع، لكن القانون الإلهي يجلب الطمأنينة والهدوء للبشرية.
وتابع سماحته: وفي كلمة أخرى يصرح الإمام الراحل (ره): "ما دام لم نقم بإصلاح أنفسنا، لا يمكننا أن نصلح بلادنا"، فكان الإمام يعتقد بالعلاقة بين تهذيب النفس وإصلاح المجتمع، ويقيم -رحمه الله- علاقة منطقية بينهما، وحسب ما ذهب إليه الإمام الخميني (ره) أنّه يجب على أي شخص أن يبدأ من نفسه، فيصلح نفسه، ثم يشرع بإصلاح الآخرين، فيتحدث سماحة الإمام عن ثورة باطنية قبل أن يتحدث عن ثورة ظاهرية، وأدبه خاص يختص بالأنظمة الدينية وذوات القيم.
ونوه آية الله رمضاني بأن التوحيد في مقدمة النظام الديني، وأضاف: إنّ في الأنظمة والحضارات غير التوحيدية ليست هناك أي مكانة لله والمعنوية.
وصرح سماحته إلى أسباب إنهيار الحضارات والمنظمات والدول، وقال: إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ذكر أربعة عوامل لعدم النمو والازدهار للدول ومن ثم انهيارها: «یُسْتَدَلُّ عَلَی اِدبارِ الدُّوَلِ بِاَربَعٍ: تَضییعِ الاُصولِ وَ التَّمَسُّکِ بِالفُرُوعِ وَ َتقدیمِ الاَراذِلِ وَ تَاخیرِ الاَفاضِ».
وتابع أستاذ السطوح العليا في الحوزة العلمية: إذا كان فكر الإنسان وذهنه منشغلا بالأمور البسيطة وغير المهمة سيتأخر عن الغاية والغايات، ومن جهة أخرى إن الأمور غير المهمة كثيرة جدا إلى درجة لا يمكن لذهن الإنسان أن يستوعبها، وبناء عليه يجب الخوض في الأمور المهمة أثناء الأعمال الإدارية؛ كي يمكننا إنجازها وإتمامها وبلوغ ذروتها.
وأشار سماحته إلى وجهة نظر ابن خلدون حول أسباب انهيار الحضارات، وصرح: فيقول ابن خلدون ما مضمونه: على المجتمع الذي يريد الازدهار أن يلتفت إلى غاياته؛ وإذا بلغ ذروته، فعلى الجماهير أن لا يغتروا؛ إذ أن القوة تجلب الغرور والاستبداد، ومن ثم تنحدر نحو الإسراف والتبذير، الأمر الذي يبعد المجتمع عن أصوله وأهدافه، وبالتالي يتراجع حتى تسقط الحضارة وتنهار.
واعتبر آية الله رمضاني أن الثورة الإسلامية الإيرانية لم تتراجع عن مبادئها، وذلك ببركة قيادة قائد الثورة الإسلامية المعظم، وأضاف: أصبح لدينا تقدمٌ في المجال العلمي والعسكري، وأصبحت قوتنا اليوم رادعة، لكن في العدالة لم نشهد التقدم اللازم.
وشدد سماحته في جزء آخر من كلمته إلى الطابع الجمعي في الأخلاق الأدارية، وأضاف: إنّ الطابع الجمعي والتكاتف يحظيان بأهمية بالغة في البيئة الإدارية ويعدان من الضروريات.
وأشار سماحته إلى أصل التفائل، وتابع: أن يصبح الإنسان متفائلا يختلف عن تصديقه بسرعة وسلامة نيته، فيجب الفصل بينهما، فكان المنافقون يؤذون النبي (ص)، وكان النبي (ص) يسمع لكلامهم، لكن هؤلاء كانوا يتهمون النبي (ص) بأنه إنسان يصدق بسرعة، في حين أن النبي (ص) كان يحمل كلامهم محمل الكلام الصحيح، فيقول الله تبارك وتعالى في القرآن: "وَمِنهُمُ الَّذينَ يُؤذونَ النَّبِيَّ وَيَقولونَ هُوَ أُذُنٌ ۚ قُل أُذُنُ خَيرٍ لَكُم يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤمِنُ لِلمُؤمِنينَ وَرَحمَةٌ لِلَّذينَ آمَنوا مِنكُم ۚ وَالَّذينَ يُؤذونَ رَسولَ اللَّهِ لَهُم عَذابٌ أَليمٌ".
وتابع الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): إذا عمل أحد الموظفين عملا حسنا بين الإداريين يجب تشجعيه، ولا ينبغي انتقاد الأشخاص سريعا، كما يجب على المسؤول أن يكون على حذر من الوشاة حتى لا يتمكنوا من بث الأحقاد بين الأفراد وتبعيدهم عن بعضهم البعض، وإذا كان هناك شخص في المجموعة يبث اليأس ويسعى للخلل يجب عقوبته في الوقت المناسب، كما يجب أن تكون العقوبة هو الإجراء الأخير، وليس الإجراء الأول.
وعدّ سماحته عدم تهذيب النفس هو السبب من وراء اليأس في البيئة الإدارية، وتابع: هناك من لا يرى الأعمال الحسنة، ويسعى دوما إلى بث اليأس، فيجب أن نرى أيضا الأفعال الحسنة، وإذا رأينا نقصا في مكانا ما، يجب أن نبلغه بشكل خفي إلى المسؤول المتصدي له.
وأضاف أستاذ السطوح العليا في الحوزة: إن التفائل وحمل الكلام على الصحيح تعد من الأخلاق الإدارية، وبناء على حديث ورد عن الإمام أمير المؤمنين علي (ع) أنه قال: طوبى لِمَن شَغَلَهُ عَيبُهُ عَن عُيوبِ النّاسِ، وعن الإمام الرضا (ع) أيضا قال: [إن المسلم] لا یَرى أَحَدًا إِلاّ قالَ: هُوَ خَیْرٌ مِنّى وَ أَتْقى.
وفي الختام، أشار سماحته إلى طرق نفوذ الشيطان في الإنسان، وصرح: ينبغي لنا أن لا نعتبر أنفسنا أفضل من الآخرين؛ إذ يعد من خدع الشيطان.
.........
انتهى/ 278