وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ـ ابنا ـ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "إِذا ظَهَرَتِ الْخِياناتُ ارْتَفَعَتِ الْبَرَكاتُ".
الخيانة: من أرذل الصفات وألأم الأفعال، وهي قبيحة في كل شيء، وبعضها شرُّ من بعض، وهي كُفرٌ، ونفاقٌ، ومعصية كبيرة، وفيها نقض للعهد، وسوء الأمانة، والكذب، وترك النُّصحِ، وإفشاء السِّرِّ، وسوى ذلك من الأفعال القبيحة والأعمال اللئيمة، والخؤون من أسوأ الناس نفساً وأشدهم شراً وأكثرهم نفاقاً وجحوداً.
وقد أكدَّت الروايات الشريفة على أن الخيانة أخت الكذب، وصِنوُ الإفك، وأنها غدرٌ، ورأسُ النفاق، ورأس الكفر، وشَرُّ المعاصي، وأنها دليل على قِلَّة الورع وعدم الديانة.
ولأن الخيانة تستجمع هذا الكَمَّ من القُبح والشَّرِّ فقد أعلن الله تعالى في كتابه الكريم عدم محبته للخائنين فقال سبحانه: "...إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ"﴿58/ الأنفال﴾.
وخصَّ بعدم الرضا والمحبة أولئك الذين صارت الخيانة خُلقاً لهم وطبعاً من طباعهم، فقال تعالى: "... إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا"﴿107/ النساء﴾. والخوَّان: هو الشخص الذي تتكرر منه الخيانة حتى تصير طبعا له، أمَّا الأثيم: فهو الذي يقصد الوقوع في الخيانة، وقد عبَّر بصيغة المبالغة في الخيانة والإثم ليخرج منه من وقعت منه الخيانة مرة دون أن تتكرر، أو من صدرت منه الخيانة على غفلة منه ودون قصد، وقال تعالى: وقال عز من قائل: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ" ﴿38/ الحج﴾ والخوَّان الكَفور هو الذي يخون نعم الله ويجحدها ولا يعترف بها.
وتقع الخيانة في كل شيء يكون فيه عهد أو وعد أو أمانة، أو ما يجب حِفظه ومراعاته والذود عنه، واستعملها القرآن في الكفر، والنفاق، وعدم الإيمان بما يجب الإيمان به، والمعصية، واكتساب الإثم، وإفشاء الأسرار، وتضييع المال، والسرقة، وجَحْد الحقوق، واستراق السمع، والنظر إلى ما لا يحل النظر إليه من الحرمات والأعراض، والزَّنى، والكَذِب، ووضع الأمور عند غير أهلها، وإسناد المسؤوليات إلى من لا يملك جدارة القيام بها، وترك النصح في الاستشارة، وعدم العمل بما يعلم.
وللخائن صفات يُعرَفُ بها، منها: ضياعه، وضلاله، وعدم اهتدائه للحق، بل عدم اهتدائه لما فيه نفعه ومصلحته، ومنها: كيده ومكره بالآخرين وتآمره عليهم، واستتاره بما يفعل من موبقات، وما يرتكب من معاصي، ومنها: عدم مراعاته لوعده، واستسهاله نقض عهده، وتفريطه فيما يؤتَمنُ عليه، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: "أمّا علَامةُ الخائنِ فأربَعةٌ: عِصْيانُ الرّحْمانِ، وأَذَى الجِيْرانِ، وبُغْضُ الأَقْرانِ، والقُرْبُ إلى الطُّغْيانِ". وجاء عن الإمام علِيّ (ع): "الخائنُ مَن شَغَلَ نفسَهُ بغَيرِ نَفْسِهِ، وكانَ يَومُهُ شَرّاً مِن أمْسِهِ" وهذا من تطبيق المفهوم على واحد من مصاديقه.
وقد نهى الله تعالى عن الدفاع عن الخائن، بل يجب تركه ينال جزاء خيانته وحده، قال تعالى: "... وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا" ﴿105/ النساء﴾ كما نهى الإسلام المؤمنَ عن أن يخون الشخص الذي خانه، لأنه إن فعل ذلك صار مثله، ولم يكن فرق بينهما، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "لا تَخُنْ مَن خانَكَ فتكونَ مِثلَهُ". وعن الإمام عليٌ(ع) أنه قال: "لا تَخُنْ مَنْ ائتمَنَكَ وإنْ خانَكَ، ولا تَشِنْ عَدُوَّكَ وإنْ شانَكَ".
وللخيانة آثارٌ وخيمة على الفرد وعلى المجتمع، أما آثارها على الفرد، فتكذيبه، وعدم ائتمانه على شيء، وعدم قبول شهادته، فيصير مُنَكَراً في الناس يفرون منهم فرارهم من المؤذي والضَّارّ، ويصير محتقراً لا قيمة له.
وأما آثارها الاجتماعية، فقد أشار الإمام أمير المؤمنين(ع) إلى واحد منها، وهو خطير، ولو لم يكن من أثر سواه لكفى في الدلالة على سوء تلك الآثار، فقد قال (ع): "إِذا ظَهَرَتِ الْخِياناتُ ارْتَفَعَتِ الْبَرَكاتُ". وكيف لا ترتفع والناس يخون بعضهم بعضاً، ويكذب بعضهم على بعض، ولا يأمن بعضهم بعضا؟!
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي.
........
انتهى/ 278
الخيانة: من أرذل الصفات وألأم الأفعال، وهي قبيحة في كل شيء، وبعضها شرُّ من بعض، وهي كُفرٌ، ونفاقٌ، ومعصية كبيرة، وفيها نقض للعهد، وسوء الأمانة، والكذب، وترك النُّصحِ، وإفشاء السِّرِّ، وسوى ذلك من الأفعال القبيحة والأعمال اللئيمة، والخؤون من أسوأ الناس نفساً وأشدهم شراً وأكثرهم نفاقاً وجحوداً.
وقد أكدَّت الروايات الشريفة على أن الخيانة أخت الكذب، وصِنوُ الإفك، وأنها غدرٌ، ورأسُ النفاق، ورأس الكفر، وشَرُّ المعاصي، وأنها دليل على قِلَّة الورع وعدم الديانة.
ولأن الخيانة تستجمع هذا الكَمَّ من القُبح والشَّرِّ فقد أعلن الله تعالى في كتابه الكريم عدم محبته للخائنين فقال سبحانه: "...إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ"﴿58/ الأنفال﴾.
وخصَّ بعدم الرضا والمحبة أولئك الذين صارت الخيانة خُلقاً لهم وطبعاً من طباعهم، فقال تعالى: "... إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا"﴿107/ النساء﴾. والخوَّان: هو الشخص الذي تتكرر منه الخيانة حتى تصير طبعا له، أمَّا الأثيم: فهو الذي يقصد الوقوع في الخيانة، وقد عبَّر بصيغة المبالغة في الخيانة والإثم ليخرج منه من وقعت منه الخيانة مرة دون أن تتكرر، أو من صدرت منه الخيانة على غفلة منه ودون قصد، وقال تعالى: وقال عز من قائل: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ" ﴿38/ الحج﴾ والخوَّان الكَفور هو الذي يخون نعم الله ويجحدها ولا يعترف بها.
وتقع الخيانة في كل شيء يكون فيه عهد أو وعد أو أمانة، أو ما يجب حِفظه ومراعاته والذود عنه، واستعملها القرآن في الكفر، والنفاق، وعدم الإيمان بما يجب الإيمان به، والمعصية، واكتساب الإثم، وإفشاء الأسرار، وتضييع المال، والسرقة، وجَحْد الحقوق، واستراق السمع، والنظر إلى ما لا يحل النظر إليه من الحرمات والأعراض، والزَّنى، والكَذِب، ووضع الأمور عند غير أهلها، وإسناد المسؤوليات إلى من لا يملك جدارة القيام بها، وترك النصح في الاستشارة، وعدم العمل بما يعلم.
وللخائن صفات يُعرَفُ بها، منها: ضياعه، وضلاله، وعدم اهتدائه للحق، بل عدم اهتدائه لما فيه نفعه ومصلحته، ومنها: كيده ومكره بالآخرين وتآمره عليهم، واستتاره بما يفعل من موبقات، وما يرتكب من معاصي، ومنها: عدم مراعاته لوعده، واستسهاله نقض عهده، وتفريطه فيما يؤتَمنُ عليه، وقد جاء في الحديث النبوي الشريف: "أمّا علَامةُ الخائنِ فأربَعةٌ: عِصْيانُ الرّحْمانِ، وأَذَى الجِيْرانِ، وبُغْضُ الأَقْرانِ، والقُرْبُ إلى الطُّغْيانِ". وجاء عن الإمام علِيّ (ع): "الخائنُ مَن شَغَلَ نفسَهُ بغَيرِ نَفْسِهِ، وكانَ يَومُهُ شَرّاً مِن أمْسِهِ" وهذا من تطبيق المفهوم على واحد من مصاديقه.
وقد نهى الله تعالى عن الدفاع عن الخائن، بل يجب تركه ينال جزاء خيانته وحده، قال تعالى: "... وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا" ﴿105/ النساء﴾ كما نهى الإسلام المؤمنَ عن أن يخون الشخص الذي خانه، لأنه إن فعل ذلك صار مثله، ولم يكن فرق بينهما، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "لا تَخُنْ مَن خانَكَ فتكونَ مِثلَهُ". وعن الإمام عليٌ(ع) أنه قال: "لا تَخُنْ مَنْ ائتمَنَكَ وإنْ خانَكَ، ولا تَشِنْ عَدُوَّكَ وإنْ شانَكَ".
وللخيانة آثارٌ وخيمة على الفرد وعلى المجتمع، أما آثارها على الفرد، فتكذيبه، وعدم ائتمانه على شيء، وعدم قبول شهادته، فيصير مُنَكَراً في الناس يفرون منهم فرارهم من المؤذي والضَّارّ، ويصير محتقراً لا قيمة له.
وأما آثارها الاجتماعية، فقد أشار الإمام أمير المؤمنين(ع) إلى واحد منها، وهو خطير، ولو لم يكن من أثر سواه لكفى في الدلالة على سوء تلك الآثار، فقد قال (ع): "إِذا ظَهَرَتِ الْخِياناتُ ارْتَفَعَتِ الْبَرَكاتُ". وكيف لا ترتفع والناس يخون بعضهم بعضاً، ويكذب بعضهم على بعض، ولا يأمن بعضهم بعضا؟!
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي.
........
انتهى/ 278