قال الأمين العام لجمعية "الوفاق الوطني الإسلامية" «الشيخ علي سلمان» إن شعب البحرين "سينتزع حقه في التخلص من الاستبداد والاستفراد بالحكم والديكتاتورية إلى إرادة الشعب، كما انتزع والد الشهيد «عبد العزيز العبار» ما يريد مرحلياً وأن ابنه قتل بالرصاص".

٤ يوليو ٢٠١٤ - ١٩:١٥
الشعب البحريني سينتزع حقه في التخلص من الاستبداد والاستفراد بالحكم والديكتاتورية إلى إرادة الشعب

وفقاً لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال الأمين العام لجمعية "الوفاق الوطني الإسلامية" «الشيخ علي سلمان» إن شعب البحرين "سينتزع حقه في التخلص من الاستبداد والاستفراد بالحكم والديكتاتورية إلى إرادة الشعب، كما انتزع والد الشهيد «عبد العزيز العبار» ما يريد مرحلياً وأن ابنه قتل بالرصاص".

وأضاف سلمان، خلال خطبة الجمعة اليوم (2014/06/04) في جامع "الإمام الصادق (ع)" في منطقة "القفول" إن "إصرار أسرة العبّار على الحصول على هذا الحق وتحمل كلفة هذا الإصرار والصبر على ذلك هو قرارهم ولا دخل في قرارهم لأية جمعية سياسية أو فصيل ثوري ولا يمكن الاعتراض على قرارهم فهم أصحابه".

من جهة أخرى، أكد الشيخ سلمان "أننا مع العراق الموحد لجميع أبنائه عرب وكرد، مع العراق وما قسمه سايكس بيكو ولا نريد للعراق أن يقسم مرة أخرى ليضيف مزيدا من الجراح للعراق"، موضحا "لو كان الأمن المستقر يتأتى بتقسيم العراق لثلاثة أقسام لكان جاز فيه النظر ولكن يبدو أن تقسيم العراق سيكون مدعاة حروب بين الأكراد والعرب وبين السنة والشيعة".

وأردف "نحن مع العراق الذي يساوي بين الكردي والعربي وبين السني والشيعي ولا يميز بين صابئي ولا مسيحي يحتضن العراق أبناءه بكل ألوانهم وعقائدهم وأعراقهم بدون أي تمييز على أساس دولة المواطنة العراقية، نحن مع العراق التي تكون فيه وسيلة الاحتكام ليست السيف أو السلاح أو القوة وإنما صناديق الاقتراع والتي تمثل إرادة العراقيين الحرة من دون ضغوط غربية أو خارجية أو دول إقليمية".

وفيما يلي نص خطبة الجمعة لسماحته:

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وآل محمد

الموضوع الأول : خطبة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- في حجة الوداع

في السنة العاشرة التي اكتمل فيها نصر رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- على الشرك في جزيرة العرب، ووضع الإسلام والدعوة الجديدة أطنابها على كل أجزاء الجزيرة العربية بعد 23 عام. إسلام رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- كان في أوجه سواء في السنوات الأولى في مكة المكرمة أو بعد ذلك في المدينة المنورة وما لحقها من فتح مكة والحروب الأخرى والتمدد في بقية أجزاء جزيرة العرب .. ففي هذا اللحظة يتمثل القوة والإنتصار لدى رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- وفي هذا العام عزم على الحج وحث أصحابه على ذلك، فحشد بهذه الطريقة إلى أكبر تجمع عرفته الجزيرة العربية في ذلك التاريخ، وتتحدث الروايات عن مئة ألف أو أكثر من احتشد لحجة الوداع وفي مثل هذا المشهد اختار رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- عصر عرفة ومن على جبل الرحمة ألقى هذه الخطبة والتي تعد من أشهر خطب رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم-.

بعض الروايات تتحدث عن أن هذه الخطبة أتت بعد نزول آية (اليوم أكملت لكم دينكم ..) وتوافق مع حادثة الغدير والتي جاءت بعد أيام قلائل قبل أن يتفرق الحجاج .. بدأ رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- خطبته بالقول : الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ومن يهده الله فلا مظل له ومن يظلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله. هذا الاستهلال لابد منه وفي هذا المقطع ينتهي إلى المعركة الرئيسية التي خاضها رسول الله في التوحيد وأن محمد ابن عبدالله هو عبده ورسوله.

ثم يكمل (أيُّها النَّاسُ، اسمعوا قولي، فإنِّي لا أدري لعلِّي لا ألقاكم بعدَ عامي هذا، بِهذا الموقِفِ أبدًا.
أيُّها النَّاسُ، إنَّ دماءَكم وأعراضكم وأموالكم عليْكُم حرامٌ، إلى أن تلقَوا ربَّكم كحُرمةِ يومِكم هذا، وَكحُرمةِ شَهرِكم هذا، وفي بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ اللهم فأشهد.. ). وهذا الاستهلال في الخطبة لا يمكن تحريفه أو تبديله فهو قائم إلى أن تلقوا ربكم فدماءكم وأعراضكم وأموالكم حرام عليكم وكل دم وعرض تتعدون عليه من الآن الى يوم القيامة فهو حرام عليكم، ومن هم في أصالب ونسل من استمع لخطبة الوداع .. وقد جاء الرد إنا نشهد إنك قد بلغت.

وهو أحد أهم الخطابات لرسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- زمناً مكاناً ومضموناً في أكبر تجمع في جزيرة العرب على الإطلاق وهذه العبارات دماءكم وأعراضكم حرامٌ عليكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة يوم عرفة وشهر ذو الحجة وفي هذا البلد الحرام.

ثم يستكمل المشهد ( وإنَّ ربا العبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ موضوعٌ كلُّهُ، وإنَّ كلَّ دمٍ كانَ في الجاهليَّةِ موضوعٌ، وإنَّ أوَّلَ دمائكم أضعُ دمَ عامر بن ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلب- وَكانَ مستَرضَعًا في بني ليثٍ، فقتلتْهُ هُذيلٍ- فَهوَ أوَّلُ ما أبدأُ بِهِ من دماءِ الجاهليَّةِ) .. وهو يضع كل دماء المسفوكة على الجاهلية فلا يريد سفك دمٍ بأسس جاهلية .. فأيها الأحبة ماذا سيكون وضع الناس الآن لو التزمت بهذا العبارة ؟! .. لو أطعناك يا رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- وسمعنا لك لعصمنا أنفسنا من الحروب والدمار وسيول من الدماء ملأت أراضينا منذ وفاتك ولم تتوقف حتى الآن، وهذا الخطاب لم يكن لأصحابه في ذاك الزمن  فقط فهو حتى قيام الساعة وهي تمثل الخطوط الحمراء التي على المسلم الالتزام بها، لو التزمنا بك يا رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- وبكلماتك النورانية لوجدنا الطرق الإنسانية العادلة لحل خلافاتنا بغير السيف وبغير الحروب، ولو أطعناك لكنا أفضل الأمم منذ تلك اللحظة لأنها وجدت حل مشاكلها بغير القتل وسفك الدم، وتعلمت منا بقية الأمم أفضل ما يمكن أن تتعلمه الأمم من أمة وسط، لو أطعناك يا رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- أكثر الأمم استقراراً فكانت دعوته لإدارة الخلاف بغي الحرب ولو فعلنا لكنا سادة الأرض منذ ذلك اليوم.

تخيلوا أيها الأحبة .. لو التزمنا بهذه الوصية ولم يكن هناك سهم قتل سعد ابن أبي عبادة ولم يكن هناك واقعة الجمل ولا صفين ولا كربلاء ولا منجنيق يدق أستار الكعبة ولم يكن ولم يكن .. آلاف المعارك التي سفكت فيها دماء المسلمين حراماً ومعظمها ليس فيها طرف محق بل من أجل مصالح دنيوية فاسدة لا علاقة لها بالإسلام.

حتى انتهينا يا رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- إلى داعش وأمثالها وهذا هو تاريخنا .. ولعدم التزامنا بهذه الوصية والكلمات النورانية خضنا دماء بعضنا بعض بشكل لا يصدق، ونحن ندافع بصدق عن أن الدين الإسلامي دين ليس بدموي ولكن التاريخ الإسلامي لا يشفع لمثل هذه الدعوات.

هل كان بالإمكان أن لا نسفك دماء بعضنا بعض؟ دعوات رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- لم تكن بغير الممكن أو المستحيل، نعم كان بالإمكان أن لا نسفك دما من دمائنا أو نتعرض لأعراضنا وهذا جوهر الرسالة ومعناها الحقيقي.

عذراً إليك يا رسول الله .. عن تخلفنا وجهلنا عنك وعن وصيتك ونهجك .. عذراً إليك يا رسول الله .

الموضوع الثاني : ما يجري في العراق

نحن مع العراق الموحد لجميع أبنائه عرب وكرد، مع العراق وما قسمه سايكس بيكو ولا نريد للعراق أن يقسم مرة أخرى يضيف مزيد من الجراح للعراق، ولو كان الأمن المستقر يتأتى بتقسيم العراق لثلاثة أقسام لكان جاز فيه النظر ولكن يبدو أن تقسيم العراق سيكون مدعاة حروب بين الأكراد والعرب وبين السنة والشيعة. نحن مع العراق الذي يساوي بين الكردي والعربي وبين السني والشيعي ولا يميز بين صابئي ولا مسيحي يحتضن العراق أبنائه بكل ألوانه وأبنائه وعقائدهم وأعراقهم بدون أي تمييز على أساس دولة المواطنة العراقية، نحن مع العراق التي يكون فيه وسيلة الاحتكام ليست السيف أو السلاح أو القوة وإنما إلى صناديق الاقتراع والتي تمثل إرادة العراقيين الحرة دون ضغوط غربية أو خارجية أو دول إقليمية. مع العراق الذي يحتضن أبنائه بدون تمييز وعلى أسس المواطنة، ومع العراق ضد التكفير والحروب العبثية والقتل على الهوية .. مع العراق حفظ الله العراق وأهلها وكل مقدساته من هذا العبث والأيدي الظلامية.

الموضوع الثالث : الشهيد العبار .. مماطلة وحقٌ بيّن

منذ اليوم الأول كان واضح أن الشهيد مصاب برصاص الشوزن وانتشرت صور الأشعة له، وهذا ما طالبت به عائلة الشهيد العبار وهو حقها.. قرابة الشهرين لهذا الطلب البسيط والحق البيّن، قضية واضحة وبسيطة ومن المفترض أن تنتهي في دقائق.

إصرار الأسرة للحصول على هذا الحق وتحمل كلفة هذا الإصرار، فهذه الأسرة تعاني من فقد ابنها وتعاني من تعطيل وتكبيل دفن جسد ابنهم، ولكن اصرار الأسرة على حقها والصبر على ذلك وهو قرارهم لا دخل في قرارهم أي جمعية سياسية أو فصيل ثوري ولا يمكن الاعتراض على قرارهم فهم أصحابه، وعندما اتخذوا هذا القرار الصعب لا يمكننا إلا تقديم الدعم والمساندة واستطاعوا أن ينتزعوا هذه الوثيقة البسيطة الحقة بهذا الصبر وهذه المعاناة وهو درسٌ بسيط للصراع الأشمل.

كما انتزع العبار ما يريد مرحلياً وان ابنه قتل بهذا الرصاص وقد مانعه النظام دون وجه حق، سننتزع كشعب البحرين حقنا في التخلص من الاستبداد والاستفراد بالحكم والديكتاتورية إلى إرادة الشعب .. سننتزع حقنا فعائلة العبّار صبرت قرابة الشهرين ونحن الآن في حراكنا السياسي ثلاثة أعوام وسنصبر للعام الرابع والعاشر حتى نأخذ حقنا وننتزع .. والنظام مضطر لأن يعطينا هذا الحق.

لماذا لا ننطلق من شهر الرحمة نحو مصالحة حقيقية وأولها بنود هذه المصالحة وقف الظلم والمحاكمات الجائرة ونقاط التفتيش التي تأسر الوطن ووقف التجنيس والتمييز، لم لا نقف مع أنفسنا كشعب ونؤسس لواقع جديد كما أسست الأمم البقية العاقلة ولماذا لا نتأسى بوصية رسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- كما وردت في بداية الحديث.

نسأل الله أن يمن على هذا الشعب وبقية الشعوب المستضعفة النصر

اللهم صلي على محمد وآل ومحمد، اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة، اللهم عجل فرج وليك الحجة بن الحسن واجعلنا من أنصاره وأعوانه والمجاهدين بين يديه والمستشهدين تحت لوائه، اللهم هب لنا خيره ورأفته ودعائه، اللهم بحقه وحق آبائه الطاهرين كل طالب حاجة من المؤمنين والمؤمنات اللهم اقض حاجته، اللهم فك قيد أسرانا ومعتقلينا، اللهم شافي مرضانا وجرحانا وأرجع غربائنا ..

غفر الله لي ولكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

.................

انتهى/212

سمات