وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ انعقدت ندوة لنقد ومناقشة مسلسل "معاوية"، وذلك برعاية مكتب شؤون الدراسات والبحوث والتحقيق التابع لإدارة القسم العلمي والثقافي في المجمع العالمي لأهل البيت (ع) وبالتعاون مع وكالة أبنا الدولية قبل الأحد الموافق 16 رمضان عام 1446 للهجرة.
وحاضر في هذه الندوة الأستاذ في جامعة الأديان والمذاهب ومستشار الأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) حجة الإسلام والمسلمين الدكتور "مهدي فرمانيان"، والباحث الإسلامي والمفكر اليمني الدكتور "عصام يحيى العماد"، والخبير الإعلامي والناقد للأفلام حجة الإسلام والمسلمين "مرتضى فلاح"، والخبير الإعلامي والناقد للأفلام حجة الإسلام والمسلمين "على رضائي آدرياني"، حيث أبدوا آرائهم في هذه الجلسة حول المسلسل.
العراك الرئيسي بين الوهابية وأهل السنة وليس بين الشيعة والسنة!
أشار الأستاذ في جامعة الأديان والمذاهب والمستشار العلمي للأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) حجة الإسلام والمسلمين الدكتور "مهدي فرمانيان" في هذه الندوة إلى الاتجاه التاريخي لهذا الفيلم، وأوضح: هناك ثلاثة اتجاهات موجودة في الكتب التاريخية الإسلامية: الاتجاه الأول هو "الشيعي، والاتجاه الثاني اتجاه "أهل السنة المؤيدين لأهل البيت (ع)" والاتجاه الثالث "العثماني ــ السلفي ــ الوهابي".
واعتبر سماحته هناك فارق بين التفكير العثماني والأمبراطورية العثمانية، وقال: إن هذا التفكير ظهر بعد مقتل "عثمان" الخليفة الثالث، وبعد هذه الواقعة ظهرت جماعة تطالب بدم عثمان، ثم حدثت معركتي الجمل وصفين.
وأشار المستشار العلمي للأمين العام للمجمع العالمي لأهل البيت (ع) إلى طيفي العلوي والعثماني، وأوضح: إن العثمانيين كانوا يرفضون العلويين، والعلويون أيضا كان يرفضون عثمان. وبعد صلح معاوية مع الإمام الحسن (ع) انتشر التفكير العثماني؛ وظهر أيضا سبّ ولعن علي وآل علي (ع).
وتطرق حجة الإسلام فرمانيان إلى الكيسانية وبني العباس حيث تمكنا أن يحولا المجتمع من اتجاه عثماني إلى علوي.
وتابع سماحته: إن أجواء حكم بني العباس بلغت درجة، حتى اعترف بعض العثمانيين بخلافة الإمام علي (ع) كالخليفة الرابع؛ كما أن "أحمد بن حنبل" رئيس المذهب الحنبلي تأثر بأستاذه "عبد الرزاق" -والذي كان من العلويين ويسكن اليمن- واعترف بالإمام علي (ع) باعتباره الخليفة الرابع.
وتحدث أستاذ جامعة المذاهب والأديان عن تطورات تاريخ الإسلام وتضائل التفكير العثماني على مرور الزمن، وقال: بدأ التفكير أهل السنة بطابع أهل البيت (ع) ينتشر يوما بعد يوم، وألّف كتاب تاريخ الطبري من قبل أهل السنة بناء على هذا الاتجاه، وكان الطبري رجلا يرفض التفكير العثماني حتى أنّه ألّف كتابا حول طرق رواية حديث الغدير.
وأشار سماحته إلى القرن الثامن للهجرة، وتابع: سعى جماعة لإحياء التفكير العثماني، لكن كان المجتمع لم يتقبل ذلك، فتم إنكار الكثير من فضائل الإمام علي (ع) وشرع بتطهير شخصية أمثال معاوية، وذلك من خلال قضية الاجتهاد في السياسة وأنه قد يكون شخص كمعاوية أخطأ في اتخاذ قرارته.
وبيّن حجة الإسلام فرمانيان: اليوم تسعى الوهابية وعن طريق مسلسل معاوية أن تعرّف التفكير العثماني بأنّه تفكير أهل السنة، في حين هو تفكير ابن تيمية، وأهل السنة يخالفون مثل هذا التفكير.
وتطرق سماحته إلى إستراتيجة مواجهة هذا المسلسل والرد عليه، وقال: على علمائنا أن لا يكملوا لغز العدو؛ إذ إن الوهابية تسعى إلى شن النزاع بين الشيعة والسنة، في حين أن الخلاف الرئيسي هو بين أهل السنة والوهابية. فيمكن من خلال انعكاس انتقادات علماء أهل السنة أن يواجه هذا المسلسل.
وفي الختام صرح أستاذ جامعة الأديان والمذاهب: حاول هذا المسلسل أن يلتزم بتاريخ أهل السنة، لكن ينفذ أوامر صاحب عمله الوهابي؛ فيمكن لمن لديه خبرة في التاريخ أن يقدم نقده على هذا المسلسل، وذلك من خلال الإشارة إلى الإشكالات التاريخية الكثير جدا في هذا المسلسل، نظرا إلى ما ورد في مصادر أهل السنة.
مسلسل معاوية لم يكن من منظور أهل السنة
قال الدكتور "عصام يحيى العماد" الباحث الإسلامي والمفكر اليمني: انتج هذا المسلسل بناء على هذه الفكرة أن العلويين دمروا وأخطؤوا شخصية معاوية.
وتابع: كُتب تاريخ عصر معاوية في زمن أعداء بني أمية، وإنهم يعتقدون أن وجهة نظر المسلسلات والأفلام الإيرانية في خصوص معاوية انتجت بناء على وجهة نظر بني العباس والبويهيين. طبعا في مسلسل معاوية ذكروا اسم يوسف القرضاوي كأحد المصادر لهذا المسلسل، وأرى أن هذا العمل خيانة؛ لأن القرضاوي أورد في إحدى كتبه أن معاوية شخص مضل. فإنهم أتوا بهذه الأكذوبة؛ لأنهم يعلمون أن القرضاوي شخصية دولية، وشخصيات أخرى كـ"أكرم العمري" والذي انتج الفيلم بناء على آرائه وفكره لم يكن رجلا معروفا وشاخصا. إن القرضاوي كان يعتقد أن معاوية ويزيد قاما بتحريف الإسلام، والقرضاوي أيضا قد توفي قبل انتاج مسلسل معاوية.
وأضاف هذا المفكر اليمني: إن الوهابية تعتقد أن الإيرانيين ليس لهم حق الاعتراض على مسلسل معاوية؛ لأنه هوجمت شخصية عبد الله بن الزبير في مسلسل المختار الثقفي، وفي مسلسل الإمام علي (ع) وضعت علامة الاستفهام على طلحة والزبير الذين يعدان من الشخصيات التي بشرت بالجنة عند أهل السنة.
وأكد: إن مسلسل معاوية يسعى جاهدا حتى يظهر أن علاقة الإمام علي (ع) مع معاوية علاقة ودية، والمشكلة تكمن في أن قتلة عثمان تغلغلوا في جيش الإمام علي (ع)، وكان يجب على الإمام أن لا يستمع لكلامهم! كان مسلسل معاوية يحاول أن يبين أن معاوية يجب أن يبقى حاكما على الشام؛ لأنّ لديه معرفة كاملة عن الروم، وأن أهل الشام منقادون إليه، لكن قتلة عثمان كان يمانعون الصلح بين الإمام علي (ع) ومعاوية خوفا من أن يُحكم عليهم بالإعدام.
وفيما يتعلق بالآراء الأخرى للمفكرين حول معاوية قال الدكتور عصام: حسن البناء كان يخالف معاوية، وأحمد صديق العماري له كتاب مناهض لمعاوية، وحتى ابن الجوزي السلفي له كتاب يرفض يزيد. إن منتجي مسلسل معاوية يرفضون آراء أهل السنة والشيعة حول معاوية، فلا يمكن القول أن مسلسل معاوية حول حصيلة الخلاف بين إيران والسعودية، ومن جهة أخرى نقول أن المسلسلات الإيرانية لم تنتبه ولم تستفد من نظرات أهل السنة وآرائهم في أعمالهم.
واعتبر هذا الباحث الإسلامي من الظلم أن نعرّف مسلسل معاوية بأنه انتج بحسب وجهة نظر أهل السنة، وتابع: تقوم آراء منتجي مسلسل معاوية على من شكك في تاريخ الطبري باعتباره أحد مصادر أهل السنة. كتاب تاريخ الطبري كتاب يستفيد منه حتى الشيعة فضلا من أهل السنة. إن منتجي مسلسل معاوية لم يستفيدوا من كتابي تاريخ الطبري وتاريخ ابن كثير؛ لأن الآراء التي قدمت في هذا المسلسل تعارض مع ما ورد في هذين الكتابين.
وفي الختام قال: إن مسلسل معاوية يعارض تاريخ الطبري؛ إذ إن ما ورد عن معاوية في مصادر أهل السنة لا يختلف عما ورد حوله عند الشيعة.
مسلسل معاوية انتج بهدف تطهير معاوية وبني أمية
قال الخبير الإعلامي وناقد الفيلم حجة الإسلام "مرتضى فلاح": مسلسل معاوية من انتاج شركة وقناة "أم بي سي" الفضائية، وكان من المقرر أن يبث هذا المسلسل قبل سنتين، لكن تم تأجيله بسبب ردود فعل سلبية.
وأضاف: إن ميزانية هذا المسلسل 100 مليون دلار في حين أن مسلسل الحشاشين ومع أن كلفته كانت بأقل جدا من هذا المسلسل لكنه كان يتمتع بجودة أعلى منه. انتج مسلسل معاوية في تونس، وقد شارك في كتابة سيناريو هذا المسلسل خمسة أشخاص. الممثل لوجين إسماعيل مثّل معاوية وهو ذو أصول سورية، والجدير بالذكر أنه شارك في مسلسل حبيب الإيراني.
وفيما يتعلق بأن الدول العربية في السنوات الأخيرة شرعت بانتاج المسلسلات الإستراتيجة، تابع هذا الخبير الإعلامي: انتج مسلسل الأسباط سنة 2010 للميلاد وبث في رمضان السنة نفسها، وفي سنة 2012 تم انتاج مسلسل عمر من قبل قطر والإمارات، وبث في قناة أم بي سي، وفي العام الماضي انتج مسلسل الحشاشين من قبل المصرييون، وفي هذا العام أيضا وبناء على السياسة الكلية التي تتبعها الدول انتج مسلسل معاوية.
وتابع: منذ سنة 2005 حتى الأن انتجت الدول العربية 20 مسلسلا تاريخيا إستراتيجيا، ونظرا إلى أن مسلسل معاوية لم يكن الأخير لهذه المسلسلات، فماذا يجب علينا أن نقوم به في مواجهة انتاج هذه المسلسلات؟ فهل يجب علينا أن نحجب العالم الافتراضي؟ وعلى الرغم من جميع القيود تم تحميل هذا المسلسل.
وحول الأساليب التي يجب اتخاذها لمواجهة مسلسلات الدول العربية قال حجة الإسلام فلاح: يجب للإذاعة أن تخوض هذا الميدان، وتشرع بانتاج المسلسلات التاريخية. في العقود الثلاثة الماضية أهملنا في هذا الخصوص، فمنذ انتاج مسلسل المختار سنة 2011 لم ينتج أي مسلسل تاريخي حتى الآن، فعلى الإذاعة أن تبادر إلى انتاج مسلسلات حول شخصيات صدر الإسلام والشخصيات الشيعية؛ لأنه يمكنا لنا أن نجيب على الكثير من الشبهات المثارة من خلال هذه المسلسلات، وأن تقدم القراءة الأولى حول أي شخصية عبر الإعلام تعد مهمة؛ فيقع العبء الرئيسي بهذا الشأن على عاتق وسائل الإعلام الوطنية.
وقال أيضا: إن المسلسلات التي تنتج حول القصص القرآنية جيدة ولكنها لا تحظى بالأولوية، ولست أدري لماذا أعطي الأولوية لمسلسل النبي موسى عليه السلام، في حين أن قائد الثورة الإسلامية أكد انتاج مسلسلات حول شخصيات كجعفر بن أبي طالب وأبي طالب.
وفيما يرتبط بأن انتاج المسلسل برنامجا استغرق وقتا طويلا، صرح هذا الناقد للفيلم: نظرا إلى أن مسلسل معاوية يعرض في الدول العربية يجب تقديم نقد على فحوى هذا المسلسل باللغة العربية؛ لأن أهل السنة أيضا لا يوافقون ما عرض عن صورة معاوية في هذا المسلسل.
وحول إشكالات مسلسل معاوية قال حجة الإسلام فلاح: الإشكال الفني الأول على هذا المسلسل أنه ليس له مخرج، والإشكال الآخر أن في المسلسلات التاريخية والدينية يجب ذكر المصادر ولم تذكر المصادر في هذا المسلسل، فمنتجو المسلسل لم يقيموا بهذه الأعمال حتى يمكنهم الدفاع عن أنفسهم. والأشكال الآخر أنه لم تقدم الصورة الصحيحة للشخصيات، فعلى سبيل المثال إن معاوية كان رجلا سمينا ويأكل كثيرا، والنبي (ص) دعا عليه بقوله: "لا أشبع الله بطنه" في حين صورة معاوية في هذا المسلسل يبدو رجلا وسيما ومعتدل الجسد، وأيضا الحوارات الباردة والفارغة عن المشاعر من الإشكالات الأخرى التي ترد على هذا المسلسل.
وتابع: إن الممثل الرئيسي لمسلسل معاوية يمثل دوره دون عواطف، ومن الإشكات الأخرى عدم تفاصيل الأحداث التاريخية والاكتفاء بالاختصار، وقد كلف هذا المسلسل 100 مليون دلار لكن على سبيل المثال لم يقدم معركة أحد إلا 50 ثانية، فالمسلسل الذي انتج في 30 حلقة ليس هناك تبريرللاختصار فيه. والإشكال الآخر هو قضية تصميم مسارح وملباس مسلسل معاوية فهي لا تلائم مع تاريخ آنذاك، وهناك إشكالات رئيسة حول محتوى هذا المسلسل، فإحدى الإشكالات تحريف الأحداث التاريخية، إذ أن منتجو المسلسل والمتصدون له يقلبون الصورة أينما شاؤوا في هذا المسلسل.
وفي الختام قال هذا الخبير الإعلامي الغاية الرئيسة لهذا المسلسل هو تطهير بني أمية والصحابة الذين فيهم مشكلة، وعليهم علامة استفهام، ومن أجل هذا الأمر بادروا إلى الكثير من التحريفات، وأضاف: على سبيل المثال إن إسلام معاوية قبل فتح مكة من جملة هذه التحريفات. ومن الإشكالات في فحوى المسلسل هو عدم عرض الأحداث المهمة التاريخية حتى يتمكنوا من الحصول على غايتهم وهو تطهير معاوية وبني أمية، والإشكال الأخير ترويج الإباحة وهذا ما تسعى إليه آل سعود.
تعليقك