3- ابن أبي الحديد المعتزلي(ت656هـ):
قال وهو في مقام الحديث عن خصائص علي(ع): (وأما قراءته القرآن واشتغاله به: فهو المنظور إليه في هذا الباب، اتفق الكل على أنه كان يحفظ القرآن على عهد رسول الله(ص)، ولم يكن غيره يحفظه، ثم هو أول من جمعه، نقلوا كلهم أنه تأخر عن بيعة أبي بكر، فأهل الحديث لا يقولون ما تقوله الشيعة من أنه تأخر مخالفة للبيعة، بل يقولون: تشاغل بجمع القرآن فهذا يدل على أنه أول من جمع القرآن، لأنه لو كان مجموعاً في حياة رسول الله(ص) لما احتاج إلى أن يتشاغل بجمعه بعد وفاته(ص). وإذا رجعت إلى كتب القراءات وجدت أئمة القراء كلهم يرجعون إليه، كأبي عمرو بن العلاء وعاصم بن أبي النجود وغيرهما، لأنهم يرجعون إلى أبي عبد الرحمن السلمي القارئ، وأبو عبد الرحمن كان تلميذه، وعنه أخذ القرآن، فقد صار هذا الفن من الفنون التي تنتهي إليه أيضاً، مثل كثير مما سبق)(104). والعبارة تجزم بأن الامام علياً(ع) أول من جمع القرآن.
4- محمد بن جزي الكلبي(ت741هـ):
(كان القرآن على عهد رسول الله(ص) متفرقاً في الصحف وفي صدور الرجال فلما توفي رسول الله(ص) قعد علي بن أبي طالب(ع) في بيته فجمعه على ترتيب نزوله ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير ولكنه لم يوجد.)(105).
ظاهر العبارة الجزم بوجود مصحف الامام علي(ع)، فقد أرسله إرسال المسلمات.
5- محمد الذهبي(ت748هـ):
ذكر عدة روايات في فضائل علي(ع)، ومنها قوله: (عن سليمان الأحمسي، عن أبيه قال: قال علي: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت، وعلى من نزلت، وإن ربي وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً ناطقاً. وقال محمد بن سيرين: لما توفي رسول الله(ع) أبطأ علي عن ربيعة أبي بكر، فلقيه أبو بكر فقال: أكرهت إمارتي فقال: لا، ولكن آليت لا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة، حتى أجمع القرآن، فزعموا أنه كتبه على تنزيله فقال محمد: لو أصبت ذلك الكتاب كان فيه العلم. وقال سعيد بن المسيب: لم يكن أحد من الصحابة يقول: سلوني إلا علي. وقال ابن عباس: قال عمر: علي أقضانا، وأبي أقرؤنا. وقال ابن مسعود: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي. وقال ابن المسيب، عن عمر قال: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن. وقال ابن عباس: إذا حدثنا ثقة بفتيا عن علي لم نتجاوزها)(106). فنلاحظ أنه ذكر كتابة علي(ع) للقرآن من جملة فضائله.
6- بدر الدين الزركشي(ت794هـ):
قال وهو في معرض الحديث عن اختلاف ترتيب المصاحف ما نصه: (وقال القاضي أبو بكر بن الطيب: فإن قيل: قد اختلف السلف في ترتيب القرآن، فمنهم من كتب في المصحف السور على تاريخ نزولها، وقدم المكي على المدني. ومنهم جعل من أوله:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} (107) ; وهو أول مصحف علي، وأما مصحف ابن مسعود، فأوله {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}(108) ثم البقرة، ثم النساء على ترتيب مختلف. وفي مصحف ُأبَي كان أوله الحمد، ثم النساء، ثم آل عمران، ثم الأنعام، ثم الأعراف، ثم المائدة، على اختلاف شديد. فالجواب أنه يحتمل أن يكون ترتيب السور على ما هي عليه اليوم على وجه الاجتهاد من الصحابة . وذكر ذلك مكي في سورة براءة، وأن وضع البسملة في الأول هو من النبي(ص))(109). فالتسليم بوجود مصحف علي(ع) واضح في العبارة.
7- ابن الخطيب(809هـ):
قال وهو في مقام الحديث عن ترتيب سور القرآن: (ومما يدل على أن ترتيب السور من فعل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وأنه ليس بتوقيفي؛ اختلاف مصاحفهم في الترتيب، فمنهم من رتبه على ترتيب نزوله، كعلي(ع)، فقد كان أول مصحفه: سورة اقرأ، ثم المدثر، ثم نون، ثم المزمل، ثم تبت، ثم التكوير، وهكذا إلى آخر المكي، فالمدني)(110)، والكلام عن تفاصيل المصحف معناه التسليم بوجود مصحف الامام علي(ص).
8- جلال الدين عبدالرحمن السيوطي(ت911هـ):
قال في ترجمة الامام علي(ع) مايلي: (وعلي(ع) أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأخو رسول الله(ص) بالمؤاخاة، وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين(س)، وأحد السابقين إلى الإسلام، وأحد العلماء الربانيين، والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، والخطباء المعروفين، وأحد من جمع القرآن وعرضه على النبي عليه الصلاة والسلام)(111)، وقال في موضع آخر من نفس الكتاب:
(وأما كلامه في تفسير القرآن فكثير، وهو مستوفى في كتابنا التفسير المسند بأسانيده، وقد أخرج ابن سعد عن علي قال: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم نزلت، وأين نزلت، وعلى من نزلت، إن ربي وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً صادقاً ناطقاً. وأخرج ابن سعد وغيره عن أبي الطفيل، قال: قال علي: سلوني عن كتاب الله، فإنه ليس من آية إلا وقد عرفت بليلٍ نزلت أم بنهار، وفي سهل أم جبل.
وأخرج ابن ابي داود عن محمد بن سيرين قال: لما توفي النبي(ص) أبطأ علي عن بيعة أبي بكر، فلقيه أبوبكر فقال: أكرهت إمارتي؟ فقال: لا، ولكن آليت أن لا أرتدي بردائي إلا إلى الصلاة حتى أجمع القرآن، فزعموا أنه كتبه على تنزيله، فقال محمد: لو أصيب ذلك الكتاب، كان فيه العلم.)(112). وذكر هذه الرواية في مقام الترجمة للامام علي(ع)، يدلل على التسليم بها، خصوصا إذا لاحظنا رد السيوطي في الاتقان- كما تقدم- على السجستاني وابن حجر حينما ضعّفا هذه الرواية.
10- أحمد بن علي القسطلاني(ت923هـ):
قال: (وجمع علي القرآن على ترتيب النزول)(113)، وهذه العبارة مشعرة بالجزم بذلك الجمع.
11- محمد عبد العظيم الزرقاني(ت1367هـ):
(لايضيرنا في هذا البحث أن يقال إن علياً(ع) أول من جمع القرآن بعد رسول الله(ص)، ولايعكر صفو موضوعنا أن يستدلوا على ذلك بما نقله السيوطي عن ابن الغرس من حديث محمد بن سيرين عن عكرمة قال: [ لما كان بدء خلافة أبي بكر، قعد علي بن أبي طالب في بيته، فقيل لأبي بكر: قد كره بيعتك، فأرسل إليه، فقال: أكرهت بيعتي؟ فقال: رأيت كتاب الله يُزاد فيه، فحدثت نفسي ألا ألبس ردائي حتى أجمعه. قال له أبوبكر: فإنك نعم ما رأيت! قال محمد: فقلت لعكرمة: ألفوه كما أنزل الأول فالأول؟ قال: لو اجتمعت الإنس والجن على أن يؤلفوه هذا التأليف ما استطاعوا]، وأخرج ابن أشته من وجه آخر عن ابن سيرين هذا الأثر، وفيه أنه كتب في مصحفه الناسخ والمنسوخ، وأن ابن سيرين قال: فطلبت ذلك الكتاب، وكتبت فيه إلى المدينة، فلم أقدر عليه.
نقول إن هذه الرواية وأشباهها لاتضير بحثنا، ولاتعكر صفو موضوعنا، فقصاراها أنها تثبت أن علياً أو بعض الصحابة كان قد كتب القرآن في مصحف، لكنها لاتعطي هذا المصحف تلك الصفة الاجماعية، ولاتخلع عليه تلك المزايا التي للصحف أو المصحف المجموع في عهد أبي بكر، بل هي مصاحف فردية)(114)، والعبارة واضحة جداً في التسليم بمصحف الامام علي(ع).
12- علي فتح الدين الحنفي(ت1371هـ):
قال وهو في معرض تعداد فضائل علي(ع) مانصه: (وفي الإتقان: فمنهم من رتبها على النزول (وهو مصحف علي)، وفيه قال علي (ع): لما مات رسول الله(ص) آليت أن لا آخذ علي ردائي إلا لصلاة جمعة حتى أجمع القرآن. وفيه قال ابن حجر: وقد ورد أن علي جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي(ص)، (أخرجه ابن أبي داود). و(كذا في الفتح، وتأريخ الخلفاء) وزاد: قال محمد بن سيرين لو أصيب ذلك الكتاب كان فيه العلم. وقال علي: رأيت كتاب الله يزاد فيه فحدثت نفسي أن لا ألبس ردائي إلا لصلاة حتى أجمعه. وقال ابن أبي جمرة عن علي(ع): أنه قال: لو شئت أن أوقر سبعين بعيرا من تفسير أم القرآن لفعلت)(115)، وقال في موضع آخر: (وقد مر أن علياً(ع) جمع القرآن وحده، ولم يحتج إلى شهادة رجلين ولا بتحليف أحد لعلمه علم اليقين، فثبت أنه كان أعلم بالقرآن لأخذه العلم من النبي(ص)، وكونه باب العلوم. أخرج ابن أبي داود عن محمد بن سيرين قال لما توفي رسول الله(ص) أبطأ علي(ع) عن بيعة أبي بكر (إلى أن قال) آليتُ (من الإيلاء أي حلفت) أن لا أرتدي ردائي إلا الصلاة حتى أجمع القرآن، فزعموا أنه كتبه على تنزيله فقال محمد: لو أصيب ذلك الكتاب كان فيه العلم، وأما الذين جمعوا القرآن (غير علي(ع)) فأنهم جمع الناس)(116)، وهذا تصريح واضح بوجود مصحف الإمام علي(ع).
13- السيد محمد الكتّاني الإدريسي(ت1382هـ):
قال وهو في مقام الحديث عن حفظ وجمع القرآن: (وكسيدنا علي فإنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي(ص))(117). وهذا تسليم بالمصحف العلوي.
14- السيد عبدالقادر ملا حويش العاني(معاصر):