6- الرواية السادسة: روى فرات الكوفي(ت352هـ) في تفسيره(44) تحت رقم 530 - 20 مايلي: (فرات، قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا علي بن بزرج الحناط، قال: حدثني علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير: عن أبي جعفر(ع) في قوله تعالى: {قُل لا أَسْأَ لُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(45) ثم إن جبرئيل(ع) أتاه فقال: يا محمد إنك قد قضيت نوبتك (وفي نسخة: نبوتك) وأسلبتك أيامك فاجعل الاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة عند علي، وإني لا أترك الأرض إلا وفيها عالم يعرف به طاعتي ويعرف به ولايتي ويكون حجة لمن ولد فيما يتربص النبي إلى خروج النبي الآخر. فأوصى إليه بالاسم الأكبر و هو ميراث العلم وآثار علم النبوة، وأوصى إليه بألف باب يفتح لكل باب ألف باب وكل كلمة الف كلمة، ومرض يوم الاثنين! وقال: يا علي لا تخرج ثلاثة أيام حتى تؤلف (وفي نسخة:يؤلف) كتاب الله، كي لا يزيد فيه الشيطان شيئاً ولا ينقص منه شيئاً، فإنك في ضد سنة وصي سليمان عليه الصلاة والسلام. فلم يضع علي رداءه على ظهره حتى جمع القرآن، فلم يزد فيه الشيطان شيئاً ولم ينقص منه شيئاً) (46).
الرواية واضحة الدلالة في أن الإمام علياً(ع)، قد عمل بوصية النبي(ص)، فجمع وألف القرآن في ثلاثة أيام، فالرواية صريحة في جمع علي(ع) للقرآن الكريم.
لكن فرات لم يذكره الرجاليون بمدح ولاذم، فلم تثبت وثاقته(47)، فلا يمكن الإعتماد على تفسيره على الرغم من أن الرجاليين قد ذكروا أن له تفسيراً(48)، ولو تنزلنا وقبلنا بالكتاب ومؤلفه، فإننا نصطدم بالسند؛ إذ أنه ضعيف بعلي بن حسان(49) وعمه عبدالرحمن بن كثير(50)، فتسقط الرواية عن الإعتبار.
إذن الرواية السادسة ضعيفة سنداً على الرغم من وضوحها في المطلوب دلالةً.
7-الرواية السابعة: روى الصدوق(ت381هـ) في الخصال(51) عند ذكره لسبعين منقبة لأمير المؤمنين(ع)، فقال: (حدثنا أحمد بن الحسن القطان، ومحمد بن أحمد السناني، وعلي بن موسى الدقاق، والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب، وعلي بن عبد الله الوراق قالوا: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا بكر بن عبد الله بن حبيب قال: حدثنا تميم بن بهلول: قال: حدثنا سليمان بن حكيم، عن ثور بن يزيد، عن مكحول قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع) لقد علم المستحفظون من أصحاب النبي محمد(ص) أنه ليس فيهم رجل له منقبة إلا وقد شركته فيها وفضلته ولي سبعون منقبة لم يشركني فيها أحد منهم- إلى أن يقول- وأما الخامسة والخمسون فإن رسول الله(ص) قال لي: سيفتتن فيك طوائف من أمتي فيقولون: إن رسول الله(ص) لم يخلف شيئاً فبماذا أوصي علياً؟ أوليس كتاب ربي أفضل الأشياء بعد الله عز وجل والذي بعثني بالحق لئن لم تجمعه بأتقان لم يجمع أبداً " فخصني الله عز وجل بذلك من دون الصحابة)(52)
الرواية تدل بوضوح على وصية النبي(ص) لعلي بجمع القرآن بإتقان، ومن الواضح أن الإمام في مقام بيان الخصائص التي امتاز بها عن غيره، فلابد أن يكون قد عمل بوصية النبي(ص) وعمل على جمع القرآن بإتقان، فالرواية تامةٌ دلالةً.
وأما السند فالشيخ الصدوق من أجلاء الطائفة، وهو المولود بدعاء الإمام المهدي(عج)، وهو غني عن التعريف(53)، كما أن كتبه كثيرة ومعروفة ومنها كتاب الخصال، فلا إشكال اذن من ناحية المؤلف وكتابه، انما الكلام من ناحية السند المذكور في هذه الرواية، فمن الملاحظ أن جميع رجاله من المجاهيل، فتسقط الرواية عن الحجية(54).
إذن الرواية السابعة ضعيفة؛ لأنها مخدوشة سنداً، وإن كانت تامة دلالة.
8- الرواية الثامنة: روى الشريف الرضي(ت406هـ) مايلي: (عن هارون بن موسى، عن أحمد بن محمد بن عمار العجلي الكوفي، عن عيسى الضرير، عن الكاظم، عن أبيه(ع) قال: قال رسول الله(ص) لعلي(ع) حين دفع إليه الوصية: اتخذ لها جوابا غداً بين يدي الله تبارك وتعالى رب العرش، فإني محاجك يوم القيامة بكتاب الله حلاله وحرامه، ومحكمه و متشابهه على ما أنزل الله، وعلى ما أمرتك، وعلى فرائض الله كما أنزلت وعلى الاحكام من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجتنابه، مع إقامة حدود الله وشروطه، والأمور كلها - إلى أن يقول- والذي بعثني بالحق لقد قدّمتُ إليهم بالوعيد بعد أن أخبرتهم رجلاً رجلاً ما افترض الله عليهم من حقك، وألزمهم من طاعتك، وكُلٌ أجاب وسلم إليك الامر، وإني لأعلم خلاف قولهم، فإذا قبضت وفرغت من جميع ما أوصيك به وغيبتني في قبري فالزم بيتك، واجمع القرآن على تأليفه، والفرائض والاحكام على تنزيله ثم امض على غير لائمة على ما أمرتك به، وعليك بالصبر على ما ينزل بك وبها حتى تقدموا عليّ)(55).
والرواية واضحة الدلالة على جمع المصحف العلوي؛ إذ أن النبي(ص) يوصي علياً بجمع القرآن، ويقول له إني سائلك غداً عن تنفيذ هذه الوصية، ونحن نجزم ونقطع أن الإمام علياً(ع) قام بتنفيذ الوصية فجمع القرآن، إذ أنه(ع) بقي مدة مديدة بعد رسول الله’ تمكنه من جمع القرآن، وعدم تنفيذ الوصية بعيد عن ساحة أمير المؤمنين (ع)، فالرواية تامة الدلالة بلا إشكال، وانما الكلام في السند، فبعد ملاحظة رجال السند(56) نجد أنها ضعيفة السند، لكن يمكن تصحيحها بمبنىً رجالي لا يخلو من قوة.
إذن الرواية الثامنة تامة السند والدلالة على إثبات وجود المصحف العلوي.
9- الرواية التاسعة: روى الطبرسي(ت548هـ) في الإحتجاج(57)، قال: (وفي رواية أبي ذر الغفاري، أنه قال: لما توفي رسول الله(ص) جمع علي(ع) القرآن وجاء به إلى المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله(ص)، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم، فوثب عمر وقال: يا علي اردده فلا حاجة لنا فيه، فأخذه(ع) وانصرف ثم أحضروا زيد بن ثابت - وكان قارياً للقرآن - فقال له عمر: إن عليا جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف القرآن ونسقط منه ما كان فيه فضيحة وهتك للمهاجرين والأنصار، فأجابه زيد إلى ذلك، ثم قال: فإن أنا فرغت من القرآن على ما سألتم وأظهر علي القرآن الذي ألفه أليس قد بطل كل ما عملتم؟ قال عمر: فما الحيلة؟ قال زيد: أنتم أعلم بالحيلة، فقال عمر: ما حيلته دون أن نقتله ونستريح منه، فدبر في قتله على يد خالد بن الوليد فلم يقدر على ذلك، وقد مضى شرح ذلك. فلما استخلف عمر سأل علياً(ع) أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم، فقال: يا أبا الحسن إن جئت بالقرآن الذي كنت قد جئت به إلى أبي بكر حتى نجتمع عليه، فقال(ع): هيهات ليس إلى ذلك سبيل، إنما جئت به إلى أبي بكر لتقوم الحجة عليكم، ولا تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا ما جئتنا به، إن القرآن الذي عندي لا يمسه إلا المطهرون والأوصياء من ولدي، قال عمر: فهل لإظهاره وقت معلوم. فقال(ع): نعم إذا قام القائم من ولدي، يظهره ويحمل الناس عليه، فتجري السنة به صلوات الله عليه)(58).
وهذه الرواية على الرغم من جلالة قدر الطبرسي، وعظمة كتابه(59)، إلا أنها مرسلة، فلم تذكر الرواة الذين نقلوا الخبر عن أبي ذر الغفاري، فتسقط عن الإعتبار والحجية.
إذن الرواية التاسعة مخدوشة سنداً، وإن كانت واضحة جداً من حيث الدلالة.
10- الرواية العاشرة: مارواه الطبرسي(ت548هـ) أيضاً في إحتجاج علي(ع) على الزنديق، فقد جاء بعض الزنادقة إلى أمير المؤمنين علي(ع) وقال له: لولا ما في القرآن من الاختلاف والتناقض لدخلت في دينكم(60)......، إلى أن يقول أمير المؤمنين(ع): (ولقد أحضروا الكتاب كملاً مشتملاً على التأويل، والتنزيل. والمحكم، والمتشابه، والناسخ، والمنسوخ، لم يسقط منه حرف ألف ولا لام، فلما وقفوا على ما بيّنه الله من أسماء أهل الحق والباطل، وأن ذلك إن أظهر نقض ما عهدوه قالوا: لا حاجة لنا فيه، نحن مستغنون عنه بما عندنا، وكذ