ابنا : ولایــتـى لأمیــر النـحل تــکفینى عند الممات و تغسیلی و تکفینی و طینتی عجنت من قبل تکوینى بــحــب حـیدر کیـــف النار تکوینی
ذكر العلماء في كتب الأدعية وأعمال الأيام جملة من الأعمال والأقوال ورد الحث عليها في النصوص المختصة بيوم الغدير. وقد أفتى كثير من الفقهاء باستحبابها. ومن لم يثبت عنده استحبابها الشرعي، لم يمنع من الإتيان بها برجاء المطلوبية، منها: الأول: الغسل:
ففي الخبر عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «صيام يوم غدير خم يعدل صيام عمر الدنيا» إلى أن قال: «ومن صلى فيه ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة..» إلى أن قال: «عدلت عند الله مائة ألف حجّة، ومائة ألف عمرة»[1]. وممّن أفتى باستحباب الغسل في هذا اليوم السيّد اليزدي صاحب العروة (رحمه الله)، وبعض مَنْ علق عليها من الفقهاء كالإمام الخميني (قدس سره)[2]. الثاني: الصلاة:
وقد ورد فيها كيفيتان:
«الأولى: ما في الخبر المتقدم في الغسل مِن أن مَن يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة، وعشر مرات قل هو الله أحد، وعشر مرات آية الكرسي، وعشر مرات إنا أنزلناه، عدلت عند الله عز وجل مائة ألف حجّة ومائة ألف عمرة، وما سأل الله عز وجل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلاَّ قضيت كائناً ما كانت الحاجة...»[3].
«الثانية: ذكرها السيد ابن طاووس في إقبال الأعمال في رواية عن مولانا الصادق(عليه السلام): ... ومن صلى فيه ركعتين أي وقت شاء، وأفضل ذلك قرب الزوال... (إلى أن قال:) فمن صلى ركعتين ثم سجد وشكر الله عز وجل مائة مرة، ودعا بهذا الدعاء بعد رفع رأسه من السجود (ثم ذكر الدعاء)... ثم تسجد وتحمد الله مائة مرة وتشكر الله مائة مرة وأنت ساجد، فإنه من فعل ذلك كان كمن حضر ذلك اليوم وبايع رسول الله(صلى الله عليه وآله) على ذلك، وكانت درجته مع درجة الصابرين الذين صدقوا الله ورسوله في موالاة مولاهم ذلك اليوم، وكان كمن استشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام)، ومع الحسن والحسين (عليهما السلام)، وكمن يكون تحت راية القائم(عليه السلام)، وفي فسطاط من النجباء والنقباء»[4]. الثالث: الصوم:
وقد ورد في فضله الكثير، ومما ورد:
ـ أنه يعدل صيام عمر الدنيا، كما في الخبر المتقدم في الغسل.
ـ يعدل صيام ستين شهراً.
ـ يعدل مائة حجة ومائة عمرة مبرورات متقبلات.
ـ أنه كفارة ستين سنة.
ـ أنه أفضل من عمل ستين سنة.
ـ أن الله يكتب له صيام الدهر[5]. الرابع: استحباب زيارة أمير المؤمنين(عليه السلام) والحضور عنده في يوم الغدير.
ففي الخبر عن أبي الحسن الرضا(عليه السلام) مخاطباً أحمد بن محمد بن أبي نصر: «... يا ابن أبي نصر، أينما كنت فاحضر يوم الغدير عند أمير المؤمنين(عليه السلام)، فإن الله يغفر لكل مؤمن، ومؤمنة، ومسلم، ومسلمة، ذنوب ستين سنة، ويعتق من النار ضعف ما أعتق في شهر رمضان»[6].
وقد ذكرت زيارته (عليه السلام) في هذا اليوم في كتب الزيارات عموماً، وأهمها ما في مصباح المتهجد للشيخ الطوسي (رحمه الله) وإقبال الأعمال للسيد ابن طاووس، وفي كتاب المزار للشهيد الثاني، وقد جمعت في كتاب مفاتيح الجنان للمحدّث القمي (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين). الخامس: المؤاخاة بين المؤمنين:
وتعرف بعقد الأخوّة، فقد نقل المحدث النوري في المستدرك عن كتاب زاد الفردوس أن مِنْ ضمن أعمال يوم الغدير المؤاخاة بين المؤمنين، وكيفيتها:
«أن يضع يده اليمنى على يمنى أخيه المؤمن ويقول: وآخيتك في الله، وصافيتك في الله، وصافحتك في الله، وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله وأنبياءه والأئمة المعصومين (عليهم السلام) على أني إن كنت من أهل الجنة والشفاعة وأذن لي بأن أدخل الجنة، لا أدخلها إلا وأنت معي، فيقول الأخ المؤمن: قبلت. فيقول: أسقطت عنك جميع حقوق الأخوّة ما خلا الشفاعة والدعاء والزيارة»[7].
وقد ذكر هذا العقد المولى الفيض الكاشاني في رسالته المترجمة بخلاصة الأذكار، وقال في الأخير: «... ثم ليسقط منها جميع حقوق الأخوة ما خلا الدعاء والزيارة، خوفاً من عدم التحرج من الإتيان بها»[8].
وبالوقوف عند هذه المؤاخاة، يمكن أن نفهم أموراً عدّة:
1 ـ إن هذه المؤاخاة هي تجسيدٌ للمؤاخاة التي حصلت بين النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) وأمير المؤمنين(عليه السلام) لما آخى بين المهاجرين أنفسهم ثم بين المهاجرين والأنصار، تجسيداً لروح الأخوة الإسلامية بينهم، بحيث يعامل أحد المتآخيين الآخر معاملة نفسه، بل يؤثره على نفسه في كل ما يملك.
2 ـ أن يعتبر المؤمنون أن يوم الغدير الذي هو أفضل أعياد الأمة وأعظم أيام الله تعالى هو اليوم الذي يرغب الله فيه بتآخي المؤمنين وتصافيهم في الله، لا يبتغون إلا وجهه، ولا يلتمسون إلا رضاه. فيضعون خلفهم الأحقاد والبغضاء الشخصية والنفسية والمادية، ويرقون بأرواحهم ـ من خلال المؤاخاة ـ إلى أن يكونوا أحباء على سرر متقابلين وأخلاء لا يفرقهم شيء، ولا يباعدهم أحد.
3 ـ إن الله تعالى جعل المؤاخاة في هذا اليوم بالخصوص دون غيره من الأيام الكريمة والأوقات الخاصة، لأنه يوم جامع للمؤمنين على عقيدة واحدة هي أهم ما أمر الله تعالى نبيه الأكرم (صلى الله عليه وآله) بتبليغه للناس، واعتبر أن عدم تبليغ هذا الأمر يعني عدم تبليغ الرسالة الإلهية، كما في الآية التي صدر بها الحديث.
وفي هذا اليوم تنفتح قلوب المؤمنين لتتلاقى وتجتمع على أمير المؤمنين (ع) حباً وعشقاً وولاية والتزاماً. وهذا من أكثر الأمور جمعاً وسبباً للإجماع، بل هو أكثرها على الإطلاق.
4 ـ اللافت في عقد المؤاخاة المذكور، العهد الذي يقطعه المؤمن لله تعالى شأنه مع أخيه على أن لا يدخل الجنة إلا وهو معه إذا كان من أهل الجنة والشفاعة.
وهذا العهد يعطي لعقد المؤاخاة رفعة وميزة خاصة، حيث ارتبط مصير المؤمنين ببعضهم البعض في الدنيا والآخرة. ففي الدنيا أن لا يكون هناك تخاصم وتنازع، ولو حصل لزال بسرعة عندما يلتفت أحدهما أو كلاهما إلى العهد الذي قطعه لله تعالى على نفسه اتجاه أخيه، فيؤثر فيه تسامحاً وحباً ومودة.
وفي الآخرة لا يمكن لله الكريم الذي أكرم المؤمنين بولاية علي (عليه السلام)، وشرفهم بالأخوة ببركته، لا يمكن أن لا يستجيب لمؤمن شفاعته في أخيه، مراعاة لعهده، وتصديقاً للعقد بينهما، وكرامة لأمير المؤمنين (عليه السلام).
5 ـ لعل الحكمة من إسقاط ما خلا الشفاعة والدعاء والزيارة من حقوق الأخوة هي عدم إيقاع المؤمن في الحرج لو أراد الإتيان بها كاملة، ذلك أن المؤمن إذا آخى عدداً كبيراً من المؤمنين، فمن الحرج عليه الوفاء بجميع حقوق الأخوة لكل من آخاه.
أما الثلاثة الباقية، فالشفاعة في الآخرة، وقد تعهد بها الله تعالى لعبده المؤمن.
والدعاء أمره سهل، حيث يمكن جمع الأخوة بدعاء واحد مثلاً. والزيارة يكفي فيها عدم الانقطاع، خصوصاً ما للتزوار بين المؤمنين من الأجر والثواب الذي أعده الله تعالى لذلك. إن تثبيت الأخوة وتعميقها
في هذا اليوم يتحققان في وحدة الكلمة عند الالتقاء، حيث ورد في الخبر عن الصادق (عليه السلام): «... وليكن من قولكم إذا التقيتم أن تقولوا: الحمد لله الذي أكرمنا بهذا اليوم، وجعلنا من المؤمنين بعهده إلينا وميثاقنا الذي واثقنا به من ولاية ولاة أمره والقوّام بقسطه، ولم يجعلنا من الجاحدين والمكذبين بيوم الدين»[9].
وقد ذكر المحدث القمي في مفاتيحه من أعمال يوم الغدير أن يهنئ من لاقاه من إخوانه المؤمنين بقوله: «الحمد لله الذي جعلنا من المتمسكين بولاية أمير المؤمنين والأئمة (عليهم السلام)»[10].
هذا بعضٌ يسير من بركات هذا اليوم العظيم. ومن أراد الزيادة، فليطلبها في مظانها من كتب الأدعية والأعمال، فإن فيها من الثواب ما يبتغيه كل مؤمن عارف.
ـــــــــــــــــــ
[1] وسائل الشيعة، ج2، باب 28 من أبواب الأغسال المسنونة، ح1.
[2] العروة الوثقى مع تعليقات عشرة من الفقهاء، ج1، ص461، طبع الأعلمي 1984م ـ 1404هـ.
[3] وسائل الشيعة، ج5، باب 3 من أبواب بقية الصلوات المندوبة، ح1.
[4] إقبال الأعمال، ص752.
[5] وسائل الشيعة، ج7، باب 14 من أبواب الصوم المندوب.
[6] المصدر السابق، ج10، باب 28 من أبواب المزار، ح1.
[7] مستدرك الوسائل، ج6، ص479، ح6843/5.
[8] جامع أحاديث الشيعة، ج7، ص414، ح456.
[9] وسائل الشيعة، ج5، باب 3 من أبواب بقية الصلوات المندوبة، ح1.
[10] مفاتيح الجنان، ص339.
انتهی/158