وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : موقع آية الله مكارم شيرازي
السبت

١٧ أبريل ٢٠١٠

٧:٣٠:٠٠ م
176601

هل يتعارض طلب الرزق والتقدير الإلهي؟

"وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ" (الذاريات: 22) (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى).(النجم: 39)

السؤال: هل يتعارض سعي الانسان لطلب الرزق، وكونه مقدراً من قبل الله؟

الجواب: يظنّ بعض الأفراد السذّج استناداً ظاهر بعض الآيات وإلى بعض الرّوايات التي تذكر أنّ الرزق مقدر ومعين، أنّه لا داعي للسعي من أجل الرزق والمعاش، فإنّه لابدّ من وصول الرزق، ويقول بكل بساطة: إنّ من خلق الأشداق قدّر لها الأرزاق.

إنّ سلوك مثل هؤلاء الأفراد الذين لاحظّ لهم من المعرفة الدينية يعطي ذريعة إلى الأعداء حيث يدّعون أنّ الدين أحد عوامل الركود الاقتصادي وتقبل الحرمان وإماتة النشاطات الإيجابيّة في الحياة، فيقول مثلا: إذا لم تكن الموهبة الفلانية من نصيبي فإنّها لم تكن من رزقي قطعاً... فلو كانت من نصيبي لوصلتني حتماً من دون تكلف عناء الكسب. وبهذا يستغل المستعمرون هذه الفرصة ليحرموا الكثير من الخلق التمتع بأسباب الحياة في حين أنّ أقل معرفة بالقرآن والأحاديث الإسلامية تكفي في بيان أنّ الإسلام يعدّ أساس أي استفادة مادية ومعنوية للإنسان هو السعي والجد والمثابرة، حتى أنّنا نجد في القرآن جملة بمثابة الشعار لهذا الموضوع، وهي الآية الكريمة (ليس للإنسان إلاّ ماسعى).(النجم: 39)

وكان أئمّة المسلمين ـ ومن أجل أن يسنّوا للآخرين نهجاً يسيرون عليه ـ يعملون في كثير من المواقع أعمالا صعبة ومجهدة.

والأنبياء السابقون ـ أيضاً ـ لم يُستثنوا من هذا القانون، فكانوا يعملون على الاكتساب، من رعي الأغنام إلى الخياطة إلى نسج الدروع إلى الزراعة. فإذا كان مفهوم الرزق من الله أن نجلس في البيت وننتظر الرزق، فما كان ينبغي للأنبياء والأئمّة ـ الذين هم أعرف بالمفاهيم الدينية ـ أن يسعوا هذا السعي إلى الرزق!

وعلى هذا نقول: إنّ رزق كل أحد مقدّر وثابت، إلاّ أنّه مشروط بالسعي والجد، وإذا لم يتوفر الشرط لم يحصل المشروط. وهذا كما نقول: إن لكلّ فرد أجلا ومدّة من العمر، ولكن من المسلم والطبيعيّ أن مفهوم هذا الكلام لا يعني أنّ الإنسان حتى لو أقدم على الانتحار أو أضرب عن الطعام فإنّه سيبقى حيّاً إلى أجل معيّن !! إنّما مفهوم هذا الكلام أن للبدن إستعداداً للبقاء إلى مدّة معينة ولكن بشرط أن يراعي الظروف الصحيّة وأن يبتعد عن الأخطار، وأن يجنّب نفسه عمّا يكون سبباً في تعجيل الموت.

انتهى/114