وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "أَيُّهَا اَلنَّاسُ! لَوْ لَمْ تَتَخَاذَلُوا عَنْ نُصْرَةِ اَلْحَقِّ وَلَمْ تَهِنُوا عَنْ تَوْهِينِ اَلْبَاطِلِ لَمْ يَطْمَعْ فِيكُمْ مَنْ لَيْسَ مَثَلُكُمْ وَلَمْ يَقْوَ مِنْ قُوًى عَلَيْكُمْ".
يشير الإمام (ع) في هذه الجوهرة الكريمة إلى واحد من أهم أسباب الضَّعف والهَوان والهزيمة أمام العدو، والتي تجعل الأمة نَهباً لكل طامع، ويدعو إلى ضرورة الوحدة والاعتصام بحبل الله والتمسك بالحق ونُصرته، ومواجهة الباطل وإزهاقه، ويُوَجِّه إلى بناء مجتمع قوي لا يطمع فيه من هو أدنى منه، ولا يقوى عليه من هو أقوى منه، مِمّا يعزِّز القدرة الجَماعية على مواجهة التحديات، ومقارعة المعتدين والانتصار عليهم، ويحذِّر من أن التخاذل عن نصرة الحق، أو التساهل في مقاو...مة الباطل، يجعل الأمة ضعيفة وعرضة للأطماع، ويؤدي إلى تسلط القوى المعادية والظالمة عليها.
ومِمّا لا شك فيه أن من أهم أسباب طمع العدو بالأمة التواكل، والتخاذل:
فأما التواكل فهو ألا ينهض أفراد الأمة أو جماعاتها بواجبهم في نصرة الحق ومقارع الباطل، مع معرفتهم بالحق والباطل، ومعرفتهم المُعتَدي والمُعتَدى عليه، وإيمانهم بوجوب الدفاع عن المُعتَدى عليهم ومساندتهم ولكنهم لا ينهضون إلى هذا الواجب بل يتكل كل فرد على الآخرين، وكل جماعة أو دولة على الجماعات الأخرى، فهذا من أهم أسباب الهزيمة، وفيه تقوية للعدو من حيث لا يريد هؤلاء المتواكلون.
وأما التخاذل فهو ترك الآخرين وما يحدث لهم، ليدبِّروا أمورهم بأنفسهم، وليواجهوا الظالم المعتدي بأنفسهم، دون إعانتهم ولو بكلمة وذلك أضعف الإيمان، فإذا تعرَّضت جماعة لعدوان، أو تعرَّض بلد لحرب خذله إخوانه ومن يراهن على انتصارهم له.
إن التخاذل كما التواكل كلاهما يقدِّم فرصةً للطامعين، ويضعف الدولة والأمة، ويجعل الأعداء أقوى في وجه الحق، أما التمسك بالحق، والإجهار به، والمنافحة عنه، ومواجهة الباطل ومقاومته، ونُصرة المظلومين والدفاع عنهم هو العامل الأساسي لبناء مجتمع قوي ومتين لا تجرؤ عليه القوى الخارجية، ولا تنال منه أعتى الجيوش وأقواها، العلاقة بين نصرة الحق وإضعاف الباطل علاقة طردية، كلما زاد التمسك بالحق، تضاءلت قوة الباطل، والعكس صحيح، فإن الباطل يترسَّخ ويقوى فقط في المجتمعات التي تتخلى عن نصرة الحق، وتهاون الناس يؤدي إلى هيمنة الظلم، وهذه سُنَّة اجتماعيةُ مطَّردة لا تتبدَّل ولا تتحَوَّل.
ولا ريب في أن الفطرة الإنسانية السليمة والعقل يدعوان إلى نُصرة المظلوم ومقاومة الظالم بما يقدر عليه المرء، باليد أو الكلمة أو الموقف القلبي، وذلك أضعف الإيمان، ويذُمّان التخاذل عن ذلك ويعتبرانه قبيحاً مُنكَراً، والناس يلومون المتخاذل ويَسِمونَه بِسِمَة الجُبن، وعلى هذا يؤكِّد القرآن الكريم في العديد من آياته الكريمة.
وعلى سبيل المثال للحصر هاك قارئي الكريم قول الله تعالى: وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴿75/ النساء﴾ أي: وأيُّ عُذر لكم يمنعكم أن تقاتلوا فى سبيل الله لتحلوا الخير محل الشر، وتضعوا العدل والرحمة موضع الظلم والقسوة، وتدافعوا عن المستضعفين الذين يستذلهم الأقوياء الجبابرة ويؤذونهم أشَدَّ الإيذاء، المستضعفين الذين يستغيثون بالله لفرِّج كربهم، ويخرجهم من مواطن الضَّعف والهَلَكة، وأن يُسَخِّر لهم بعنايته من يتولَّى أمرهم وينصرهم على من يظلمهم، وقد جعل الله هؤلاء سبيلاً لإثارة النَّخوة، وإيقاظ شعور الرحمة والأنفة، فوصفهم بما يجعل نفس الحر تشتعل حَماسة وغِيرة على إنقاذهم و السَّعى في رفع الظلم عنهم، فالقتال من أجل نصرة المستضعفين واجب، والدفاع عن الحق مسؤولية جماعية وليست فردية فقط، والتخاذل عن هذه المسؤولية يؤدي إلى استمرار الظلم.
وما يحدث اليوم في فلسطين ولبنان من حرب إبادة يقوم بها الوحش وداعموه وتخاذل الأمة وتواكلها، واكتفاء بعضها بالتنديد بصوت خَفيٍّ نموذج حَيٌّ لما سبق من القول، وليت الأمر يقتصر على ذلك، بل إننا نشهد تواطأً من الأمة مع العدوان، وتعاوناً منقطع النظير معه.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
..........
انتهى/ 278
يشير الإمام (ع) في هذه الجوهرة الكريمة إلى واحد من أهم أسباب الضَّعف والهَوان والهزيمة أمام العدو، والتي تجعل الأمة نَهباً لكل طامع، ويدعو إلى ضرورة الوحدة والاعتصام بحبل الله والتمسك بالحق ونُصرته، ومواجهة الباطل وإزهاقه، ويُوَجِّه إلى بناء مجتمع قوي لا يطمع فيه من هو أدنى منه، ولا يقوى عليه من هو أقوى منه، مِمّا يعزِّز القدرة الجَماعية على مواجهة التحديات، ومقارعة المعتدين والانتصار عليهم، ويحذِّر من أن التخاذل عن نصرة الحق، أو التساهل في مقاو...مة الباطل، يجعل الأمة ضعيفة وعرضة للأطماع، ويؤدي إلى تسلط القوى المعادية والظالمة عليها.
ومِمّا لا شك فيه أن من أهم أسباب طمع العدو بالأمة التواكل، والتخاذل:
فأما التواكل فهو ألا ينهض أفراد الأمة أو جماعاتها بواجبهم في نصرة الحق ومقارع الباطل، مع معرفتهم بالحق والباطل، ومعرفتهم المُعتَدي والمُعتَدى عليه، وإيمانهم بوجوب الدفاع عن المُعتَدى عليهم ومساندتهم ولكنهم لا ينهضون إلى هذا الواجب بل يتكل كل فرد على الآخرين، وكل جماعة أو دولة على الجماعات الأخرى، فهذا من أهم أسباب الهزيمة، وفيه تقوية للعدو من حيث لا يريد هؤلاء المتواكلون.
وأما التخاذل فهو ترك الآخرين وما يحدث لهم، ليدبِّروا أمورهم بأنفسهم، وليواجهوا الظالم المعتدي بأنفسهم، دون إعانتهم ولو بكلمة وذلك أضعف الإيمان، فإذا تعرَّضت جماعة لعدوان، أو تعرَّض بلد لحرب خذله إخوانه ومن يراهن على انتصارهم له.
إن التخاذل كما التواكل كلاهما يقدِّم فرصةً للطامعين، ويضعف الدولة والأمة، ويجعل الأعداء أقوى في وجه الحق، أما التمسك بالحق، والإجهار به، والمنافحة عنه، ومواجهة الباطل ومقاومته، ونُصرة المظلومين والدفاع عنهم هو العامل الأساسي لبناء مجتمع قوي ومتين لا تجرؤ عليه القوى الخارجية، ولا تنال منه أعتى الجيوش وأقواها، العلاقة بين نصرة الحق وإضعاف الباطل علاقة طردية، كلما زاد التمسك بالحق، تضاءلت قوة الباطل، والعكس صحيح، فإن الباطل يترسَّخ ويقوى فقط في المجتمعات التي تتخلى عن نصرة الحق، وتهاون الناس يؤدي إلى هيمنة الظلم، وهذه سُنَّة اجتماعيةُ مطَّردة لا تتبدَّل ولا تتحَوَّل.
ولا ريب في أن الفطرة الإنسانية السليمة والعقل يدعوان إلى نُصرة المظلوم ومقاومة الظالم بما يقدر عليه المرء، باليد أو الكلمة أو الموقف القلبي، وذلك أضعف الإيمان، ويذُمّان التخاذل عن ذلك ويعتبرانه قبيحاً مُنكَراً، والناس يلومون المتخاذل ويَسِمونَه بِسِمَة الجُبن، وعلى هذا يؤكِّد القرآن الكريم في العديد من آياته الكريمة.
وعلى سبيل المثال للحصر هاك قارئي الكريم قول الله تعالى: وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا ﴿75/ النساء﴾ أي: وأيُّ عُذر لكم يمنعكم أن تقاتلوا فى سبيل الله لتحلوا الخير محل الشر، وتضعوا العدل والرحمة موضع الظلم والقسوة، وتدافعوا عن المستضعفين الذين يستذلهم الأقوياء الجبابرة ويؤذونهم أشَدَّ الإيذاء، المستضعفين الذين يستغيثون بالله لفرِّج كربهم، ويخرجهم من مواطن الضَّعف والهَلَكة، وأن يُسَخِّر لهم بعنايته من يتولَّى أمرهم وينصرهم على من يظلمهم، وقد جعل الله هؤلاء سبيلاً لإثارة النَّخوة، وإيقاظ شعور الرحمة والأنفة، فوصفهم بما يجعل نفس الحر تشتعل حَماسة وغِيرة على إنقاذهم و السَّعى في رفع الظلم عنهم، فالقتال من أجل نصرة المستضعفين واجب، والدفاع عن الحق مسؤولية جماعية وليست فردية فقط، والتخاذل عن هذه المسؤولية يؤدي إلى استمرار الظلم.
وما يحدث اليوم في فلسطين ولبنان من حرب إبادة يقوم بها الوحش وداعموه وتخاذل الأمة وتواكلها، واكتفاء بعضها بالتنديد بصوت خَفيٍّ نموذج حَيٌّ لما سبق من القول، وليت الأمر يقتصر على ذلك، بل إننا نشهد تواطأً من الأمة مع العدوان، وتعاوناً منقطع النظير معه.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
..........
انتهى/ 278