وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ روِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "كَسْبُ الإيْمانِ لُزُومُ الْحَقِّ وَنُصْحُ الْخَلْقِ".
وليس الإيمان فكرة في العقل، ولا هو أمنية في القلب وحسب، إنما هو سلوك عملي ينشأ من انعقاد القلب على عقيدة صحيحة تفسِّر له الوجود، وتجيبه على الأسئلة الوجودية الكبرى، مثل من أين وإلى أين، والغاية من خلق الله له، ومقامه عنده، وعلاقة الله به، وكيفية ارتباطه به، وما وهبه من مواهب، والدور المطلوب منه في الحياة الدنيا، وعلاقة الدنيا بالآخرة، وما يجعله من السعداء هنا وهناك. وسوى ذلك من أصول وفروع العقيدة، ولكن إلى هنا يبقى الإيمان نظرياً في هذه المرحلة.
المرحلة الأهم من الإيمان هي المرحلة التي يتحوَّل فيها من اعتقاد قلبي إلى صِبغة يصطبغ المرء بها، إلى لون سلوكي يميزه عن سواه من الناس، إلى قِيَم يراعيها في جميع علاقاته وتعاملاته، وهذا ما أكَّدت عليه النصوص الشريفة فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "لَيْسَ الإيمانُ بالتَّحَلّي ولا بالتَّمَنّي، ولكنَّ الإيمانَ ما خَلَصَ في القلبِ وصَدّقَهُ الأعمالُ" وعنه أيضاً: "الإيمانُ مَعرِفةٌ بالقلبِ، وقَولٌ باللِّسانِ، وعَملٌ بالأرْكانِ" وعنه أيضاً: "الإيمانُ والعملُ أخَوانِ شَريكانِ في قَرَنٍ، لا يَقْبلُ اللَّهُ أحدَهُما إلّا بصاحبِهِ".
ويُنكِر الإمام الصادق (ع) على أولئك الذين يقولون إن الإيمان فعل قلبي وحسب، ولا يلزم منه العمل وفق ذلك الإيمان، ومن هؤلاء تلك الطائفة المعروفة (بالمرجئة) هم الّذين يهتمّون بالعقيدة ولا يهتمّون بالعمل، أي لا يشترطون العمل في حقيقة الإيمان، ويرَونَ العاصي ومرتكب الذُّنوب، صغيرها وكبيرها مؤمناً، حتّى تارك الصلاة والصوم وشارب الخمر ومقترف الفحشاء، ويعيشون على أساس العفو والرجاء، وبالجملة يهتمّون بالرَّغَب دون الرَّهب، رغم أن الله سبحانه وتعالى يقول: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً" ﴿90/ الأنبياء﴾. ولهذا يقول الإمام الصادق (ع): "ملعونٌ ملعونٌ مَن قالَ: الإيمانُ قَولٌ بلا عملٍ".
ويستدل الإمام أمير المؤمنين (ع) على أن الإيمان قول وعمل، ولا يكفي فيه الاعتقاد القلبي أو التصريح القولي فقط فيقول: "لَوْ كانَ الإيمانُ كلاماً لم يَنْزِلْ فيهِ صَومٌ ولا صلاةٌ ولا حلالٌ ولا حرامٌ".
في جوهرته الكريمة: "كَسْبُ الإيْمانِ لُزُومُ الْحَقِّ وَنُصْحُ الْخَلْقِ" يذكر الإمام أمير المؤمنين (ع) مكسبين من مكاسب الإيمان، أو ملمَحَين من ملامحه:
الأول: لزوم الحق، فالله هو الحق، والله يأمرنا بقول الحق، والإقرار بالحق، ولزوم الحق، وحمل الحق، والكون مع أهل الحق، والدعوة إلى الحق، والدفاع عن الحق، فلا يكون المؤمن مؤمناً حقيقة إذا لم يكن كذلك، والأسوأ من ذلك أن يكون مع الباطل، يدعوه إليه، أو يدافع عنه، أو ينضوي في جبهته.
الثاني: نُصْحُ الخَلق، ومعلوم أن الدين النصيحة كما جاء في الحديث عن رسول الله (ص) فالنَّصيحةَ هي عِمادُ الدِّين وجَوهرُه، ووَسيلةُ ظُهورِه وانتشارِه، والنَّصيحةُ: هي تَحرِّي قولٍ أو فِعلٍ فيه صَلاحٌ لصاحبِه، أو تَحرِّي إخلاصِ الوُدِّ له، وإرادة الخير للمنصوح له، فمن لم يكن ناصحاً فليس مؤمناً بحق.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278
وليس الإيمان فكرة في العقل، ولا هو أمنية في القلب وحسب، إنما هو سلوك عملي ينشأ من انعقاد القلب على عقيدة صحيحة تفسِّر له الوجود، وتجيبه على الأسئلة الوجودية الكبرى، مثل من أين وإلى أين، والغاية من خلق الله له، ومقامه عنده، وعلاقة الله به، وكيفية ارتباطه به، وما وهبه من مواهب، والدور المطلوب منه في الحياة الدنيا، وعلاقة الدنيا بالآخرة، وما يجعله من السعداء هنا وهناك. وسوى ذلك من أصول وفروع العقيدة، ولكن إلى هنا يبقى الإيمان نظرياً في هذه المرحلة.
المرحلة الأهم من الإيمان هي المرحلة التي يتحوَّل فيها من اعتقاد قلبي إلى صِبغة يصطبغ المرء بها، إلى لون سلوكي يميزه عن سواه من الناس، إلى قِيَم يراعيها في جميع علاقاته وتعاملاته، وهذا ما أكَّدت عليه النصوص الشريفة فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "لَيْسَ الإيمانُ بالتَّحَلّي ولا بالتَّمَنّي، ولكنَّ الإيمانَ ما خَلَصَ في القلبِ وصَدّقَهُ الأعمالُ" وعنه أيضاً: "الإيمانُ مَعرِفةٌ بالقلبِ، وقَولٌ باللِّسانِ، وعَملٌ بالأرْكانِ" وعنه أيضاً: "الإيمانُ والعملُ أخَوانِ شَريكانِ في قَرَنٍ، لا يَقْبلُ اللَّهُ أحدَهُما إلّا بصاحبِهِ".
ويُنكِر الإمام الصادق (ع) على أولئك الذين يقولون إن الإيمان فعل قلبي وحسب، ولا يلزم منه العمل وفق ذلك الإيمان، ومن هؤلاء تلك الطائفة المعروفة (بالمرجئة) هم الّذين يهتمّون بالعقيدة ولا يهتمّون بالعمل، أي لا يشترطون العمل في حقيقة الإيمان، ويرَونَ العاصي ومرتكب الذُّنوب، صغيرها وكبيرها مؤمناً، حتّى تارك الصلاة والصوم وشارب الخمر ومقترف الفحشاء، ويعيشون على أساس العفو والرجاء، وبالجملة يهتمّون بالرَّغَب دون الرَّهب، رغم أن الله سبحانه وتعالى يقول: "إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً" ﴿90/ الأنبياء﴾. ولهذا يقول الإمام الصادق (ع): "ملعونٌ ملعونٌ مَن قالَ: الإيمانُ قَولٌ بلا عملٍ".
ويستدل الإمام أمير المؤمنين (ع) على أن الإيمان قول وعمل، ولا يكفي فيه الاعتقاد القلبي أو التصريح القولي فقط فيقول: "لَوْ كانَ الإيمانُ كلاماً لم يَنْزِلْ فيهِ صَومٌ ولا صلاةٌ ولا حلالٌ ولا حرامٌ".
في جوهرته الكريمة: "كَسْبُ الإيْمانِ لُزُومُ الْحَقِّ وَنُصْحُ الْخَلْقِ" يذكر الإمام أمير المؤمنين (ع) مكسبين من مكاسب الإيمان، أو ملمَحَين من ملامحه:
الأول: لزوم الحق، فالله هو الحق، والله يأمرنا بقول الحق، والإقرار بالحق، ولزوم الحق، وحمل الحق، والكون مع أهل الحق، والدعوة إلى الحق، والدفاع عن الحق، فلا يكون المؤمن مؤمناً حقيقة إذا لم يكن كذلك، والأسوأ من ذلك أن يكون مع الباطل، يدعوه إليه، أو يدافع عنه، أو ينضوي في جبهته.
الثاني: نُصْحُ الخَلق، ومعلوم أن الدين النصيحة كما جاء في الحديث عن رسول الله (ص) فالنَّصيحةَ هي عِمادُ الدِّين وجَوهرُه، ووَسيلةُ ظُهورِه وانتشارِه، والنَّصيحةُ: هي تَحرِّي قولٍ أو فِعلٍ فيه صَلاحٌ لصاحبِه، أو تَحرِّي إخلاصِ الوُدِّ له، وإرادة الخير للمنصوح له، فمن لم يكن ناصحاً فليس مؤمناً بحق.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278