وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "كُلُّكُمْ عِيالُ اللّهِ سُبْحانَهُ وَاللّهُ سُبْحانَهُ كافِلُ عِيالِه".
كُلُّنا بل كل الخلق قاطبة عِيال الله تعالى، يدبِّرُ أمورَهم، ويتكفَّل بهم، ويرزقهم، ويفيض عليهم كل ما يحتاجون إليه، فلو أمعنتَ النظر في الكون كله فلن تجد مخلوقاً إلا ويُعيله الله، ويدبِّر أمره، ويهيء له أسباب وجوده وحركته إلى غايته، ولولا تدبيره وعنايته للكون وما فيه لما استقر على حال، ولو تأمَّلت عالم الحيوانات لأدهشتك رعاية الله وعنايته له.
أما كوننا عيال الله تعالى فلأنه هو الذي أوجدنا وخلقنا، من أبينا آدم الذي خلقه من تراب وقد عبر أطواراً عديدة حتى استوى على خلقته، إلى خلق كل واحد من ذرِّيته بالطريقة التي يخلقنا عليها ولو كان بالتلقيح الصناعي الذين اهتدينا إليه مؤخَّراً، فعلى مدى هذه الرحلة العظيمة التي نقطع فيها مراحل ومراحل، وننتقل فيها من طور إلى آخر يتكفَّلنا الله ويمدنا برعايته وعنايته، ويتفضل علينا بجميع ما نحتاج إليه، ولعل الغذاء أبسط ما يمدنا به، لأن المراحل المعقّدة التي تسبق خروجنا من أرحما أمهاتنا إلى الحياة لا يعلم إلا هو سبحانه كم هيَّأ لنا فيها من أسباب وسَنَّ فيها من قوانين تكوينية صارمة كي نُخلَق في إطارها.
إن معرفتنا بتلك المرحلة من خلقنا، ومعرفتنا بما أفاض الله بها علينا مما احتجنا إليه، وما تكفَّل لنا به من رعاية وحُسن تدبير، لكفيلة بأن تعرِّفنا عظمة رعاية الله لنا وجليل نعَمِه علينا.
ولو اقتصرنا على هذه المرحلة لكفانا ذلك عن معرفة ما يتكفَّلنا به بعد الولادة في الدنيا، ولعل الأمر في مرحلة ما قبل الولادة أوضح لكل الناس، بينما قد يناقش بعض من يرى الأمور بعيون قارونية في هذه الحياة، وهم يرفلون بأثواب النِّعم ويجدون في أيديهم القوة، وفي أبدانهم العافية وجيوبهم ممتلئة بالمال، وشركاتهم تعمل وتنتج، فيحسبون أنهم سبب ما هم فيه من نِعَم وخيرات، ويقولون: أين فضل الله علينا؟! نحن الذين نتعب ونعمل ونكسب المال؟!، كما قال قارون: "إِنَّما أُوْتِيْتُهُ على عِلمٍ عِندي" أو يكون حالهم حال صاحب الجَنتين الذي نقل القرآن قصَّته فقال: "وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا ﴿35﴾ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴿36/ الكهف﴾ لكن قارون وصاحبَ الجنتين غفلا عن جلائل نعم الله الأخرى التي يرتعان فيها والتي هي حصراً بيده سبحانه، فقارون لما خسَف الله به وبداره الأرض لم ينفعه ذهبه ولا فِضَّته، وصاحب الجَنتين لما أُحيطَ بثمره لم يبقَ له إلا أن يصفق يداً على يدٍ حَسرة وندامة، قارون عندما قال مقولته تلك، فَنَّدها الله تعالى وبيَّن خطأها الفظيع فقال: "أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴿78/ القصص﴾ وصاحب الجنتين قيل له حين شمخ بأنفه واعتدَّ بجنتَيه: أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴿37/ الكهف﴾.
وأنت قارئي الكريم ما زلت في عيلولة الله، والله يحيطك بعنايته، ويدبِّر كل شأنٍ من شؤونك، ويتكفل لك برزق المادي والمعنوي، يسوقه إليك من حيث تحتسب ومن حيث لا تحتسب، فلا تقصر نظرك على المال فقط، تحسب أن الرزق مال وحسب، ولا تغفل عن مواهب الله العظيمة لك، فأنت في كل حال من أحوالك ترافقك عناية الله، وتغمرك ألطافه، ويُغرِقك الله برزقه الذي تغفل عنه لكثرته وإلفتك له.
وإنه تعالى ليرعاك ويتكفَّل بك بالسعة وبالضيق، بالغنى وبالفقر، بالعافية وبالمرض، في كل هذه الأحوال تجده معك، وبكل هذه الأحوال يتفضَّل عليك، وإذا ضيَّق عليك في الرزق فليستفزَّ طاقاتك الكامنة، ويعرِّفك على ما تزخر به ذاتك من قابليات وقدرات، أليس يقال: إن الحاجة أُمُّ الاختراع؟ والحاجة ضيق وأزمة، وهي تساعدك على التعرِّف على ذاتك واكتشاف إمكانياتك. وإذاً فأنت في كفالة الله في كل حال من أحوالك، فثق بالله الذي ما ودَّعك فيما مضى من عمرك وما قَلاك.
بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
.........
انتهى/ 278
كُلُّنا بل كل الخلق قاطبة عِيال الله تعالى، يدبِّرُ أمورَهم، ويتكفَّل بهم، ويرزقهم، ويفيض عليهم كل ما يحتاجون إليه، فلو أمعنتَ النظر في الكون كله فلن تجد مخلوقاً إلا ويُعيله الله، ويدبِّر أمره، ويهيء له أسباب وجوده وحركته إلى غايته، ولولا تدبيره وعنايته للكون وما فيه لما استقر على حال، ولو تأمَّلت عالم الحيوانات لأدهشتك رعاية الله وعنايته له.
أما كوننا عيال الله تعالى فلأنه هو الذي أوجدنا وخلقنا، من أبينا آدم الذي خلقه من تراب وقد عبر أطواراً عديدة حتى استوى على خلقته، إلى خلق كل واحد من ذرِّيته بالطريقة التي يخلقنا عليها ولو كان بالتلقيح الصناعي الذين اهتدينا إليه مؤخَّراً، فعلى مدى هذه الرحلة العظيمة التي نقطع فيها مراحل ومراحل، وننتقل فيها من طور إلى آخر يتكفَّلنا الله ويمدنا برعايته وعنايته، ويتفضل علينا بجميع ما نحتاج إليه، ولعل الغذاء أبسط ما يمدنا به، لأن المراحل المعقّدة التي تسبق خروجنا من أرحما أمهاتنا إلى الحياة لا يعلم إلا هو سبحانه كم هيَّأ لنا فيها من أسباب وسَنَّ فيها من قوانين تكوينية صارمة كي نُخلَق في إطارها.
إن معرفتنا بتلك المرحلة من خلقنا، ومعرفتنا بما أفاض الله بها علينا مما احتجنا إليه، وما تكفَّل لنا به من رعاية وحُسن تدبير، لكفيلة بأن تعرِّفنا عظمة رعاية الله لنا وجليل نعَمِه علينا.
ولو اقتصرنا على هذه المرحلة لكفانا ذلك عن معرفة ما يتكفَّلنا به بعد الولادة في الدنيا، ولعل الأمر في مرحلة ما قبل الولادة أوضح لكل الناس، بينما قد يناقش بعض من يرى الأمور بعيون قارونية في هذه الحياة، وهم يرفلون بأثواب النِّعم ويجدون في أيديهم القوة، وفي أبدانهم العافية وجيوبهم ممتلئة بالمال، وشركاتهم تعمل وتنتج، فيحسبون أنهم سبب ما هم فيه من نِعَم وخيرات، ويقولون: أين فضل الله علينا؟! نحن الذين نتعب ونعمل ونكسب المال؟!، كما قال قارون: "إِنَّما أُوْتِيْتُهُ على عِلمٍ عِندي" أو يكون حالهم حال صاحب الجَنتين الذي نقل القرآن قصَّته فقال: "وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَٰذِهِ أَبَدًا ﴿35﴾ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَىٰ رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا ﴿36/ الكهف﴾ لكن قارون وصاحبَ الجنتين غفلا عن جلائل نعم الله الأخرى التي يرتعان فيها والتي هي حصراً بيده سبحانه، فقارون لما خسَف الله به وبداره الأرض لم ينفعه ذهبه ولا فِضَّته، وصاحب الجَنتين لما أُحيطَ بثمره لم يبقَ له إلا أن يصفق يداً على يدٍ حَسرة وندامة، قارون عندما قال مقولته تلك، فَنَّدها الله تعالى وبيَّن خطأها الفظيع فقال: "أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ ﴿78/ القصص﴾ وصاحب الجنتين قيل له حين شمخ بأنفه واعتدَّ بجنتَيه: أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا ﴿37/ الكهف﴾.
وأنت قارئي الكريم ما زلت في عيلولة الله، والله يحيطك بعنايته، ويدبِّر كل شأنٍ من شؤونك، ويتكفل لك برزق المادي والمعنوي، يسوقه إليك من حيث تحتسب ومن حيث لا تحتسب، فلا تقصر نظرك على المال فقط، تحسب أن الرزق مال وحسب، ولا تغفل عن مواهب الله العظيمة لك، فأنت في كل حال من أحوالك ترافقك عناية الله، وتغمرك ألطافه، ويُغرِقك الله برزقه الذي تغفل عنه لكثرته وإلفتك له.
وإنه تعالى ليرعاك ويتكفَّل بك بالسعة وبالضيق، بالغنى وبالفقر، بالعافية وبالمرض، في كل هذه الأحوال تجده معك، وبكل هذه الأحوال يتفضَّل عليك، وإذا ضيَّق عليك في الرزق فليستفزَّ طاقاتك الكامنة، ويعرِّفك على ما تزخر به ذاتك من قابليات وقدرات، أليس يقال: إن الحاجة أُمُّ الاختراع؟ والحاجة ضيق وأزمة، وهي تساعدك على التعرِّف على ذاتك واكتشاف إمكانياتك. وإذاً فأنت في كفالة الله في كل حال من أحوالك، فثق بالله الذي ما ودَّعك فيما مضى من عمرك وما قَلاك.
بقلم الباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
.........
انتهى/ 278