وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ يحيي المسلمون الشيعة في اليوم العاشر من محرم الحرام، عاشوراء ذكرى "موقعة كربلاء" التي استشهد فيها الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وآله، مع 72 من أهل بيته وأصحابه، في معركة الطف سنة 61 هجرية (680 ميلادي) مع جيش يزيد بن معاوية .
مراسم خاصة
يتجمع آلاف المسلمون الشيعة عند مراقد وأضرحة لآل البيت عليهم السلام في مناطق تواجدها، وتخرج حشود كبيرة في مراسم عزاء ضخمة بذكرى عاشوراء، ويتوجه كثير منهم إلى مدينة كربلاء المقدسة سيرا على الأقدام لا سيما من يسكن العراق.
ويشكل المشاركون سلاسل بشرية ضمن مواكب تعزية تـرفع فيها شعارات وأعلام من وحي المناسبة الحسينية الخالدة.
ويرتدي المشاركون في إحياء هذه الذكرى -التي تستمر مراسمها من ساعات الصباح الأولى وحتى منتصف الليل- الأكفان ويضربون بأيديهم على صدورهم، تعبيرا عن ندمهم لعدم نصرتهم الإمام الحسين (ع).
وتردد في هذا اليوم ما يسمى "القرايات" وهي جلسات عزاء حسينية تُقام للرجال في المساجد والقاعات ومثلها للنساء في البيوت.
ويدير "قرايات" الرجال راو، و"قرايات" النساء راوية يطلق عليها "الملاية"، ويحكيان لمستمعيهما قصة استشهاد الإمام الحسين (ع) وأهل بيته (ع) وأنصاره رضوان الله تعالى عليهم على شكل تراتيل حزينة وما جرى من ظلم وتعد عليهم من قبل جيش يزيد بن معاوية.
وتختتم جلسات العزاء في عاشوراء باللطم على الصدور وسط الأسى والحزن وتعالي أصوات النحيب.
وتلقى خلال الاحتفالات المراثي والقصائد التي تذكر مناقب أهل البيت عليهم السلام وتدعو إلى "الندم على ترك نصرة الامام الحسين (ع)".
كما يحرص آخرون على إحياء المناسبة بإقامة مجالس العزاء، وتنظيم عرض تمثيلي تاريخي لواقعة المعركة في الساحات العامة بحضور آلاف المعزين، وهو ما يعرف بـ"التشابيه".
ويستعين الممثلون في "التشابيه" بالخيول وبألبسة تاريخية ملونة تميز المعسكرين العلوي والأموي، وتقام هذه المراسم سنويا بإحياء الذكرى على مساحات واسعة من الأرض، حيث يتجمع الآلاف من الناس وسط مكبرات صوت تعرفهم بسير المعركة وأسماء المتبارزين وتاريخ كل منهم.
وفي عاشوراء يعد طباخون متخصصون مآدب طعام كبرى توزع مجانا على المنازل والزوار في الشوارع بجميع أحياء المدن والقرى، طلبا لرجاء الثواب في سبيل الله تعالى.
وتبدأ مواكب العزاء في الخروج منذ يوم السابع من شهر محرم، ومن تلك الشعائر هي تخصيص بعض أيام وليالي عاشوراء وتسميتها بأسماء أهل بيت وأصحاب الإمام الحسين (عليهم السلام) ورموز واقعة الطف الخالدة الذين بذلوا مهجهم دونه، وكانوا أحد أهم أسباب اتقادها ليومنا هذا.
ومن هذه الأيام والليالي يوم وليلة عبد الله الرضيع عليه السلام، وبالتأكيد أنه ليس اليوم الذي استشهد فيه (عليه السلام)، فالمعروف أنه وجميع أهل وأصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) استشهدوا نهار العاشر من محرم، لكن في ليلة التاسع من محرم يتم احياء ذكرى استشهاد عبد الله الرضيع ابن الامام الحسين عليهما السلام.
فواقعة الطف الخالدة حملت بين طياتها حزمة من المآسي والآلام والفجائع، التي كانت تفاصيلها الواسعة سببا في خلودها الى ما شاء الله، ومن تلكم المآسي وأبلغها في المظلومية هي جريمة قتل الطفل عبد الله الرضيع بن الإمام الحسين (عليهما السلام).
مواكب العزاء العاشورائية بأصنافها وأطرافها وهيئاتها -وكعادتها منذ مئات السنين- استحضرت واستذكرت هذه المناسبة الأليمة عند مرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام) في مدينة كربلاء المقدسة، وبمشاركة أطفال صغار مرتدين ملابس خضراء وبيضاء وقد شدوا عصابات على جباههم، كتبت عليها شعارات تخص الطفل الرضيع، إضافة الى حمل مهد يرمز الى مهد الرضيع.
وتقول الروايات إنه عندما لما بقي الإمام الحسين عليه السلام وحيدا بعد استشهاد أهل بيته وأصحابه عليهم السلام، عاد إلى المخيم وقال: (ناولوني ولدي الرضيع لأودعه)، فأجلسه في حجره وجعل يقبله ويقول: (بعدا لهؤلاء القوم وويل لهم، إذا كان جدك محمد المصطفى خصمهم).
فما كان من أخته زينب عليها السلام إلا أن قالت: (أخي يا أبا عبد الله، هذا الطفل قد جف حليب أمه، فاذهب به إلى القوم لعلهم يسقونه قليلا من الماء).
خرج الإمام الحسين (عليه السلام) إليهم وصاح بهم: (أيها الناس...)، فاشرأبت الأعناق نحوه فقال: (يا قوم قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري، وما بقي غير هذا الطفل وهو يتلظى عطشا، فاسقوه شربة من الماء).
فاختلف القوم فيما بينهم، فمنهم من قال: لا تسقوه، ومنهم من قال: اسقوه، ومنهم من قال: لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية.. عندها التفت عمر بن سعد قائد جيش يزيد بن معاوية إلى حرملة بن كاهل الأسدي، وقال له: يا حرملة اقطع نزاع القوم.
يقول حرملة الملعون: فهمت كلام الأمير، فسددت السهم في كبد القوس وصرت أنظر الى أين أرميه، فبينما أنا كذلك إذ لاحت مني التفاتة إلى رقبة الطفل، تلمع على عضد أبيه الحسين كأنها إبريق فضة، عندها رميته بالسهم، وكان ذلك الطفل مغمى عليه من شدة الظمأ، وعندما وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، فرفع يديه من تحت قماطه واعتنق أباه الحسين، وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح، وضع الحسين يده تحت نحر الرضيع حتى امتلأت دما رمى بها نحو السماء، قائلا: (اللهم إني أشهدك على هؤلاء القوم، فإنهم نذروا ألا يتركوا أحدا من ذرية نبيك).
ثم عاد به الإمام الحسين عليه السلام إلى المخيم، فاستقبلته سكينة عليها السلام قائلة: أبه، لعلك سقيت عبد الله ماء وأتيتنا بالبقية، قال: (بنيتي سكينة، هذا أخوك مذبوح من الوريد إلى الوريد).
وتتجدد هذه المراسم في اليوم الأول من شهر محرم الحرام من كل عام، لإحياء سُنة رسول الله (ص)، حيث قال الإمام الحسين (ع) كلمته الخالدة المشهورة، ولكي لا تشوّه ثورته فقد أعلن (ع) عن أهدافها وطرح شعاراتها ابتداءً من المدينة حتّى يوم المجزرة الكربلائيّة؛ قائلا: «والله إنّي ما خرجت أشِراً ولا بطِراً ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي، لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»(۱).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- الفتوح ٥:۲۱ بحسب الطبعة الاُولى لدار الأضواء ببيروت.
..................
انتهى / 232
مراسم خاصة
يتجمع آلاف المسلمون الشيعة عند مراقد وأضرحة لآل البيت عليهم السلام في مناطق تواجدها، وتخرج حشود كبيرة في مراسم عزاء ضخمة بذكرى عاشوراء، ويتوجه كثير منهم إلى مدينة كربلاء المقدسة سيرا على الأقدام لا سيما من يسكن العراق.
ويشكل المشاركون سلاسل بشرية ضمن مواكب تعزية تـرفع فيها شعارات وأعلام من وحي المناسبة الحسينية الخالدة.
ويرتدي المشاركون في إحياء هذه الذكرى -التي تستمر مراسمها من ساعات الصباح الأولى وحتى منتصف الليل- الأكفان ويضربون بأيديهم على صدورهم، تعبيرا عن ندمهم لعدم نصرتهم الإمام الحسين (ع).
وتردد في هذا اليوم ما يسمى "القرايات" وهي جلسات عزاء حسينية تُقام للرجال في المساجد والقاعات ومثلها للنساء في البيوت.
ويدير "قرايات" الرجال راو، و"قرايات" النساء راوية يطلق عليها "الملاية"، ويحكيان لمستمعيهما قصة استشهاد الإمام الحسين (ع) وأهل بيته (ع) وأنصاره رضوان الله تعالى عليهم على شكل تراتيل حزينة وما جرى من ظلم وتعد عليهم من قبل جيش يزيد بن معاوية.
وتختتم جلسات العزاء في عاشوراء باللطم على الصدور وسط الأسى والحزن وتعالي أصوات النحيب.
وتلقى خلال الاحتفالات المراثي والقصائد التي تذكر مناقب أهل البيت عليهم السلام وتدعو إلى "الندم على ترك نصرة الامام الحسين (ع)".
كما يحرص آخرون على إحياء المناسبة بإقامة مجالس العزاء، وتنظيم عرض تمثيلي تاريخي لواقعة المعركة في الساحات العامة بحضور آلاف المعزين، وهو ما يعرف بـ"التشابيه".
ويستعين الممثلون في "التشابيه" بالخيول وبألبسة تاريخية ملونة تميز المعسكرين العلوي والأموي، وتقام هذه المراسم سنويا بإحياء الذكرى على مساحات واسعة من الأرض، حيث يتجمع الآلاف من الناس وسط مكبرات صوت تعرفهم بسير المعركة وأسماء المتبارزين وتاريخ كل منهم.
وفي عاشوراء يعد طباخون متخصصون مآدب طعام كبرى توزع مجانا على المنازل والزوار في الشوارع بجميع أحياء المدن والقرى، طلبا لرجاء الثواب في سبيل الله تعالى.
وتبدأ مواكب العزاء في الخروج منذ يوم السابع من شهر محرم، ومن تلك الشعائر هي تخصيص بعض أيام وليالي عاشوراء وتسميتها بأسماء أهل بيت وأصحاب الإمام الحسين (عليهم السلام) ورموز واقعة الطف الخالدة الذين بذلوا مهجهم دونه، وكانوا أحد أهم أسباب اتقادها ليومنا هذا.
ومن هذه الأيام والليالي يوم وليلة عبد الله الرضيع عليه السلام، وبالتأكيد أنه ليس اليوم الذي استشهد فيه (عليه السلام)، فالمعروف أنه وجميع أهل وأصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) استشهدوا نهار العاشر من محرم، لكن في ليلة التاسع من محرم يتم احياء ذكرى استشهاد عبد الله الرضيع ابن الامام الحسين عليهما السلام.
فواقعة الطف الخالدة حملت بين طياتها حزمة من المآسي والآلام والفجائع، التي كانت تفاصيلها الواسعة سببا في خلودها الى ما شاء الله، ومن تلكم المآسي وأبلغها في المظلومية هي جريمة قتل الطفل عبد الله الرضيع بن الإمام الحسين (عليهما السلام).
مواكب العزاء العاشورائية بأصنافها وأطرافها وهيئاتها -وكعادتها منذ مئات السنين- استحضرت واستذكرت هذه المناسبة الأليمة عند مرقدي الإمام الحسين وأخيه أبي الفضل العباس (عليهما السلام) في مدينة كربلاء المقدسة، وبمشاركة أطفال صغار مرتدين ملابس خضراء وبيضاء وقد شدوا عصابات على جباههم، كتبت عليها شعارات تخص الطفل الرضيع، إضافة الى حمل مهد يرمز الى مهد الرضيع.
وتقول الروايات إنه عندما لما بقي الإمام الحسين عليه السلام وحيدا بعد استشهاد أهل بيته وأصحابه عليهم السلام، عاد إلى المخيم وقال: (ناولوني ولدي الرضيع لأودعه)، فأجلسه في حجره وجعل يقبله ويقول: (بعدا لهؤلاء القوم وويل لهم، إذا كان جدك محمد المصطفى خصمهم).
فما كان من أخته زينب عليها السلام إلا أن قالت: (أخي يا أبا عبد الله، هذا الطفل قد جف حليب أمه، فاذهب به إلى القوم لعلهم يسقونه قليلا من الماء).
خرج الإمام الحسين (عليه السلام) إليهم وصاح بهم: (أيها الناس...)، فاشرأبت الأعناق نحوه فقال: (يا قوم قد قتلتم أخي وأولادي وأنصاري، وما بقي غير هذا الطفل وهو يتلظى عطشا، فاسقوه شربة من الماء).
فاختلف القوم فيما بينهم، فمنهم من قال: لا تسقوه، ومنهم من قال: اسقوه، ومنهم من قال: لا تبقوا لأهل هذا البيت باقية.. عندها التفت عمر بن سعد قائد جيش يزيد بن معاوية إلى حرملة بن كاهل الأسدي، وقال له: يا حرملة اقطع نزاع القوم.
يقول حرملة الملعون: فهمت كلام الأمير، فسددت السهم في كبد القوس وصرت أنظر الى أين أرميه، فبينما أنا كذلك إذ لاحت مني التفاتة إلى رقبة الطفل، تلمع على عضد أبيه الحسين كأنها إبريق فضة، عندها رميته بالسهم، وكان ذلك الطفل مغمى عليه من شدة الظمأ، وعندما وصل إليه السهم ذبحه من الوريد إلى الوريد، فرفع يديه من تحت قماطه واعتنق أباه الحسين، وصار يرفرف بين يديه كالطير المذبوح، وضع الحسين يده تحت نحر الرضيع حتى امتلأت دما رمى بها نحو السماء، قائلا: (اللهم إني أشهدك على هؤلاء القوم، فإنهم نذروا ألا يتركوا أحدا من ذرية نبيك).
ثم عاد به الإمام الحسين عليه السلام إلى المخيم، فاستقبلته سكينة عليها السلام قائلة: أبه، لعلك سقيت عبد الله ماء وأتيتنا بالبقية، قال: (بنيتي سكينة، هذا أخوك مذبوح من الوريد إلى الوريد).
وتتجدد هذه المراسم في اليوم الأول من شهر محرم الحرام من كل عام، لإحياء سُنة رسول الله (ص)، حيث قال الإمام الحسين (ع) كلمته الخالدة المشهورة، ولكي لا تشوّه ثورته فقد أعلن (ع) عن أهدافها وطرح شعاراتها ابتداءً من المدينة حتّى يوم المجزرة الكربلائيّة؛ قائلا: «والله إنّي ما خرجت أشِراً ولا بطِراً ولا ظالماً ولا مفسداً، وإنّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمّة جدّي، لآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر»(۱).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)- الفتوح ٥:۲۱ بحسب الطبعة الاُولى لدار الأضواء ببيروت.
..................
انتهى / 232