وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ رُوِيَ عن الإمام علِيَّ (ع) أنه قال: "غَيرَةُ الرَّجُـلِ إِيمـانٌ".
الغَيْرَةُ: الحَمِّيَّةُ والغَضَبُ على الشَّيْءِ، وأَصْلُها مِن التَّغَيُّرِ، وهو التَّحَوُّلُ، لأنّ القَلْبَ يَتَحَوَّلُ ويَهِيجُ، يُقَال: غارَ الرَّجُلُ على عِرْضِهِ، أيْ: غَضِبَ لأَجْلِهِ، والغَيْرَةُ شعور فطري وانفعال نفسي يفور من نفس الشخص كلما أحسَّ شركة الغير في حقه بلا اختيار منه، ولا تقتصر على الغيرة على العِرضِ وإن كان أهمها، بل تَعُمُّ كل ما يجب حفظه وصونه وحمايته والدفاع عنه، كالغيرة على الدين، والغيرة على الوطن، والغيرة على القيم، والغيرة على أموال الناس وكراماتهم.
وهي نوعان: النوع الأول: الغَيرة على المحبوب، وهي أن يمنع المُحِبُّ كل شخص يمكن أن يشاركه في محبوبه، وقد تكون من الطرفين إذ كل منهما محبوب للآخر، ولا يقبل بحال من الأحوال أن يشاركه غيره فيه.
النوع الثاني: الغَيرة له، والغضب لأجله لو استهين بحقه، وانتهكت حرمته، وانتُقِصَ من كرامته، والذَّبُّ عنه إن تعرض لعدوان وظلم، فيبذل دونه ماله ودمه، وقد يغار له إن كانت فيه منقصة أو مثلبة يريد أن يكون خلواً منها، وهنا أيضا لا تقتصر الغيرة للشخص، بل تعم الغيرة لله، والأولياء، والدين، والوطن، والمؤمن يغارُ لربِّه من نفسه ومن غيره، إذا لم يكن له كما يحب.
إن الإسلام يرى الغَيرة من الإيمان، ويُنَمِّي في المسلم والمسلمة خصلة الغَيرَة على الأعراض، والحُرُمات، والكرامات، والدين، والوطن، فكلاهما يجب أن يغارا لذلك، وأن يبذلا الغالي والنفيس للدفاع عن ذلك، ويدعوهما في الوقت عينه إلى تجَنُّب الغَيرَة في غير موضعها، كأن يغارا على بعضهما دون سبب موجِبٍ، من رِيبة وشَكٍ، أو يُمعِنا في الغيرة بحيث يتجاوزان الحد المعقول الأمر الذي يؤدي إلى تعقيد العلاقة بينهما وصولا إلى فصم عُراها.
وقد جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) في وصِيَّته لولده الحسن المُجتَبى (ع) أنه قال: "وَإِيّاكَ والتَّغَايُرُ في غَيرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعو الصَّحِيْحَةَ مِنْهُنَّ إِلى السّقمِ".
وتؤكد الروايات الشريفة أن الله تعالى يغار لحرماته ودينه، ويغار لخلقه، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ الله وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" وجاء عنه (ص) أيضاً: "إِنَّ الله يَغَارُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ الله أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ" فالغيرة من أخلاق المؤمن وصفاته، وهي محمودة ومطلوبة وواجبة كما تفيد الأحاديث المتقدمة، ونقيضها هو الدياثة، وهي خُلق مذموم عقلا وشرعاً، والدَّيُّوث هو الذي لا يغار على محارمه.
ولذلك قال الإمام أمير المؤمنين (ع): "غَيرَةُ الرَّجُـلِ إِيمـانٌ" والمراد منها غيرته على محارمه أمه وزوجته وبناته وأخواته، وإنما هي من الإيمان إذا كانت نهياً لهُنَّ عن المنكر، والتهتك والفجور، أو دفعا للأذى عنهنَّ، من عيون طامحة، وغرائز جامحة، وذئاب تنهشهنَّ كما تنهشُ فرائسها. فالرجل الغيور لا يرضى على عرضه بأن يمسّ ولو بإشارة، ولا ينام ومحارمه تتعرض للسوء.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278
الغَيْرَةُ: الحَمِّيَّةُ والغَضَبُ على الشَّيْءِ، وأَصْلُها مِن التَّغَيُّرِ، وهو التَّحَوُّلُ، لأنّ القَلْبَ يَتَحَوَّلُ ويَهِيجُ، يُقَال: غارَ الرَّجُلُ على عِرْضِهِ، أيْ: غَضِبَ لأَجْلِهِ، والغَيْرَةُ شعور فطري وانفعال نفسي يفور من نفس الشخص كلما أحسَّ شركة الغير في حقه بلا اختيار منه، ولا تقتصر على الغيرة على العِرضِ وإن كان أهمها، بل تَعُمُّ كل ما يجب حفظه وصونه وحمايته والدفاع عنه، كالغيرة على الدين، والغيرة على الوطن، والغيرة على القيم، والغيرة على أموال الناس وكراماتهم.
وهي نوعان: النوع الأول: الغَيرة على المحبوب، وهي أن يمنع المُحِبُّ كل شخص يمكن أن يشاركه في محبوبه، وقد تكون من الطرفين إذ كل منهما محبوب للآخر، ولا يقبل بحال من الأحوال أن يشاركه غيره فيه.
النوع الثاني: الغَيرة له، والغضب لأجله لو استهين بحقه، وانتهكت حرمته، وانتُقِصَ من كرامته، والذَّبُّ عنه إن تعرض لعدوان وظلم، فيبذل دونه ماله ودمه، وقد يغار له إن كانت فيه منقصة أو مثلبة يريد أن يكون خلواً منها، وهنا أيضا لا تقتصر الغيرة للشخص، بل تعم الغيرة لله، والأولياء، والدين، والوطن، والمؤمن يغارُ لربِّه من نفسه ومن غيره، إذا لم يكن له كما يحب.
إن الإسلام يرى الغَيرة من الإيمان، ويُنَمِّي في المسلم والمسلمة خصلة الغَيرَة على الأعراض، والحُرُمات، والكرامات، والدين، والوطن، فكلاهما يجب أن يغارا لذلك، وأن يبذلا الغالي والنفيس للدفاع عن ذلك، ويدعوهما في الوقت عينه إلى تجَنُّب الغَيرَة في غير موضعها، كأن يغارا على بعضهما دون سبب موجِبٍ، من رِيبة وشَكٍ، أو يُمعِنا في الغيرة بحيث يتجاوزان الحد المعقول الأمر الذي يؤدي إلى تعقيد العلاقة بينهما وصولا إلى فصم عُراها.
وقد جاء عن الإمام أمير المؤمنين (ع) في وصِيَّته لولده الحسن المُجتَبى (ع) أنه قال: "وَإِيّاكَ والتَّغَايُرُ في غَيرِ مَوْضِعِ غَيْرَةٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعو الصَّحِيْحَةَ مِنْهُنَّ إِلى السّقمِ".
وتؤكد الروايات الشريفة أن الله تعالى يغار لحرماته ودينه، ويغار لخلقه، فقد رُوِيَ عن رسول الله (ص) أنه قال: "لَا أَحَدَ أَغْيَرُ مِنْ الله وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ" وجاء عنه (ص) أيضاً: "إِنَّ الله يَغَارُ وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ وَغَيْرَةُ الله أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ" فالغيرة من أخلاق المؤمن وصفاته، وهي محمودة ومطلوبة وواجبة كما تفيد الأحاديث المتقدمة، ونقيضها هو الدياثة، وهي خُلق مذموم عقلا وشرعاً، والدَّيُّوث هو الذي لا يغار على محارمه.
ولذلك قال الإمام أمير المؤمنين (ع): "غَيرَةُ الرَّجُـلِ إِيمـانٌ" والمراد منها غيرته على محارمه أمه وزوجته وبناته وأخواته، وإنما هي من الإيمان إذا كانت نهياً لهُنَّ عن المنكر، والتهتك والفجور، أو دفعا للأذى عنهنَّ، من عيون طامحة، وغرائز جامحة، وذئاب تنهشهنَّ كما تنهشُ فرائسها. فالرجل الغيور لا يرضى على عرضه بأن يمسّ ولو بإشارة، ولا ينام ومحارمه تتعرض للسوء.
بقلم الكاتب والباحث اللبناني في الدراسات القرآنية السيد بلال وهبي
........
انتهى/ 278