وكالة أهل البيت (ع) للأنباء

المصدر : ابنا
السبت

١ يوليو ٢٠٢٣

٧:٥٥:٢٨ م
1376371

مكانة عيد الغدير وأهميته في روايات أهل البيت عليهم السلام

عن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (بُنِيَ الإسلام على خمس: الولاية والصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يُنادَ بشيء ما نودي بالولاية يوم الغدير).

وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ إذا كان عيدا الفطر والأضحى يمثّلان  غاية فردية، وهدف ذاتي، يسعى إليه الإنسان المؤمن في مسيرته التكاملية نحو الله تعالى، فإنّ عيد الغدير يمثّل تحقيق الهدف الأسمى من خلق الإنسان، إذ أنّه مع ما يتضمنه من انتظام لحياة الناس على كافة المستويات السياسيّة والإجتماعيّة والتنظيميّة وغيرها، فإنه يحتضن هدف وغاية فردية؛ لأنّ صحة الأعمال وقبولها في الآخرة مرهون بقبول ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام)، فعن الإمام الباقر (عليه السلام) قال: (بُنِيَ الإسلام على خمس: الولاية والصلاة والزكاة والصوم والحج ولم يُنادَ بشيء ما نودي بالولاية يوم الغدير).

وفي صحيح زرارة عنه (عليه السلام) أنه قال: (بُنِيَ الإسلام على خمسة أشياء: على الصلاة والزكاة والصوم والحج والولاية، قال زرارة: فقلت: وأي شيء من ذلك أفضل، قال (عليه السلام): الولاية أفضل لأنّها مفتاحهن، والوالي هو الدليل عليهن).

وعن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (أثافي الإسلام ثلاثة: الصلاة والزكاة والولاية، لا تصح واحدة منهن إلا بصاحبتَيها)، والروايات في هذا الباب كثيرة جدًا.

إنّ هذه الروايات الشريفة تبيِّن أهميّة الولاية وخطورتها، وما التشديد على الولاية بهذا المقدار -حتى صارت أهم وأفضل من عامة الأربعة الأخرى- إلا لأنّها أساس انتظام الحياة الفردية والجماعية، على المستوى الدنيوي والأخروي على حدّ سواء.

إنّ الاعتقاد بالولاية يُشكّل المحور الأساسي في الصراع الفكري والحضاري بين الإسلام وسائر الأنظمة الأخرى، لأنّه بدون الولاية، يصبح الدين مجرد علاقة بين الإنسان وربّه، غير مشتمل على نظام اجتماعي يكفل تصحيح المسار العام في حياة الإنسان الدنيا، ويصير الإسلام بذلك نوعًا من المسيحيّة بثوب جديد، بل قد وضعت أحاديث لتبرير هذه النظرة من قبيل ما ذكروه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (أنتم أعلم بدنياكم) وأشباهه، مع أن المتتبّع للآيات القرآنية الشريفة والسنّة النبوية المطهّرة، والمتأمّل فيها، يعلم بدون أدنى شبهة أنّها مخالفة لروح الإسلام وحقيقته، فجاء التأكيد على الولاية، وبيان أهميتها، لتزييف هذه النظرة، وإعادة الحقّ إلى نصابه.

وما دام الوالي هو مفتاح أركان الإسلام والدليل عليها، إذ لا بد لكل قانون من حامٍ يحمي تشريعاته، ويقيم حدوده، ويعيد المخطئ إلى جادّة الصواب والحق، وهذا يستلزم أن يكون الحامي أو الولي عالمًا بتفاصيل الشريعة قادرًا على بيان الحق من الباطل، وهذه الخصوصية لا يمكن للنّاس أن يدركوها بدون إعانة الوحي وتنصيصه، لكونها كالنبوة من هذه الجهة، إذ من غير المحتمل أن يترك الله تعالى دينه وشريعته تحت رحمة أهواء الناس ومصالحهم، خصوصًا إذا كان الناس حديثي عهد بالدين، لم يختمر في نفوسهم، ولم يصقل وجدانهم، فإن ذلك نقص لغرض الدين، وتضييع لغايته التي بعث الأنبياء لأجلها.

فالولي إذن أساس الدين الحنيف، وعليه معقد الآمال، وتحقيق حلم الأنبياء من إقامة العدل بين النّاس، وتنظيم كافة شؤونهم، ووضعهم على صراط الله المستقيم. بالإضافة إلى توقف صحة الأعمال على المستوى الفردي وقبولها على الاعتقاد بالولي، مما يؤهل الفرد للدخول في نعيم الجنة يوم القيامة.

وهذا ما يفسّر الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن آبائه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: (يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي وهو اليوم الذي أمرني الله -تعالى ذكره- فيه بنصب أخي علي بن أبي طالب لأمتي، يهتدون به من بعدي، وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمَّ على أمتي فيه النعمة ورضي لهم الاسلام دينا)، لأنّه في هذا اليوم يتمّ للإنسانية كلّ ما تحلم به من خير الدنيا، حيث يُقام العدل بين الناس، ويُنتصف المظلومون، فيتنعم النّاس بالأمان والراحة والرفاه، وبه تُقبل أعمال المؤمنين، التي تُؤهِّلهم للفوز بالجنة في يوم القيامة، وهو الجانب الأخروي والفردي لعيد الغدير.

وهذه الخاصيّة المشتركة، -وهي اشتماله على البعدين الفردي والاجتماعي- يفتقدها كلّ من عيدَي الفطر والأضحى، على الرغم مما لهما من أهمية على مستوى حياته الخاصّة والفردية.
........
انتهى/ 278