وفقا لما أفادته وكالة أهل البيت (ع) للأنباء ــ ابنا ــ قال رئيس مركز دراسات الذرية النبوية ومدير قسم فقة الأسرة في جامعة المصطفى العالمية: لا بد لمجتمعنا المتخلق بنهج أهل البيت والذي بدأ بتأسيس حضارة حديثة وقوية منذ حياة النبي الأكرم (ع) وعلى يده المباركتين والتي قامت على تعاليم القرآن، أن يتابع حركته بصورة دقيقة وصحيحة.
وتطرق حجة الإسلام والمسلمين "السيد منذر الحكيم" إلى حديث الثقلين، مبينا أن النبي (ص) ترك الثقلين في الأمة لتعليم الأمة وهدايتها، وأنهما (الثقلین) جنب إلى جنب في المنهج والإرشاد، وتمكن أهل البيت (ع) خاصة في عصر الصادقين (ع) أن يزدهروا من الناحية العلمية؛ إذ العلم ركن التغيير في المجمتع، وذلك مع جميع المشكلات التي واجهوها.
وفيما يتعلق بالنهج الصحيح العلمي للعالِم وأنه أهم من نفس العلم صرح المدير الأسبق لدائرة البحث والتحقيق للمجمع العالمي لأهل البيت (ع): إن امتلاك منهج صحيح للتعليم وتوظيفه، له ثمرات كبيرة جدا للإنسان، وهذا ما شوهد في سيرة الأئمة المعصومين (ع) خصوصا الإمام الصادق (ع).
* العقلانية؛ محور المنهج العلمي للإمام الصادق (ع)
وصرح هذا الأستاذ بالحوزة العلمية: أهم ركن في المنهج العلمي هو امتلاك ركيزة قوية يعتمد عليها كالعقل، كما أن جلّ تركيز القرآن على العقل والتعقل والتدبر والتفكر، وورد في الحديث عن الإمام الصادق (ع) أن اول ما خلق الله هو العقل، حتى أن الحياء والدين هما يأتيان في الرتبة بعد العقل.
وفيما يرتبط بأن العقل هو الأساس والركن لقبول الوحي الإلهي، صرح رئيس مركز دراسات الذرية النبوية: لإثبات الوحي يجب الاعتماد على العقل، وفي أي حركة علمية دون الاستناد إلى العقل يؤول الأمر إلى التناقض، ومن المناذج التاريخية لهذه القضية هي المحاورات العلمية للإمام الصادق (ع) خاصة مناظرته مع ابن أبي العوجاء، كما أن كلمات الإمام الصادق (ع) مع المفضل في كتاب توحيد المفضل يظهر جليا التأكيد على العقل كقضية أساسية للعلم.
وأشار سماحته إلى أسلوب الفهم والتحقيق كركن آخر لمنهج القرآن وأهل البيت (ع) العلمي، وقال: ورد في القرآن في الآية الـ 22 من سورة الملك: «أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»، وأن انتهاج وتوظيف الأصول الصحيحة للحركة على الصراط المستقيم أيضا من القضايا الهامة، ولم يكف معرفة الصراط المستقيم والتوصل إليه، وأن هذه القضية أي الانتهاج الصحيح للصراط المستقيم نراها واضحة وجلية في سيرة الإمام الصادق (ع).
* الرؤية الشاملة والعميقة لمنهج الإمام الصادق (ع)
وصرح الأستاذ السيد منذر الحكيم: هناك ركن ثاللث للمنهج العلمي، وعلى الإنسان أن يحظى دوما برؤية شاملة وعميقة، وأن لا يتبع النظرة أحادية البعد والجزئية؛ إذ أن هذه الرؤية الأحادية تسبب الانحراف للإنسان، وأن نظرة القرآن إلى الله والإنسان والدنيا والآخرة وسائر العلوم نظرة شاملة وعميقة، وهذا الأصل العلمي نشاهده واضحا في سيرة الإمام الصادق (ع) وتلامذه في مختلف المجالات العلمية.
وأشار سماحته إلى مناظرة الإمام الصادق (ع) مع ابن أبي العوجاء وأنه (ع) احتج عليه بأبسط البديهيات وعدم وجود الله، وفي قبول فرض هذه القضية لا يتوجه أي ضرر للقيام بالعبادات والأعمال الحسنة، فضلا عن المنافع الكثيرة التي تحتوي عليها هذه الأعمال كالهدوء النفسي، والإحساس بالمسؤولية، والالتزام بالعهد...
وتابع فضيلته: الفرض الآخر هو ما إذا قبلنا أن هناك إله، فالرابح هو من يمتثل لأوامر الله في النهي والأمر والعبادات. وأما غيرهم فهم الذين يكتب لهم الخسران، فمن الفائز بالفعل؟ فالإمام (ع) احتج عليه بالبديهيات العقلية في هذه المناظرة.
* تأكيد القرآن على التعقل
وأضاف هذا الأستاذ بالحوزة العلمية: إن القرآن استخدم أسلوب التنبيه مع من يخالفونه، وحتى مع الكفار أيضا، مستشهدا سماحته بالآية الـ24 من سورة سبأ، وقوله تعالى: «قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِين».
وتابع الأستاذ السيد الحكيم قائلا: إن العلامة المجلسي في نهاية المجلد الأول من كتاب بحار الأنوار ينقل رواية عن الإمام الصادق (ع)، وهي الرواية التي تتحدث عن عنوان البصرى عندما جاء للإمام الصادق (ع) يسأله عن طلب العلم، فأجابه الإمام (ع): «ليس العلم بكثرة التعلم وانما هو نور يقذفه الله في قلب من يريد ان يهديه».
* التوصل إلى حقيقة الأمر
وأضاف سماحته: ثم إن الإمام الصادق (ع) يعلّمه (أي عنوان البصري) الطريق الصحيح لطلب العلم، ويقول له: «فاذا اردت العلم فاطلب اولاً في نفسك حقيقة العبودية، واطلب العلم باستعماله، واستفهم الله يفهمك»، فالخطوة الأولى في طلب العلم هي العبودية لله والسعي في طلب العلم، ثم تطبيق ما تعلمته، وتسأل الله أيضا أن يرزقك الفهم والعلم، فهو يهب ذلك لمن يشاء، فكم من دروس نتعلمها، ولكن لم نفهمها، فالدرس المطلوب هو الذي يرشد إلى عمق مطلب وحقيقة الأمر، فقدم الإمام (ع) جميع الطرق والمناهج أمامنا، ومنها ما نحتاجه اليوم للحوزة والجامعة وفي أي ساحة وفي أي قسم علمي.
وفي الختام قال السيد منذر الحكيم: إن لإيجاد أي تغيير على مستوى المجتمع لا بد من معرفة أسلوب الحل للمسألة، وللأسف نشاهد أن هذا الأمر ضعيف في الرسائل والأطروحات الحوزوية، كما يجب أن تكون منهج الحل للمسألة أول ما نهتهم به في محافلنا العلمية، ثم نتطرق إلى قضية البحث والتحقيق واكتساب العلم.
...............
انتهى/ 278