ابنا: عندما تنقل واشنطن حملتها لقصف مسلحي داعش إلى سوريا فإن أقصى ما يمكن أن تنتظره على الأرجح من واحد من أقرب حلفائها في المنطقة سيكون القبول على مضض .
فقد أوضحت تركيا العضو بحلف شمال الأطلسي والتي تستضيف قاعدة جوية أمريكية كبيرة ولها حدود طويلة مع العراق وسوريا أنها لا تزال غير مقتنعة بخطط الرئيس الأمريكي باراك أوباما لقصف مسلحي داعش في العراق وسوريا.
وفي حين حصلت واشنطن الأسبوع الماضي على تأييد من عشر دول عربية - مصر والعراق والأردن ولبنان ودول الخليج الفارسي الست عدا ايران - على تشكيل تحالف عسكري فإن تركيا حضرت المحادثات لكنها لم توقع .
ويرفض الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو -وهما مهندسا السياسة الخارجية التي تسعى لجعل تركيا ذات الغالبية السنية قوة إقليمية - المشاركة في تحرك يخشيان أن يؤدي إلى تقوية عدوهما الرئيس السوري بشار الأسد ويؤدي إلى تفاقم التوترات الطائفية في العراق.
وقال فادي حكورة وهو محلل متخصص في الشؤون التركية بمركز تشاتام هاوس للأبحاث في لندن "إنها محاولة معقدة للغاية لتحقيق التوازن. تركيا تحاول إرضاء الولايات المتحدة شريكتها دون أن تتعاون معها بشكل كامل. ستتعرض لضغوط شديدة لكنها ستجد أن من الصعب جدا تعطيل الاستراتيجية الأمريكية".
وأضاف قائلا "أنه تحالف لغير الراغبين وغير المبالين. تركيا ومعظم الدول العربية التي من المفترض أن تكون جزءا من هذا التحالف لديها شكوك عميقة في النوايا الأمريكية في المنطقة".
ويقول مسؤولون أمريكيون وأتراك إن من المحتمل أن يقتصر الدور التركي على وقف تدفق الارهابيين الأجانب الذين يعبرون حدودها والمساعدة في قطع خطوط تمويل داعش وتقديم دعم إنساني ولوجيستي.
وقال مسؤولون أتراك إنه لا توجد خطط للسماح باستخدام القاعدة الجوية الأمريكية في انجرليك بجنوب تركيا في الضربات الجوية.
ورحبت صحف مؤيدة للحكومة بامتناع أنقرة وعقدت مقارنات بموقف تركيا في عام 2003 عندما رفض البرلمان التركي طلبا أمريكيا لاستخدام الأراضي التركية لغزو العراق.
وقال سنان أولجن رئيس مركز الدراسات الاقتصادية والسياسة الخارجية في اسطنبول "على تركيا أن تتروى وتفكر مليا وفي الوقت الراهن لا تعطي الاستراتيجية التي كشفت الولايات المتحدة النقاب عنها الثقة في استقرار المنطقة".
وأضاف "توجيه ضربات لداعش لن يحقق شيئا ... فالتاريخ الحديث للتدخل الغربي يبرهن على ذلك بوضوح. انظر إلى حال ليبيا الان والوضع الحالي في افغانستان وفي العراق اليوم ".
وحين اجتاح مسلحو داعش مدينة الموصل في العراق في يونيو حزيران اختطفوا 46 رهينة تركي في مدينة الموصل من بينهم دبلوماسيون وجنود واطفال.
ويقول المسؤولون الاتراك إن ازمة الرهائن احد اسباب الامتناع عن المشاركة علنا في حملة ضد المسلحين.
غير أن مسؤولي الحكومة لا يخفون أن مخاوفهم بشأن التصرف الامريكي تتجاوز القلق على مصير الرهائن. وقال داود اوغلوا الاسبوع الماضي ان التحرك الامريكي وحده ليس كافيا لتحقيق الاستقرار.
ويقول بعض منتقدي اردوغان في الداخل والخارج إنه لم يقر بعد بأن تنظيم داعش يمثل تهديدا كبيرا .
وكانت تركيا من أكبر مساندي المعارضة السورية ما يعرضها لاتهامات بالتغاضي عن تزايد اعداد المتطرفين والتكفيريين بين المعارضين السوريين واغلبهم من السنة ومن بينهم مسلحو في تنظيم داعش .
وتبنت تركيا سياسية الحدود المفتوحة لتسمح بنزوح اللاجئين من سوريا ودخول ارهابيين أجانب وأسلحة أملا في إسقاط النظام في دمشق سريعا. ولكن مع ثبات الجيش السوري وتصاعد التطرف التكفيري بين معارضيه يقول منتقدو اردوغان إن سياسته جاءت بنتيجة عكسية وأوجدت تهديدا جديدا في المنطقة أخذت تكتسح الدول .
وقال السفير الامريكي السابق لدى تركيا فرانسيس ريتشاردوني في مؤتمر مع وسائل الاعلام في واشنطن عبر الهاتف الاسبوع الماضي ان تركيا في سعيها لدعم المعارضة تعاملت في السابق مع جماعات مثل جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة الارهابية في سوريا وهو أمر تعتبره واشنطن "غير مقبول".
وترفض أنقرة أي تلميح لمسؤوليتها عن اتساع نفوذ داعش وتلقي المسؤولية كليا على الحكومة السورية .
ومن المستبعد أن تسمح تركيا للولايات المتحدة باستخدام قواعدها لشن ضربات جوية لكنها قد تلعب دورا في خطط الولايات المتحدة بوصفها ممرا لنقل مساعدات لمسلحين سوريين تعول عليهم الولايات المتحدة للتصدي داعش .
وتطالب انقرة واشنطن منذ فترة طويلة بتقديم مساعدات أكبر للمعارضة السورية .
وقال مسؤول رافق وزير الخارجية الامريكي جون كيري الاسبوع الماضي "ثمة عدة قضايا. إحداها المقاتلون الأجانب. الحدود مليئة بالثغرات رغم حدوث تحسن لكن هناك حاجة لتحقيق تحسن أكبر".
وتتمثل قضية أخرى في وقف عمليات تهريب النفط التي تقول واشنطن إنها أحد مصادر تمويل مسلحي داعش الارهابي.
وإذا أدت الحملة الجوية لتفاقم أزمة اللاجئين سيقع جانب كبير من المشكلة على عاتق تركيا. وتحدث اردوغان هذا الأسبوع عن خطط لاقامة "منطقة عازلة على الحدود" في إشارة إلى تشديد انقرة الرقابة على اللاجئين النازحين في المستقبل.
...................
انتهى / 232
تركيا لا تزال غير مقتنعة بخطط الرئيس الامريكي باراك أوباما والتي تحتوي ارضها قاعدة عسكرية جوية امريكة لضرب مسلحي داعش في العراق وسوريا، وسيكون قبولها على مضض .
١٧ سبتمبر ٢٠١٤ - ١٤:٥٩
رمز الخبر: 638356