8 سبتمبر 2025 - 19:33
المفكر الشيعي المصري في حواره مع "أبنا": مولد نبي الرحمة(ص) فرصة لتجاوز الخلافات الدينية/الوهابية تمهد الأرضیة للإساءة للنبي(ص)

طاهر الهاشمي: أن مولد نبي الرحمة (ص) ليس ذكرى تاريخية فحسب، بل هو فرصة توحيدية لوحدة المسلمين والأديان، ورسالة لتجاوز الخلافات الطائفية.

وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ـ على إثر نشر تصريحات مسيئة بخصوص المولد النبوي الشريف محمد (صلى الله عليه وسلم) في أحد المساجد المصرية، أثارت ردود فعل واسعة من قبل العلماء والمؤسسات الدينية، وخاصة من أبناء الطائفة الشيعية في البلاد، وصدرت بيانات بهذا الخصوص.

أوضح طاهر الهاشمي، المفكر الشيعي المصري، في مقابلة مع وكالة أنباء أبناء، أسباب الإساءة إلى حرمة نبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم) مع اقتراب مولده، وواجب المؤسسات والهيئات الدينية في بيان مكانة النبي وشرحها وفهمها، وواجب الإعلام في نقل الحقيقة والاعتراف بمكانته. وأجاب على الأسئلة المطروحة:

أبنا: مؤخرًا، عشية الذكرى الألف والخمسمائة لمولد النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وقعت إهانة لمكانته السامية في مصر. ما أسباب هذه الأفعال المسيئة لنبي الرحمة (صلى الله عليه وسلم)؟

۱- الخلاف الفقهي (شبهة البدعة):

بعض التيارات الأصولية ترى أن الاحتفال بالمولد بدعة لأنه لم يُفعل في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو الصحابة، ويستدلون بقاعدة «كل بدعة ضلالة».

۲ - الخلفية التاريخية والمذهبية:

أول من أظهر الاحتفال بالمولد كانوا من الشيعة في مصر زمن الدولة الفاطمية، لذلك رفضته لاحقاً التيارات الوهابية التي اعتبرته أمرا ذا صبغة مذهبية.

۳ - الجهل وضعف الوعي الديني:

كثيرون يجهلون أن أغلب العلماء المعتبرين أفتوا بجواز المولد إذا كان بذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصلاة عليه والصدقات. ومن هنا تنشأ مواقف عدائية غير مؤسسة على علم.

۴ - الاستغلال الإعلامي والشهرة:

بعض الأفراد يتعمدون إثارة الجدل عبر إساءات أو ألفاظ جارحة تجاه الشعائر لجذب الانتباه أو صناعة “ترند”.

أبنا: ما الإجراءات المطلوبة من المؤسسات الدينية والعلماء تجاه هذه التصرفات ؟

۱- إصدار بيانات واضحة

التأكيد على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ورفض أي إساءة لمقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم

۲- تعزيز التوعية الدينية

عقد ندوات ودروس وخطب توضح مكانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتفرّق بين الاحتفال المشروع والبدعة.

۳- ضبط المنابر

قصر الخطابة على الأئمة المصرّح لهم، ومحاسبة كل من يتجاوز أو يسيء .

 ۴- التنسيق المؤسسي

تعاون الأزهر ووزارة الأوقاف وسائر المؤسسات الدينية لتوحيد الموقف ونشر الاعتدال.

 ۵- التربية والإصلاح

توعية من يخطئ، وقبول اعتذاره إن أبدى توبة، مع متابعته تربويًا وفكريًا.

 ۶- إصدار فتاوى مستنيرة

تقديم فتاوى وسطية متوازنة توضّح أن الفرح بالمولد عبادة إذا كان بذكر وسيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

 أبنا: کیف یمکن توحید المسلمین و توحید الأدیان خصوصا ونحن نقترب من المولد النبوي الشریف ؟

إنّ المولد النبوي الشريف ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو مناسبة جامعة لتوحيد المسلمين وتوحيد الأديان على قيم الرحمة والعدل والمحبة التي جاء بها النبي الأكرم ﷺ، ورسالة لتجاوز الخلافات المذهبية عبر لقاءات ومؤتمرات تجمع علماء الأمة، ومدّ جسور الحوار مع أهل الديانات الأخرى، وتفعيل المبادرات الاجتماعية والخيرية المشتركة، وإبراز صورة النبي كرسول رحمة وسلام للعالمين في مواجهة كل خطاب للكراهية. غير أنّ الواقع يكشف تقصيرًا فاضحًا من الأزهر والطرق الصوفية ومشيختها ونقابة السادة الأشراف، الذين تخلّفوا عن أداء واجبهم في حماية مقام النبي وأهل بيته عليهم السلام، فتركوا فراغًا خطيرًا استغلّه الفكر الوهابي المتطرف لينتشر بخطابه العدائي، حتى جرّأ بعض الجهلة على الطعن في مولد رسول الرحمة ﷺ. وهذا التقاعس جريمة معنوية بحق الأمة وبحق نبيها الكريم، ولا سبيل لإنقاذ الوعي الجمعي إلا بالعودة إلى الأصل النبوي الجامع، وإحياء المولد الشريف كرسالة رحمة ووحدة، مع تحميل المؤسسات الدينية كامل مسؤوليتها عن صمتها وعجزها، ووجوب التصدي بكل قوة لهذا الفكر المنحرف الذي لا يراعي للنبي ولا لأهل بيته حقًّا ولا مقامًا.

أبنا: کیف یجب ان تعمل وسائل الاعلام تجاه هذه التصرفات المنبوذه و کیف یمکن لها أن تعرف النبی صلى الله عليه وآله وسلم حق معرفته ؟

إنّ المولد النبوي الشريف ليس مناسبة عابرة، بل هو أعظم يوم شهدته الإنسانية، يوم أشرق فيه نور الرحمة للعالمين. لكنّا اليوم نرى أصواتًا شاذة، مسمومة بالفكر الوهابي المتطرف، تجرؤ على الطعن في هذه الذكرى المباركة، وتصفها بالبدعة، وكأنّهم ما عرفوا للنبي ﷺ قدرًا ولا لأهل بيته حقًّا. وهذه الجرأة لم تنبت من فراغ، بل جاءت نتيجة جهل وضيق أفق، وصراعات مذهبية قديمة، واستغلال بعض الجهلة للمنابر طلبًا للجدل والشهرة. ولو أنّ المؤسسات الدينية أدّت دورها كما ينبغي لما وصلنا إلى هذا الحال.

إنّ تقصير الأزهر والطرق الصوفية ومشيختها ونقابة السادة الأشراف في أداء واجبهم تجاه النبي وأهل بيته عليهم السلام، ترك فراغًا خطيرًا، تمدّد فيه الفكر الوهابي المنحرف حتى صار يخاطب العامة باسم الدين، ويشوه صورة المولد النبوي الشريف، بل ويُجرِّئ بعض الجهلة على مقام سيد الكائنات ﷺ. وهذا تقاعس لا يُغتفر، وجريمة كبرى بحق الأمة وبحق نبيها الكريم.

وإذا كان المطلوب توحيد المسلمين وتوحيد الأديان مع اقتراب ذكرى المولد الشريف، فإن السبيل لذلك لا يكون بالمجاملات الفارغة، بل بالعودة إلى القيم الجامعة التي جاء بها النبي ﷺ: الرحمة، والعدل، والمحبة.

وبإقامة مؤتمرات تجمع المذاهب الإسلامية على كلمة سواء، ومدّ جسور الحوار مع أتباع الديانات الأخرى على قاعدة الاحترام المتبادل، وبإحياء المولد من خلال أعمال اجتماعية وخيرية مشتركة، وخطاب إعلامي موحد يبرز النبي كرسول سلام ورحمة، ويكسر شوكة الكراهية والتعصب.

وهنا يأتي دور الإعلام: فالإعلام الذي يصمت أو يساوي بين الحق والباطل شريك في الجريمة. على وسائل الإعلام أن تتحوّل إلى منابر لتعظيم مقام النبي ﷺ، وأن تفضح كل إساءة وتكشف زيفها، وأن تقدم للأمة والعالم صورة النبي الحق: قائد الإنسانية، ورسول الأخلاق، وسيد الرحمة. كفى تلميعًا للفكر الوهابي على الشاشات! الواجب أن يُعرّى هذا الفكر، ويُكشف تاريخه الأسود في معاداة محبة النبي ﷺ، وأن يُستبدل بخطاب نوراني يعرّف الأجيال بسيرة النبي وأهل بيته عليهم السلام، عبر البرامج والأفلام وحملات التواصل الاجتماعي التي تصل إلى الشباب بلغتهم.

إنّ نصرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم اليوم ليست خيارًا، بل واجب مقدّس ، ومن عوامل تحقق وحدة الأمة إحياء المولد النبوي كرسالة رحمة وسلام، وبمحاسبة المؤسسات الدينية على تقاعسها، وتطهير المنابر من الفكر المتطرف، وتسخير الإعلام ليكون في صف الحق. ومن يتهاون في ذلك فقد خان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخان الأمة.

تعليقك

You are replying to: .
captcha